الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / أنواع أحكام التحكيم / المجلات العلمية / المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي العدد 27 /  التعليق على قرار محكمة التمييز اللبنانية

  • الاسم

    المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي العدد 27
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    30

التفاصيل طباعة نسخ

 التعليق على قرار محكمة التمييز اللبنانية

إن القرار المشار إليه هو من القرارات القليلة التي أغوت، جائيا من الفقه اللبناني وحثته على دراستها بالتحليل والتعليق ، فأثرى بذلك الفكر القانوني وساهم في تعميق مفاهيمه. فما هي وقائع القضية التي فصل بها هذا القرار وما هي ميزته؟

الوقائع توجز باختصار بأن الغرفة الخامسة لدى محكمة التمييز قد أبطلت بقرارها هذا القرار الاستئنافي الذي سبق أن أصدرته الغرفة الثالثة لدى محكمة استئناف بيروت قبل سنة تقريبا من صدور القرار التمييزي (في ۳۱ كانون الأول سنة ۲۰۰۲) والذي قضى برد الطعن بإبطال القرار التحكيمي المطعون فيه أمام المحكمة الاستئنافية من قبل أحد فرقاء النزاع التحكيم وهو بنك سوسيته جنرال ش. م.ل مما حمل هذا المصرف المتضرر من القرار التحكيمي وبالتالي من القرار الاستئنافي على تقديم الطعن التمييزي المشار إليه.

وقد اعتبرت المحكمة العليا أن القرار التحكيم المطعون فيه قد خالف مبدأ الوجاهية لكونه لم يضع قيد المناقشة ما أدخله من تعديل على الوقائع المعروضة عليه من الخصوم وما استنتجه أيضا من خلال ذلك من وصف

جديد للعلاقة القانونية، مما يفرض إبطال القرار الاستئنافي الذي لم يقض بطلان ذلك القرار التحكيمي وهو ما يشكل مخالفة لأحكام المادتين ۳۷۶ و۳۷۳ أ.م.م. وقد قررت المحكمة العليا تبعا لذلك إعادة الملف إلى محكمة الاستئناف حتى تنظر في موضوع المنازعة التحكيمية وفي حدود المهمة المعينة للمحكم. وقد استعملت الغرفة الخامسة في قرارها هذا مصطلحين: الأول في معرض عرضها لأسباب القرار هو إعادة الملف،، الثاني في الفقرة الحكمية وهو «إحالة الأوراق، وهو ما أثار حفيظة ذلك الفقه الذي علق على هذا القرار .

ميزة هذا القرار أنه طرح للنقاش مسألة كانت حتى تاريخه تعتبر غير قابلة للنقاش، اختصرها الأستاذ نصري دياب بالاحالة بعد النقض، (وهو عنوان تعليقه المشار إليه). بمعنى آخر: احالة محكمة التمييز للأوراق إلى المحكمة الاستئنافية بعد نقض قرارها للنظر في موضوع المنازعة، ومدى توافق قرار الإحالة المشار إليه مع القانون الوضعي اللبناني.

ولكن السؤال الذي نطرحه هو الآتي: هل أن في الفرار الذي وضعته المحكمة العليا احالة الأوراق إلى المحكمة الاسكانية بمفهومها الفي؟ وهل أن ما أثارنة التعليقات التي تناولت هذا القرار من دراسة هو في موقعه القانوني السليم؟ وإذا كانت تلك التعليقات هامة ومفيدة من الناحية النظرية والبحث القانوني المجرد فهل هي ضرورية وتأتلف مع مفهوم الاحالة التي نعرفها بعض القوانين الوضعية وذلك في ضوء وقائع القضية وطبيعتها وطبيعة القرار التمييزي الذي صدر بنتيجتها؟

للإجابة على ذلك لا بد من طرح التساؤلات الآتية:

 - ما هو الإطار القانوني للقرار التمييزي؟

  - ما هو الاطار الواقعي للقرار التمييزي؟

 - ما هي الطبيعة القانونية للقرار التمييزي؟ 

I- الإطار القانوني للقرار التمييزي يكمن في أنه في مرحلة ما قبل النقض يكون فيه اختصاص المحكمة العليا محصورة، إذ مي نقضي بصحة القرار المطعون فيه ولا تفصل في النزاع، أما في المرحلة اللاحقة التي تلقي قرار الإبطال فإن محكمة التمييز تمتع بولاية شاملة وهي تحل محل محكمة الاستئناف لتفصل في القضية من جديد في الوقائع والقانون (المادة ۷۳۶أ. م. م.)، ولكن هذا الاختصاص الشامل يبقى مفيدة ومحصورة بنطاق النزاع الأصلي والموضوع المحدد فيه؟) وهذا أمر طبيعي لأن محكمة التمييز تحل محل محكمة الاستئناف لتفصل في النزاع الذي كان دائرة أمامها، فلا يمكن أن تنظر في موضوع لم يكن معروضة أمام محكمة الاستئناف ولا يجوز أن تقدم إليها طلبات أو دفوع أو وسائل جديدة إلا من خلال ما نصت عليه المواد ۹۱ة إلى ۹۹۳أ. م. م. 

يتعين إذن لتحديد ما إذا كان بإمكان محكمة التمييز في مرحلة ما بعد النقض النظر في النزاع التحكيمي الانطلاق من ولاية محكمة الاستئناف الأصلية طالما أن محكمة النقض تستمد من هذه الولاية بالذات اختصاصها قبل التطرق إلى اختصاص محكمة النقض.

أولا مدى ولاية محكمة الاستئناف فيما خص النزاعات المتعلقة بالتحكيم

القرارات المحكيمية هي على نوعين، منها ما يقبل الاستفاف ومنها ما لا يقبله (المادة ۷۹۹)، ولكن القانون بحفظ في هذه الحالة الأميرة للمتضرر حق الطعن في القرار التحكيمي عن طريق الإبطال الذي يجب أن يستند إلى أسباب عينها القانون حصرة في المادة ۸۰۰أ. م. م. والفرق شاسع بين هذين الطعنين ولو أن القانون قد أناط بمحكمة الاستئناف البت فيهما وذلك بهدف حصر المراجعات وتوحيدها وتسهيلها المادة 4 ۸۰ و ۸۰ أ.م.م) وهو ما يفرض بالنتيجة التطرق إلى وظيفة محكمة الاستئناف في كلتي الحالتين

أ- القرارات التحكيمية القابلة للاستئناف

إن الطعن في القرار التحكيمي عن طريق الاستئناف بینی محكومة بالقواعد العامة التي ترعى هذا النوع من الطعون والتي نصت عليها المادة ۹۳۸ وما يليها أ.م.م. النزاع التحكيمي يكون إذن منشورة في جميع نواحيه الواقعية والقانونية أمام محكمة الدرجة الثانية وفي جميع الأحوال وحتى لو طلب المستأنف إبطال القرار الحكيمي ذلك أن الاستئناف هو طعن بقدم يقصد إبطال أو تعديل حكم صادر من محكمة الدرجة الأولى كما عرفته المادة ۱۳۸ ذاتها وأن الاستيناف ابنشر القضية برمتها أمام محكمة الاستئناف إذا لم يكن محصورا يعطى الوجوه فقط، (المادة ۹۹۰أ. م. م).

فمحكمة الاستئناف تضع يدها على طلب الإيطال في هذه الحالة بالاستناد إلى المفعول الناشر أو الساحب للاستئناف، والذي يسمح لها إما بتعديل القرار وإما بإبطاله ولا يوجد من الناحية القانونية بين الأبطال والتعديل إلا بعض الفروقات البسيطة، وفي الحالتين تفصل محكمة الاستئناف في النزاع إلا أنه يتعين عليها أن تقضي بالبطلان إذا كان الاستئناف قد جاء محصورة بعض الوجوه فقط لأن البطلان سوف يؤدي عندئذ إلى نشر القضية برمتها المادة 160 ذاتها)، أما إذا كان الاستئناف قد جاء شام" فيمكن للمحكمة أن تلجأ إلى تعديل القرار عن طريق فسخه بدلا من إيطاله.

وطالما أن النزاع قد نشر بمفعول الأثر الساحب للإسعاف فإن على المحكمة الاستئنافية أيضا أن تتصدى له في الأساس عند الفسخ إذا كان | المحكم قد رفع يده عنه لأي سبب دون أن يكون نظر في موضوعه، كما لو

كان قد رد الدعوى لأن النزاع لا يقبل التحكيم، أما إذا كان القرار لا يقبل الاستئناف فإن النتائج تكون مختلفة تماما

ب- القرارات التحكيمية غير القابلة للاستاف:|

في هذه الحالة لا يكون النزاع التحكيمي بحد ذاته منشورة أمام محكمة الاستئناف التي تنحصر وظيفتها في البت بصحة القرار التحكيمي منظورة إليها من خلال الأسباب الحصرية المحددة في المادة ۸۰۰أ.م.م، وهذا أمر بديهي طالما أن هذا القرار لا يقبل الطعن، أما إذا قضت المحكمة بإبطال القرار التحكيمي فاصلة النزاع الذي يدور حول صحته نهائية فإن المادة ۸۰۱ أولتها حق النظر في القضية التحكيمية إذا لم يكن الفريقان قد اتفقا على الرجوع من جديد إلى التحكيم، فهي وفي حالة تحقق هذا البطلان فقط تتطرق إلى النزاع من ناحية موضوعه. 

وهذا يعني أننا أمام تزاعين مختلفين تماما أن في موضوعهما أو في الطريقة التي تترجم بتدخل محكمة الاسعاف للبت فيهما:

فمن ناحية الموضوع: أن الاختلاف واضح إذ أن البث بصحة القرار التحكيمي يجري بمنأى عن إعادة النظر في الصراع التحكيمي وإن كان إطا القرار هو شرط لإعادة النظر هذه، ودليل الاستلاف هذا هو أنه يجوز في الحالة الأولى من الثانية وهذا ما يجري في التحكيم الدولي، وهو ما كان يق القانون القديم الزاما، وهذا ما يحق للفريقين أن يتفقا عليه في ظل القان

أما الطريقة التي تترجم بتدخل محكمة الأستئناف في كلني المرحلي فهي تختلف أيضا أن من حيث إطار هذا التدخل أو من حيث طين فبالنسبة لإطار التدخل

١- لا تعتبر ولاية محكمة الاستئناف في المرحلة الأولى ولاية فات طابع استئئنافي، فوظيفتها في هذه المرحلة تشبه إلى حد بعيد وظيفة محكمة التمييز إذ لا يكون اختصاصها شاملأ إنما هو محور بما يتعلق بصحة القرار، وهي لا تنظر في النزاع إلا في مرحلة لاحقة وبعد أن تكون قد فصلت نهاية في دعوى البطلان، الولاية الاستئنافية هي إذن لاحنة

أما في القرارات القابلة للاستئناف فإن النزاع يكون منشورة أمام محكمة الاستئناف في جميع أوجهه وهي تتطرق إلى بطلان القرار كما وإلى أسباب نسخه بمقتضى هذا المفعول الساحب الذي يجعل النزاع وحدة لا تقبل التجزئة حتى إنه يمكن المحكمة الاستئناف أن تفسخ القرار التحكيمي دونما حاجة للتطرق إلى البحث في مسألة بطلان القرار إذا اتحدث أو تساوت النتيجة في الحالتين ۲- إن هذا الاختلاف

يظهر ثانية من خلال طبيعة تدخل محكمة الاستئناف في كل من المرحلتين، ففي المرحلة الأولى تمارس المحكمة عملا فضالية بكل ما للكلمة من معنى أما في الثانية فإن اختصاصها لا يكون مصدره القانون إنما هو العقد التحكيمي ذلك أن المحكمة تقضي في النزاع مستمدة ولابنها للفصل فيه من العقد تماما فيما لو كانت هيئة تحكيم معينة من الفريقين، وهذا الشبه قد بلغ من البعد حدة أوقع البعض في الالتباس فاعتبر أن القضاة أصبحوا يشكلون هيئة تحكيمية تفصل في النزاع بقرار تحكيمي لا يمكن أن يطعن فيه تمييزا لأنه ليس قرارة فضائية وطالما أن اختصاص محكمة التمييز في نظر الموضوع بعد التقط هر محصور بنطاق النزاع الأصلي والموضوع المحدد فيه، فإن ولاية المحكمة العليا تختلف بالضرورة في الحالتين

ثانيا مدى ولاية محكمة التمييز فيما خص النزاعات المتعلقة بالتحكيم

أن ولاية محكمة التمييز هي مستمدة لزاما من ولاية محكمة الاسعاف ولا يجوز للخصوم في مرحلة ما بعد الفضي أن يتقدموا بطليات جديدة إلا في حدود ما عن المواد ۱۱۱ ,۹۹۳.م.م. وهذا مبدأ ثابت ومستقر بید أن يكون موضع خلاف آن تحديد هذه الولاية لا يمكن أن يكون إلا من خلال ما كان مطروحة أمام محكمة الاستئناف، فتكون بذلك أمام وضعين مختلفين

أ- وضع القرارات التحكيمية القابلة للاستئناف

في هذه الحالة، يتعين على محكمة التميز إذا نقضت القرار الأحافی أن تتطرق إلى النزاع التحكيمي وذلك في جميع الأحوال ذلك أن هنا الان كان معروضة على محكمن الدرجة الثانية وهي تقضي به على اعتبار أنها محكمة استئناف.

ب- القرارات التحكيمية غير القابلة للطعن اسنشالة

من البديهي أنه لا يمكن لمحكمة التمييز في هذه الحالة أن ليث البراع التحكيمي إذا كانت محكمة الاستهداف قد ردت مطلب الأبطال وأنه يتعين عليها أن تحمل الدعوى إلى محكمة الاستئناف، ذلك أن محكمة الدرجة الثانية لا تكون بذلك قد وضعت يدها على النزاع التحكيمي إنما فصلت في النزاع الدائر حول صحة القرار التحكيمي والذي يختلف تماما عن الدعوى التحكيمية أن من حيث موضوعه كما نكون، أو من حيث الطريقة التي تتحكم بتدخل محكمة الاستئناف في كلتي المرحلتين كما أوضحنا سابقا. وهي أمور تؤكد الفرق الجوهري بين المنازعتهن ولو أن المشرع قد عمد إلى إلا فصلهما إلى مرجع واحد وذلك من باب التسهيل المشدد والمواد ۸۰ وه ۸۰ و ۸۰ و۱۸۰۷. م. م، وقد حددت كافة الملعون)، الذراع الحكيمي لم

کن مطروحة أمام محكمة الاستئناف في المرحلة السابقة القرار رد طلب البطلان حتى يتسنى لمحكمة التمييز أن تفصل فيه على اعتبارها مرجعة اسعافية ومن غير المطلوب في هذه المرحلة أن يتم الملف التحکمی اور ان تقدم الطلبات المتعلقة بموضوع النزاع، فهذه الأمور جميعا في مستاخرة إلى ما بعد صدور قرار الإيطال، ومما يؤكد صحة هذا الرأي هو نص المادة ۹۱۰أ.م.م. فهي قد خرجت عن المبدأ القائل بعدم جواز الطعن في القرارات التمهيدية بعض الاستثناءات إذ أجازت الطعن في بعض القرارات تلك على حدة. ففي هذه الحالات، وكلها تتعلق بقرارات تمهيدية، اتخذت في معرض دعوى واحدة، أكد المشرع على أن الطعن الموجه ضد هذه القرارات ليس من شأنه أن يرفع يد المحكم عن سائر نقاط النزاع وعلى أنه يتوجب على المحكمة العليا إذا فسخت القرار أو نقضته (أو صدقته أن تعيد الملف إلى المحكمة الأدنى درجة لمتابعة النظر في القضية

فإذا كان هذا ما يحدث في إطار نزاع واحد فكيف تكون الحال إذا كنا أمام فراعين مختلفين؟

أما القول المعاكس القائم على أنه يوجد نزاع واحد فهو يستتبع نتيجة لا يمكن لأي منطق سليم أن يقبل بها وهي أن القرار الذي قبل طلب الإبطال هر قرار تمهيدي في حين أن عكسه هو نهائي وهو ما يفضي إلى تأكيد بالغ الخطورة ومر أن هذا القرار لا يقبل الطعن على حدة لأنه لا يدخل ضمن التعداد الحصري للقرارات التمهيدية التي عينتها المادة ۹۱۰أ.م.م

11- الإطار العالمي للقرار النميري يكمن في القول بوجود نزاع واحد في الحالة التي يكون فيها القرار الحكومي غير قابل للاستهداف وهو ما يؤدي ای نالج غير مقبولة نده كر أهمها

أ- فيما خص الرسم الفضالي الواجب اسيقاره

تكون الدموي في تلك الحالة خاضعة للرسم النسي، حتى ولو كان مطالب الإبلال لا يريد أن يحكم له بموضوع النزاع، وأن دفع هذا الرسم واجب حتى ولو اتفق الفريقان على إيلاء الاختصاص في مرحلة ما بعد الأبطال الى هبلة الكحكهم، لأن النزاع هو واحد وقد فصل في شق منه ومن البديهي أن ذلك مرهق للمتقاضين ومن شأنه حملهم على توجيه الطلب إلى المحكمة البت النزاع التحكيمي وذلك تفاديا لتحميلهم المصاريف الفضائية والتحكيمية في آن واحد. ويقتضي الإشارة في هذا المجال إلى أنه من الأفضل الرجوع إلى الهيئة التحكيمية في كثير من الأحيان. فإذا كانت الدعوى التحكيمية تتعلق مثلا بمسألة فنية بحتة فإنه من المتعذر على القاضي أن يقضي بها بذاته دون اللجوء إلى خير فيكون الحكم عندئذ قد جرى بالواسطة وهذا أمر يتعارض مع نية الفريقين لا سيما في التحكيم المطلق الذي يطلب فيه من الخبير الاختصاصي بالذات أن يمارس السلطة المخففة .(Pouvoir moderateur)

ب- إن القول بوحدة النزاع في الحالة المشار إليها يؤدي إلى اعتبار قرار الأبطال الصادر عن محكمة الاستشاف قرارة تمهيدية فصل في جزء من النزاع ولم نصل فيه كليا، وهذا القرار لا يقبل التمييز على حدة لأنه لا يدخل في عداد الحالات المعينة حصرا في المادة ۹۱۰أ.م.م. وعلى هذا كان قد أمستقر اجتهاد محكمة التمييز السابق . وهو ما يعني من الناحية العملية أن محكمة الاستئناف سوف تنظر في النزاع التحكيمي وتبت فيه مع أن مسألة صحة قرارها القاضي بالبطلان ما زال معلقة ولا يمكن للمحكمة العليا أن تنبت فيه إلا بعد أن يكون قد صدر قرار تحكيمي أخر، بحيث أن هذه المحكمة ستكون في النتيجة أمام قرارين تحکيمين دون أن يكون قد تسنی لها النظر في صحة قرار الإيطال، فبات عليها أن تختار بين تحکیمین صادرين في الدرجة الأولى، وهو أمر ليس غريبا فحسب إنما هو يتناقض مع هدف التحكيم الذي يقوم على اختصار الوقت والمسافات.

ومن اللافت أن القرار الحالي يستند إلى قرار سابق أصدرته محكمة التمييز وقد اعتبرت فيه أن النزاع الدائر حول صحة القرار التحكيمي هو نزاع يستقل عن القضية التحكيمية وبالتالي فهو يقبل الطعن على حدة. والقرار الحالي موضوع هذا التعليق يندرج في نطاق هذا الاجتهاد الجدي الذي سارت عليه الغرفة الخامسة .

وقد ورد في القرار المذكور ما پانی: وحيث أنه فيما خص الشق الأول المتعلق بصحة القرار التحكيمي يعتبر الفرار المطعون فيه قرارة نهاية عامة في النزاع  القائم حول هذه السمة بالذات وهو موضوع مستقل تماما عن موضوع التحكيم، ذلك أن محكمة الأمطاف لا تضع يدها على المراة التحكيمي بمقتضى الأثر الساحب الطعن طالما أن القرار التحكيمي لا يقبل الاستئناف أصلا، فهي تضر بطلان القرار التحكيمي وهو نزاع يختلف في موضوعه تماما عن الدعوى التحكيمية

فطالما أنا أمام نزاعين مختلفين وأن أي قرار يصدر في الموضوع الأول هو نهالي قابل للطعن فإن ولاية محكمة التمييز تكون مقتصرة على ما فعت فيه محكمة الأسعاف عندما ردت طلب الابطال ولا يجوز لها إذا نقضت الفرار أن نظر في موضوع لم يكن قد مر على محكمة الإداف فيتعين عليها أن تعيد القضية إلى محكمة الاشاف نبت فيها كما أكنه هذا القرار المعلق عليه.

ج- إن هذه الإحالة تضمن حقوق الفريقين وتحفظ بدأ القاضي على درجين الذي هو أساس القيود الموضوعة على مبدأ الاختصاص الشامل في مرحلة ما بعد النقض وأساس القاعدة التي أقرتها المادة ۹۱۰أ.م.م. وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أن تصور قرار يقضي في الدرجة الأولى ويحكم قطعي وميرم بقضية تحكيمية سيكون أمرا صعبة وحاقی کل منطق سليم خاصة وأنه يتعين على محكمة التمييز أن تلتزم حدود العقد لاحد القانون فحسب. إن الأخذ بذلك التصور وإيفاء ذلك الحكم دون رقابة إنما هو شعور خطير يقتضي تجنبه. وأنه إذا كان صحيحا أنه قد يحدث فيما إذا كان القرار التحكيمي يقبل الاستئناف في حالة معينة، إلا أن هذه الحالة تعد نادرة ولا توجد حاجة لتعميم الاستثناء وتغليب المحظور تحويله إلى قاعدة يلحظها منطق التشريع أصلا

هذا الدور الضامن للحقوق ليس جديدة على القضاء اللبناني وإنما هو في نفس السياق الذي انتهجته الغرفة الثالثة لدى محكمة التمييز في قرارين صدرا في تاريخ واحد، وتبعتها بذلك بعض محاكم الأساس في قرارات حديثة، وهو على المحكمة باستعادة القرار عند وجود خطأ أصولي وقعت به المحكمة ولا ينسب إلى طالب الأستعادة)، وذلك بعد أن كانت الهيئة العامة لدى محكمة التمييز أن رفضت هذا النهج ). فإذا كانت استعادة القرار تشتم من قبل المحكمة نفسها بعد اتبرام القرار وخروج القضية من يدها وذلك تحقيقا للعدالة وضمان الحقوق برفع الظلم، فإن إعادة الملف الذي قررته الغرفة التمييزية الخامسة قد تم إلى المحكمة الاستئنافية نفسها للفصل في أساس القضية التحكيمية وفي حدود المهمة المعينة للمحكم، وقد يحقق الخصوم على غير ذلك المادة ۸۰۱ أ.م.م.) وفي ذلك، كما نبين، تحقیق أفضل للعدالة بضمان التقاضي على درجتين في منازعتين مختلفتين، الأولى، الطعن بالقرار التحكيمي، والثانية، الطعن بالقرار الأستئنافي، والذي لا تتولى فيه المحاكم العدلية سوى حق الرقابة كما سنبين ذلك:

د- إن في إعادة الملف إلى محكمة الاستئنافي المشار اليه ميزة أساسية هي أن يعود حث أساس الماء إلى المحكمة الطبيعية المختصه بفصله. فهذه المحكمة - وهو ما نركز عليه في هذا التعليق وما اتجاه القرار موضوعه - هي اصلا محكمة الأساس، ومن الطبيعي ان تكون المحكمة العليا في المحكمة المختصة للبحث في ذلك في نظام قانوني ماهی القانوني اللبناني يقوم على أساس مبدأ التقاضي علي درجتين ولا في أساس القصة هي المحاكم الموضوع وأن لا ينتهي هذا الفصل نمي في الحالة الراهنة من المشرع إلا بعد تقضي المحكمة العب قرار الاثني، ولكن بعد أن نكون المحكمة الأولى قد فعلت في الأساس، وفي قن أيضا ضمانة حنية للحقوق.

ه - إن دور القضاء الرسمي في التحكيم وهو أمة تقافي، هو دور الرقابة وحسب، أما من خلال طرق الطعن بالقرار التحكيمي والتي تمت عليها قوانين أصول المحاكمات المدنية، وأما من خلال منح أو عدم منح القرار التحكيمي الصيغة التنفيذية ووفقا لتلك النصوص. من هنا وجه الاختلاف بین هذا الدور القضاء في القضايا التحكيمية عنه في القضايا العادية الأخرى، حيث يمارس ذلك القضاء السلطة الكاملة في تحقيق الدعاوى والحكم فيها على النحو الذي أشارت إليه أحكام المادة الأولى من قانون نحول المحاكمات المدنية، وهو ما ارتكز إليه الفرار موضوع التعليق. جاء في القرار:

حيث أنه لا يجوز لهذه المحكمة العليا بالقات ن ثبت في موضوع التراع التحكيمي في مرحلة ما بعد النقض وبالاستناد إلى المادة 34 م. م لأن هذه المحكمة تستمد ولايتها في فلك من ولاية محكمة الاتف النی أصدرت القرار المفوض، ومحكمة الاسعاف لم تكن قد وضعت بنها على النزاع التحكيمي لا يفعل المفعول الناشر ولا عن طريق التعني إنما بقي دورها محصورا في البيت بصحة القرار التحكيمي في هذه المرحلة الأولى خلافا لما هو الاسعاف العادي الذي نال الأحكام القضائية أو القرارات التحكيمية وسواء بنت بهذه الصحة سليا أو إيجابية فإنها تصدر قرارا بغل طايع نهائي يخضع لمراجعة تميزية لها الطابع المستقل فاته، وهي لا ترقی المنازعة التحكيمية إلا في مرحلة لاحقة لا علاقة لها أبدأ بالأولى .

قد يؤدي إلى بطلان هذا القرار باعتبار أن المحكمة العليا قد قضت بأن القرار التحكم المطعون فيه لپس باطية مما يفرض نقض القرار الأستانا في المخالف لهذه الوجهة, ففي هذه الحالة وحسب ترتفع پد المحكمة الاستئنافية فسرة عن متابعة النظر في النزاع لاصطدامها بقرار تمییز میرم قضى بصحة القرار الحكومي المسلمون فيه مما يفرض إنهاء النزاع في القضية أمام القضاء، بينما في الحالة الأولى التي فصلت بها المحكمة الاستئنافية في القرار موضوع هذا التعليق، لم تتعرض المحكمة الاستئنافية أصلا إلى اساس القضية التحكيمية حتى يقال بأنه يقتضي أن ترفع يدها عنه نسرة، فهي لم تنظر بعد في ذلك النزاع.

III- الطبيعة القانونية للقرار التمييزي تكمن في هذا المصطلح الذي استعملته المحكمة في فقرتها الحكمية وهو «إحالة الأوراق، إلى محكمة الاستئناف للنظر في موضوع المنازعة، هل هو إحالة بالمفهوم القانوني للكلمة أم أنه مجرد إعادة الملف، وفق المصطلح الذي استعملته المحكمة العليا نفسها في معرض تسببها للقرار؟

إن كلمة إحالة قد وردت في بعض نصوص قانون أصول المحاكمات المدنية، كما في الإحالة الإدارية من الغرفة الابتدائية إلى القاضي المنفرد أو العكس، عندما يعود الاختصاص إلى أي منهما، شرط أن يكونا تابعين الى حكم التحكيم.

 الإحالة بالمفهوم التقني المصالح، و كما عرفتها القوانين التي كر مست هذه المؤسسة فهي في النظام القانوني الفرنسي أن تحول إلى محكمة استئنافية اسرى، ويشترط أن تكون المحكمة المحال إليها هي من نفس درجة ومن نفس مطبوعة المحكمة التي نقض قرارها، وقد تكون الإحالة إلى نفس المحكمة ولكن بشرط أن تشكل من أضاة هم غير اضاة المحكمة الأولى، إلا إذا وجد نص مخالف والمادة ۱۲۹ من قانون أصول المحاكمات المدنية الفرنسية الجديد، وهو نفس نص المادة ۱۳۱4) من قانون التنظيم القضائي)). وفي مطلق الأحوال إن الشرط الأساسي في ذلك هو أن لا يكون أي من القضاة الذين سبق أن شاركوا في المداولة والمذاكرة في المحكمة التي تقضي قرارها لا کرئیس لتلك المحكمة المحال إليها أو كمستشار لديها.

فالمحكمة العليا، في هذه المؤسسة، لا يعود لها أن تحكم في أساس النزاع، وإنما ينحصر دور ما في الرقابة على مدى احترام المحكمة الاستئنافية للقانون وحسن تطبيقه، فالمحاكمة هي أصلا على درجتين وليس ثلاث. كما أنه لتحريك المحكمة المحال إليها لا بد طبيعية من نحرك أطراف النزاع باتخاذهم المبادرة بانعقاد المحكمة وذلك في مهلة أربعة أشهر تبدأ من تاريخ تبلغ قرار النقض (المادة ۰۳4 (أ.م.م.ف) والا اكتسب الحكم الصادر بالدرجة الأولى قوة القضية المحكوم بها عندما يكون القرار الذي نقض كان قد صدر بمناسبة استئناف ذلك الحكم المادة ۱۰۳4 فقرة ۲ والمرسوم رقم ۸۰-۱۳۳۰ تاریخ ۱۷ كانون الأول ۱۹۸۰)، والأمر هو نفسه في الحالة التي تقرر فيها المحكمة المحال إليها عدم قبول الطلب. وقد نظمت المواد ۱۰۳۲ إلى ۱۰۳۷ وكذلك المواد ۹۳۱ إلى 137 من قانون أصول المحاكمات المدنية الفرنسية الجديد الاجراءات التي يقتضي اتباعها أمام المحكمة المحال إليها: طريقة تحريك تلك المحكمة، والأشخاص الذين يحق لهم تقديم الطلب والجهة التي يقدم إليها وهي أمانة سر المحكمة المحال إليها، ومشتملات ذلك الطلب وما إذا كان التدخل جائزة في هذه المرحلة، والأشخاص الذين يحق لهم ذلك، ومدى اختصاص المحكمة المحال إليها، وما إذا كان من الجائز تقديم طلبات أو أسباب قانونية جديدة أمامها، وما إذا كان لهذه المحكمة أن تأخذ بعين الاعتبار الوقائع اللاحقة القرار النقض يكون لها تأثير على الحل الذي سيعطى في القضية وما إذا من الجائز التقدم باستئنافات تبعية.

والملفت أن هذه المرحلة تخضع للقواعد الآتية:

- أن المحكمة المحال إليها ليست ملزمة بالامتثال إلى الاتجاه الذي قررته محكمة التمييز التي نقضت القرار الاستنافي السابق إلا في الحالة التي يكون فيها القرار التمييزي قد صدر عن الهيئة العامة لدى هذه المحكمة كما ستری، وذلك في الحالة التي يتنازع فيها موقف المحكمة المحال إليها مع موقف محكمة التمييز التي نقضت القرار الأول. فالقاعدة هنا هي حرية المحكمة المحال إليها أولا في فصل النزاع مجددة أو بالاتجاه الذي تريد.

- إن قرار الإحالة لا يتمتع بقوة القضية المحكمة، فلمحكمة التمييز أن تستعيد قرارها بالإحالة، فقرار الإحالة هو اداري ويصنف بالقرار التصحيحي Rectificatif

- إن المحكمة المحال إليها لا تملك أن تحيل بدورها الدعوى مجددا إلى محكمة أخرى، إذ أنه لا إحالة على الإحالة ولأي سبب: كالتلازم أو سبق الادعاء، Renvoi sur renvoi ne vaut)

وهذه القاعدة هي من النظام العام، والمحكمة المحال إليها عندما تقرر الإحالة الجديدة تكون بذلك قد تجاوزت حدود السلطة العائدة لها).

- إن للمحكمة المحال إليها، وذلك عملا بقاعدة حرية قاضي الإحالة وتحرره في المرحلة الأولى من فرار محكمة التمييز، أن توگد. النار الذي تم نفهمه، ولكن ليس لها أن تكتفي بتبني ذلك القرار والاحاله اليها.

- إنه في الحالة التي تتنازع فيها المحكمة المحال إليها .. محكمة التمييز باتخاذها الموقف نفسه الذي سبق أن أختمانها الاستثنائية الأولى التي نقض قرارها، يكون مرجع العلم بذلك القرار هر العامة لدى محكمة التمييز بعد إلغاء قانون 3 تموز سنة ۱۹۹۷ لما سمي بالغرف مجتمعة، وهي المرجع الذي كان صالحا قبل ذلك التاري الطعن، وقد كانت تؤلف من ممثلين عن كافة الغرف لدى المحگ وقد تبني قانون التنظيم القضائي الفرنسي (القانون رقم ۲۲ السنة و تاریخ 3 كانون الثاني سنة ۱۹۷۹) نفس الحل، أن عقد الهيئة العامة في الحالة هو إلزامی وفق ما نصت عليه المادة ۲۰۱۳۱ فقرتها الثانية من القانون وذلك عندما يكون القرار الذي أصدرته المحكمة المحال إليها نقض القرار أو الحكم الأول قد طعن فيه للأسباب ذاتها.

وعلى المحكمة التي تحال إليها الدعوى ثانية بعد النقض ثانية حرة أي تخضع إلى ما قضت به الهيئة العامة والمذهب الذي اعتمدته .

ولكن هذا الامتثال هو محدد: أن تلتزم هذه المحكمة الأخيرة بما وضعته الهيئة العامة من حل للنقاط والمسائل القانونية، بمعنى أن المحكمة المحال إليها ثانية تبقى حرة في تفسير الوقائع أو تعديل الاستنتاجات وإعادة تقرير الوقائع التي احتواها القرار الذي جرى نقضه.

وفي هذا الإطار تقتضي الإشارة إلى أن نظام الإحالة المشار إليه قد کرسته بعض القوانين العربية، كالقانون المصري مثلا. فالمحكمة التي يعهد إليها بنظر القضية مرة ثانية بعد نقض القرار الاستئناف هي عادة المحكمة الاستئنافية التي نقض قرارها، ولكن يبقى لمحكمة النقض أن تحيل إلى محكمة استئنافية أخرى). على أن جانية من الفقه المصري يرى بأن الإحالة في القانون الفرنسي تكاد تكون مطلقة. فمحكمة التمييز الفرنسية، حسب هذا الاتجاه، لا تملك إعادة النظر في الموضوع بأي حال من الأحوال، أي حتى ولو كان النقض للمرة الثانية، بينما في القانون المصري يسمح لمحكمة النقض المصرية بالتصدي للموضوع متى كان ذلك الموضوع جاهزة وصالحة للفصل فيه على أثر النقض أو متى كان الطعن هو للمرة الثانية . بيد أنه، 

وإن كان لا يعود للمحكمة العليا الفرنسية أن تبحث اطلاقة في أساس النزاع - عکس مجلس شورى الدولة عند النقض أو قضية أخرى كمحكمة التمييز اللبنانية بعد النقض - أو أن تحل فرارها محل القرار الذي تنقضه - وهنا تكمن الفلسفة من إطلاق مبدأ الإحالة في ذلك القانون - إلا أننا لا نرى اختلافا بين صلاحية محكمة التمييز الفرنسية والنقض المصرية الجهتين:

إنه يعود إلى كل من المحكمنين أن تأخذ بالإحالة وذلك عندما لا يفی  عندما يكون بالإمكان إخضاع الوقائع التي استخلصها قاضی القانون مباشرة. والسؤال الذي يطرح نفسه بعدما تقدم هو

أي في الإحالة في القرار موضوع التعليق؟ وهل أن في المسألة إحالة أم وإعادة أي إرجاع الملف إلى المحكمة الاستئنافية نفسها للفصل في موضوع المنازعة التحكيمية؟

إن قرار الإحالة، كما بينا، هو قرار إداري لا يتمتع بقوة القضية المحكوم بها، وبالتالي يعود للمحكمة التي قررته أن تستعيده فيكون قرارها تصحيحها.

أما قرار الإعادة، الإرجاع، فهو قرار قضائي يتمتع بقوة القضية المحكوم بها لمنوره عن محكمة لا تقبل قراراتها بصراحة المادة ۷۲۲أ. م. م. أي طريق من طرق المراجعة و بالتالي لا تستطيع هذه المحكمة استعادته أو الرجوع عنه. وأن المحكمة التي يعاد إليها الملف لم تبحث أساسا في موضوع الدعوى في أعيد ملقها إليها لكي تبحث في إحالة وإنما اكتفت المحكمة في حالة لإعادة برد الطعن الذي وجه ضد القرار التحكيمي كما تبين.

كذلك فإنه لا يطلب من هذه المحكمة إعادة النظر في الموضوع - إذا لي من فصل في الموضوع للمرة الأولى - ولا في الحل الذي سبق لها أن أعته في مسألة إيطال القرار التحكيمي، وإنما هي أمام قرار میرم قضى بالإبطال ويتبع منها بعد ذلك أن تفصل في موضوع القضية التحكيمية دون تجاوز بعد أن أبطلت المحكمة العليا القرار التحكيمي، يضاف إلى ذلك بأن الإحالة بمفهومها الصحيح تفترض، كما في النظام القانوني الفرنسي، أن تتم إلى محكمة الاية ثانية من تفسی درجة وطبيعة المحكمة الأولى التي أصدرت القرار أو إلى نفس المحكمة شرط أن تكون مؤلفة من قضاة آخرين كما سبق ويتنا، لا أن تم إلى نفس المحكمة بقضاتها الأساسين فالمحكمة التي نقض قرارها قد سبق لها أن فصلت في موضوع النزاع وليس من المنطقي أن يطلب من نفس المحكمة أن تعيد النظر في ذلك. بينما الإعادة التي أطلقتها الغرفة التميزية الخامسة في إعادة الملف إلى نفس المحكمة ودون أن يطلب منها إعادة النظر في القضية، فهي لم تنظر في أساسها ابتداء كما تبين.

إن الاحالة شيء والإعادة شيء آخر. الإحالة يشترط لاعمالها وجود نص قانوني بتكريسها، أما الاعادة (إعادة الأوراق التي قضت بها المحكمة العليا فإنه لا يوجد نص قانوني يحول دون إعمالها، بل على العكس، أن التحليل للنصوص القانونية النافذة في قانون أصول المحاكمات المدنية فيما خص مدى ولاية محكمة التمييز في النزاعات المتعلقة بالتحكيم، كما المنطق القانوني السليم، يفرضان الأخذ بالاعادة كما سبق أن أوضحنا.

بالنتيجة إن هذا القرار يدفع إلى الواجهة بمسألة أساسية أشرنا إليها في المقدمة، وهي مسألة الأخذ بالاحالة كمؤسسة ضرورية وعامة في القانون اللبناني وذلك بتعديل نصوص قانون أصول المحاكمات المدنية لهذه الجهة. والسؤال الذي نطرحه في هذا الإطار هو الآتي: ألم يحن الوقت لتحويل الإعادة التي قررتها الغرفة التمييزية الخامسة إلى الاحالة بمفهومها التقني كما جرى عرضه؟

قد يكون التحكيم هو أقل المؤسسات القانونية التي ستستفيد من هذا الطرح، إذ أنه في التحكيم المطلق، وهو التحكيم السائد في لبنان، يكون القرار الأكافي الصادر بتيجة الطعن ضد القرار التحكيمي لا يقبل التمييز إلا في حال أبطلت محكمة الاستئناف القرار المذكور (المادة 804 فقرة 4 من القانون رقم 445 تاریخ ۸/۱/ ۲۰۰۲). ولكن تبقى الحاجة في الحالات الأخرى إلى تكريس هذه المؤسسة. إذ يقتضي أن ينصرف اهتمام المحكمة العليا وينحصر في القانون دون أن يصار إلى ارهاقها بنشر الدعوى والتعرض الأساس الحق بعد تقض القرار المستأنف

كتب الأستاذ نصري دياب في هذا الصدد:

ايمكن البحث عن حل لمشكلة ارتفاع عدد القضايا المطروحة على المحكمة العليا من خلال العودة إلى مبدأ أساسي: من الضروري أن يقی الطعن عن طريق التميز طريقة استثنائية بالمعنى الدقيق للعبارة، وأن تبقى محكمة التمييز حقا المحكمة العليا، بشكل لا يكون فيه التمييز درجة ثالثة القاضي... إن من شأن ادخال الاحالة على نظام المحكمة العليا اللبنانية أن يعطي هذه المحكمة دورها الحقيقي وهو حراسة القانون بعد تحريرها من موجب البت في القضية برمتها. فيكون القرار الصادر عن محكمة التمييز قد جاء على شكل تحريض Arret de provocatoin لبحث المشترع على ادخال تعديل جلري على آلية التمييز...)