الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / تعريف حكم التحكيم وطبيعته / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / فاعلية القضاء المصري في مسائل التحكيم التجاري الدولي /  المقصود بحكم التحكيم

  • الاسم

    محمد عبدالله الطيب
  • تاريخ النشر

    2019-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    570
  • رقم الصفحة

    336

التفاصيل طباعة نسخ

 المقصود بحكم التحكيم

   لم يضع المشرع المصري - كأغلب التشريعات المقارنة - تعريفاً محدداً لحكم التحكيم، إلا أن الفقه القانوني اجتهد لتحديد المقصود بحكم التحكيم فانقسم في ذلك إلى اتجاهين: 

الاتجاه الأول:

   ذهب أنصاره إلى التوسع فيما يمكن أن يعد حكم تحكيم؛ فجعلوا أحكام التحكيم التي تفصل في المنازعات على نحو كلي أو تلك التي تفصل في أحد عناصر المنازعة بشكل جزئي. على هذا الأساس عرفوا حكم التحكيم بأنه "أي قرار يصدر عن هيئة تحكيم ويفصل بشكل نهائي في المنازعات المعروضة عليها كلياً أو جزئياً سواء تعلق بمسألة موضوعية أو بمسألة من مسائل الاختصاص أو بمسألة إجرائية أدت إلى إنهاء خصومة التحكيم".

   انتقد بعض الفقه هذا المسلك على أساس أن توسيع نطاق حكم التحكيم على هذا النحو يؤدي إلى خلط جوهر الحكم وأوصافه وآثاره.

   طبقاً لهذا الاتجاه، القرارات الصادرة من محكمة التحكيم في غير خصومة، لا تعتبر أحكاماً تحكيمية؛ كالقرارات الصادرة عن هيئة التحكيم بتأجيل نظر خصومة التحكيم للاطلاع والاستعداد، أو تحديد مكان انعقاد التحكيم وأيضا القرارات المتعلقة بندب خبير أو سماع شهود، فمثل هذه القرارات لا تعد أحكاما تحكيمية. 

الاتجاه الثاني:

   ذهب أنصاره إلى تضييق المقصود بحكم التحكيم. فيرون أن القرارات الصادرة عن هيئة التحكيم حتى تلك المتعلقة بموضوع النزاع والتي لا تفصل في طلب محدد، لا تعد أحكام تحكيم إلا إذا أنهت منازعة التحكيم بشكل كلي أو جزئي بتلك المثابة، جميع القرارات التي تفصل في مسائل موضوعية مثل صحة العقد الأصلي ومبدأ المسئولية بالمقابلة بمبلغ التعويض لا تعد أحكام تحكيم وإنما قرارات أولية أو تحضيرية لا يمكن أن تكون محلا لدعوى بطلان مستقلة عن حكم التحكيم اللاحق المنهي للخصومة.

   وتعرض هذا الرأي للنقد من جانب بعض الفقه لاستناده إلى فهم ضيق لفكرة الطلبات في دعوى التحكيم ومن ثم - مثلا - قرار هيئة التحكيم بالنسبة للاختصاص يجب أن يعد حكم تحكيم قابلاً للطعن فيه بالبطلان مثل باقي أحكام التحكيم.

   طبقاً لهذه الفقرة من المادة الأولى من اتفاقية نيويورك، سالفة الذكر، يقصد بأحكام المحكمين اثنان:

1- الحكم الذي يصدر من محكمين معينين لنزاع معين قد يتفق عليهم أطراف النزاع.

2- الأحكام التي تصدر من هيئات التحكيم التي يحتكم إليها أطراف النزاع بمعنی أن أطراف النزاع تحتكم إلى هيئة تحكيم من دون تحديد لمحكم معين.

   وقد عرف الفقيه reivier الحكم بأنه "العمل الذي بموجبه يفصل المحكمون في المسائل المتنازع عليها والتي عهد إليهم بالفصل فيها".

   ومن الفقه الفرنسي أيضا تعريف حكم التحكيم بأنه القرار الصادر عن مجموعة من المحكمين، بشكل قاطع في مسألة النزاع المعروض عليهم من قبل أطرافه، وبموجب السلطة التي خولها أولئك لهم بموجب الاتفاق.

   وعلى الرغم من الطابع القضائي لحكم التحكيم، إلا إنه لا يفقد طابعه الاتفاقي من عدة جوانب، أخصها اتفاق التحكيم، هذه الخاصية الأخيرة هي سبيل التمييز بينه وبين الأحكام القضائية العادية، من خلال الاتفاق على تدخل شخص من الغير عند الاختلاف أو التنازع كما هو معروف في التوفيق أو التسوية.

   ويميل الباحث نحو الاتجاه الأول لتعريف حكم التحكيم ليصبح هو ذاك الحكم الناتج عن عمل المحكم وبمقتضاه تم الفصل بشكل حاسم ونهائي كلياً أو جزئياً في نزاع كان معروضاً عليه سواء كان هذا الحكم في الموضوع أو في الاختصاص أو مسألة إجرائية تؤدي في النهاية إلى إنهاء الخصومة ويمكن الطعن عليه بدعوی البطلان.

   القضاء المصري لم يتعرض لتعريف حكم التحكيم بشكل مجرد، وإنما حدث ذلك بمناسبة الفصل في إحدى القضايا حيث قضى ب "لما كانت المادة (52) من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 لم تضع تعريفاً للمقصود بحكم التحكيم موضوع دعوى البطلان، وما إذا كان هو الحكم الذي يصدر من هيئة التحكيم منها للخصومة كلها أم أنه يتسع كذلك للأحكام التي تصدر قبل الحكم المذكور سواء كانت قاضية بصفة نهائية في شق من النزاع أو في مسألة تتعلق بإجراءات الخصومة، ومن ثم فإن الفصل في الدعوى الماثلة يتوقف على تحديد المقصود بحكم التحكيم الذي يقبل الطعن فيه بالبطلان طبقاً للمادة (53) من قانون التحكيم.

   وحيث إنه يبين من الرجوع إلى الأعمال التحضيرية للقانون النموذجي للتحكيم الذي وضعته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي باعتباره المصدر التاريخي القواعد لقانون التحكيم المصري وأن مجموعة العمل كانت قد اتجهت إلى وضع تعريف الحكم التحكيم وذلك بغية تحديد أنواع الأحكام القابلة للطعن فيها بالبطلان طبقاً للمادة (34) من القانون المذكور ومن هنا فقد ميز واضعو المشروع بين نوعين رئيسيين من الأحكام التمهيدية التي تفصل في مسألة أولية أو فرعية دون المساس بصلب النزاع، والأحكام الوقتية التي تتعلق بمسألة إجرائية أو بشق من موضوع النزاع؛ كإثبات مبدأ المسئولية أو نفيها قبل بحث مسألة الأضرار وتقدير قيمتها، وإذا كان واضعو مشروع القانون النموذجي قد فضلوا في نهاية الأمر عدم اشتمال هذا القانون على تعريف لأحكام المحكمين إلا أن الأعمال التحضيرية تعكس بوضوح تصور هؤلاء الحكم التحكيم الذي يقبل الطعن فيه بالبطلان، وأنه الحكم الذي يتضمن فصلا في جميع الطلبات المعروضة على التحكيم أو يتم الفصل فيها برمتها وحيث إنه يبين من استقراء نصوص قانون التحكيم المصري أن المشرع قد تناول صوراً مختلفة من أحكام المحكمين من ذلك الأحكام التي تصدر في الدفوع بعدم الاختصاص شاملة الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه وقد أجاز القانون الهيئة التحكيم أن تحكم فيها قبل الفصل في الموضوع أو أن تقرر ضمها إليه، بيد أنه في حالة القضاء برفض أحد هذه الدفوع فإنه لا يجوز الطعن في هذا القضاء إلا مع الطعن في الحكم المنهي للخصومة كلها وهناك الأحكام التي تأمر بتدابير مؤقتة أو تحفظية أو بتعيين خبير والأحكام الوقتية أو الفاصلة في جزء من الطلبات. ثم الحكم المنهي للخصومة كلها الذي تنتهي به إجراءات التحكيم وولاية المحكمين، وهكذا فإن المشرع المصري أسوة بواضعي قانون اليونسترال النموذجي قد ميز بين نوعين أساسيين من أحكام المحكمين: .

1-الأحكام غير المنهية للخصومة.

2-الأحكام المنهية لها، ثم قصر الطعن بالبطلان على النوع الثاني الذي تنتهي به الخصومة كلها كما تنتهي به إجراءات التحكيم وولاية المحكمين..."

على هذا الأساس يتعين اتصاف حکم التحكيم بخصائص معينة هي:

1- أن يكون حكم التحكيم، صادراً من محكم أو هيئة تحكيم. 

2- أن يكون حكم التحكيم صادراً على نحو قطعي لحسم النزاع، فالحكم الصادر  بالإحالة إلى الخبراء أو سماع شهود لا يعد حكم تحكيم. 

3- أن يكون الحكم صادراً بإلزام الخصوم في النزاع، فحكم التحكيم الذي يتوقف على نفاذه موافقة الأطراف لا يعد من قبيل أحكام التحكيم.