عمدت بعض القوانين إلى اتخاذ هذا النوع من التحكيم، حتى أثناء سير «العملية التحكيمية ومنها القانون المصري الصادر عام 1994، فقد نصت المادة 41 منه على ما يلي: «إذا اتفق الطرفان خلال إجراءات التحكيم على تسوية تنهي النزاع فكان لهما أن يطلبا إثبات شروط التسوية أمام هيئة التحكيم، التي يجب عليها في هذه الحالة أن تصدر قرار يتضمن شروط التسوية وينهي الإجراءات ويكون لهذا القرار ما لأحكام المحكمين من قوة بالنسبة إلى التنفيذ.
هذا النص أنه قد يحدث أثناء سير الإجراءات التحكيمية، أن تتوصل الأطراف المتنازعة إلى نوع من التسوية، وعندها يمكن لهم أن يقتصروا على إفراغ التسوية التي تم التوصل إليها في شكل عقد وإنهاء إجراءات التحكيم، وقد تذهب الأطراف المعنية إلى اتباع طريق آخر، مفضلة أن يتم تتويج ما توصلوا إليه من اتفاق من خلال إصدار حكم تحكيمي يقرر هذا الصلح، ويطلق عليه حكم تحكيمي اتفاقي.
والميزة التي يستهدفها هذا الإجراء بين الأطراف المعنيين به، وهي تمتع . الاتفاق الذي تم بينهم بالحجية والآثار المترتبة على الحكم التحكيمي.
دورها على تقرير اتفاق الأطراف، وذلك استناداً إلى ما جاء في المادة 2/30 من القانون النموذجي السابق الذكر والتي تنص على أن: «أي قرار تحكيم بشروط متفق عليها، يجب أن يصدر وفقاً لأحكام المادة 31، وينص فيه على أنه قرار تحكيم ويكون لهذا القرار نفس الصفة ونفس الأثر الذي يعود لأي قرار تحكيم آخر يصدر في موضوع الدعوى».
وهنا يطرح البعض مسألة مدى تمتع الأحكام المشار إليها أعلاه بالاعتراف وبالتنفيذ والتي تسري على أحكام التحكيم العادية بمعنى النهائية والمنهية للخصومة، وأيضا مدى تمتعها بذلك في الدول المختلفة؟
والواقع أنه بمراجعة معاهدة نيويورك لعام 1958 ومعاهدة جنيف لعام 1961 لا نرى تعرضاً واضحاً وصريحاً لهذه المسألة.
إلا أن جانباً من الفقه يتجه إلى القول بأن الفصل بذلك يتم بتفسير نصوص هذه المعاهدات ذاتها وليس بالإشارة إلى المفهوم الذي تعتنقه دولة من الدول التي صدرت فيها أحكام التحكيم موضوع النزاع ، في حين يذهب جانب آخر من الفقه إلى الاعتبار بأن حكم التحكيم القائم على اتفاق الأطراف يمكنه أن يستفيد من مضمون معاهدة نيويورك إذا كان يعد وفقاً للدولة التي صدر فيها بمثابة حكم تحكيمي.
على أن بعض الفقه (4) يذهب إلى القول بان التعريف الضيق للحكم التحكيمي، واعتباره بمثابة القرار الذي وفقاً له يفصل المحكمون بشكل جزئي أو كلي في المنازعة المعروضة عليهم يؤدي إلى التشكيك في إمكانية اعتبار القرار الصادر عن المحكم والذي يقتصر دوره على تكريس ما توصلت إليه إرادة الأطراف من اتفاق بمثابة حكم تحكيمي بالمعنى الضيق للكلمة .
وبالرغم من ذلك وبالرأي نفسه، فإن القانون النموذجي للتحكيم الذي وضعته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي، يعتبر عاملاً حاسماً لصالح تطبيق النظام المعتاد الذي يسري على أحكام التحكيم التي يقتصر بالالتزام بحكم شخص ثالث يتولى أطراف النزاع تسميته، كما أن التفويض الجزئي للسلطة المعطاة للمحكم يفسد الحكم التحكيمي إذا لم يكن بالإمكان فصل الجزء المعيب عن بقية أجزاء الحكم .