الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / أحكام التحكيم المستعجلة / الكتب / النظام القانوني للتحكيم "دراسة مقارنة " /  مدى اختصاص القضاء المستعجل بالأمر المستعجل في المنازعة موضوع الاتفاق على التحكيم

  • الاسم

    د. يارا الجندى
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    161

التفاصيل طباعة نسخ

 مدى اختصاص القضاء المستعجل بالأمر المستعجل في المنازعة موضوع الاتفاق على التحكيم

    يجوز لأطراف التحكيم اللجوء إلى القضاء المستعجل للحصول على حكم وقتى إذا كان اتفاق التحكيم لم يكتمل أو تم وضع هذا الشرط في اتفاق التحكيم.

أولا: في مصر

   إلا أنه وبإزاء صراحة هذه المادة يظل الاختصاص مشتركا بين هيئة التحكيم وبين المحكمة المختصة في طلب اتخاذ التدابير التحفظية والمؤقتة، سواء قبل أو بعد إجراءات التحكيم وأثناء سيره كذلك. إلا أنه قد يرد شرط التحكيم بنص عام بصدد منازعة معينة على التحكيم لم يتم الإشارة فيه إلى اختصاص هيئة التحكيم بنظر المنازعات المستعجلة، كما يمكن أن يرد اتفاق بعدم اختصاصها( أى هيئة التحكيم ) بنظر المنازعات المستعجلة فهل عند اختصاص المحكمة بنظر المنازعات المستعجلة أم يقتصر اختصاصه على الفصل في المنازعات الموضوعية دون المنازعات المستعجلة؟ ويمكننا استعراض اتجاهين في هذا المقام :

   الاتجاه الأول : ويرى مؤيدوه أن الاتفاق على التحكيم لا يمنع من نظر الدعوى المستعجلة أمام القضاء المستعجل أو إصدار أوامر وقتية أو تحفظية باعتبار أنها إجراءات وقتية مستعجلة ما لم يرد اتفاق صريح على أن المحكم يختص وحدة دون غيره بنظر المسائل المستعجلة، فالاتفاق على التحكيم لا ينفى ولا يمنع من اختصاص القضاء المستعجل بنظر تلك الطلبات واستند هذا الرأى إلى عدة أسباب:

   الأول : وهو من باب القياس فالاتفاق على التحكيم هو نقل للنزاع من أمام محكمة الموضوع إلى هيئة التحكيم، فإذا كان رفع الدعوى أمام محكمة الموضوع لا يمنع اختصاص القضاء المستعجل بنظر الطلبات الوقتية أو التحفظية، فالأمر يجب أن يكون كذلك بالنسبة للتحكيم.

   الثاني: أن هيئة التحكيم هى الأقدر على تقدير مدى ملاءمة اتخاذ تلك التدابير، وتملك الفصل النهائى فى موضوع النزاع، فمن باب أولى تستطيع اتخاذ إجراءات وقتية أو تحفظية لا تمس أصل الموضوع، ولما يحققه ذلك من مزايا تتمثل في الاقتصاد في النفقات، وتوفير الوقت، وتوحيد جهة الفصل في المنازعات.

   الثالث: فلسفة نظام التحكيم تتيح ذلك، فبالنظر إلى أن الأطراف اختاروا بارادتهم التحكيم، وارتضاه بديلًا عن قضاء الدولة، فلم يمتنعوا ترتيبًا على ذلك عن تنفيذ ما أعده المحكم من إجراءات.

  الاتجاه الثاني: يرى أن الاتفاق على التحكيم إذا استوفي شرائطه القانونية فإنه يمتنع على القضاء العادى والقضاء الوطنى بنظر أية دعوى متعلقة به ما لم يتفق صراحة على غير ذلك، فالاتفاق على التحكيم يوجب، ويلزم أطرافه باتباع طريقة التحكيم، ولا يسوغ لأحد أطرافه أن يبادروا بإقامة دعوى أمام القضاء العام في الدولة، وألا يحق للطرف الآخر أن يرفع الدعوى بوجود اتفاق على التحكيم، وبدوره يسوق هذا الاتجاه أسبابًا لصحة ما انتهى إليه منها:

   أولا: حجة منطقية وهى إذا كان الاتفاق على التحكيم يخرج المنازعة الموضوعية من الاختصاص الوظيفي للقضاء العادى، فإن شقها المستعجل يخرج من اختصاص القضاء المستعجل باعتبار أن الفرع يتبع الأصل، ما لم يوجد اتفاق صريح في التحكيم بغير ذلك.

   ثانيا: هناك العديد من العقبات المادية والقانونية تمنع المحكم من اتخاذ الإجراءات المشار إليها وتبرر الإبقاء على سلطة القضاء المستعجل منها:

 1 - إن هيئة التحكيم لا تنعقد جلساتها بصورة دائمة، فقد تكون على أوقات متباعدة من الأحداث ما يبرر اتخاذ إجراء ،وقتى، أو تحفظي في غير أوقات انعقادها.

2 - المحكم ملتزم قبل صدور أى قرار منه بسماع أقوال الخصوم بشأن الإجراء المتوقع اتخاذه ، وهو ما لا يتفق كثيرًا مع طبيعة الإجراء الوقتي أو التحفظي الذي يحتاج أحيانًا لعنصر المباغتة والسرعة.

3- إن اتفاق التحكيم كثيرًا ما يقيد من سلطاته بشأن الغير؛ حيث لا يجبر على المشاركة في إجراءات تعد غير متعلقة به أى أن سلطات المحكمة عديمة الأمل بشأن الإجراء الوقتى فى مواجهته.

4- المحكم لا يملك تنفيذ الأحكام الصاردة منه، ومنها المتعلقة بإجراء وقتى أو تحفظي، حيث سيضطر الخصوم فى نهاية الأمر إلى التوجه إلى قضاء الدولة لاستصدار أمر تنفيذ الأحكام المتعلقة بالإجراءات الوقتية أو التحفظية .ونرى في ضوء هذين الاتجاهين أنه إذا ما نص اتفاق التحكيم على اشتماله على المنازعات الموضوعية والمستعجلة، فمن الواجب احترام هذا الشرط. كما أنه لا يمنع القضاء المستعجل عند الاتفاق صراحة على اختصاص هيئة التحكيم بنظر المسائل المستعجلة، فيظل له الاختصاص بنظر تلك المسائل، والأمر كذلك في حالة منع الاتفاق أى اختصاص القضاء المستعجل لا يزيله، إذا كان هناك خطر داهم لا ينهض معه اللجوء إلى هيئة التحكيم؛ لأن القضاء المستعجل هو من الضمانات الجوهرية لحماية مصالح المواطنين، وهو متعلق بالنظام العام.

ثانيا: في الصين

    تنص المادة ۲۸ من قانون التحكيم الصينى على أنه يجوز لطرف أن يطلب التحفظ على الممتلكات ولو نتيجة لفعل الطرف الآخر أو لبعض الأسباب الأخرى، ويظهر أن حكم التحكيم يمكن أن يكون مستحيلا أو صعب إنفاذه.

   فلو طلب أحد الأطراف التحفظ على الممتلكات تعرض لجنة التحكيم على المحكمة الشعبية طلب الطرف وفقا للأحكام ذات الصلة الخاصة بقانون الإجراءات المدنية، فإذا لم يؤسس أمر التحفظ على الممتلكات يعوض الطالب الطرف، الذى صدر الأمر تجاهه عن أي خسائر تم الإقرار بها نتيجة لتنفيذ أمر التحفظ على الممتلكات .

- كما تنص المادة ٤٦ من ذات القانون على "في حالة أنه يمكن تدمير الدليل أو لو كان من الصعب الحصول على الدليل لاحقًا يجوز للأطراف أن تطلب حفظ الأدلة، فلو طلب الأطراف مثل هذا الحفظ تعرض لجنة التحكيم الطلب على محكمة شعبية من الدرجة الأولى فى المكان الذي يقع فيه الدليل .

- كما تنص المادة ٦٨ من ذات القانون على فلو طلب أطراف التحكيم ذى الصلة بالأجانب المحافظة على الأدلة تقدم لجنة التحكيم الأجنبية طلباتهم إلى المحكمة الشعبية المتوسطة فى المكان الذي تقع فيه الأدلة  .

 

ثالثًا: في اليابان

- تنص المادة ١٥ من قانون التحكيم اليابانى الخاصة باتفاق التحكيم والتدابير الوقتية بواسطة المحكمة على من المتوافق مع اتفاق التحكيم بالنسبة لطرف أن يطلب قبل أو أثناء إجراءات التحكيم من المحكمة تدبيرا وقتيا للحماية وبالنسبة للمحكمة أن تمنح مثل هذا التدبير بخصوص أى نزاع مدنى يكون موضوعا لاتفاق تحكيم .

- كما تنص المادة ٢٤ من قانون التحكيم الياباني الخاصة بتدابير الحماية الوقتية على:

3 - ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك، يجوز لهيئة التحكيم بناء على طلب طرف أن تأمر أى طرف أن يتخذ مثل هذا التدبير الوقتي للحماية، كما يمكن لهيئة التحكيم أن تعتبره ضروريًا بخصوص موضوع النزاع .

4 - يجوز لهيئة التحكيم أن تأمر أى طرف بأن يقدم ضمانًا ملائما ذا صلة تمثل هذا التدبير كما هو منصوص عليه في الفقرة السابقة .

   ونهيب بالمشرع المصرى النص على جواز الالتجاء إلى القضاء المستعجل للحصول على أحكام سريعة وقتية ،تحفظية، سواء قبل أو أثناء إجراءات التحكيم؛ لأن القضاء هو الأصل العام، ويستطيع تنفيذ إجراءاته لتحفظية مباغته، والتحكيم هو قضاء استثنائي. ولا يستطيع تنفيذ إجراءاته التحفظية إلا إذا قدم الطرف طالب الإجراء التحفظي ضمانًا مناسبًا.