في حين أن اتفاق الأطراف في نظام التحكيم هو الذي يحدد البناء الداخلي لعملية التحكيم، وذلك من خلال قواعد مستقلة به تعبر عن ذاتيته وفي حدود ما يسمح به القانون.
ويمكن القول، أنه فيما يتعلق بمدى إنطباق أي من هذه النظريات الأربعة على حكم التحكيم الإلكتروني، نجد أن النظرية المستقلة هي الأنسب وأفضل النظريات الملائمة له، كونها تقرر عدم خضوع التحكيم الإلكتروني لأي قانون وطني ابتداء من اتفاق التحكيم وانتهاء بحكم التحكيم الإلكتروني، وذلك لما يتسم به هذا الحكم من طبيعة خاصة ومستقلة والتي لا تفسر بفكرة العقد أو فكرة القضاء أو الفكرتين معاً، سواء كان ذلك كلياً أو جزئياً، وخاصة أن التحكيم تطور إلى أن وصل إلى الحالة التي هو عليها الآن وهو التحكيم عبر شبكة الإنترنت الدولية، حيث يتسم الحكم بالطابع الإلكتروني، مما أدى إلى ظهور قواعد خاصة به تتطلبها طبيعة إجراءاته التي تتم عبر الفضاء ابتداء من إتفاق التحكيم وإنتهاءً بإصدار الحكم عن طريق الفيديو كنفرانس أو بالبريد الإلكتروني من خلال وسائط إلكترونية عبر شبكات الإتصال، كما أن الإجراءات والآثار الذي يرتبها حكم التحكيم الإلكتروني وإن كانت ذات طبيعة قضائية، إلا أن هذه الإجراءات والآثار تقتضيها طبيعة نظام التحكيم الإلكتروني بوصفه وسيلة لحل نزاعات تتعلق غالباً بالتجارة الإلكترونية الدولية.
