الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / الطبيعة القانونية لحكم التحكيم / الكتب / المسئوليةالإجرائية والمدنية للمحكم / الطبيعة التعاقدية للتحكيم والطبيعة القضائية للتحكيم

  • الاسم

    محمود علي عبدالسلام الوافي
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    443

التفاصيل طباعة نسخ

الطبيعة التعاقدية للتحكيم والطبيعة القضائية للتحكيم:

ظهر رأي آخر ذهب إلى أن التحكيم نظام له طابع خاص. وقد رأى أنصار النظرية التعاقدية للتحكيم أن أساسه هو إتفاق أطراف الخصومة سواء بإدراج شرط بذلك في العقد أو بإتفاق خاص مستقل. ويستمد قرار التحكيم قوته التنفيذية من هذا الإتفاق الخاص. ويكون أساس عدم قابلية قرارات التحكيم للطعن والإستئناف هو توافقها مع إرادة الأطراف بالإلتجاء للتحكيم التجاري الدولي.

وذهب أنصار نظرية الطبيعة القضائية للتحكيم إلى أن خطأ النظرية التعاقدية أساسه إعتبار إقامة العدل إحتكاراً للدولة، بينما أن الأفراد من حقهم اختيار القاضي الذي يفصل بينهم، فقد كان التحكيم هو الشكل البدائي لإقامة العدل فى العصور السابقة على ظهور الدولة وتنظيم السلطة القضائية ولا فرق بين اختيار الخصوم للقاضي الذي يفصل بينهم وبين إتجاه إرادتهم إلى عرض النزاع على قضاء الدولة: 

الأول: يتجه نحو قضاء العدالة الخاصة.

بإتفاق ثم يمر بمرحلة إجراءات وينتهي بعمل له طبيعة قضائية هو الحكم وهذا النظر هو الراجح حالياً في الفقه الحديث، وتبرره طبيعة التجارة الدولية التي تقتضي إختيارية التحكيم الذي يؤدي في النهاية إلى حكم يستقل بذاته دون حاجة إلى دعوى أمام القضاء الدولة ينتمي إليها طرف واحد في الخصومة ليصدر فيها حكم ) .

وعلى أي حال - يرى الباحث أن التحكيم التجاري الدولي عند وجود طرفين مختلفي الجنسية قد أصبح قضاءً أصيلاً للتجارة الدولية نتيجة للتطور العالمي الحالي، حيث لم يعد في قدرة القضاء الوطني التصدي لفض منازعات التجارة الدولية بالكفاءة والمقدرة والحسم اللازمة لأنه مقيد بالقواعد الجامدة المحلية التي تختلف من دولة إلى أخرى إختلافاً تاماً. من شأنه عرقلة التجارة الدولية وإحتمال فسخ العقد أو إبطاله فيظل شرط النزاع مستمراً وفعالاً وتستمر هيئة التحكيم في نظر النزاع ثم تصدر حكماً فيه.

وقد انتشر في القرنين العشرين والحادي والعشرين إنشاء مراكز تحكيم دولية دائمة لها لوائح خاصة بها تكون واجبة التطبيق بمجرد اختيار مركز تحكيم معين للفصل في النزاع ، وقد عمم الإلتجاء إلى هذه المراكز بإدراج شرط في العقود الدولية يقضي بذلك، وأصبح هذا الإتجاه ظاهرة عالمية لا إنفكاك منها وأصبحت هذه المراكز الدائمة محل ثقة المتعاملين في التجارة الدولية .

وقد أصبحت كافة العقود الدولية النموذجية النمطية، تتضمن نصوصاً تقضي بفض النزاع الذي قد ينشأ بشأنها عن طريق التحكيم الدولي، ومثال ذلك عقود المنشآت الصناعية و التوريدات الدولية، وعقود بيع الحبوب وهي محاور رئيسة للتجارة الدولية في العصر الحاضر وغالبيتها تحتوي على نص بإختصاص مركز تحكيم غرفة التجارة الدولية في باريس بالفصل في النزاع، بتطبيق لائحة التحكيم الخاصة بالغرفة الدولية (I.C.C). ومن المعروف أن هذه العقود النموذجية الدولية جميعاً لا محل فيها لمبدأ سلطان الإرادة، فهي أقرب إلى عقود إذعان تفرضها الإتحادات المهنية على المستوى العالمي، ولا توجد فيها أية حرية للمتعاقد الآخر. جوهر طبيعة التطورات التي طرأت لتطبيقات التحكيم التجاري الدولي: مع تطوّر التجارة الدولية ومدى إتساعها السريع لتشمل القارات كافة والأكثرية الساحقة من الدول المزدهرة حتى النامية منها، يبدو جلياً أن مفهوم التحكيم التجاري الدولي إتخذ منذ العقود الثلاثة الأخيرة منحى جديداً يتسم بطابع التطور المضطرد والمرن بالنسبة إلى مفهوم السلوك الأخلاقي في ممارسة مهنة التجارة العالمية، بحيث أن مفهوم النظام العام الذي يستند إليه قضاة التحكيم الدولي تطور بشكل واضح و ثابت كرسته قواعد تساعد على بت القضايا المعروضة على بساط السرعة والدرس والبحث والمناقشة، وذلك في سبيل إحقاق الحق وإجراء العدل مع إحترام قواعد الإنصاف والعدالة الدولية التي تشكل المحور الرئيس في قضايا التحكيم التجاري الدولي.

وبالفعل، فبعد أن كان المحكمون يعتمدون فيما مضى قواعد نظامية عرفية تابعة لمجتمع دولي له وسائله ومفاهيمه الخاصة، بحيث يترتب على المحكم، على غرار القاضي الوطني عملاً بمنطوق القوانين الوطنية ونصوص الإتفاقيات الدولية، أن يأخذ فى الاعتبار الأعراف والعادات ليحكم على أساس نظام مجتمع التجار كما ذكرنا ضمن نطاق القواعد والخصوصيات لسلوكياته المهنية .

أخذ الإجتهاد التحكيمي الدولي يعتمد في الآونة الأخيرة تطبيق نظام عام أجنبي (ناشئ عن قانون العقد ( على العقد، دون أن تكون هنالك أي خلفية مثل هذا السلوك ماساً بمبدأ السيادة الوطنية المتعارف عليه تقليدياً.

قواعد النظام العام الداخلية:

ففي العديد الوافر من القرارات التحكيمية الدولية رأي المحكمون ضرورة التقيد بقواعد النظام العام الوطنية التي لها صلة وثيقة بموضوع النزاع المعروض عليهم. فلا يسوغ للفرقاء في العقد الدولي ولو توافقوا على ربط عقدهم بقانون ما إستبعاد القواعد الأساسية التي يفرضها نظام بلد القانون المعين في العقد كما لا يحق لهم إستبعاد تطبيق قانون له صلة عضوية أساسية بالعقد لمجرد الرغبة في إستبعاد قواعده الإلزامية ولا يجوز للمحكمين تلبية رغبة الفرقاء في إستبعاد بعض النظم الأساسية، بل يتحتم عليهم إثارة هذه القواعد عفواً والتقيد بها بإعتبارها مبادئ إلزامية. وذلك لأن المحكم الدولي على غرار أي محكم آخر مبدئياً وهو يتحرّر التقيد بحرفية نص القانون يجدر به أن يعتمد إلزامياً مبادئ وقواعد يقرّها من مفهوم الإنصاف.

وصرح بهذا المعنى ما ذهب إليه محكمو غرفة التجارة الدولية (I.C.C)

في باريس عندما إعتبروا مثل هذا المبدأ جائزاً وأحياناً ملزماً أدبياً. ويبدو جلياً، بحسب العرف الثابت، أن المحكمين يطبقون تلقائياً القواعد النظامية المرتبطة بقانون العقد. وقد أكد على هذا المبدأ إجتهاد غرفة أنه بصرف النظر عن الدفع بالبطلان الذي التجارة الدولية في باريس إذ إعتبر يستطيع أي فريق إثارته، فإن على المحكم إثارة هذا الدفع تلقائياً من بند تعاقدي يخالف النظام العام، كما نفسه والإدلاء بعدم صحة أي إتفاق أو لو كانت القضية معروضة على القضاء المحلي العادي.

الأخذ بمبدأ النظام العام الدولي الأجنبي:

على أن الإستعانة بالنظام العام الوطني المنبثق من القانون المطبق على يجد نفسه مضطراً إلى مراعاة العقد لا تقف عند هذا الحد، بل إن المحكم النظام العام لدولة أجنبية كلّما كان يتعلق بقانون العقد ولو إستبعده فرقاء الخصومة، وذلك عندما يشكل هذا الاستبعاد المباشر أو غير المباشر ضرراً أو إنتهاكاً للمصالح المشروعة التي ترعاها هذه الدولة أو قرارات هيئة التحكيم