إذا شاب حكم التحكيم خطأ مادي بحت كتابيا كان أو حسابيا فليس من المناسب تركه بدون تصحيح ولا يكون هناك حاجة لعلاج هذا الخطأ برفع دعوى بطلان ما دام الأمر يتعلق بمجرد خطأ مادي يمكن معالجته بالرجوع إلى الهيئة التي أصدرته.
قانون التحكيم لسنة 2016م ومن قبله قانون التحكيم لسنة 2005م فقد نص على أن تتولى هيئة التحكيم تصحيح ما وقع في حكمها من أخطاء كتابية أو حسابية بحته بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الأطراف وتجرى هيئة التحكيم التعديل من غير مرافعة خلال شهر من تاريخ الحكم.
حق هيئة التحكيم في تصحيح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية بحتة لا يعتبر مبدأ استحدثه قانون التحكيم وإنما سبقه إلى ذلك قانون الإجراءات المدنية لسنة (1983م) ومن قبله قانوني (1974م) و (1929م) فالحكم الوارد في نص المادة (39) من قانون التحكيم يمثل تطبيقا لقواعد عامة ثابتة ومستقرة قد كرستها العديد من الاتفاقيات والقواعد الدولية فعلى سبيل المثال القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي وقواعد لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي، وقواعد غرفة التجارية الدولية بباريس وقواعد مركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي، وقواعد اتفاقية عمان للتحكيم التجاري .
الخطأ المادي الذي يقع في حكم هيئة التحكيم ويجوز تصحيحه هو الخطا في التعبير وليس في التقدير أي أن هيئة التحكيم في التعبير عن تقديرها قد استخدمت ألفاظا أو أرقاما غير التي كان يجب أن تستخدمها عما انتهى إليه من تقدير وفي ذلك تقول محكمة النقض المصرية " أن الأصل في تصحيح الأحكام أن يكون بطرق الطعن المقررة في القانون لا بدعوى مبتدأه وإلا انهارت قوة الشيء المحكوم فيه واتخذ التصحيح تكأة للمساس بحجيتها واستثناء من هذا الأصل أجاز القانون تصحيح ما عساه يقع في منطوق الحكم من أخطاء مادية بحته كتابية أو حسابية بطلب من أحد الخصوم أو من تلقاء نفس المحكمة أما ما عدا الأخطاء المادية المحضة التي تكون قد أثرت على الحكم فيكون سبيل إصلاحها بالطعن في الحكم بطريق الطعن المناسب، ولا يعتبر الحكم المصحح معدلا للحكم الذي يصححه بل متمما له فإذا جاوزت المحكمة حدود ولايتها في التصحيح إلى التعديل كان حكمها مخالفا للقانون
لا يهدف تصحيح الحكم لتقرير تقدير جديد لحكم هيئة التحكيم ويمكن أن يقع هذا الخطأ المادي في منطوق الحكم أو في أي جزء آخر من الحكم يكون مكملا للمنطوق، ويشترط في الخطأ أن يكون واضحا من منطوق الحكم أو من مقارنة المنطوق ببياناته الأخرى أو
بمحضر الدعوى فلا يجوز تصحيح الحكم من مستندات خارج الدعوى أو عناصر خارج الحكم أو محضر الدعوى ومثال للخطأ أن يأتي في أسباب الحكم حساب للمبالغ المستحقة لأحد الأطراف وفي منطوق الحكم تجمع خطأ.
تتولى هيئة التحكيم التي أصدرت الحكم تصحيحه بقرار منها من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد خصوم التحكيم سواء كاسب الدعوى أو خاسرها.
ميعاد تقديم طلب تصحيح الحكم التحكيمي هو شهر من تاريخ الحكم وهذا الميعاد يعد ميعاد سقوط يترتب على انقضائه سقوط حق هيئة التحكيم أو الأطراف في طلب التصحيح.
إذا تجاوزت هيئة التحكيم سلطتها في التصحيح جاز التمسك ببطلان هذا القرار بدعوى البطلان .