ذهب جانب من الفقه الحديث بنزعة جديدة على كل ما سبق طرحه من نظريات وآراء حول طبيعة قرار التحكيم إذ يذهبون بتصورهم أنه ظاهرة إجتماعية مستقلة بذاتها .
ونظراً لكون التحكيم قد أصبح اليوم أحد مقومات التجارة الدولية، وكذلك أضحت قراراته مرجعاً ومصدراً للقضاء في المحاكم ، فكل ذلك يدل ويؤكد ويعزز أهميته وبالوقت ذاته إستقلاله عن غيره من الأنظمة.
نتيجة الخلاف
إن المتأمل لكل ما قيل بصدد طبيعة القرار التحكيمي بصورة خاصة والتحكيم بصورة عامة، يستطيع تدوين مجموعة من النقاط ليصل بعدها للاتجاه الأوفق. ففي البدء ينتقد كل من أصحاب النظريتان التعاقدية والقضائية، لأنهم غفلوا عن عملية التحكيم بأسرها وأقتطعوا جزءاً منها ليكون سنداً لهم لتعزيز موقفهم، فالتحكيم وكذلك القرار التحكيمي يمر بسلسلة من المراحل ولا يمكن التغاضي عنها لذلك فقد أنتقد مؤيدوا هذه المدارس.
أما بالنسبة للطبيعة المختلطة فهي الأنسب والأوفق على الرغم مما تحمله من تناقضات بشأن تحليلها للأمر ووضع عناصر وحدود زمنيه فاصلة بين مرحلة وأخرى.
وكذلك إتباع النهج المستقل فالمتأمل بفكرهم سيصل إلى نتيجة واحدة وهي إن مدرستهم ما هي إلا إمتداد للنهج المختلط الذي يرفض إلباس التحكيم طابعاً أحادياً، لذلك يعاب على الأخيرة عدم كفاية حججها وأسانيدها لترد بها سائر النظريات الأخرى.
