الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / أنواع أحكام التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 3 / القضاء الكويتي يدعم التحكيم.. رفض الطعـن في أحكام مركز التحكيم الخليجي

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 3
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    1

التفاصيل طباعة نسخ

في تطور يتوافق وتطور التشريعات القانونية والأحكام القضائية فـي الـدول المتطورة والمنفتحة اقتصاديا، أوصد القضاء الكويتي على المتعاملين بالتحكيم العودة من الباب الخلفـي لعرض مواضيع ثم الفصل فيها بحكم تحكيمي بغرض عرضها مرة أخرى على القضاء، ويهـذا يكون القضاء قد غلب مبدأ سلطان الإرادة وانه هو الحاكم النزاع

فقد أصدرت محكمة التمييز حكمها في الطعـن رقـم 668 لسنة 2006 تجـاري بتاريخ 2008/2/10 حكماً في الطعن الذي نعي فيه الطاعن على الحكم بالبطلان لصدوره باسـم مـلـك البحرين على الرغم من عقد جلساته بمدينة الكويت، وتطبيق أحكام قانون المرافعات الكويتي فيما لم برد بشأنه نص في لائحة إجراءات مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون أو مشارطة التحكيم. فقد أكد الحكم أن هذا السبب ليس من أسباب بطلان الأحكام التي وردت في المادة (36) من لائحة إجراءات التحكيم أمام المركز المذكور والتي وردت حصرا في الحالات التالية: أ- ما إذا كان قد صدر دون وجود اتفاق للتحكيم أو بناء على اتفاق باطل أو سقط بتجـاوز الميعاد أو إذا خرج المحكم عن حدود الاتفاق، ب- إذا صدر الحكم من محكمين لم يعيتوا طبقاً للقانون أو صدر من بعضهم دون أن يكونوا مأذونين بالحكم في غيبة الآخرين أو صدر بناء على اتفاق تحكيم لم يحدد فيه موضوع النزاع أو صدر من شخص ليست له أهلية الاتفاق على التحكيم.

وبما أن دولة الكويت قد وافقت على نظام المركز ولائحة إجراءاته بالقانون رقم (14) لسنة 2002، ومن ثم فقد أصبح قانوناً من قوانينها واجب التطبيق، وبالتالي فإن الأحكام التي يصدرها مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون نهائية ولا يطعن فيها إلا بالبطلان وفقا للحـالات المنصوص عليها حصريا بالمادة (36) سالفة البيان. وليس من بينها صدور الحكم وفقاً لإجراءات شكلية كصدوره باسم ملك البحرين على الرغم من أن التحكيم جرى بدولة الكويت وان قانون المرافعات الكويتي واجب التطبيق فيما لـم يـرد بشأنه نص في لائحة إجراءات مركز التحكيم الخليجي، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحي النعي عليه بهذه الأسباب على غير أساس.

والجدير بالذكر بأنه بموجب عقد مقاولة من الباطن أسند المطعون ضده للطاعنة تنفيذ أعمال الخدمات الرئيسية بالمشروع سالف البيان وبالشروط المدينة بالعقد وصحيفة الدعوى، إذا قامت الطاعنة بتنفيذ عقد مقاولة الباطن وأنجزت ما عليها من التزامات، إلا أن المطعون ضده لم ينفذ التزاماته قبلها ولم يسدد لها كامل مستحقاتها، وإزاء ذلك فقد اتفقا على اللجوء إلى هيئة التحكيم التابعة لمركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي الكائن مقره بمملكة البحرين التفصل في النزاع بينهما، كما اتفقا في مشارطة التحكيم على أن يطبق القانون الكويتي على الطلبات محل النزاع، وأن تعقد جلسات التحكيم بمدينة الكويت، وتخضع إجراءات التحكيم لقواعد وأحكام مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون ولقانون المرافعات الكويتي فيما لم يرد بشأنه نـص فـي المشارطة، وإذ عرض النزاع على هيئة التحكيم المختصة بالنزاع وعقدت جلساتها بمدينة الكويت حتى أصدرت حكمها في النزاع، ومن ثم طعنت فيه الطاعنة بدعوى البطلان الحاليـة بطلباتهـا الواردة بصحيفة الطعن.

وحيث أن الطعن أقيم على عشرة أسباب تنعي الطاعة بالأسباب من الأول إلى السابع منهـا على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت في دعواها ببطلان حكم التحكيم الصادر من هيئة التحكيم التابعة للمركز التجاري لدول مجلس التعاون لصدوره باسم صاحب الجلالة ملك البحرين باعتبـار أن مركز التحكيم المذكور مقره مملكة البحرين، على الرغم من أن جلسات التحكيم عقدت بمدينـة الكويت طبقا لاتفاق الطرفين، كما انهما اتفقا بمشارطة التحكيم على تطبيق القانون الكويتي علـى تصفية الحساب بينهما وبإتباع إجراءات قانون المرافعات الكويتي فيما لم يرد بشأنه نـص فـي المشارطة، وهو ما كان يوجب على هيئة التحكيم إصدار حكمها باسم صاحب السمو امير الكويت، باعتبار ذلك من الأمور المتعلقة بالنظام العام واجب الإتباع إعمالا للمـادة ( 53) من الدستور الكويتي والعادة (15) من قانون تنظيم القضاء الكويتي، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بإلغاء حكم أول درجة ورفض دعوى البطلان، على أسباب بطلان حكم التحكيم الذي يصدر من هيئة التحكيم التابعة لمركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون سالف الذكر وردت على سبيل الحصر في الفقرة الثانية من المادة (36 ) من لائحة إجراءات مركز التحكيم المذكور والتي وافقت عليهـا دولة الكويت بالقانون رقم( 14) لسنة 2002 بما تعتبر معه هذه اللائحة وقد أصبحت قانونسا مـن قوانين الكويت التي تحكم واقعة النزاع متلفتا بذلك عن إعمال لحكم المادتين ( 53) من الدستور و (15) من قانون تنظيم القضاء المشار إليه سلفا، ومهدراً بذلك تطبيق أحكام قانون المرافعـات الكويتي الذي اتفقا على تطبيقه في مشارطة التحكيم، مما يعيبه ويستوجب تمييزه.

وردت المحكمة قائلة .. بأن هذا النعي مردود ذلك أن النص في المادة الأولى مـن نـظـام مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون، على انه ينشأ مركز تحكيم بدول مجلس التعـاون لدول الخليج العربية ..." والمادة الثانية على أن يختص المركز بالنظر في المنازعات التجارية بين مواطني دول مجلس التعاون أو بينهم وبين الغير سواء اكانو أشخاصاً طبيعيين أو أشخاصاً معنويين ..." وفي المادة الثالثة على أن يكون مقر المركز في دولة البحرين" والنص في الفقرة الأولى من المادة 13 من ذات النظام على أنه "أ- يجري التحكيم وفقا لقواعد لائحـة إجـراءات مركز التحكيم ما لم يرد نص مغاير في العقد وكان النص في المادة 36 من لائحـة إجـراءات التحكيم أمام المركز المذكور على انه "

1- يكون الحكم الصادر من الهيئة وفقا لهذه الإجـراءات ملزماً ونهائيا" وتكون قوة النفاذ في الدول الأعضاء في مجلس التعاون بعد الأمر بتنفيذه من قبـل الجهة القضائية .

2- على الجهة القضائية المختصة الأمر بتنفيذ حكم المحكمين ما لم يتقدم أحـد الخـصوم بطلب لإبطال الحكم وفقاً للحالات التالية حصراً: أ - إذا كان قد صدر دون وجود اتفاق للتحكيم أو بناء على اتفاق باطل أو سقط يتجاوز الميعاد أو إذا خرج المحكم عن حدود الاتفاق - ب- إذا صدر الحكم من محكمين لم يعينوا طبقاً للقانون أو صدر من بعضهم دون أن يكونـوا مـأذونين بالحكم في غيبة الآخرين أو صدر بناء على اتفاق تحكيم لم يحدد فيه موضوع النزاع أو صـدر من شخص ليست له أهلية الاتفاق على التحكيم " يدل على أن دول مجلس التعاون الخليجي اتفقت فيما بينها على إنشاء نظام تحكيم خاص للفصل في المنازعات التجارية فيما بين مواطنيها وبينهم وبين الغير - ويسري هذا النظام على الأشخاص المعنويين أيضا، وجعلوا مقر مركز التحكيم بمملكة البحرين ، وأن الأحكام الصادرة من هذا المركز تكون وفقا لأحكام لائحة إجراءاته ونهائية ولا يطعن عليها إلا بالبطلان وفقاً للحالات المنصوص عليها حصرياً بالمادة 36 /2 من لائحـة إجراءات تحكيم المركز سالفة البيان.

ولما كانت دولة الكويت قد وافقت على هذا النظام بالقانون رقم 14 لسنة 2002 ومن ثم فقد أصبح قانونا من قوانينها واجب التطبيق، ولما كان الحكم المطعون فيه قد رفض دعوى الطاعنة ببطلان هذا الحكم لصدوره باسم ملك البحرين على أن أسباب بطلان الحكم التي وردت بالمـادة 36 المذكورة وردت على سبيل الحصر وليس من بينها ما تمسكت به الطاعنة بهذا النعي، ولا ينال من ذلك الاتفاق على عقد جلساته بمدينة الكويت وتطبيق أحكام قانون المرافعات الكويتي فيما لم يرد بشأنه نص في لائحة إجراءات مركز التحكيم التجاري سالف الذكر أو مشارطة التحكيم، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحي النعي عليـه بهذه الأسباب على غير أساس.

ويلاحظ أن هذا الحكم قرر أن حكم التحكيم لا يلتزم بالشكليات التي تلتـزم بـهـا الأحكـام القضائية بشكل عام الصادرة من القضاء الكويتي، فلم يوجب على حكم التحكيم المطعـون عليـه بان يصدر باسم صاحب السمو كما هي الأحكام القضائية.

ولا شك في أن هذا التطور هو اتجاه محمود في إعفاء الأحكام التحكيميـة مـن الالتـزام بالشكليات المقررة في قوانين المرافعات المدنية، مما يقلل من أسباب الطعـن بـالبطلان علـى الأحكام التحكيمية، وبالتالي فهي داعمة للتحكيم كطريق استثنائي يخفف على القضاء ويزيل عـن كاهله هذا الكم الرهيب من القضايا المعروضة عليه، كما انه يتوافق مع المبدأ السامي المسيطر على التحكيم وهو التسليم بمبدأ سلطان الإرادة التي اختارت سلوك طريق التحكيم بدلا من اللجوء إلى القضاء، وبالتالي احترام إرادة الأطراف في إبعاد الأحكام – التي يسعون للحصول عليهـا عن الالتزام بالشكليات غير الجوهرية في الأحكام والتخفف من قيود قوانين المرافعات الوطنية.