جري نص المادة (35) من قانون التحكيم علي أنه: إذا تخلف أحد الطرفين عن حضور إحدي الجلسات أو عن تقديم ما طلب منه من مستندات جاز لهيئة التحكيم الإستمرار في إجراءات التحكيم وإصدار حكم في النزاع إستناداً إلي عناصرالإثبات الموجودة أمامها . ومفاد نص هذه المادة، أن المشرع منح هيئة التحكيم السلطة الكاملة في أن تصدر حكماً تنهي به النزاع في حالة عدم حضورأحد طرفي التحكيم أو عدم تقديمه المستندات المطلوبة منه، متي قدرت أن الدعوي بما قدم فيها من أدلة إثبات كافية التكوين عقيدتها والفصل في موضوع النزاع .
وفي تقديرنا، أن إستعمال هيئة التحكيم للسلطة الجوازية المقررة لها في المادة 36 المشار إليها ، يرتبط إرتباط اللزوم مع ضرورة مراعاة أحكام كل من المادة (7) والمادة (33) من قانون التحكيم، حيث تنظم الأولي كيفية وأسلوب وطريقة الإعلان بالمراسلات والإعلانات المختلفة، وتنظم الثانية مسألة تمكين الخصوم من حضور الجلسات المحددة للمرافعة، والإخطار بمواعيد تلك الجلسات أو الإجتماعات التي تعقدهاهيئة التحكيم.وهو ما يقتضي وفقاً لذلك وجوب قيام الهيئة بالتأكد من أن عدم حضور أي من الطرفين قد وقع علي الرغم من إخطاره بالطريقة وبالكيفية والوسيلة المتفق عليها، فيتعين عليها التأكد من تمام إعلانه بإجراءات التحكيم وبميعاد الجلسات أو بميعاد تقديم المذكرات والمستندات المطلوبة، ويكون إلتزامها بالتأكد من تحقق ما سبق، شرطاً مفترضاً لإستعمال سلطتها والفصل في الدعوي بحالتها مكتفية بما قدم فيها من أدلة إثبات، تدور سلطتها معه ، وجوداً وعدماً، ويترتب علي إخلالها به تعرض حكمها للبطلان، لإرتباط حكم المادتين المشار إليهما بمبادئ أساسية في التقاضي، مثل مبدأ المواجهة وحضورية الأدلة، وحق الخصم في الدفاع، وجميعها تتعلق بالنظام العام. فلا يكتفي بقيام هيئة التحكيم بإثبات عدم حضور المحتكم ضده بالجلسة المحددة لنظر الدعوي، أو بعدم تقديمه للمنكرات أو المستندات في الميعاد المحدد لها، ولكن يتعين عليها بحث تمام إخطار الخصم من عدمه بتاريخ الجلسة أو موعد تقديم المذكرة أو المستندات المطلوبة.
كما أن قيام هيئة التحكيم وفقاً لهذه المادة بالفصل في موضوع النزاع، يفترض معه أن أدلة الإثبات المقدمة إليها كافية لتكوين عقيدتها بشأن النزاع المطروح عليها، ويخضع تقدير كفاية تلك الأدلة لسلطة هيئة التحكيم، ويقع عليها – في تقديرنا وجوب تسبيب حكمها إذا كان التسبيب واجباً وإلا كان حكمها باطلاً، كما أن حكمها قد يصل إلى حد الإنعدام إذا كان عدم حضور الخصم الجلسات أو عدم تقديم دفاعه نتيجة الإستعمال خصمه الغش في إعلانه .