حكم التحكيم له طبيعة تحكيمية، لا طبيعة قضائية. فهو ليس حكم شخصي، وبالتالي فهو لا يخضع لنظام الحكم القضائي، وبالأخص نظام الطعن في حكم القضائي، ونظام الأحكام الصادرة بصفة انتهائية، ونظام دعوی بطلان الحكم القضائي :
- القاعدة أن حكم التحكيم لا يخضع لنظام الطعن في الحكم القضائي. وبالنسبة لحكم التحكيم الإجباري في منازعات القطاع العام، نصت المادة 16 من القانون رقم 47 لسنة ۱۹۸۳، على ألا تكون أحكام هيئات تحكيم .... غير قابلة للطعن فيها بأي وجه من وجوه الطعن». أما بالنسبة تحكم تحكيم الاختباري، فقد نصت المادة 1/52 تحكيم على أنه «لا تقبل أمام التحكيم تني تصدر طبقا لأحكام هذا القانون الطعن فيها باي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية.
والقانون المصري بهذا يحظر خضوع حكم التحكيم النظام الطعن في الحكم القضائي، لا استثناء يستند إلى اعتبارات الملاءمة، إنما كأصل عن: حكم التحكيم يستند إلى منطق طبيعته التحكيمية. لذا يتميز هذا به جزء كامل ومطلق: أ- إذ هو حظر كلي يسري على كل حكم سواء كان حكم تحكيم اختياري أو حكم تحكيم إجباري، وسواء كان حين الأخصاص التحكيمي أو حكماً في موضوع التحكيم.
ا - فالأحكام القضائية المبادرة بصفة انتهائية، وإن كان الأصل أنها غير قابلة للاستئناف، لكنها تقبل الاستئناف استثناءً في الأحوال المنصوص عليها في المواد ۲۲۱و۲۲۲ مرافعات، أي إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم أو إذا خالف الحكم قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام، أو إذا صدر الحكم على خلاف حكم سابق.
بينما لا استئناف استثنائي لحكم التحكيم، حتى لو وقع بطلان في هذا الحكم أو بطلان في إجراءات أثر فيه، أو صدر هذا الحكم على خلاف حكم قضائي سابق عليه. ووفقا للمادة ۲/۰۸/أ تحكيم، إذا وقع التناقض بين حكم التحكيم وحكم قضائي سابق عليه، فلا يجوز الأمر بتنفيذ حكم التحكيم.
ب - وللأحكام القضائية الصادرة بصفة انتهائية قوة الأمر المقضي، لا مجرد حجية الأمر المقضي. بينما ليس لحكم التحكيم قوة الأمر المقضي، سواء في القانون المصري حيث نصت المادة 55 تحكيم على أن "تحوز أحكام المحكمين ... حجية الأمر المقضي ۰۰۰»، أو في القانون الفرنسي حيث سالان: ۱۶۷۰ على أن «لحكم التحكيم منذ صدوره حجية الأمر المقضي۰۰۰۰»، مما يعني أن حكم التحكيم في القانون المصري والفرنسي يحوز الحجية، لا قوة الأمر المقضي.
ولا غرابة في اتفاق القانون المصري والفرنسي على أن حكم التحكيم يجوز الحجية، لا قوة الأمر المقضي.
هو غير ابتدائي في مصر، لكنه لیس حكماً قضائيا ابتدائياً أو انتهائياً سواء في مصر أو في فرنسا، فحكم التحكيم ليس حكما قضائيا، وبالتالي فهو بطبيعته لا يخضع لتقسيمات الأحكام القضائية، وبالأخص تقسيمها إلى أحكام ابتدائية en premier fessort وأحكام انتهائية en dernier ressort وأحكام باتة irrevocables ، وبالتالي فلا هو حكم
قضائي ابتدائي حتى لو أجاز القانون الفرنسي استئنافه ونفاذه المعجل، ولا هو حكم قضائي انتهائي حتى لو الغي القانون المصري (م 510 مرافعات ملغاه) نظام استئنافه ونفاذه المعجل، ولا هو حكم قضائي بات حتى لو كان القانون المصري يحظر الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن في الأحكام القضائية، إنما هو حكم تحكيم وبالتالي له حجيته.
بل إن انتفاء الطبيعة القضائية الحكم التحكيم، يثير التساؤل عما إذا كان لهذا الحكم حجية الحكم القضائي، أي حجية الأمر المقضي l'autorite de la chose jugee ، أم حجية حكم التحكيم، أي حجية الأمر المحكم فيه L'autorite de la chose arbitreé؟
٣- وحكم التحكيم لا يخضع لنظام دعوى بطلان الحكم القضائي، إنما يخضع لنظام دعوى بطلانه، وهناك اختلاف بين النظامين، ليس فقط من حيث الطبيعة، إنما أيضا من حيث التفاصيل:
أ- فمن حيث الطبيعة، نظم دعوى بطلان الحكم القضائي مقرر فقها وقضاءه لا تشريعا. وهو مقرر کاستثناء تمليه اعتبارات الملاءمة، لا طبيعة الحكم. إذ الأصل أن الحكم القضائي يخضع لنظام الطعن لا لنظام دعوى البطلان، أي أن القاعدة أنه لا دعاوى بطلان ضد الأحكام القضائية.
بينما نظام دعوى بطلان حكم التحكيم مقرر تشريعا. وهو مقرر، لا كاستثناء تمليه اعتبارات الملاءمة، إنما كأصل عام تمليه الطبيعة التحكيمية الحكم. فالأصل أن حكم التحكيم يخضع لنظام دعوى البطلان، لا لنظام الطعن لذا لا يخلو قانون تحكيم من تنظيم دعوى بطلان حكم التحكيم.
ب - ومن حيث التفاصيل، هناك اختلاف بين الدعويين، سواء من حيث الموضوع أو الأسباب أو الاختصاص أو الميعاد أو مدى اتساع الدعوى لطلب وقف التنفيذ. مما يعني أن لكل من الحكمين دعوى بطلانه التي تختلف عن دعوى بطلان الحكم الأخر.