أحكام التحكيم النهائية تكون إما على صورة تسوية بناء على اتفاق الطرفين أو على صورة صلح أو قرار نهائي بصدره المحكم في موضوع النزاع.
اولاً: أحكام التحكيم بناءً على اتفاق تسوية
نصت عليه المادة (41) من قانون التحكيم المصري والمادة (39) من قانون التحكيم الأردني بحيث إذا اتفق الطرفان خلال إجراءات التحكيم على تسوية تنهي النزاع كان لهما أن يطلبا إثبات شروط التسوية أمام هيئة التحكيم التي يجب عليها في هذه الحالة أن تصدر قرارا يتضمن شروط التسوية وينهي الإجراءات لهذا القرار ما لأحكام المحكمين من قوة بالنسبة للتنفيذ .
وهذا ما جاء في اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم السعودي حيث نصت المادة 24 منها على أنه للمحتكمين أن يطلبوا من هيئة التحكيم في أية حال تكون عليها الدعوى إثبات ما اتفقوا عليه في محضر الجلسة من إقرار أو صلح أو تنازل أو غير ذلك وتصدر الهيئة قراراً بذلك .
وهذا ما أشار إليه القانون النموذجي للتحكيم الدولي في المادة 30 منه حيث نصت على أنه إذا اتفق الطرفان في خلال إجراءات التحكيم على تسوية النزاع بينهما كان على هيئة التحكيم أن تنهي الإجراءات وأن تثبت التسوية بناءً على طلب الطرفين وعدم اعتراضهما في صورة قرار تحكيم بشروط متفق عليها. وكذلك ما جاء في المادة (34) الفقرة الأولى من قواعد البونسترال بأنه: "إذا اتفق الطرفان قبل صدور قرار التحكيم على تسوية تنهي النزاع، كان لهيئة التحكيم إما أن تصدر أمرا بإنهاء الإجراءات وإما أن تثبت التسوية بناء على طلب الطرفين.
وموافقتها على هذا الطلب في صورة قرار تحكيم وشروط متفق ولا الزام لهيئة التحكيم بتسبيب مثل هذا القرار أما لوائح التحكيم الخاصة بغرفة التجارة الدولية بباريس قد أكدت على ذلك في المادة (26) حيث نصت على أنه: "إذا توصل الأطراف إلى تسوية بعد تحويل الطلب إلى محكمة التحكيم ووفقاً للمادة (13) يجب تثبيت التسوية بصيغة حكم التحكيم. باتفاق الأطراف بطلب من الأطراف وموافقة محكمة التحكيم ..
ثانياً : أحكام الصلح
أحيانا قد يتفق الأطراف على عقد صلح بينهم في النزاع المعروض على هيئة التحكيم، فإذا ما تم هذا الصلح وأراد الأطراف توثيقه بواسطة هيئة التحكيم، فما على الأطراف المتنازعة إلا تفويض الهيئة صراحة بذلك، وعادة ما يكون مكتوبا في صورة عقد صريح، .
ولا يستطيع المحكم أو هيئة التحكيم أن تصدر حكمها إلا عندما يكونون مخولين باتخاذ قرار الصلح من قبل الأطراف المتنازعة، ولا يكون المحكم أو الهيئة ملزمة بتطبيق الأحكام القانونية على الموضوع وإنما تطبق مبادئ العدالة والإنصاف .
أو لقواعد اتفاقية معينة ترى أنها تحقق العدل والإنصاف وحفظ التوازن بين مصالح الطرفين وهذا ما نصت عليه المادة (4/39) من قانون التحكيم المصري والمادة (36) من قانون التحكيم الأردني حيث نصتا على أنه يجوز لهيئة التحكيم إذا اتفق طرفا التحكيم صراحة على تقويضها بالصلح أن تفصل في موضوع النزاع على مقتضى قواعد العدل والإنصاف دون التقيد بأحكام القانون.
وكذلك نجد أن القانون النموذجي للتحكيم قد تناول هذا الموضوع في المادة (28) الفقرة الثانية منه حيث نص على أنه لا يجوز لهيئة التحكيم الفصل في النزاع على أساس ودي إلا إذا أجاز لها الطرفان ذلك صراحة. وتجدر الإشارة إلى أن المحكم أو هيئة التحكيم عند فصلها في النزاع على في البلد المتوقع تنفيذ قواعد العدل والإنصاف، عليها أن تراعي قواعد النظام العام الحكم فيه فإذا كان هذا الحكم مخالفا للنظام العام في الدولة المراد تنفيذ الحكم فيها فإنه يؤدي إلى إبطال هذا الحكم.
ثالثا: القرار النهائي
ويعد هذا القرار بجميع عناصره حلاً نهائيًا للنزاع المطروح على المحكم ومنهيا للخصومة، ويكون ملزماً للأطراف المتنازعة، وينفذ بعد إصباغ الصفة التنفيذية عليه، وهو الحكم الذي يمكن أن يطعن فيه بالبطلان إذا ما وجد سبب حدده القانون هذا وقد استخدم الفقه مصطلح الحكم التحكيمي النهائي وخاصة القانون النموذجي في المادة (32) باعتباره ينهي إجراءات التحكيم.
الأحكام الصادرة بعد الفصل في موضوع النزاع
بعد صدور حكم التحكيم النهائي تنتهي مهمة المحكم ويستنفذ ولايته، ولا يعود قادرًا على تعديل الحكم، إلا أنه في بعض الأحيان قد يصدر الحكم ويكتنفه الغموض ويصعب معه الوصول إلى الحقيقة أو يقع المحكم في بعض الأخطاء المادية أو الكتابية أو الحسابية، والتي لا يؤدي تصحيحها إلى تعديل الحكم، أو قد يغفل المحكم عن بعض الطلبات التي طلبها الخصوم أثناء سير الخصومة.
لهذا وجد المشرع أنه من الضروري أن تمتد مهمة المحكم إلى ما بعد صدور الحكم، واستثنى بعض الحالات التي تمكن المحكم من تفسير حكمه في حالة غموضه أو تصحيحه في حالة وقوعه في بعض الأخطاء المادية أو إصدار حكم إضافي إذا ما غفل عن بعض الطلبات.
وقد ورد هذا الاستثناء في قانون التحكيم المصري في المادة (2/48) منه، حيث نصت على أنه: "مع مراعاة أحكام المواد (49 ، 50 ، (51) من هذا القانون تنتهي مهمة هيئة التحكيم بانتهاء إجراءات التحكيم. كما نص عليها أيضاً قانون التحكيم
الأردني في المادة (44/ب) منه. ويستنتج من ذلك أن مهمة المحكم تمتد بعد الحكم إلا ثلاث حالات تمكن المحكم من أن يصدر ثلاثة أنواع من الأحكام وهي: الحكم المفسر وتصحيح الحكم والحكم الإضافي .