الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / أنواع أحكام التحكيم / الكتب / التحكيم الاجباري كوسيلة لفض المنازعات في سوق الاوراق المالية دراسة مقارنة حول مدى دستوريته / انواع احكام التحكيم

  • الاسم

    صالح راشد الحمراني
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    390

التفاصيل طباعة نسخ

انواع احكام التحكيم

اولا: الحكم المؤقت

أحيانا يمكن الوصول إلى اختصار الوقت والنفقات عن طريق تجزئة النزاع إلى مسائل منفصلة وإصدار حكم مؤقت في مسألة أولية.

إلا أن هذا الوضع لا تسمح به جميع التشريعات، فالقانون الكويتي مثلاً يستبعد التحكيم في المسائل المستعجلة أو اتخاذ إجراءات وقتية تتعلق بموضوع النزاع على النحو الذي حدده أطرافه ما لم يتفقوا صراحة وعلى خلاف ذلك نص القانون المصري الصادر عام 1994 بشأن التحكيم على سلطة المحكم في إصدار أحكام مؤقتة وذلك في المادة 42 منه إذ نصت على أنه: «يجوز أن تصدر هيئة التحكيم أحكاماً وقتية أو في جزء من الطلبات وذلك قبل إصدار الحكم المنهي للخصومة كلها».

كذلك، نصت المادة 3/22 من قانون التحكيم المصري على أن لهيئة التحكيم سلطة الفصل في الدفوع المشار إليها في الفقرة الأولى من هذه المادة قبل الفصل في الموضوع، أو أن تضمها إلى الموضوع لتفصل فيهما معاً فإذا قضت رفض الدفع، فلا يجوز التمسك به إلا بطريق رفع دعوى بطلان حكم التحكيم المنهي للخصومة كلها، وفق المادة 53 من هذا القانون». فإذا أنه بحسب القانون الكويتي، أن محكمة التحكيم لا تملك بدون موافقة أطراف التحكيم ان توصي أو تأمر بأي إجراء وقتي أو مستعجل قبل إصدار حكمها، ولذا كان على أي طرف يرغب في حماية نفسه أن يقدم طلباً للمحكمة المدنية المختصة للحصول منها على الأمر القضائي للازم بموجب قواعد المحكمة العادية، فإذا رغب أطراف النزاع في إعطاء الاختصاص للمحكمة التحكيمية بإصدار أمر أو حكم مؤقت، وجب عليهم النص صراحة على ذلك في اتفاق التحكيم.

ولقد عنيت بعض القوانين الوضعية بالنص صراحة على منح المحكمين هذه الحرية، ولكن بقيود معينة، فالقانون الدولي السويسري الأخير نص في وبحثنا سيتناول هنا حكم المحكمين الصادر في الخصومة موضوع التحكيم، إما كقرار وقتي - عارض - أثناء النظر في النزاع، وإما كقرار يضع حلا للمنازعات بين الأطراف المتنازعة والذي قد يكون ملزماً لها، فينفذ رأسا، إذا أعطي الصيغة التنفيذية. وقد يكون قابلا للطعن عليه أمام المحاكم الوصفة

المختصة.

بكلام أوضح إن المحكم يملك أصلاً إصدار مختلف أنواع الأحكام فهو يملك إصدار أحكام قطعية أو غير قطعية ووقتية ويملك إصدار أحكام قبل الفصل في الموضوع كإصدار أحكام تتعلق بسير الإجراءات أمامه أو تتعلق بإثبات الدعوى، أي أن له سلطة إصدار أي حكم يتفق مع حقيقة مطلب أطراف التحكيم وينطبق على أسس قانون أصول المحاكمات. فمثلاً إذا قدم له خصم طلب وقتي، كان له أن يصدر فيه حكماً وقتياً، وإذا قدم إليه خصم بطلب فرعي كان له أن يصدر فيه حكمه كذلك، شرط أن يكون كل هذا متعلقاً بالنزاع المتفق عليه في التحكيم ، أما إذا احتوى الحكم على مسألة قانونية، فإنه يحيلها إلى المحكمة المختصة لإصدار حكم فيها .

وهذا، يعطي القانون للمحكم سلطة اختيار نوع الحكم الذي يراه مناسباً لظروف القضية المعروضة أمامه، وعليه هو أن يحسن بالاختيار، لأنه إن أساء في ذلك، جره عن غير قصد إلى صعوبات قد تؤدي إلى تأخير البت بالنزاع ويضيع القصد من اللجوء إلى التحكيم .

وعليه، فإن الأحكام التي يصدرها المحكم تتوزع بين الحكم المؤقت والحكم الدائم وأحكام أخرى ، سوف نتناولهم بالدراسة في المطالب الثلاثة الآتية:

أما على الصعيد الدولي، فتبين أن المادة 26 من قواعد تحكيم لجنة الأمم المتحدة الخاصة بقانون التجارة الدولي، وهي المعدلة عن قواعد تحكيم لجنة من الأمم المتحدة الخاصة بالتجارة الدولية عام 1976، وقد تم تبنيها اعتباراً 1983/5/9)، هذه المادة (26) تنص على أنه بناء على طلب أحد طرفي تاریخ النزاع، فإن المحكمة التحكيمية قد تتخذ إجراءات مؤقتة تراها ضرورية لموضوع النزاع بما في ذلك الإجراءات الخاصة لحفظ البضاعة التي تشكل موضوع كالأمر مثلاً بإيداعها لدى طرف ثالث أو بيع البضائع القابلة للتلف.

إن مثل هذه الإجراءات يمكن أن تكون بشكل حكم مؤقت وقد تطلب المحكمة التحكيمية ضماناً تأمينياً في مقابل تكليف تلك الإجراءات. كما أن الطلب الذي يقدمه أحد أطراف النزاع إلى سلطة قضائية لاتخاذ إجراءات

مؤقتة لا يعتبر مخالفاً لاتفاق التحكيم أو أنه تنازل عن تلك الاتفاقية.

يذكر أن القانون النموذجي على خلاف بعض القوانين الوطنية قد خول المحكمة التحكيمية، ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك اتخاذ الإجراءات المؤقتة الخاصة بالحماية إذا طلبها أحد أطراف النزاع .

وهكذا يلاحظ أن الأصل في التشريع الكويتي هو استبعاد الأحكام المؤقتة مع جواز الاتفاق على خلاف ذلك، بعكس بعض التشريعات الأخرى التي تجيز للمحكم إصدار أحكام مؤقتة إلا إذا اتفق الأطراف على خلاف ذلك، وهو موضوع مقلوب، نرى أن تصحيحه يعتبر إنسجاماً مع الدولي في هذا الشأن، كما صارت الإشارة إليه قبل قليل.

من جهتها، عنيت بعض أنظمة التحكيم الدولية بالنص على سلطة المحكم في إصدار الحكم المؤقتة مثل المادة 1/21 من نظام التحكيم الخاص بغرفة التجارة الدولية في باريس.

المادة 188 منه، على أن «لمحكمة التحكيم أن تصدر أحكاماً غير نهائية أو جزئية، ما لم يوجد اتفاق مخالف».

وهذا ما يؤكده كل من قانون أصول المحاكمات الهولندي (المادة 1955) والقانون البلجيكي (المادة (1699) بالمقابل نجد أن المادة 14 من قانون التحكيم البريطاني لعام 1950، تعتبر حق المحكم أو المرجح في إصدار حكم مؤقت بمثابة شرط ضمني في كل اتفاقية تحكيم إذا رأى مناسبة لذلك، ما لم يوجد بين طرفي المنازعة شرط مخالف. ومثال ذلك، الحكم بمسؤولية المدعى عليه من حيث المبدأ، وتحديد مقدار مسؤولية دون تعقيب على ذلك، ومع أن الأحكام تصدر عادة بأداء النقود، فإن المادة 15 من قانون التحكيم البريطاني لعام 1950 المشار إليه أعلاه تعطي الحق للمحكم في أن يأمر بأداء معين، أي أنه على أحد الأطراف في النزاع أداء أعمال معينة أو تسليم بضائع معينة، وعادة ما يستبدل الحكم بأداء عمل بحكم نقدي نظراً لما يثيره الحكم بأداء عمل من مشاكل ناجمة عن الاختلاف في تقدير مستوى الأداء المطلوب.

وفي الحالات الاستثنائية التي يتفق فيها أطراف النزاع على أن يكون الحكم بأداء عمل معين فإن المحكم يوصي بأن يكون الحكم مؤقتاً، على أن يتحول إلى حكم دائم إذا أتم أداء العمل بشكل مقبول، وإذا ثار جدل حول مستوى أداء العمل قام المحكم بفحص العمل بنفسه وبوجود أطراف النزاع. ومن ثم يصدر حكماً نهائياً أو حكماً مؤقتاً حسب الأحوال.

ما تقدم ذكره، يمكننا من القول بأن الحكم المؤقت يستعمل لأغراض شتى قبل تقرير القانون واجب التطبيق على النزاع، تقرير المسؤولية على جانب معين من النزاع لا يؤثر بجانب آخر، أو إصدار حكم مؤقت حول مسألة من مسائل القانون أو الواقع، كما لو ادعي مثلاً بأن الدعوى قد سقطت بمرورالزمن.

وبرأي البعض، تتوقف مسألة الفصل في المنازعة المعروضة على محكمة التحكيم من خلال إصدار أحكام تحكيمية جزئية، على ظروف كل منازعة .

ويبدو أن لائحة التحكيم التي وضعتها لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي تشجع إصدار أحكام تحكيم مؤقتة أو جزئية بشأن الاختصاص، بينما النظام العائد لغرفة تجارة استوكهولم يبدو أكثر تحفظا بهذا المجال في حال عدم الاتفاق بين أطراف عدا عن أنه يقتضي في هذا العرض أن يبرز المحكمون الأسباب الموجبة والمعللة التي تدفعهم التصرف على هذا النحو.

إن الأحكام التحكيمية المؤقتة تلعب دوراً هاماً في حل المنازعات العقدية المركبة أو المعقدة والتي تتفرع عنها العديد من المشاكل المنفردة بنفسها، ومثال على تلك الأحكام المؤقتة، إن أحدهما سمح بالاستمرار في عقد البناء موضوع الخلاف إذ من المعروف أن إمداد هكذا مشروع بالأموال يعتبر عماد العمل بالنسبة إلى المقاولين الذين يعهد إليهم بالتشييد، وبدونه لا يمكن إنجاز ما تم الاتفاق عليه، فتم هذا الإنجاز واقعيا بفضل اللجوء إلى إصدار أحكام تحكيمية مؤقتة.

ويؤكد بعض الفقهاء على ما سبق ذكره من أهمية التفرقة بين أحكام التحكيم بالمعنى الدقيق والقرارات الأخرى الصادرة عن المحكمين، إذ يذهب إلى القول بضرورة التفرقة بين أحكام التحكيم التمهيدية والقرارات التمهيدية أو الجزئية. فالحكم التحكيمي الجزئي، شأنه في ذلك شأن الحكم التحكيمي النهائي يجب أن يخضع لفحص من قبل محكمة التحكيم في غرفة التجارة الدولية في باريس، أما القرار التمهيدي فإنه يعد مجرد عمل إجرائي بالتالي لا يخضع لرقابة هذه المحكمة .

ويضيف هؤلاء الفقهاء بأن لهيئة التحكيم سلطة تقديرية في إصدار أحكام مؤقتة من عدم إصدارها، وذلك وفقاً لظروف كل منازعة على حدة، ولا يمكن تقييد سلطة المحكم في إصدار الأحكام الجزئية إلا بناء على إرادة الأطراف. مثال ما تقدم، قضية «Eurodif. وفيها، وثيقة المهمة» وفقاً للتعبير الذي أعطته لها محكمة استئناف باريس كانت تنص على أن للمحكم حق فصل المنازعة من خلال إصدار أحكام مستقلة للفصل في مسألة الاختصاص للفصل في موضوع الدعوى.

ولقد استخلصت المحكمة أن هناك محلاً للقضاء ببطلان الحكم التحكيمي الذي أغفل هذا النص بالإعمال لنص المادة 3/1502 من قانون أصول المحاكمات الفرنسي الجديد لتجاوز المحكم للمهمة المخولة إليه، فيما ذهبت محكمة النقص الفرنسية من جهتها لتقول بالقضية نفسها ما ترجمته:

«إن وثيقة المهمة قد حددت المسائل المتنازع عليها والتي يتعين على هيئة التحكيم أن تفصل فيها، وإذا كانت هذه الوثيقة قد أشارت إلى أن هناك بعض المسائل الأولية بالنسبة للمسائل الأخرى، فإنها مع ذلك لم تتضمن شرطاً صريحاً ومحدداً يقضي أن يتم الفصل في المسائل المتعلقة بالاختصاص بمقتضى حكم مستقل يتم صدوره قبل الحكم المتعلق بموضوع المنازعة .

المحاكمة وهي بالتالي مجردة أي طابع قضائي، ولا تكون قابلة لمراجعة الإبطال.

وفي هذا السياق قضت محكمة التمييز الفرنسية برد مراجعة إبطال القرار المحكمة الدائمة للتحكيم في غرفة التجارة الدولية والعائد لطلب عزل المحكم، إذ اعتبرت المحكمة العليا أن قرار محكمة التحكيم لغرفة التجارة الدولية هو قرار يتعلق بإدارة التحكيم وليست له طبيعة قضائية ولا يمكن وصفه بأنه حكم تحكيمي.

 

الحكم النهائي أو القطعي

إن الحكم النهائي الذي يصدره المحكم هو الذي بعد صدوره شيء إلا ويكون المحكم قد حسم النزاع حوله ولا بد من الإشارة هنا إلى ما يسمى بالقرار التحكيمي الجزئي، أي يجب أن يكون قانون التحكيم الذي يرعى العملية التحكيمية قد أجاز للمحكمين إصدار أحام جزئية كي تكون هذه الأحكام صحيحة. وكثير من قوانين التحكيم الجديدة تركت الأمر لحرية إرادة الطرفين ( عبر الاتفاق التحكيمي ولكن إذا لم يتفق الطرفان فإن الحرية متروكة للمحكمين وهذا ما سار عليه القانون المصري والتونسي واللبناني والسويسري والهولندي والإنكليزي، وكذلك قواعد تحكيم اليونيسترال التي فرقت بين الحكم التحكيمي النهائي والحكم التحكيمي الذي يفصل في مسألة أولية كالاختصاص المادة 21 فقرة 4 من قانون اليونيسترال)، مكرسة شرعية الحكم الجزئي مجيزة للمحكمين إذا ارتضوا اللجوء إلى الحكم الجزئي لضرورات منفعة سير التحكيم في هذه الأمور الأولية كالاختصاص أو القانون المطبق أو البت بمسألة مكان إجراء التحكيم وما إلى ذلك.

من جهته نظام هيئة تحكيم غرفة التجارة الدولية قضى بأنه على المحكم قبل توقيع حكم جزئي أو نهائي أن يعرض مشروعه على الهيئة الدائمة التابعة تنظيمياً للغرفة المذكورة.

ومن الواضح، أن الحكم الجزئي هو نهائي، وهو يفصل جزءاً من النزاع، في حين يفصل الحكم النهائي بباقي النزاع بكامله وهو غير الحكم الوقتي الذي يتعلق بمسائل أولية تقليدية فالحكم الجزئي يفصل جزءا من الخلافات بشكل نهائي ولا يعود يثار ما صار البت به لاحقا.

وهناك أحكام تحكيمية لا طبيعة قضائية لها، مثل القرارات التي تنظم التحكيم ويكون لها طابعاً إدارياً مثل قرار البت بطلب عزل المحكم أو قرار منه يتعلق بإجراءات المحاكمة ،وبسيرها، فهذه القرارات على علاقة بإدارة  ويرى بعض الفقه في فرنسا، أنه إذا كان الاتفاق نفسه يخضع للقانون الفرنسي، فإنه سوف يتمتع بحجية الشيء المقضي به شأنه في ذلك شأن الأحكام النهائية.

هذا، وإن اندماج الاتفاق بين الطرفين في الحكم التحكيمي لا يضيف إليه أية ميزة من هذه الزاوية، فهدف هؤلاء من خلال ما توصلوا إليه. استفادة الاتفاق الذي تم التوصل إليه من إجراءات الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم المنصوص عليها في المعاهدات الدولية المصادق عليها على نحو واسع بين الكثير من الدول المعنية .

لكن السؤال المطروح يصبح عما إذا كان المحكم ملزم بإصدار حكم تحكيمي اتفاقي بمجرد أن يطلب منه الأطراف ذلك؟

بعض الفقه الفرنسي، يرى أن القانون الفرنسي للتحكيم الدولي القائم على احترام إرادة الأطراف يميل إلى قبول مثل هذا الالتزام الواقع على عاتق المحكم ونجد ذلك في نظام التحكيم الخاص بغرفة التجارة الدولية في باريس حيث تنص المادة 17 على أنه: «إذا اتفقت الأطراف، وكان الملف موجوداً أمام المحكم، فإن هذا الاتفاق تتم ترجمته من خلال إصدار حكم تحكيمي يكرس هذا الاتفاق».

كذلك، يتضمن نظام التحكيم الخاص بمحكمة لندن الدولية للتحكيم التجاري، وذلك العائد لمعهد التحكيم الخاص بغرفة التجارة في استوكهولم والعائد كذلك لغرف التجارة الأوروبية العربية نصوصاً مشابهة، بينما يذهب نظام التحكيم الذي وضعه المركز الدولي لحل النزاعات الناشئة عن الاستثمار، إلى اعتبار أن اتفاق الأطراف لا يكون مكرساً بواسطة حكم تحكيمي وإنما من فغياب أحد الأطراف لا يحول إذن دون صدور الحكم التحكيمي.

ويلاحظ أن حكم التحكيم الصادر في غيبة أحد الأطراف لا يتمتع بأية خصوصية مقابل ذلك الحكم الذي صدر في حالات أخرى والتي يحرص فيها جميع الأطراف على المثول أمام المحكم، ففي كلتا الحالتين تكون الإجراءات المتبعة إجراءات متقابلة وأنه روعي فيها رغم الغياب احترام مبدأ الوجاهية.

الحكم الاتفاقي

عمدت بعض القوانين إلى اتخاذ هذا النوع من التحكيم، حتى أثناء سير «العملية التحكيمية ومنها القانون المصري الصادر عام 1994، فقد نصت المادة 41 منه على ما يلي: «إذا اتفق الطرفان خلال إجراءات التحكيم على تسوية تنهي النزاع فكان لهما أن يطلبا إثبات شروط التسوية أمام هيئة التحكيم، التي يجب عليها في هذه الحالة أن تصدر قرار يتضمن شروط التسوية وينهي الإجراءات ويكون لهذا القرار ما لأحكام المحكمين من قوة بالنسبة إلى التنفيذ.

هذا النص أنه قد يحدث أثناء سير الإجراءات التحكيمية، أن تتوصل الأطراف المتنازعة إلى نوع من التسوية، وعندها يمكن لهم أن يقتصروا على إفراغ التسوية التي تم التوصل إليها في شكل عقد وإنهاء إجراءات التحكيم، وقد تذهب الأطراف المعنية إلى اتباع طريق آخر، مفضلة أن يتم تتويج ما توصلوا إليه من اتفاق من خلال إصدار حكم تحكيمي يقرر هذا الصلح، ويطلق عليه حكم تحكيمي اتفاقي.

والميزة التي يستهدفها هذا الإجراء بين الأطراف المعنيين به، وهي تمتع . الاتفاق الذي تم بينهم بالحجية والآثار المترتبة على الحكم التحكيمي.

دورها على تقرير اتفاق الأطراف، وذلك استناداً إلى ما جاء في المادة 2/30 من القانون النموذجي السابق الذكر والتي تنص على أن: «أي قرار تحكيم بشروط متفق عليها، يجب أن يصدر وفقاً لأحكام المادة 31، وينص فيه على أنه قرار تحكيم ويكون لهذا القرار نفس الصفة ونفس الأثر الذي يعود لأي قرار تحكيم آخر يصدر في موضوع الدعوى».

وهنا يطرح البعض مسألة مدى تمتع الأحكام المشار إليها أعلاه بالاعتراف وبالتنفيذ والتي تسري على أحكام التحكيم العادية بمعنى النهائية والمنهية للخصومة، وأيضا مدى تمتعها بذلك في الدول المختلفة؟

والواقع أنه بمراجعة معاهدة نيويورك لعام 1958 ومعاهدة جنيف لعام 1961 لا نرى تعرضاً واضحاً وصريحاً لهذه المسألة.

إلا أن جانباً من الفقه يتجه إلى القول بأن الفصل بذلك يتم بتفسير نصوص هذه المعاهدات ذاتها وليس بالإشارة إلى المفهوم الذي تعتنقه دولة من الدول التي صدرت فيها أحكام التحكيم موضوع النزاع ، في حين يذهب جانب آخر من الفقه إلى الاعتبار بأن حكم التحكيم القائم على اتفاق الأطراف يمكنه أن يستفيد من مضمون معاهدة نيويورك إذا كان يعد وفقاً للدولة التي صدر فيها بمثابة حكم تحكيمي.

على أن بعض الفقه (4) يذهب إلى القول بان التعريف الضيق للحكم التحكيمي، واعتباره بمثابة القرار الذي وفقاً له يفصل المحكمون بشكل جزئي أو كلي في المنازعة المعروضة عليهم يؤدي إلى التشكيك في إمكانية اعتبار القرار الصادر عن المحكم والذي يقتصر دوره على تكريس ما توصلت إليه إرادة الأطراف من اتفاق بمثابة حكم تحكيمي بالمعنى الضيق للكلمة .

وبالرغم من ذلك وبالرأي نفسه، فإن القانون النموذجي للتحكيم الذي وضعته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي، يعتبر عاملاً حاسماً لصالح تطبيق النظام المعتاد الذي يسري على أحكام التحكيم التي يقتصر بالالتزام بحكم شخص ثالث يتولى أطراف النزاع تسميته، كما أن التفويض الجزئي للسلطة المعطاة للمحكم يفسد الحكم التحكيمي إذا لم يكن بالإمكان فصل الجزء المعيب عن بقية أجزاء الحكم .

الحكم التحكيمي الإضافي

وهو نوع من الأحكام التي تصدر بعد صدور الحكم التحكيمي النهائي تستدعيه الضرورة فقد جاء في المادة 51 من قانون التحكيم المصري على أنه: «يجوز لكل من طرفي التحكيم ولو بعد انتهاء ميعاد التحكيم أن يطلب من هيئة التحكيم خلال الثلاثين يوما التالية لتسلمه حكم التحكيم إصدار حكم تحكيم إضافي في طلبات قدمت خلال الإجراءات وأغفلها حكم التحكيم. ويجب إعلان هذا الطلب إلى الطرف الآخر قبل تقديمه».

وجاء في الفقرة الثانية من المادة نفسها، إن هيئة التحكيم تصدر حكمها خلال ستين يوماً من تاريخ تقديم الطلب، ويجوز لها مد هذا الميعاد ثلاثين يوماً أخرى إذا رأت ضرورة لذلك».

المشترع المصري، في هذه الحالة لم يفصح عن النظام القانوني الذي يسري على هذا النوع من الأحكام، سيما أنه بصدد مجموعة أخرى من الأحكام التي تلحق بالأحكام الإضافية وهي المتعلقة بالتفسير (تغيير تلك الأحكام)، والتي تصدر بعد صدور الحكم المنهي للخصومة، إلا أنه يمكن القول بأن هذه الأحكام التفسيرية تعد متممة لحكم التحكيم الذي تم تفسيره وتسري عليه أحكامه، مما يعني أن ذات المبدأ يجب إعماله بالنسبة إلى الأحكام الإضافية. وبالتالي إخضاعها للنظام القانوني الذي يسري على أحكام التحكيم بصفة عامة ويمكن أيضاً الطعن فيها عن طريق البطلان.

على أنه، وانطلاقاً من مبدأ نهائية الحكم التحكيمي، فإن المحكم لا يستطيع الاحتفاظ لنفسه أو يفوض لآخر بسلطة اتخاذ أي إجراء تحكيمي لاحق على صدور حكم التحكيم في المواضيع التي أحيلت للتحكيم، فواجبه إصدار حكم نهائي وكامل في جميع المواضيع المحالة للتحكيم، ويعتبر مخلاً بالتزامه إذا ترك أي شيء دون حسم بعد صدور الحكم. ومع ذلك، فقد توجد حالات تتطلب من المحكم أن يحتفظ لنفسه بجانب من السلطة التحكيمية كما لو صدر حكم بتسوية المسائل المتعلقة بالمسؤولية وبقيت المسائل المتعلقة بتحديد مقدار التعويضات المستحقة التي تترك لاتفاق الطرفين أو لموكليهم، بحيث أن الحكم الصادر في مثل هذه الحالة يبقي المسائل المتعلقة بمقدار التعويض لإصدار حكم آخر.

هذا، وقد اعتبر البعض إن مثل هذا الحكم المؤقت هو في الواقع حكماً إعلانيا Declaratesiy Judgment أي أنه حكم يقرر حقوق الطرفين إذا كان اتفاق الإحالة يسمح للمحكم بذلك، ففي أحد الأحكام اقترح المحكم، بدلا من تقدير الأضرار، دعوة الأطراف المتنازعة للاتفاق على التعويضات، وهذا الحكم اعتبر غير نهائي ويجب أن لا يحال للمحكم الذي انتهت مهمته.

تجب الإشارة هنا إلى أن الحكم التحكيمي الذي يتضمن قراراً نهائياً يتعلق بالمسائل الحالة للتحكيم، هو حكم مقبول، أما النص الذي يصاحب إصدار الحكم التحكيمي ويحتفظ الحكم بموجبه بسلطة قضائية في المسائل التي لم تحل للمحكم فإنه يعتبر باطلاً. علماً أن الحكم لا يعتبر نهائياً إلا إذا صدر من المحكم نفسه أو من هيئة التحكيم مجتمعة والتي أحيل إليها النزاع موضوع التحكيم، فلا يجوز بالتالي أن يصدر حكماً يلزم به أطراف النزاع .