الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / الطبيعة القضائية / المجلات العلمية / مجلة القانون والاعمال / نطاق الرقابة القضائية على الحكم التحكيمي من خلال طرق الطعن

  • الاسم

    مجلة القانون والاعمال
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    121

التفاصيل طباعة نسخ

نطاق الرقابة القضائية على الحكم التحكيمي من خلال طرق الطعن 

يحوز حكم التحكيم حجية الأمر المقضي به إذا ما استجمع كل شروطه و مقوماته مما يستتبع عدم المساس به إلا بواسطة طريق من طرق الطعن.

ويقصد بطرق الطعن تلك الوسائل التي من خلالها يمكن للأفراد الدفاع عن حقوقهم أمام القضاء إذ بموجبها يمكنهم المطالبة بمراجعة الأحكام الصادرة عن المحاكم الدنيا أمام محاكم أعلى درجة أو بمراجعة المحاكم للأحكام التي سبق أن أصدرتها ضدهم .

فالنظم القانونية المعاصرة نظمت وسائل مختلفه للطعن في أحكام المحكمين حيث تهدف إلى استدراك ما قد يكون قد وقع من خطأ بغية إصلاحه وحماية للأطراف.

والمشرع المغربي بدوره نظم طرقا معينة للطعن في أحكام المحكمين رغم تنصيصه في الفقرة الأولى من الفصل 327-34 على أن الحكم التحكيمي لا يقبل أي طعن وعاد في الفقرة الثانية النفس الفصل ليأكد أنه يمكن أن يكون الحكم الصادر عن الهيئة التحكيمية موضوع إعادة النظر طبقا للشروط المقررة في الفصل 402 بعده وذلك أمام المحكمة التي كانت ستنظر في القضية في حالة عدم وجود اتفاق التحكيم. كما خول للخصوم إمكانية ممارسة طرق طعن غير عادية أخرى و يتعلق الأمر بتعرض الغير الخارج عن الخصومة وممارسة دعوى البطلان.

فإذا كان الحكم الصادر عن هيئة التحكيم في النزاع المتفق بشأنه على التحكيم بمثابة الحكم القضائي نظرا لإسباغ الحماية القضائية عليه في مراحل مختلفة فهل يسري على أحكام المحكمين ما يسري على أحكام القضاء من طرق الطعن ؟ أم أن طرق الطعن التي يتعرض لها حكم التحكيم في حالة عيب فيه أو خطأ تختلف؟

سنحاول الإجابة على هذه الأسئلة من خلال محورين الأول سنتطرق فيه لنطاق الرقابة القضائية في دعوى البطلان في حين سنتناول في المحور الثاني سلطة القضاء عند الطعن بالطرق الغير العادية.

المحور الأول: نطاق الرقابة القضائية في دعوى البطلان

المحور الثاني:سلطة القضاء عند الطعن بالطرق الغير العادية

المحور الأول: نطاق الرقابة القضائية في دعوى البطلان

إن تدخل قضاء الدولة في التحكيم من خلال الرقابة التي يقوم بها على العملية التحكيمية قد يفرض

جزاء بطلان الحكم التحكيمي ويحل محل الهيئة و يصدر قرارا منها للنزاع. وقد أجازت التشريعات الطعن في حكم التحكيم بالبطلان أمام قضاء الدولة حتى و إن كان التحكيم باعتباره عدالة خاصة، لا يتلاءم بسهولة مع طرق الطعن ذات الإجراءات المعقدة و البطيئة و التي ترمي إلى إعادة خص النزاع و إحلال قرار القاضي محل قرار المحكم. وقد نص المشرع المغربي على تقديم الطعن بالبطلان في الأحكام التحكيمية طبقا للقواعد المطبقة أمام محكمة الإستئناف ، حيث نص الفصل 327- 36 أنه "رغم كل شرط مخالف، تكون الأحكام التحكيمية قابلة للطعن بالبطلان طبقا للقواعد العادية أمام محكمة الاستئناف التي صدرت في دائرتها.."

وعليه سنتعرض لأهم إجراءات رفع الدعوى أمام محكمة الإستئناف ومن ثم نعرج على الآثار المترتبة عنه .

1- الطعن بالبطلان وإجراءاته

إن الحديث عن الطعن بالبطلان يقتضي منا تحديد المقصود من هذا البطلان وتحديد الحالات التي تستوجب الطعن بالبطلان في الحكم التحكيمي والتي أوردها المشرع المغربي على سبيل الحصر. و كذا تناول اجراءات رفع دعوى البطلان

أولا: حالات الطعن بالبطلان في الحكم التحكيمي.

حالات اله

يعتبر البطلان ذلك الجزاء الذي يرتبه المشرع نتيجة اختلال أحد الأركان المطلوبة لصحة التصرف قانونا أو بمقتضى نص القانون ، حيث يؤدي هذا البطلان إلى فقد هذا التصرف لقيمته القانونية . و قد حصرت التشريعات و القوانين الوطنية وكذا الإتفاقيات الدولية الحالات التي يتوافرها يجوز الطعن في حكم التحكيم .حيث ينعدم جوهر هذا الحكم و مضمونه، وتركت للقضاء سلطة تقرير

تحققها في الحكم التحكيمي..

وقد أورد الفصل 327-36 الحالات التي يكون الطعن بالبطلان فيها ممكنا و حصرها في الحالات التالية:

1- إذا صدر الحكم التحكيمي في غياب اتفاق التحكيم أو إذا كان اتفاق التحكيم باطلا، أو إذا صدر الحكم بعد انتهاء أجل التحكيم.

2- إذا تم تشكيل الهيئة التحكيمية أو تعيين المحكم المنفرد بصفة غير قانونية أو مخالفة لاتفاق الطرفين.

3- إذا بنت الهيئة التحكيمية دون التقيد بالمهمة المسندة إليها، أو بتت في مسائل لا يشملها التحكيم أو تجاوزت حدود هذا الاتفاق، ومع ذلك إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل

الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل الغير الخاضعة له، فلا يقع البطلان إلا على الأجزاء الأخيرة وحدها.

4- إذا لم تحترم مقتضيات الفصلين 23-327 (الفقرة 2) و24-327 فيما يخص أسماء المحكمين

وتاريخ الحكم التحكيمي والفصل 25-327.

5- إذا تعذر على أي من طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم تبليغه تبليغا صحيحا بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر يتعلق بواجب احترام حقوق الدفاعي.

6- إذا صدر الحكم التحكيمي خلافا لقاعدة من قواعد النظام العام .

7- في حالة عدم التقيد بالإجراءات المسطرية التي اتفق الأطراف القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع.

وتحكم محكمة الاستئناف التي تنظر في الطعن بالبطلان من تلقاء نفسها ببطلان حكم التحكيم إذا تضمن ما يخالف النظام العام في المملكة المغربية أو إذا وجدت موضوع النزاع من المسائل التي لا يجوز التحكيم فيها.

ويكون الحكم التحكيمي الصادر بالمملكة في مادة التحكيم الدولي قابلا للطعن بالبطلان في الحالات الآتية:

1- إذا بنت الهيئة التحكيمية دون اتفاق تحكيم أو استنادا إلى اتفاق باطل أو بعد انتهاء أجل التحكيم.

2- إذا تم تشكيل الهيئة التحكيمية أو تعيين المحكم المنفرد بصفة غير قانونية.

3- إذا بنت الهيئة التحكيمية دون التقيد بالمهمة المسندة إليها.

4- إذا لم تحترم حقوق الدفاع.

5- إذا كان الاعتراف أو التنفيذ مخالفا للنظام العام الدولي أو الوطني.

و تبت محكمة الاستئناف طبقا لمسطرة الاستعجال.

ثانيا:إجراءات رفع دعوى البطلان.

أن تناول اجراءات رفع دعوى البطلان تقتضي منا تحديد المحكمة المختصة وأجل رفع دعوی البطلان.

حيث ينص الفصل 327-36 من ق.م.م "رغم كل شرط مخالف، تكون الأحكام التحكيمية قابلة للطعن بالبطلان طبقا للقواعد العادية أمام محكمة الاستئناف التي صدرت في دائرتها".

يكون تقديم هذا الطعن مقبولا مجرد صدور الحكم التحكيمي.

و عليه تكون المحكمة المختصة بالنظر بدعوى بطلان الحكم التحكيمي هي محكمة الاستئناف الصادر بدائرتها الحكم حسب نوع النزاع المعروض عليها و يتم قبوله منذ صدور الحكم التحكيمي. و هو نفس اتجاه المشرع المغربي في التحكيم الدولي الصادر داخل المغرب من خلال ما هو منصوص عليه في الفصل 327-18652.

و هو نفس ما ذهب إليه المشرع الفرنسي في المادة 1486 من ق.م.م الفرنسي بالنسبة للتحكيم الداخلي و المادة 1505 و المادة 1504 من ق.م.م الفرنسي بالنسبة للتحكيم الدولي.

وإن كان المشرع قد نص على أن الطعن يكون مقبولا مجرد صدور الحكم التحكيمي فإن هذا المقتضى لا يمكن أن يتحقق لأن مكنة الطعن لا تفتح عمليا إلا من تاريخ تسليم الحكم التحكيمي إلى الأطراف من طرف هيئة التحكيمية طبقا للفصل 327-27 الذي ينص

على " تسلم هيئة التحكيم إلى كل من الطرفين نسخة من حكم التحكيم خلال أجل سبعة أيام من تاريخ صدوره.

ويتصور أن يقع الطعن في المقرر بعد تسلم نسخة منه من كتابة ضبط المحكمة المختصة التي وقع الإبداع فيها 188 عملا بمقتضيات الفصل 327-18931.

ولا يتم قبول الطعن إذا لم يقدم داخل أجل 15 يوما من تبليغ الحكم التحكيمي المذيل بالصيغة التنفيذية.إلى أطراف الدعوى التحكيمية.

حيث جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء" حيث أنه بمراجعة وثائق الملف تبين أن الطاعن بلغ بالحكم التحكيمي المذيل بالصيغة التنفيذية بتاريخ 2013/5/14

وتقدم الطعن فيه بالبطلان بتاريخ 2013/5/28 أي داخل أجل 15 يوم المنصوص عليه في الفصل 327-36 من ق.م.م، و لاستيفائه لباقي شروطه الأخرى صفة و أداء فإنه تعين التصريح بقبوله شكلا.

و هذا الميعاد لرفع دعوى البطلان هو 30 يوما من يوم تبليغ الحكم التحكيمي المعطى للصيغة التنفيذية بالنسبة للقانون الفرنسي.

إذن المشرع المغربي من خلال تحديده أجل 15 يوم التالية لتبليغ الحكم التحكيمي مذيلا بالصيغة التنفيذية، يكون قد قصر من مدة ممارسة الطعن بالبطلان على خلاف باقي القوانين المقارنة و بذالك يكون المشرع المغربي قد عمل على تقصير مدة تعطيل تنفيذ الحكم التحكيمي .

2- آثار الطعن بالبطلان

كما بينا سابقا فإن الأحكام التحكيمية تكون قابلة للطعن بالبطلان وفقا للقواعد العامة. حيث يترتب على ذلك أثران أوردهما المشرع المغربي في الفصل 327-36 من قانون المسطرة المدنية.

- يوقف أجل ممارسة الطعن بالبطلان تنفيذ الحكم التحكيمي.

. كما توقف ممارسة هذا الطعن داخل الأجل تنفيذ الحكم التحكيمي. 

أولا: الأثر الموقف لأجل الطعن و ممارسة الطعن

لقد أورد المشرع المغربي في الفقرة الأخيرة من الفصل 327-36 عبارة "يوقف أجل ممارسة الطعن بالبطلان تنفيذ الحكم التحكيمي.

كما توقف ممارسة هذا الطعن داخل الأجل تنفيذ الحكم التحكيمي."

و بذلك يكون أجل الطعن في بطلان الحكم التحكيمي و ممارسة الطعن في الحكم التحكيمي يوقف تنفيذ هذا الأخير ونفس الأمر ينطبق على التحكيم الدولي حيث ينص الفصل 327-53 من قانون المسطرة المدنية أنه "كما يوقف الطعن الممارس داخل الأجل تنفيذ الحكم التحكيمي ما لم يكن القرار التحكيمي مشمولا بالنفاذ المعجل، ويمكن في هذه الحالة الجهة التي تبت في الطعن أن تأمر بوقف التنفيذ إذا ظهر لها ما يبرر ذلك.

إذن فمجرد رفع دعوى البطلان تعطل تنفيذ الحكم التحكيمي بل يمتد ذالك طوال فترة قيام الدعوى .

وهو نفس الأمر الذي تبناه المشرع الفرنسي في المادة 1486 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي بالنسبة للتحكيم الداخلي و المادة 1506 من نفس القانون.

ثانيا: سلطة محكمة الطعن على النزاع بعد ابطال حكم التحكيم:

يشار التساؤل في حالة إبطال المحكمة لحكم التحكيم حول من هي المحكمة التي تتولى الفصل في النزاع موضوع البطلان من جديد ؟ هل هي المحكمة نفسها التي أصدرت الحكم بالبطلان أم أن الأمر يبقى من اختصاص هيئة التحكيم.

وهنا يذهب المشرع المغربي في الفصل 327-37 من قانون المسطرة المدنية أنه " إذا أبطلت

محكمة الاستئناف الحكم التحكيمي تبت في جوهر النزاع في إطار المهمة المسندة إلى الهيئة التحكيمية ما لم يصدر حكم بالإبطال لغياب اتفاق التحكيم أو بطلانه" و هي مقتضيات لا تنطبق على التحكيم الدولي حسب ما نص عليها لفصل 327-54. وهي نفس المقتضيات التي تبناها المشرع الفرنسي من خلال المادة 1485 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي.

  إذا قضت محكمة الاستئناف برفض دعوى البطلان وجب عليها أن تأمر بتنفيذ الحكم التحكيمي ويكون قرارها نهائيا.

و تكون قرارات محكمة الاستئناف الصادرة في مادة التحكيم قابلة للطعن بالنقض طبقا للقواعد العادية.

المحورالثاني: سلطة القضاء عند الطعن بالطرق الغير العادية

إن ما يعزز حجية الحكم التحكيمي أنه كقاعدة عامة لا يقبل أية طريقة من طرق الطعن العادية، حيث ينص الفصل 327-34 على أنه لا يقبل الحكم التحكيمي أي طعن " فهو لا يقبل الاستئناف ولا النقض. ويكون المشرع المغربي بهذا قد خالف نهج المشرع الفرنسي الذي يسمح بالطعن في أحكام المحكمين بالاستئناف و النقض و إعادة النظر و التعرض و البطلان.

غير أن المشرع رغم ذلك سمح بالطعن في الحكم التحكيمي بإعادة النظر طبقا للفصل 327-34 197 من قانون المسطرة المدنية وذلك للأسباب التي حددها الفصل 402 من نفس القانون.

كما سمح المشرع بالطعن في أحكام المحكمين بتعرض الغير الخارج عن الحكومة كما جاء في الفصل

35-327 من قانون المسطرة المدنية.

أولا: الطعن عن طريق تعرض الغير الخارج عن الخصومة

يعتبر تعرض الغير الخارج عن الخصومة إحدى طرق الطعن الغير العادية التي منحها المشرع لكل شخص يمس بحقوقه حكم لم يستدع هو أو من ينوب عنه فيه.

ولم يخص المشرع المغربي تعرض الغير الخارج عن الخصومة في التحكيم بقواعد خاصة أو أحكام جديدة تتفق مع طبيعته و مكوناته، بل أخضعه لنفس المقتضيات المطبقة أمام المحاكم الرسمية، حيث يظهر ذلك من خلال الإحالة على الفصول 303 إلى 305 التي أوردها الفصل 327-35 من قانون المسطرة المدنية . و الذي جاء فيه" لا يواجه الأغيار بالأحكام التحكيمية ولو كانت مذيلة بالصيغة التنفيذية ويمكنهم أن يتعرضوا عليها تعرض الغير الخارج عن الخصومة طبقا للشروط المقررة في الفصول من 303 إلى 305 أعلاه أمام المحكمة التي كانت ستنظر في النزاع لو لم يبرم اتفاق تحكيم

ويقدم تعرض الخارج عن الخصومة وفقا للقواعد المقررة للمقالات الافتتاحية للدعوى. و التي نص عليها المشرع في الفصل 31 و الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية.

ولا يقبل أي تعرض للخارج عن الخصومة إذا لم يرفق بوصل يثبت إيداعه بكتابة ضبط المحكمة

مبلغا مساويا للغرامة في حدها الأقصى والتي يمكن الحكم بها.

حيث على الطرف الذي لا يقبل تعرضه ، والتي لا تتجاوز مائة درهم بالنسبة للمحاكم الابتدائية وثلاثمائة درهم بالنسبة لمحاكم الاستیناف وخمسمائة درهم بالنسبة لمحكمة النقض دون مساس بتعويض الطرف الآخر عند الاقتضاء.

2- الطعن عن طريق إعادة النظر

ينص المشرع المغربي من خلال الفصل 402 على أن الطعن بإعادة النظر يهم الأحكام التي لا تقبل أي طعن بالتعرض و الاستئناف. ويخص الطعن عن طريق إعادة النظر كل من كان طرفا في الدعوى أو ممن استدعى بصفة قانونية للمشاركة فيها.

حيث لم يأتي المشرع المغربي بأحكام جديدة خاصة بإعادة النظر في أحكام المحكمين و اكتفى بالإحالة على القواعد العامة للمسطرة المدنية.

وهو طعن ينعقد الإختصاص فيه للمحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ويجوز أن يبت فيه نفس القضاة الذين أصدروه.

وفي هذا الإطار ينص الفصل 327-34 من قانون المسطرة المدنية على أنه يمكن أن يكون الحكم الصادر عن الهيئة التحكيمية موضوع إعادة النظر طبقا للشروط المقررة في الفصل 402 بعده وذلك أمام المحكمة التي كانت ستنظر في القضية في حالة عدم وجود اتفاق التحكيم."

و يقدم طلب اعادة النظر ضد حكم التحكيم امام المحكمة التي كانت مختصة لولا اتفاق التحكيم وذلك وفق الإجراءات العادية. و هذه المحكمة قد تكون عادية أو تجارية أو ادارية حسب طبيعة النزاع و حسب درجة التقاضي التي تم في ضوئها تم اللجوء إلى التحكيم. كما لو تعلق الأمر بنزاع منشور أمام محكمة الاستئناف و ابرم بشأنه اتفاق التحكيم و قدم طلب لهذه المحكمة يرمي إلى الاشهاد على الاتفاق على اللجوء للتحكيم و قررت هذه المحكمة الحكم وفق الطلب و الغت الدعوى على الحالة .

حيث جاء في قرار المحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء "وحيث أن الفصل 326 المذكور ينص على أن أحكام المحكمين يمكن أن تكون موضوع طلب إعادة النظر أمام المحكمة التي قد تكون مختصة في القضية لو لم يتم فيها التحكيم ، وهذا يعني أن الحكم التحكيمي وإن أمكن الطعن فيه بإعادة النظر فإن ذلك لا يجوز إلا أمام المحكمة الإبتدائية التي كانت مختصة للفصل في النزاع القاضي بين الطرفين لو لم يكن موضوع اتفاق تحكيم. و في النازلة فإن الطاعنة لما تقدمت بطلب إعادة النظر أمام محكمة الإستئناف التجارية مباشرة ، فإنها توجهت أمام جهة غير مختصة باعتبار أن المحكمة المذكورة ليست هي المحكمة التي كانت ستحسم في النزاع و لم يكن هناك شرط التحكيم الأمر الذي يتعين معه التصريح بعدم اختصاص هذه المحكمة للبت في الطلب .

وقد حدد المشرع المغربي الحالات التي تستوجب الطعن بإعادة النظر في الفصل 402 من قانون المسطرة المدنية و حصرها في مايلي.

1- إذا بت القاضي فيما لم يطلب منه أو حكم بأكثر مما طلب أو إذا أغفل البت في أحد الطلبات

2 - إذا وقع تدليس أثناء تحقيق الدعوى.

3 - إذا بني الحكم على مستندات اعترف أو صرح بأنها مزورة وذلك بعد صدور الحكم.

4 - إذا اكتشفت بعد الحكم وثائق حاسمة كانت محتكرة لدى الطرف الآخر.

5- إذا وجد تناقض بين أجزاء نفس الحكم

6 - إذا قضت نفس المحكمة بين نفس الأطراف واستنادا لنفس الوسائل بحكمين انتهائين و متناقضين وذلك لعلة عدم الإطلاع على حكم سابق أو لخطأ واقعي.

7 - إذا لم يقع الدفاع بصفة صحيحة على حقوق إدارات عمومية أو حقوق قاصرين.

و اذا كانت الحالات الخمسة الأولى مستساغة بالنسبة للحكم التحكيمي إذ تحكمها القواعد العامة فإن الحاتين السادسة و السابعة قد تثير اشکالا208 و ذلك لكون:

- حكم المحكمين لا يصدر الا بناءا على اتفاق الأطراف و بعد مجاراة مسطرة التحكيم و مسايرتها، و بالتالي يصعب على المحكم اصدرا حكمين من نفس الأطراف و استنادا إلى نفس الوسائل و دون أن يتمسك أحد الأطراف بالحكم الذي سبق صدوره.

كما أن السبب السابع يتعارض مع مقتضيات الفصل 306 من ق.م.م. الذي يمنع التحكيم في القضايا المتعلقة بالنظام العام و منها قضايا شؤون القاصرين و كذلك النزاعات التي تكون فيها ادارة عمومية طرفا ما لم تكن تخضع لأحكام القانون الخاص.

ولا يقبل طلب إعادة النظر ما لم يصحب بوصل يثبت إيداع مبلغ بكتابة الضبط بالمحكمة يساوي الحد الأقصى للغرامة التي يمكن الحكم بها تطبيقا للفصل 210407.

و التي تم تحديدها في غرامة يبلغ حدها الأقصى الف درهم أمام المحكمة الابتدائية وألفين وخمسمائة درهم أمام محكمة الاستيناف وخمسة آلاف درهم أمام محكمة النقض بدون مساس عند الاقتضاء بتعويضات للطرف الآخر.

و يقدم طلب اعادة النظر خلال ثلاثين يوما ابتداء من تاريخ تبليغ الحكم المطعون فيه غير أنه تطبق على هذا الطلب مقتضيات الفصول: 136 و137 و211139.

و هو ما ذهب إليه قرار المحكمة الاستناف بالجديدة حيث قضت بان :"و حيث اوجبت الفقرة الثانية من الفصل 403 من ق.م.م أن يقدم طلب اعادة النظر خلال 30 يوما ابتداءا من تاريخ تبليغ الحكم المطعون فيه ... و الثابت من خلال شهادة التسليم المؤرخة في 1999/04/26 أن سلف الطاعن قد بلغ بالقرار الاستئنافي المطعون فيه بتاريخ 1999/05/11 ولم يباشر خلفه الطعن باعادة النظر الا بتاريخ 2007/05/29 حسب تأشيرة صندوق كتابة ضبط هذه المحكمة و بالتالي فان هذا الطعن قد قدم بعد میعاده ببضع سنين و لذلك فان الطعن باعادة النظر غير مقبول اجلا".

و من بين الاستثناءات الواردة على هذا الأجل أنه إذا كانت أسباب طلب إعادة النظر في التزوير أو التدليس أو اكتشاف مستندات جديدة لا يسري الأجل إلا من يوم الاعتراف بالزور أو التدليس أو اكتشاف المستندات الجديدة، بشرط أن توجد بالنسبة للحالتين الأخيرتين حجة كتابية على هذا التاريخ غير أنه إذا كانت الأفعال الإجرامية قد ثبت وجودها من طرف محكمة زجرية فإن الأجل لا يسري إلا ابتداء من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم الصادر من المحكمة مكتسبا قوة الشيء المحكوم به. كما أنه إذا كان السبب المثار من أجله طلب إعادة النظر تعارض الأحكام فإن الأجل لا يسري إلا من تاريخ تبليغ الحكم الأخير.

ولا يترتب على الطعن بإعادة النظر وقف تنفيد الأحكام. و عليه فان الطعن بإعادة النظر ليس له أي أثر موقف على الحكم التحكيمي المطعون فيه .

و يتميز الطعن باعادة النظر أنه في حالة قبوله شكلا ومضمونا يرجع الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل صدور الحكم وردت المبالغ المودعة وكذا الأشياء التي قضى بها والتي قد يكون تم تسلمها بمقتضى الحكم المرجوع فيه.

في حين اذا تم رد الطلب فانه يحكم على الطرف الخاسر بالغرامات الوارد في الفصل 407 من ق.م.م. حيث جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 1985/12/06 " أنه فعلا حيث اتضح أن القرار الاستئنافي جاء متناقضا في أجزائه و حيث تبعا لما سبق فان التناقض بين أجزاء القرار يبقى واضحا و علاوة على أن سبب الطعن أحد الأسباب المشار اليها على سبيل الحصر في الفصل 402 ق.م.م يستوجب معه الغاء القرار الاستئنافي المشار اليه اعلاه مع ارجاع الطرفين إلى الحالة التي كان عليها قبل صدوره طبقا للفصل 403 من ق.م.م مع رد الغرامة المودعة لصالح المطالبة".

والحكم بإعادة النظر إذا ارتكز على تعارض في الأحكام قضى هذا الحكم بأن الحكم الأول ينفذ حسب شكله ومضمونه.

خاتمة:

إن تدخل القضاء في عملية التحكيم عن طريق دعوى البطلان أو طرق الطعن الغير العادية يتعرض الغير الخارج عن الخصومة أو بالطعن بإعادة النظر ،يعد رقابة لاحقة يمارسها القضاء على الحكم التحكيمي، وهي رقابة شكلية لأحكام التحكيم لا تتعدى الموضوع النزاع.

كما أن تدخل القضاء يعد غاية في الأهمية ضمانا لسير العملية التحكيمية بشكل عادل، فقضاء الدولة يتدخل تصحيحا للعملية التحكيمية اذا انحرفت عن المسار الذي حدده لها المشرع، حيث يضل القضاء سندا للتحكيم و ضمانا لتحري الدقة في مهام المحكمين و عملية التحكيم فهو ضمان لنجاحها.