التفاصيل طباعة نسخ

في المعنى الاصطلاحي: نجد أن الفقهاء لم يتعرضوا كثيراً لمعنى الحكم ، ويرجع ذلك إلى أنهم اقتصروا على تعريف القضاء للدلالة على الحكم ، لأن القضاء في حقيقته يدور على معنى الفصل بين المتخاصمين ، ولأنّ اللغويين كذلك دأبوا على استخدام القضاء بمعنى الحكم ، واستخدام الحكم بمعنى القضاء . وبالرغم من ذلك نصادف بعض التعريفات المقتضبة للحكم أوردها الفقهاء .

ومن أئمة المالكية نجد تعريف الإمام القرافي الذي يعرف الحكم بأنه :"إنشاء إطلاق وإلزام في مسائل الاجتهاد المتقارب فيما يقع فيه النزاع لصالح الدنيا".

ويلاحظ في هذين التعريفين أنهما لم يتحدثا عن فصل الخصومة صراحة . وعرف الإمام ابن حجر الهيتمي من الشافعية الحكم القضائي بأنه : "ما يصدر عن متول عموماً وخصوصاً راعاً إلى عام من الإلزامات السابقة له في القضاء على وجه مخصوص.

ويلاحظ بأنه لم يتحدث عن فصل الخصومة صراحة كسابقيه، وخرج إلى أركان الدعوي ومنها القاضي، ثم شرط الدعوى ومنها سبق الدعوى.

وفي هذا التعريف الحظ أنه قد خلا من الاعتراضات التي وردت على التعريفات الأخرى ، إلا أنه يرد من ناحية أخرى علا عن قيد مهم في التعريف، وهو من يصدر الحكم ، وهم يصدر من قول أو فعل. ولم يتعد القضاء المعاصر كثيراً في تعينه الحكم مما ذهب إليه الفقهاء ، فتحله يعرف المحكم بأنه "القرار الذي تصدره المحكمة في ممارسة معينة بما لها من سلطة قضائية بحيث يكون من شأنه . حسم النزاع بما يتفق مع حقيقة مراكز الخصوم.

فصل الخصومة يقول أو فعل يصدر عن القاضي ومن في حكمه بطريق الإلزام. والحكم هو ما يصدر عن القاضي ومن في حكمه فاصلاً في الخصومة متضمناً إلزام الحكوم عليه بفعل أو بالامتناع عن فعل أو إيقاع عقوبة مستحقة أو تقرير معنى في محل قابل له.

وبالنظر للتعريفات السابقة نجد أنها جميعاً اشتملت على صفة الإلزام ، وهو ما يؤكد أن أن يستند إلى نص شرعي أو نظامي واجب التطبيق ، ويدخل في ذلك ما نظنه سلطة إصدار الحكم من اتباع للحق في فض الخصومات والمنازعات، وهو ما يتعارف عليه بالسلطة التقديرية للقاضي، أي اعتقاده بمدى تطابق الأحداث مع مقتضيات النص الشرعي، لهذا يظهر أن تعريف ابن العرس للحكم أكثر شمولاً لعدم إغفاله هذا الجانب الذي أصبح اليوم يحتل حيزاً كبيراً في علم القضاء.