عندما يقفل المحكم المرافعة في القضية المعروضة عليه نهائياً، فإنه يعلن عادة أطراف النزاع بأنه بصدد إصدار الحكم التحكيمي أو أنه يحتفظ بالحكم وسينشره في الوقت المحدد، فإذا وعد بسماع شهود أو بفحص بعض المستندات تم إصدار حكمه دون اتخاذ ذلك، فإن حكمه يتعرض للطعن بالإلغاء، كما أن لأي من الأطراف تقديم طلب بإعادة فتح المرافعة في القضية لتقديم مستندات إضافية طالما أن الحكم لم يصدر بعد، وبعد كل ذلك فإن المحكم يلتزم بإصدار الحكم التحكيمي خلال الوقت المحدد في اتفاقية التحكيم، فإذا خلت اتفاقية التحكيم من شرط تحديد الفترة الزمنية خلال ستة شهور فإنها تبدأ من تاريخ إخطار أطراف الخصومة بجلسة التحكيم، فإن اختلفت تواريخ إخطار الخصوم بدأ الميعاد من تاريخ الإخطار الأخير (م ۱۸۱ - مرافعات) .
وتحديد المشرع ميعاد إصدار الحكم بستة شهور بعد أن كان ثلاثة أشهر طبقاً للمادة (١٥٩) من قانون المرافعات القديم، هو الرغبة في إفساح المجال أمام المحكم للدراسة وأداء المهمة على الوجه الأكمل).
وهذه المدة تختلف باختلاف التشريعات الوطنية والدولية ، فالمادة - ۹ - من قواعد التحكيم السعودية رقم ١٦٤ الصادرة بتاريخ ١٤٠٢/٦/٢١هـ تعطي الأطراف التحكيم حرية الاتفاق على زمن معين لإصدار حكم التحكيم فإن لم تتفق هذه الأطراف فإن المدة التي يلتزم المحكم بإصدار الحكم خلالها هي تسعون يوماً، تبدأ من تاريخ الموافقة على التحكيم.
وتتحدد هذه المدة بموجب المادة (٦١) من المرسوم الملكي العماني) رقم ٣٢ ٨٤ تاريخ ١٩٨٤/٤/١٢ الخاص بالقواعد التي تحكم المرافعات القضائية والتحكيم بشهرين من تاريخ تسجيل التحكيم .
كما تحددها المادة ١٠/٢٣ من قواعد الصلح والتحكيم والخبرة للغرف التجارية العربية والأوروبية بتسعين يوماً تبدأ من تاريخ تسلم المحكم أوراق التحكيم من أمانة السر التابعة للغرف التجارية .
أما المادة ٢٣ من قواعد تحكيم لجنة الأمم المتحدة الخاصة بقانون التجارة الدولي LINCITRAL ARBITRATION Rules فتحدد مدة لا تزيد عن خمس وأربعين يوماً يمكن للأطراف خلالها تبادل مذكرات الادعاء والدفاع .
ويترتب على مخالفة هذا الأجل المحدد قانوناً هو أنه يحق لأي من أطراف الخصوم رفع النزاع أمام المحكمة المختصة، وأنه إذا كان النزاع مرفوعاً من قبل أمام القضاء ثم أوقفت الخصومة مثلا لرغبة الخصوم في الالتجاء إلى التحكيم ولم يصدر حكم المحكم في الميعاد المتفق عليه أو بمضي ستة شهور على تاريخ إبلاغ الخصوم بميعاد أول جلسة للتحكيم، فإنه يحق للخصوم المضي في الخصومة التي سبق إيقافها أمام القضاء، كما أنه إذا أخطأ أحد الخصوم ورفع دعواه أمام القضاء رغم وجود الاتفاق على التحكيم أو رغم وجود المنازعة أمام المحكم، ثم انقضى الميعاد المحدد لصدور حكم المحكم قبل أن يصدر القضاء حكمه بعدم الاختصاص، فإن المحكمة لا تقضي بعدم الاختصاص بل تستمر في نظر الدعوى
وقد عالجت (م (۹) من قواعد التحكيم السعودية هذه الحالة بأن أعطت لأي من أطراف الخصومة حق الالتجاء للقضاء الذي له أن ينظر في موضوع النزاع أو يزيد في المدة اللازمة لإصدار الحكم، أما المادة (٦١) من قانون التحكيم العماني فقد أجازت لأحد الأطراف كذلك الالتجاء إلى القضاء في حالة عدم إصدار حكم تحكيمي خلال ميعاد التحكيم وفي هذه الحالة يتم التخلي عن اتفاقية التحكيم.
ومع ذلك فإن الأطراف الخصوم حق الاتفاق على تحديد ميعاد إصدار الحكم التحكيمي، وهذا التمديد قد يكون صريحاً أو ضمنياً يستفاد من قرائن الأحوال، كما أن لهم تفويض المحكم بمد الميعاد إلى أجل معين (م ۲/۱۸۱ مرافعات)، وذلك كله لتبسيط الإجراءات وتمكيناً للمحكم من أداء مهمته .
وهذا الحق الذي يعطي للمحكم أو المحكمين بتحديد ميعاد التحكيم تأخذ به إلى جانب التشريعات الوطنية الاتفاقيات الدولية كذلك .
ومن جهة أخرى فإن ميعاد التحكيم يقف إذا طرأ ما يوقف الخصومة أمام التحكيم كما لو اعترضت سير التحكيم مسألة أولية يتطلب البت فيها صدور حكم قضائي أو إذا دفع أحد الخصوم بتزوير ورقة وتم اتخاذ الإجراءات بسبب تزویرها ضد الخصم الآخر، وكذا تقف الخصومة حتى يصدر حكم من المحكمة في حالة تخلف أحد الشهود عن الحضور أو الامتناع عن الإجابة على الأسئلة الموجهة إليه أو حتى يصدر حكم المحكمة الذي يكلف الغير بإظهار مستندات في حوزته تكون ضرورية لصدور الحكم التحكيمي أو حتى تتم مهمات الإثبات القضائية بسماع الشهود غير القادرين على الحضور أو تحقيق مسألة ترى المحكمة أن تنتدب لها قاضياً، كما أن ميعاد التحكيم ينقطع بانقطاع الخصومة أمام المحكم لقيام سبب من أسباب انقطاعها كوفاة أحد الخصوم أو فقد أحدهم لأهلية التحكيم أو زوال صفة من كان يباشر التحكيم نيابة عنه، ويستأنف ميعاد التحكيم من تاريخ علم المحكم بزوال سبب الوقف أو الانقطاع، فإذا كان ما بقي من الميعاد أقل من شهرين امتد إلى شهرين (م ٤/١٨١ - مرافعات وذلك تمكيناً للمحكم من أداء مهمته على الوجه الأكمل .