تضمن قانون التحكيم النص علي جوار قيام هيئة التحكيم بإصدار أحكام تمهيدية أثناء نظر الدعوي ، فمنحها المشرع الحق في إصدار هذه الأحكام وفقاً لما نشره وحسب ظروف الدعوي المطروحة عليها، فجعل لها الحق إصدار حكم تمهيدي يتعلق بإجراء من إجراءات الإثبات، ومن ذلك ما جري به نص المادة 1/36 من قانون التحكيم التي رخصت لهيئة التحكيم في تعيين خبير أو أكثر لتقديم تقرير في مسائل معينة تحددها له بموجب حكم تصدره بذلك، متي قدرت أن أوراق الدعوي لا تكفي لتكوين عقيدتها نظراً للحاجة الي أهل الخبرة لإبداء رأيهم الفني في مسألة ما، ولهيئة التحكيم مطلق السلطة في هذه الحالة علي النحو الذي أفصحت عنه عبارة نص المادة المشار إليها أن تندب خبيراً واحداً أو أكثر وفقاً لما تقدره للقيام بهذ المهمة.
وفي تقديرنا، فإنه يسري علي الحكم التمهيدي الصادر من هيئة التحكيم بشأن مسألة من مسائل الإثبات، ما يسري علي الأحكام التمهيدية التي تصدرها المحاكم، فلا تلتزم هيئة التحكيم بتسبيبه ما لم يتضمن قضاء قطعياً(م 5 من قانون الإثبات).
كما أنه لا يكتسب حجية الأمر المقضي طالما خلت أسبابه من حسم مسألة أولية متنازع عليها بين الخصوم وصدر بناء عليها حكم الإثبات، كما أن هيئة التحكيم لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بعد تنفيذه وإن تطلب المشرع بيان أسباب العدول عن إجراءات الإثبات في محضر الجلسة وبيان أسباب عدم الأخذ بنتيجة إجراء الإثبات الذي تنفذ في أسباب الحكم إلا أنه لم يرتب جزاء معيناً على مخالفة ذلك فجاء النص في هذا الشأن تنظيمياً (م9 من قانون الاثبات) .
وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض، أن مفاد النص في الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون الإثبات رقم ٢٥ لسنة 1968 يدل على أن المشرع لم يستوجب تسبيب الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات, مكتفياً في ذلك بمنطوق الحكم وحده, إذ الأمر في هذه الأحكام موكول لمطلق تقدير القاضي, فهو يملك العدول عما أمر به من إجراء الإثبات, كما يملك بعد مباشرته ألا يأخذ بنتيجته, فضلاً عن أن هذه الأحكام لا تقبل بذاتها الطعن مستقلة عن الحكم المنهي للنزاع, الأمر الذي تنتفي معه الحاجة إلي تسبيبها على وجه من الوجوه, ما لم ينطو الأمر بإجراء الإثبات على قضاء قطعي, وهو ما تقوم معه الحكمة التي تقتضي تسبيب الأحكام وتحرير نسخة أصلية لها.
وقد منح المشرع أيضاً لهيئة التحكيم سلطة الفصل بحكم تمهيدي في الدفوع المتعلقة بعدم إختصاصها بما في ذلك الدفوع المبنية علي عدم وجود إتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع (م ٢٢ من قانون التحكيم)، ونص علي قاعدة إجرائية أمرة بالفقرة الثالثة من المادة المشار إليها ، ولم يجز بموجبها الطعن علي الحكم الصادر من هيئة التحكيم في تلك الدفوع إستقلالاً، إلا مع الحكم المنهي للخصومة التحكيمية كلها بطريق الطعن بالبطلان وفق المادة 53 من قانون التحكيم .
وليس للحكم التمهيدي شكل معين فقد يصدر في شكل قرار يثبت في محضر الجلسة كما هو الحال بقرار هيئة التحكيم بندب أحد الخبراء (م1/36 من قانون التحكيم .