الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / مدة التحكيم / الكتب / التحكيم في المعاملات المصرفية / مدة إصدار حكم التحكيم المصرفي

  • الاسم

    د. محمد صالح علي العوادي
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    527
  • رقم الصفحة

    420

التفاصيل طباعة نسخ

مدة إصدار حكم التحكيم المصرفي

  يقصد بها المدة التي يجب إصدار حكم التحكيم خلالها ، وأي امتداد لها يجب أن تقرره اتفاقية التحكيم. ولاشك أن خصومة التحكيم تبدأ منذ إحالة النزاع إلى التحكيم وتنتهي بانتهاء مدة التحكيم ومن ثم فأنه يجب أن يعلم كل من الطرفين وهيئة التحكيم متى تبدأ خصومة التحكيم، حيث يعتبر تاريخ البداية هاماً لسببين هما : 

السبب الأول هذه المدة حاسمة إذ بعدها يمكن أن تسترد المحاكم القضائية ولايتها على النزاع، خاصة إذا كان اتفاق التحكيم ظاهر البطلان أو أن النزاع لم يحل خلال هذه المدة إلى محكمة التحكيم.

   إلا أننا من خلال التأمل لطبيعة النزاع المصرفي ومحتواه نرى بأن عامل المدة يكتسب أهمية خاصة لأطراف النزاع، لذا فإنه من المنطقي في مثل هذا النوع من النزاعات قصر الفترة الزمنية لها ،وتحديدها بحيث يتولد شعور لدى جميع الأطراف في العملية التحكيمة بأهمية عامل الوقت. ونجد أن لائحة اتحاد المصارف العربية حددت فترة زمنية محدده لإصدار الحكم، مبينة فيها مرحلة بدء سريان المدة الزمنية لصدور الحكم، حيث نصت م۱/۲۲ من اللائحة على أنه يجب "1- على هيئة التحكيم إصدار حكمها خلال مهلة ستة أشهر اعتباراً من تاريخ توقيعها المحضر المذكور في المادة (۱۹) أعلاه. فمن خلال هذا النص فإننا نجد ان الهيئة ملزمة بإصدار الحكم في القضية محل النزاع خلال الفترة المحددة وهي ستة أشهر، ويبدأ سريان هذه الفترة من تاريخ التوقيع على المحضر الذي حددت عناصره م۱۹من اللائحة .

   وان كنا نتحفظ على طول الفترة الزمنية التي نصت عليها اللائحة فالستة أشهر في الحياة المصرفية تعني الشيء الكثير، لذا فإننا نرى بأنه لو تم تقليص الفترة الزمنية إلى ثلاثة أشهر كحد أقصى ، لأننا نتحدث عن نزاع قائم بين محترفين للعمل المصرفي، وبالتالي فإن كل طرف يعلم جيدا كافة جوانب النزاع، فالبنوك والمصارف مؤسسات مالية محترفة تمتلك الكادر البشري الخبير في تسيير مهامها، ولكل منها فريق متكامل من المستشارين القانونين والاقتصاديين، الذين لهم إلمام تام بطبيعة البيئة المصرفية ونزاعها، كما أن هيئة التحكيم في الأصل كما اشرنا سابقا هيئة محترفة في النزاعات المصرفية، لذا فإطالة المدة الزمنية لنظر النزاع والحكم فيه، لا يتوافق مع طبيعة البيئة المصرفية. 

   وقد أشارت اللائحة إلى أن التزام الهيئة بإصدار الحكم يجب أن يتم خلال هذه الفترة ما لم يطرأ طارئ يحول دون ذلك، حيث لا يؤدي حدوث القوة القاهرة إلى إهدار شرط التحكيم وفق ما ذهبت إليه محكمة النقض المصرية في أحد أحكامها بأن قيام القوة القاهرة لا يكون من شأنه إهدار شرط التحكيم المتفق عليه و إنما كل ما يترتب عليه هو وقف سريان الميعاد المحدد لعرض النزاع على التحكيم إن كان له ميعاد محدد " . فعند حدوث الطارئ الذي يحول دون أتمام المهمة التحكيمية فأنه يترتب عليه وفقاً لحكم محكمة النقض إيقاف سريان الميعاد المحدد حتى تزول القوة القاهرة.

   أما فيما يتعلق بلائحة البنك المركزي فقد نصت على الفترة الزمنية المخصصة لإصدار الحكم من خلال نص م ١٣ والتي نصت على أنه"يجب الانتهاء من كل إجراءات التحكيم وإصدار حكم التحكيم في موعد أقصاه شهرين من تاريخ تعين هيئة التحكيم أو بعد أسبوعين على الأكثر من إيداع تقرير الخبير المختص"

   ونرى أن اللائحة قد راعت في تحديد الفترة الزمنية طبيعة العمليات المصرفية، حيث إن فترة الشهرين فترة منطقية ومقبولة لإصدار الحكم خلالها، خصوصا وأننا نتحدث عن أطراف محترفين في هذا الجانب، وقد كانت اللائحة أكثر وضوحا في ذلك عندما حددت فترة إصدار الحكم بعد إيداع تقرير الخبير الفني، حيث أنها حددت الأسبوعين كفترة كافية لمناقشة ومداولة هذا التقرير وإصدار الحكم في النزاع، فالأطراف ما التجنوا إلى التحكيم إلا بهدف الاستفادة من عامل الوقت والجسم السريع في النزاع. وهذا بخلاف التوجه الذي تضمنته قواعد اليونسترال التي لم تحدد ميعاد لإصدار الحكم خلاله، وهو ذات النهج الذي أخذ به مركز القاهرة الإقليمي حيث أنه يطبق قواعد اليونسترال. 

   وقد جاء في حكم لمحكمة استئناف القاهرة "إن الطرفان قد اتفقا على إخضاع إجراءات التحكيم للقواعد المعمول بها في مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، ويطبق هذا المركز قواعد اليونسترال ، وقد سكتت هذه القواعد عن النص على ميعاد لإصدار حكم التحكيم تاركة هذا الأمر لاتفاق الأطراف في كل حالة طبقا لظروفها وملابساتها الخاصة، فإن لم يتفقوا على تحديد ميعاد ما فإنهم بذلك يكونون قد فوضوا هيئة التحكيم في تحديد الميعاد الذي تراه مناسبا حسب ظروف المنازعة التي تنظرها " .

وقد حدد نظام المصالحة والتحكيم لغرفة تجارة باريس لعام ۱۹۹۸ (ICC) المدة التي يصدر خلالها الحكم بستة اشهر، حيث نصت م ١/٢٤ على ذلك بقولها نصدر محكمة التحكيم حكم التحكيم خلال ستة اشهر "وقد جعلت مرحلة بدء السريان تبدأ من تاريخ آخر توقيع لمحكمة التحكيم أو الأطراف على وثيقة المهمة أو من تاريخ إعلام محكمة التحكيم من قبل الأمانة باعتماد هيئة التحكيم لوثيقة المهمة في حالة تطبيق البند (۳) من المادة۱۸"

   أما بالنسبة للمشرع فإننا نجد أن المشرع المصري قد أعطى الحرية للأطراف تحديد المدة المحددة للفصل في النزاع، وفي حالة إذا لم يتم اتفاق بينهم على المدة فقد حددها المشرع باثني عشر شهرا حيث نصت م١/٤٥ على أنه " على هيئة التحكيم إصدار الحكم المنهي للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليه الطرفان فإن لم يوجد اتفاق وجب أن يصدر الحكم خلال أثنى عشر شهراً من تاريخ بدء إجراءات التحكيم..." 

  ومن المعلوم كما اشرنا سابقا أن الفترة الزمنية لبدء سريان العد التنازلي للمهمة التحكيمية يبتدأ من تاريخ تسلم المدعي عليه طلب التحكيم ما لم يكن هناك اتفاق آخر بين الطرفين وفقا لنص م۲۷ تحكيم مصري.