حكم التحكيم / حكم التحكيم / الاحكام القضائية / محكمة النقض بالجمهورية المصرية العربية / الطعن رقم ٦٢٧٥ لسنة ٨٥ قضائية تحكيم " ماهيته " " اتفاق التحكيم " .
بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر / مصطفى ثابت عبدالعال " نائب رئيس المحكمة "، والمرافعة، وبعد المداولة . حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية . وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت على الشركة الطاعنة الدعوى رقم ٣٥٥ لسنة ٢٠١١ محكمة طنطا الاقتصادية والتي قيدت فيما بعد برقم ١٦٤٩ لسنة ٢٠١١ مدنى شبين الكوم الابتدائية وذلك بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدى لها مبلغ ثلاثة وسبعين ألف وخمسمائة يورو والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد وقالت بياناً لذلك إنها قامت بتوريد معدات للشركة الطاعنة بموجب فاتورة شراء وإذ لم تقم بسداد نصف القيمة رغم إنذارها بالسداد أقامت الدعوى، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ ٢٩ / ٤ / ٢٠١٤ بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدى للشركة المطعون ضدها المبلغ المطالب به والفوائد القانونية بواقع ٥% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ٨٨١ لسنة ٤٧ ق طنطا " مأمورية شبين الكوم " وبتاريخ ١٧ / ٢ / ٢٠١٥ قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن الذى عرض على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها . وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول والوجه الأول من السبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ذلك بأنها دفعت الدعوى بعدم القبول لرفعها من غير ذي صفه لأن الشركة المطعون ضدها " المدعية " وضعت تحت التصفية ولم ترفع دعواها من المصفى وإنما رفعت من الممثل القانوني وإذ رفض الحكم هذا الدفع على سند من أن رئيس مجلس إدارة الشركة وهو الممثل القانوني لها أضيفت إليه صفة المصفى على الرغم من عدم اختصامه بتلك الصفة فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه . وحيث إن هذا النعي مردود ذلك، بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن استخلاص توافر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع في الدعوى وهو مما يستقل به قاضى الموضوع وبحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفى لحمله، كما أن من المقرر كذلك أنه متى كان للشركة شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية مديرها وكانت هي المقصودة بذاتها بالخصومة فلا تتأثر بما يطرأ على شخصية هذا الممثل من تغيير، وكان المقرر وفقاً لنص المادة ٥٣٣ من القانون المدني بقاء شخصية الشركة عند حلها بالقدر اللازم للتصفية وإلى حين انتهائها، وكان مدير الشركة يعتبر وفقاً للمادة ٥٣٤ مدنى في حكم المصفى حتى يتم تعيين مصفى للشركة . لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد استخلص سائغاً وفى نطاق سلطته في فهم الواقع توافر الصفة القانونية لممثل الشركة المطعون ضدها في رفع الدعوى الطعين حكمها من أنه رئيس مجلس إدارتها وهو الممثل القانوني لها وقد أضيفت إليه صفة المصفى الاختياري وله كافة الصلاحيات في تمثيل الشركة أمام كافة المحاكم في كافة درجات التقاضي وفقاً لما هو ثابت بالبيان التعريفي للشركة المطعون ضدها بسجل الشركات بميلانو والمرفق بالأوراق ورتب الحكم على ذلك قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير صفة وكان هذا الذى انتهى إليه سائغاً ويكفى لحمله فإن النعي عليه بما ورد بسبب النعي يضحى على غير أساس . وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني والوجه الثالث من السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، وخالف الثابت بالأوراق بأن رفض دفع الطاعنة بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم المنصوص عليه بالاتفاق المؤرخ ٢٦ / ٥ / ٢٠٠٨ المحرر بين الطاعنة والمطعون ضدها على سند من أن الطاعنة ليست طرفاً في هذا الاتفاق المحرر بين المطعون ضدها وشركة كولاما للنسيج في حين أن الشركة الأخيرة هي الاسم التجاري للطاعنة وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه . وحيث إن هذا النعي غير مقبول وذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التحكيم هو طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات وأن التنظيم القانوني للتحكيم يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التي تنشأ أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية فإرادة المتعاقدين هيالتي توجد التحكيم وتحدد نطاقه سواء من حيث المسائل التي يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم أو من حيث أطراف الخصومة التحكيمية وأن النطاق الشخصي لخصومة التحكيم يتحدد بأطراف الاتفاق على التحكيم، ولما كان البين من الاتفاق المؤرخ ٢٦ / ٥ / ٢٠٠٨ الذى تضمن شرط التحكيم أنه محرر بين الشركة المطعون ضدها وشركة كولاما للنسيج ولم تكن الطاعنة " شركة برفكت لصناعة الغزول " طرفاً فيه كما أنه لم يتضمن في خصوص المسائل التي يشملها أي إشارة إلى فاتورة الشراء محل التداعي ومن ثم فإن الحكم إذ انتهى إلى رفض الدفع بعدم القبول للاتفاق على التحكيم التزاماً بالنطاق الشخصي لهذا الاتفاق يكون قد أصاب صحيح القانون وأن تعييبه في هذا الخصوص على قول الطاعنة بأن كولاما للنسيج هي الاسم التجاري لها أياً كان الرأي فيه يضحى غير منتج متى لم تتضمن المسائل التي شملها اتفاق التحكيم فاتورة الشراء سند المطالبة الحالية والتي خلت هي الأخرى من هذا الاتفاق أو أي إشارة إلى العقد الوارد به شرط التحكيم بما يضحى معه النعي بهذا الوجه على غير أساس . وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفى بيان ذلك تقول إن العقد المبرم بينها والمطعون ضدها تضمن الاتفاق على أن يكون القانون الإيطالي هو الذى يحكم أي نزاع ينشأ بمناسبة هذا العقد وإذ قضى الحكم رغم ذلك برفض الدفع بعدم اختصاص القضاء المصري بنظر الدعوى فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه . وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المشرع وضع ضوابط للاختصاص الدولي للمحاكم المصرية فأخذ بضابط الجنسية، وأن جنسية الشخص الاعتباريهي عادة جنسية الدولة التي اتخذ فيها مركز إدارته الرئيسي ويكون موطنه هو المكان الذى فيه ذلك المركز وتختص المحاكم المصرية بالدعاوى التي ترفع على الشخص الاعتباري الذى تثبت له الجنسية المصرية دون نظر إلى جنسية المؤسسين أو الأعضاء أو الشركاء وذلك بتقدير أن للشخص الاعتباري شخصية قانونية مستقلة وجنسية مستقلة وأن المحاكم المصرية لا تختص بنظر الدعوى التي ترفع على الشخص الاعتباريالأجنبي الجنسية إلا إذا كان مركز إدارته الرئيسيفي مصر أو كان له فرع في مصر وتعلق النزاع بنشاط ذلك الفرع كما تختص المحاكم المصرية إذا كانت الدعوى متعلقة بمال موجود في مصر أو بالتزام نشأ أو نفذ أو كان واجباً تنفيذه فيها وقواعد الاختصاص الدولي وإن كانت بالنسبة لحالات عدم اختصاص المحاكم المصرية لا تتعلق بالنظام العام حيث يثبت بقبول الخصوم له رغم عدم توافره قانوناً إلا أنها تتعلق بالنظام العام بالنسبة لحالات اختصاص المحاكم المصرية المقررة قانوناً لتعلقها بالتنظيم القضائي للدولة واستهدافها تحقيق مصلحة عامة هي تحديد ولاية القضاء المصريفي مواجهة السلطات القضائية للدول الأخرى ومن ثم فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفه أي سلب الاختصاص من المحاكم المصرية . لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الشركة الطاعنة المدعى عليها في الدعوى المبتدئة شركة مساهمة مصرية مقرها المنطقة الصناعية بمدينة السادات مما تكون لها الجنسية المصرية ويكون موطنها هو المكان الذى يوجد فيه هذا المقر بما ينعقد معه الاختصاص بنظر الدعوى للمحاكم المصرية كما أن النزاع محل التداعي يتعلق بالتزام تم تنفيذه داخل البلاد المصرية ومن ثم يتحقق ضابط آخر لاختصاص المحاكم المصرية بنظره ولا يغير من ذلك وجود اتفاق على اختصاص القانون الإيطالي فإنه وبفرض أن الطاعنة طرفاً في هذا الاتفاق فإنه لا يسلب الاختصاص من المحاكم المصرية لتعلق قواعد الاختصاص القضائي الدولي بالنظام العام ولا يجوز الاتفاق على مخالفتها وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم المصرية بنظر موضوع النزاع فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس . وحيث إن الطاعنة تنعى بباقي أسباب طعنها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع إذ أقام قضاءه بإلزامها بالمبلغ المحكوم به تأسيساً على ما انتهى إليه تقرير الخبير وإلى فاتورة شراء المعدات سند المطالبة بالرغم من اعتراضها على ما انتهى إليه تقرير الخبير لعدم انتقاله لمعاينة أعمال بناء معمل معالجة الهواء الذى تم توريد المعدات من أجله وأن فاتورة الشراء حددت كيفية سداد الثمن فنصت على نسبة ال ٥٠% المطالب بها تستحق عند انتهاء الشركة المطعون ضدها من أعمال بناء المعمل ولم تقدم الأخيرة ما يثبت ذلك وإذ التفت الحكم عن ذلك الدفاع وعن طلب إعادة الدعوى للخبير لبحث اعتراضاتها على التقرير فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه . وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها ولها في حدود سلطتها الموضوعية أن تأخذ بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير للأسباب التي أوردها في تقريره والتي تعتبر بذلك جزء من الحكم فلا تكون ملزمة من بعد بالرد استقلالاً على المطاعن التي وجهت إليه لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير كما أنها غير ملزمة بإجابة طلب إعادة المأمورية إلى الخبير متى وجدت في أوراق الدعوى وعناصرها الأخرى ما يكفى لتكوين عقيدتها للفصل فيها . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي قد اطمأن إلى ما خلص إليه الخبير المنتدب في الدعوى لكفاية أبحاثه وسلامة الأسس التي بنى عليها النتيجة التي انتهى إليها في تقريره من أن الشركة الطاعنة ذمتها مشغولة بالمبلغ المحكوم به مقابل باقي قيمه المعدات الموردة إليها من الشركة المطعون ضدها ودلل على ذلك بما ورد بمحضر اجتماع الجمعية العمومية العادية للشركة الطاعنة المؤرخ ١٦ / ١٢ / ٢٠٠٩ الذى تضمن اعتماد ديونها قبل الغير ومنها الدين المطالب به وبأنها لم تقدم أي مستندات تثبت خلاف ذلك وكانت هذه الأسباب سائغة ولها أصلها الثابت بالأوراق وتؤدى إلى النتيجة التي انتهت إليها بغير مخالفة للقانون فإن ما تثيره الطاعنة بهذا السبب لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات وتقارير الخبرة المقدمة فيها مما لا تجوز إثارته لدى هذه المحكمة ويضحى النعي على غير أساس . ولما تقدم، يتعين رفض الطعن . لذلك رفضت المحكمة الطعن وألزمت الطاعنة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة وأمرت مصادرة الكفالة . أميـن الســر نائب رئيس المحكمة