بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / محمد خيرى، والمرافعة، وبعد المداولة. حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم ١٨٨ لسنة ٢٠٠٤ مدنى محكمة السويس الابتدائية بإلزام المطعون ضدهم برد مبلغ ٤٣٠٢٩٩.٨٥ جنيهاً والفوائد تأسيساً على أن الهيئة المطعون ضدها الثانية حصلت منه رسوم الفحص عن رسائل المواشي تزيد عن المقابل المقرر قانوناً، بما يحق له استردادها، ومن ثم أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت برفض الدعوى. استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم ٧٥٣ لسنة ٣٠ق. الإسماعيلية " مأمورية السويس "، وبتاريخ ١٧ / ١٢ / ٢٠٠٧ قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها وللخصوم والنيابة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى تتوافر عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه وليس على جزء آخر فيه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن، وأن مسألة الاختصاص الولائي تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على المحكمة إذ الحكم في موضوع الدعوى يشتمل حتماً على قضاء ضمنيفي الاختصاص والطعن على الحكم الصادر في الموضوع ينسحب بالضرورة وبطريق اللزوم على القضاء في الاختصاص سواء أثار الخصوم مسألة الاختصاص أو لم يثيروها وسواء أبدتها النيابة العامة أو لم تبدها فواجب المحكمة يقتضيها أن تتصدى لها من تلقاء نفسها، وإذ كان المقرر أن الهيئة العامة للرقابة على الصادرات تقوم بتحصيل نوعين من المبالغ، أولهما : رسوم الفحص المقررة طبقاً لنص المادة (١٤) من القانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٧٥ المشار إليه، والملحق رقم ٨ المرفق بالقرار رقم ٢٧٥ لسنة ١٩٩١ وتعديلاته . وثانيهما: مقابل الخدمات التي تقدمها الهيئة في حدود اختصاصها عن أعمال الفحص والفرز والتحكيم، والمحدد فئاتها بواقع عشرة جنيهات عن كل رأس من الإبل والأبقار الحية وجنيهين عن كل رأس من الأغنام الحية. وحيث إن الرسم هو فريضة مالية تستأدى جبراً، وبقيمة ثابتة بالنسبة إلى مختلف المستفيدين منه، وطوال سريان السند التشريعي الذى فرضه، وذلك مقابل خدمة محددة يقدمها الشخص العام لمن يطلبها عوضاً عن تكلفتها، وإن لم يكن بمقدارها .
وحيث إن الثابت أن المبالغ محل المنازعة هي عبارة عن مقابل للخدمات التي تقدمها الهيئة العامة للصادرات والواردات للمصدرين والمستوردين في حدود اختصاصها القانوني عن أعمال الفحص والفرز والتحكيم، التي عينها قرار إنشائها والقانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٧٥ المشار إليهما، والمادتان الخامسة والسادسة من القانون رقم ١٥٥ لسنة ٢٠٠٢ بشأن تنمية الصادرات والقرارات المنفذة له، وتفرض على المستفيدين منها بفئة ثابتة لا تقبل تفاوضاً، وبواقع عشرة جنيهات لكل رأس من الإبل أو الأبقار الحية، وجنيهين لكل رأس من الأغنام الحية ومن ثم فإنها تعد بحسب تكييفها القانوني الصحيح رسماً تكميلياً، وتسرى عليه الأحكام الخاصة بالرسوم في شأن الاختصاص القضائي بنظر المنازعات المتعلقة به والفصل فيها، وأن المشرع قد أقر بالطبيعة الإدارية للطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم فقد نصت على هذا الاختصاص المادة (١٠) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢ بشأن مجلس الدولة التي عقدت في البند السادس منها الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم وفقاً للقانون الذى ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدولة وإذ كان المرجع في تحديد مقدار الرسوم الجمركية وعناصرها ومقوماتها، والسلع الخاضعة لها، والملتزمين بسدادها، هو قانون هذه الرسوم . وكانت المنازعة تدور حول أحقية الطاعنة في استرداد الرسوم التي حصلتها المطعون ضدها الثانية منها نظير الخدمة المشار إليها ومن ثم ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لجهة القضاء الإداري بمجلس الدولة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وتصدى للفصل في موضوع الدعوى، بما يكون قد فصل ضمناً باختصاص محاكم القضاء العاديبنظره، فإنه يكون قد خالف قاعدة من قواعد الاختصاص الولائيوهي قاعدة آمرة متعلقة بالنظام العام بما يوجب نقضه. ولما كان اختصاص المحكمة شرطاً لجواز الحكم في موضوع الحق المتنازع عليه فإن من شأن نقض الحكم لسبب يتعلق بهذا الاختصاص نقضه بالتبعية فيما تطرق إليه من قضاء في الموضوع وبالتالي يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظرها مع الإحالة . لذلك نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وفى موضوع الاستئناف رقم ٧٥٣ لسنة ٣٠ ق. الإسماعيلية بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر النزاع والإحالة إلى القضاء الإداري بمجلس الدولة . أمين السر نائب رئيس المحكمة