العقود الإدارية واستندوا إلى العديد من الحجج أهمها : 449 - إن المادة (501) من قانون المرافعات تنص على "... كما يجوز الاتفاق على التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ من تنفيذ عقد معين..."في حين أن الأمر بالتنفيذ الذي يصدره القاضي المختص وفقاً لأحكام قانون التحكيم لا يُعد مجرد إجراء مادي بحت، يتمثل في وضع الصيغة التنفيذية على حكم المحكمين، وإنما يتم بعد بحث الاختصاص ثم التأكد من عدم تعارض هذا الحكم مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في موضوع النزاع بما مؤداه أن ما قرره هذا النص من عدم جواز الأمر بتنفيذ حكم التحكيم في حالة سبق صدور حكم قضائي في موضوع النزاع، إنما هو تأكيد لانتفاء اختصاص أي هيئة للتحكيم بالفصل فيما سبق أن حسمته الأحكام القضائية من منازعات إعمالاً لحجية هذه الأحكام القضائية وفي نفس حكمها المشار اليه أعلاه نصت المحكمة الدستورية العليا على أن ".... الدستور قد كفل لكل مواطن - بنص مادته الثامنة والستين حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي مخولا إياه بذلك أن يسعى بدعواه إلى قاض يكون بالنظر إلى طبيعتها، وعلى ضوء مختلف العناصر التي لابستها، مهينا دون غيره للفصل فيها، كذلك فإن لحق التقاضي غاية نهائية يتوخاه تمثلها الترضية القضائية، التي يناضل المتقاضون من أجل الحصول عليها لجبر الأضرار التي أصابتهم من جراء العدوان على الحقوق التي يطلبونها، فإذا أرهقها المشرع بقيود تعسر الحصول عليها أو تحول دونها كان ذلك إخلالا بالحماية التي كفلها الدستور لهذا الحق وانكارا لحقائق العدل في جوهر ملامحها.......وبخصوص عدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (66) من قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 فيما نصت عليه من عدم قابلية أحكام التحكيم للطعن فيها بأي وجه من وجوه الطعن فقد اعتبرت المحكمة في حكمها : إنه ولئن كانت القاعدة العامة في قانون المرافعات المدنية والتجارية - باعتباره القانون الإجرائي العام أنه ليس من شأن أي نص يحظر أو يقيد حق الطعن في الأحكام الحيلولة دون الطعن عليها بدعوى البطلان الأصلية إذا لحق بها عيب شكلي أو موضوعي يصمها بالبطلان باعتبار أن دعوى البطلان الأصلية لا تعتبر طريقاً من طرق الطعن في الأحكام، وإنما هي أداة لرد الأحكام التي أصابها عوار في مقوماتها، عن إنفاذ آثارها القضائية، إلا أن التعميم المطلق الذي أورده النص الطعين في حظره الطعن على أحكام هيئات التحكيم الخاضعة القانون هيئات القطاع العام وشركاته مؤداه - كما استقر عليه فهم النص - أن هذا الحظر يمتد أيضا إلى دعوى البطلان الأصلية، وعلى أساس هذا النظر يجرى طرح الطعن الماثل ..".كما أنه وإذا كان الأصل العام في التحكيم أن يكون وليداً لاتفاق الخصوم على اللجوء إليه كطريق بديل عن اللجوء إلى القضاء لفض ما يثور بينهم من منازعات، وفى الحدود والأوضاع التي تتراضي إرادتهم عليها، إلا أنه ليس هناك ما يحول والخروج على هذا الأصل العام إذا قامت أوضاع خاصة بخصوم محددين وفي شان منازعات معينة لها طبيعتها المغايرة لطبيعة المنازعات العادية، وعلى ذلك فإنه إذ وقع في حقبة الستينات أن انتهجت الدولة سياسة تأميم وحدات الإنتاج وصيرورتها مالكه لها، بما ترتب عليه إنشاء مؤسسات وشركات قطاع عام لإدارة الأنشطة التي تضطلع بها هذه الوحدات، فقد اتجه المشرع إلى إيجاد آلية لقض المنازعات التي تثور بين هذه الشركات من ناحية وبين غيرها من المؤسسات العامة أو الجهات الحكومية تتفق مع الطبيعة الخاصة لهذه الكيانات، كما تتفق مع حقيقة أن النتيجة النهائية لفض آية منازعة سترتد إلى الذمة المالية لمالكة هذه الكيانات وهى الدولة، أيا كان الأمر في ارتدادها إليها، إن سلباً أو إيجاباً، وعلى ذلك فقد رسم المشرع بقواعد آمره عن قواعد وإجراءات هذا التحكيم فقد انتظمتها أحكام قوانين المؤسسات العامة وشركات القطاع العام المتعاقبة بدءاً من القانون رقم 32 لسنة 1961 ثم القانون رقم 60 لسنة 1971 وأخيراً القانون الطعين رقم 97 لسنة 1963..... وحيث إن أحكام هيئات التحكيم الصادرة طبقاً لقانون هيئات القطاع العام وشركاته رقم 97 لسنة 1983 هي أحكام لها حجية، وهى نافذة، شأنها في ذلك شأن أحكام هيئات التحكيم التي تصدر في منازعات التحكيم المبنى على اتفاق الخصوم، فكلاهما بعد عملاً قضائياً يفصل في خصومة، بما مؤداه وجوب تقيدهما معاً بالمبادئ الأساسية لضمانات التقاضي.وأضافت المحكمة الدستورية العليا بأن ..... الالتزام بالمبادئ الأساسية لضمانات التقاضي كان نهج المشرع عندما وضع تنظيماً تشريعياً للتحكيم المبنى على اتفاق الخصوم، وهو التنظيم الذي الدرجت أحكامه في الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968، فهو وإن حظر الطعن على أحكام المحكمين بطرق الطعن العادية وغير العادية، إلا أنه أجاز الطعن عليها بدعوى البطلان التي نظمت أحكامها المادتان 512 ، 513 من هذا القانون، وإذ صدر القانون رقم 27 لسنة 1994 في شان التحكيم في المواد المدنية والتجارية، فإن المشرع ظل ملتزماً بمنهجه في كفالة الضمانات الأساسية للتقاضي، فهو وإن حظر الطعن على أحكام المحكمين على نحو ما كان مقرراً من قبل، إلا أنه أجاز الطعن عليها بدعوى البطلان التي نظم أحكامها في المادتين 53 54 منه.وحيث إن حاصل ما تقدم أن المشرع ، وان قرر قاعدة عامة في شأن أحكام المحكمين التي تصدر في منازعات التحكيم التي تبني على اتفاق الخصوم، هي حظر الطعن عليها بطرق الطعن العادية وغير العادية بتقدير أن اللجوء لهذا النوع من التحكيم إنما ينبني في نشأته وإجراءاته وما يتولد عنه من قضاء على إرادة الاختيار لدى أطرافه التي تتراضي بحريتها على اللجوء إليه كوسيلة لفض منازعاتهم، بدلاً من اللجوء إلى القضاء، إلا انه في توازن مع تقريره حجية لهذه الأحكام وجعلها واجبة النفاذ عمد إلى مواجهة حالة أن يعتور عمل المحكمين عوار يصيب أحكامهم في مقوماتها الأساسية بما يدفع بها إلى دائرة البطلان بمدارجه المختلفة، فكانت دعوى البطلان هي أداته في تحقيق التوازن الذي به تتوافر ضمانة من الضمانات الأساسية للتقاضي، وهو بهذا قد بلغ نتيجة قوامها أنه إذا كانت القاعدة العامة هي جواز الطعن على أي حكم يصدر من المحاكم بمختلف درجاتها وأنواعها، بدعوى البطلان، فضلاً عن جواز الطعن عليها بطرق الطعن الأخرى، فإن أحكام المحكمين التي تصدر طبقاً الأحكام قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية وإن لم تكن قابلة للطعن عليها بطرق الطعن العادية وغير العادية إلا أنها تشارك أحكام المحاكم الأخرى في جواز الطعن عليها بدعوى البطلان التي نظمها القانون الأخير........ وحيث أن النص الطعين قد خالف هذا النظر وخرج على القواعد العامة في شأن قابلية الأحكام الصادرة من المحاكم وأحكام هيئات التحكيم للطعن عليها بالبطلان حين قرر أن أحكام هيئات التحكيم التي تشكل استناداً لأحكام القانون رقم 9 لسنة 1983 نهائية ونافذة وغير قابلة للطعن عليها بأي وجه من وجوه الطعن فأسبغ على هذه الأحكام حجية مطلقة تعصمها من أية قابلية للتصحيح، أياً كانت العيوب الشكلية أو الموضوعية التي لحقت بها، وأياً كانت مدارج البطلان التي أنزلتها إياها هذه العيوب . إذ كان ذلك، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الناس لا يتمايزون فيما بينهم في نطاق القواعد الموضوعية والإجرائية التي تحكم الخصومة عينها، ولا في طرق الطعن التي تنتظمها، بل يجب أن يكون للحقوق ذاتها قواعد موحدة في مجال التداعي بشأنها أو الطعن في الأحكام الصادرة فصلاً فيها، فإن النص الطعين وقد مايز بين سائر الأحكام القضائية والتحكيمية وبين الأحكام الصادرة من هيئات التحكيم التي تشكل وفقاً لأحكام القانون رقم 9 السنة 1983، واختص الأخيرة بمعاملة تحول والطعن عليها بدعوى البطلان او باى طريق أخر من طرق الطعن