يُعد أصحاب هذه المدرسة، التحكيم عملا مختلطا اتفاقي النشأة قضائي الوظيفة يجمع بين العمل القضائي والعمل العقدي الخاص. فالطبيعة العقدية تبدو واضحة في اتفاق الأطراف على اختيار طريق التحكيم كوسيلة لفض منازعاتهم والابتعاد عن التوجه إلى قضاء الدولة، واختيارهم للقانون الإجرائي الواجب التطبيق على الإجراءات والقانون الموضوعي الذي يعتمد لإصدار قرار التحكيم. أما الطبيعة القضائية فتتمثل في تدخل قضاء الدولة في تعيين المحكمين وتشكيل هيئة التحكيم وإعطاء قرار التحكيم حجية الأمر المقضي والقوة التنفيذية ليصبح حكما قضائيا، وفي نظر مؤيدي هذه المدرسة يتسم نظام التحكيم بطبيعة مختلطة فهو نظام اتفاقي من حيث مصدره إذ يستمد المحكم سلطاته من ارادة الاطراف .
يبدو أن رأي أصحاب مدرسة التحكيم المختلطة، التي عدت التحكيم نظاما مختلطا يجمع بين الصفتين العقدية والقضائية هو الأصوب لبيان طبيعة القرار التحكيمي والتي نقف صوب مؤيديها للأسباب الآتية:
أ- يعتبر التحكيم طريق قضائي خاص يقوم على الفصل في النزاع القائم بين خصمين أو أكثر، يبدأ باتفاق وينتهي بقرار التحكيم الذي يصدر بناء على ارادة المشرع الذي وضع له شروطا شكلية وموضوعية تقترب من شروط الحكم القضائي.
ويبدو أن المشرع العراقي قد أخذ بهذه المدرسة مقرأ أن التحكيم يقوم على اتفاق الأطراف بنص المادة (۲۵۱) قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ ، ونظم كيفية إصدار القرار التحكيمي . ويبدو أيضا أن المشرع اللبناني مال إلى هذه المدرسة عندما أوجب قيام التحكيم على اتفاق الأطراف بنص المادة (٧٦٢) من أ م م اللبناني ، ونظم كيفية اصداره . وهو ما يؤيد رأي أنصار هذه المدرسة حول الطبيعة المختلطة لقرار التحكيم.
ب - المحكم يباشر مهمة قضائية هي النظر في النزاع المعروض عليه ويصدر قرار التحكيم في موضوع النزاع كالقاضي الذي يصدر الحكم القضائي ولكن المحكم ليس بقاض.
ج القرار التحكيمي الذي يصدره المحكم يشبه إلى حد ما الحكم القضائي الذي يصدره القاضي ومعرض إلى طرق الطعن التي يتعرض اليها الحكم القضائي.
د- لا يمكن للمحكم إصدار قرارات تحكيمية ملزمة للخصوم أو قرارات إجرائية بدون مساندة ومعاونة القضاء.
هـ - القرار التحكيمي لم يكتسب حجية الأمر المقضي لولا مساعدة ومساندة القضاء .
و- قرارات التحكيم تشبه إلى حد ما الأحكام القضائية الأجنبية عندما تجد طريقها للتنفيذ فلا بد أن تعرض على المحاكم الوطنية المختصة لإصدار الأمر بتنفيذها.