يحدث أثناء سير إجراءات التحكيم أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق لتسوية النزاع ويكونان أمام مسلكين الأول الاقتصار على إثبات هذا الاتفاق في عقد يتضمن شروط تلك التسوية وإنهاء الأطراف للإجراءات أمام هيئة التحكيم والثاني أن يطلبوا من هيئة التحكيم إثبات شروط التسوية وإصدار حكم بمضمون التسوية.
عالج القانون النموذجي هذه الحالة فنص على أنه إذا اتفق الطرفان خلال إجراءات التحكيم على تسوية النزاع بينهم كان على هيئة التحكيم أن تنهي الإجراءات وأن تثبت التسوية بناء على طلب الطرفين وعدم اعتراض الهيئة عليها ويكون ذلك في شكل قرار تحكيمي بالشروط المتفق عليها وأن يصدر هذا القرار وفقا لأحكام المادة [31].
في لائحة غرفة التجارة الدولية بباريس إذا اتفق الأطراف وكان الملف موجودا أمام المحكم فإن هذا الاتفاق تتم ترجمته من خلال إصدار حكم تحكيمي بمضمون هذا الاتفاق.
قد تضمنت كل من لائحة تحكيم محكمة لندن للتحكيم الدولي وقواعد تحكيم مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي ولائحة التوفيق والتحكيم التجاري بغرفة تجارة وصناعة دبي وقواعد الاونسترال نصوصا مشابهه.
أجاز قانون التحكيم السوداني إصدار حكم رضائي بالتسوية التي يتفق عليها طرفي النزاع في أي مرحلة من مراحل سير الدعوى .
أيضا في قانون التحكيم المصري إذا اتفق الطرفان خلال إجراءات التحكيم على تسوية تنهي النزاع كان لهما أن يطلبا إثبات شروط التسوية أمام هيئة التحكيم التي يجب عليها في هذه الحالة أن تصدر قرارا يتضمن شروط التسوية وينهى الإجراءات ويكون لهذا القرار ما لأحكام المحكمين من قوة بالنسبة للتنفيذ.
جاءت الكثير من التشريعات المتعلقة بالتحكيم بنصوص مشابهة تخول هيئة التحكيم سلطة إصدار أحكام تحكيم اتفاقية فعلى سبيل المثال القانون الإنجليزي والهولندي والألماني والأمريكي .
يذهب الجانب الآخر إلى إعطاء هيئة التحكيم السلطة التقديرية في قبول أو عدم قبول وطلب إصدار حكم اتفاقي ومن التشريعات التي سلكت هذا الجانب المشرع الإنجليزي، والهولندي، والقانون النموذجي ، ومحكمة تحكيم لندن وهيئة التحكيم الأمريكية ، ومركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي .
يميل الكاتب إلى ضرورة استجابة هيئة التحكيم لمطلب الأطراف بإصدار الحكم الاتفاقي الذي اتجهت إليه إرادة الأطراف ما لم يكن مضمون ما اتفق عليه يتعارض مع النظام العام والآداب.
ويثور التساؤل أيضا عن مدى تمتع حكم التحكيم الاتفاقي بآليات التنفيذ والاعتراف على نطاق المعاهدات الدولية ولوائح التحكيم والتشريعات الوطنية؟
أن المفهوم الضيق لتعريف حكم التحكيم الذي يعرفه بأنه " القرار الذي بموجبه يفصل المحكمون بشكل جزئي أو كلي في منازعة يؤدي إلى التشكيك حول مدى إمكانية دخول الحكم الاتفاقي داخل هذا التعريف على اعتبار أن دور المحكم في الحكم الاتفاقي يقتصر فقط على تضمين ما توصلت إليه إرادة الأطراف.
رغما من ذلك فإن القانون النموذجي للتحكيم الذي وضعته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي قد اعتبر القرار الذي يصدر بشروط متفق عليها من أطراف الخصومة التحكيمية يكون حكم تحكيم ويكون له نفس الصفة ونفس الأثر، وسار المشرع السوداني في ذات اتجاه القانون النموذجي فجعل القرار الذي تصدره الهيئة حكما تحكيمياً واعتبره نهائياً لا يقبل الطعن بالبطلان .