واختلف أنصار الطبيعة القضائية للتحكيم فيما بينهم حول طبيعة الوظيفة القضائية التي يقوم بها المحكم، وحول الوقت الذي يكتسب فيه الحكم الصفة القضائية، حيث نجد أنهم حاولو تحديد الطبيعة القانونية لحكم التحكيم إستناداً للتشابه والتقارب في طبيعة المهمة التي يقوم بها كل من القاضي والمحكم، إلا أن هذا التشابه والتقارب لا يعني الطبيعة القضائية للتحكيم الإلكتروني بشكل خاص والتحكيم التقليدي بشكل عام.
وبالنظر إلى قانون التحكيم المصري نجد أنه لم يعد نظام التحكيم نظاماً قضائياً، والمحكم قاضياً، يصدر أحكاماً قضائية حيث جاء بالمذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات المصري الحالي رقم (١٣) لسنة ١٩٦٨ بقولها صراحة " حكم التحكيم ليس حكماً قضائيا"، ولذلك لا يعد نظام التحكيم نظاماً قضائياً بدليل أن حكم التحكيم أدنى مرتبة من الحكم القضائي بحيث لا يجوز إصدار أمر بتنفيذ حكم يتعارض مع حكم قضائي صادر عن المحكمة المختصة .
ولقد أشارت محكمة التمييز الأردنية في بعض أحكامها، إلى الطبيعة العقدية للتحكيم حين قضت بأن: التحكيم لا يخرج عن كونه عقداً عادياً يتم برضا الطرفين واختيارهم .
كما وأشارت كذلك محكمة النقض المصرية في أحد أحكامها، إلى الطبيعة العقدية حين قضت بأن اختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع، وإن كان يرتكز أساساً إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء، إلا أنه ينبني مباشرة وفي كل حالة على حدة على اتفاق الطرفين، وهذه الطبيعة الإتفاقية التي يتم بها شرط التحكيم وتتخذ قواماً لوجوده تجعله غير متعلق بالنظام العام.
إلا أنها أشارت في أحكام أخرى إلى الطبيعة القضائية لحكم التحكيم حين قضت ولاية الفصل في المنازعات تنعقد بالأصل إلى المحاكم، والإستثناء هو جواز اتفاق الخصوم على إحالة ما بينهم من نزاع على المحكمين، يختارون للفصل بينهم، بحكم له طبيعة أحكام المحاكم، ويحوز حجية المحكوم به مجرد صدوره .