بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر / أحمد كمال حمدي " نائب رئيس المحكمة "، والمرافعة، وبعد المداولة . حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية . وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على البنك المطعون ضده الدعوى رقم ١١٥ لسنة ٢٠١٤ تجارى جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بتعيين محكم عنه - البنك - وقالت بياناً لذلك إن البنك المذكور قد امتنع عن إرسال كشوف حسابات مؤيدة بالمستندات عن كل تعامل بينهما وسعر العمولات والمصروفات البنكية وتاريخ تعليتها بالمخالفة للبند ١٥ من عقد الرهن التجاري الرسمي المحرر بينهما المؤرخ في ٢٥ / ١١ / ١٩٩٧، وكان مفاد البند ١٣ منه أن تسوية المنازعات أو الخلافات أو المطالبات الناشئة عنه تتم بطريق الاتفاق الودى بينهما ويجوز الاتفاق على تسويتها بطريق التحكيم، وإذ رفض البنك تعيين محكم رغم إنذاره بذلك في ٢٨ / ٥ / ٢٠١٤ أقامت الدعوى وأجابتها المحكمة إلى طلباتها بحكم استأنفه البنك المطعون ضده لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ١٨٧ لسنة ١٣٢ ق، وبتاريخ ٢٦ / ٥ / ٢٠١٥ قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم لمخالفته قواعد الاختصاص النوعي وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها . وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بصدوره عن المحكمة المدنية رغم أن النزاع الذى طلبت الطاعنة تعيين محكم للفصل فيه عن طريق التحكيم يتعلق بعمليات البنوك المنصوص عليها في الباب الثالث من قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ والتي تختص بنظر المنازعات الناشئة عنها المحاكم الاقتصادية إعمالاً للفقرة السادسة من قانون إنشائها رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨، وإذ كان الاختصاص بنظر طلب تعيين محكم ينعقد للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع طبقاً للمادتين ٩، ١٧ من القانون ٢٧ لسنة ١٩٩٤، ومن ثم تختص المحكمة الاقتصادية بنظر دعوى تعيين المحكم، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بقضائه في موضوع الدعوى بما ينطوي على قضاء ضمني بالاختصاص يكون قد خالف قواعد الاختصاص النوعي المتعلق بالنظام العام مما يعيبه ويستوجب نقضه . وحيث إن هذا النعي في سديد، ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز للنيابة العامة كما هو الشأن بالنسبة للخصوم ولمحكمة النقض إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم، كما أن من المقرر أن مؤدى المادة ١٠٩ من قانون المرافعات أن مسألة الاختصاص بسبب نوع الدعوى أو قيمتها من النظام العام فتعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على المحكمة ويعتبر الحكم الصادر في الموضوع مشتملاً حتماً على قضاء ضمني فيها، كما أن من المقرر أيضاً أن المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع هي التي يطلب إليها تعيين المحكم عن الخصم الذى لم يعين محكماً عنه، وذلك على ما تقضى به المادتان ٩، ١٧ من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ المعدل، وكانت المحاكم الاقتصادية بدوائرها الابتدائية والاستئنافية هي المختصة - دون غيرها - بنظر المنازعات الناشئة عن تطبيق قانون التجارة في شأن عمليات البنوك طبقاً لحكم الفقرتين السادسة والأخيرة للمادة السادسة من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨، وكان النزاع مثار التداعي يتعلق ابتداءً بامتناع البنك المطعون ضده عن إرسال كشوف حسابات مؤيدة بالمستندات عن كل تعامل بينه والشركة الطاعنة وسعر العمولات والمصروفات وتاريخ تعليتها على حساب الشركة المذكورة وهو ما تشمله وتتسع له أعمال البنوك التي يستدعى الفصل فيها تطبيق أحكام قانون التجارة بشأن عمليات البنوك المنصوص عليها في الباب الثالث منه والتي تختص بنظرها - ابتداءً - الدوائر الاستئنافية في المحاكم الاقتصادية - دون غيرها - وفقاً لحكم الفقرتين سالفتي الذكر من القانون المشار إليه باعتبار أن المنازعة محل التداعي غير مقدرة القيمة، ومن ثم تكون المحكمة المختصة بنظر دعوى تعيين محكم للفصل في تلك المنازعة عن طريق التحكيم هي الدائرة الاستئنافية في المحكمة الاقتصادية باعتبارها المختصة أصلاً بنظر النزاع وفقاً لحكم المادتين ٩، ١٧ من قانون التحكيم سالف الذكر، وإذ خالف الحكم الابتدائي هذا النظر وسايره - في ذلك - الحكم المطعون فيه الذى مضى في نظر الاستئناف المقام طعناً على الحكم الصادر بتعيين محكم منطوياً بذلك على قضاء ضمني باختصاصه بنظر الدعوى فإنه يكون قد خالف قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام ولا يقدح في ذلك أن القرار الصادر بتعيين محكم انتهائي غير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن على ما تقضى به الفقرة الثالثة من المادة ١٧ من قانون التحكيم سالف الذكر، إذ إن مناط إعمال هذه القاعدة ألّا يكون هذا القرار - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قد تم بإجراء مخالف للقانون أو لاتفاق الطرفين وألّا تكون المحكمة مصدرته قد خالفت قواعد الاختصاص الولائي أو النوعي أو القيمي على ما تقضى به المادة ٢٢١ من قانون المرافعات فإن وقع القرار مخالفاً لهذا أو ذاك فلا يكون معصوماً من الطعن وهو ما التزم به قضاء الحكم الطعين بيد أنه إذ ساير - بدوره - الحكم الابتدائي في مخالفته قواعد الاختصاص النوعي المتعلقة بالنظام العام يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يعيبه ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجه لبحث أسباب الطعن . وحيث إنه لما كانت المادة ٢٦٩ / ١ من قانون المرافعات تنص على أنه " إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص، تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة " ولما تقدم يتعين الحكم في الاستئناف رقم ١٨٧ لسنة ١٣٢ ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وعدم اختصاص المحكمة الابتدائية المدنية نوعياً بنظر الدعوى واختصاص الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية ابتداءً بنظرها . لذلك حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضده المصروفات ومائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وحكمت في الاستئناف رقم ١٨٧ لسنة ١٣٢ ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة الابتدائية المدنية بنظر الدعوى وباختصاص المحكمة الاقتصادية الاستئنافية ابتداءً بنظرها وألزمت المستأنف ضده المصروفات ومبلغ مائة وخمسه وسبعين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة . أميـن الســر نائب رئيس المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر / أحمد العزب " نائب رئيس المحكمة "، والمرافعة، وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاع الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام لدى محكمة استئناف القاهرة الدعوى رقم ٤٦ لسنة ١٢٩ ق على الشركة الطاعنة بطلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم في الدعوى التحكيمية رقم ٧٢٤ لسنة ٢٠١٠ الصادر بتاريخ ٧ من مارس سنة ٢٠١١ وتصحيحه وتفسيره الصادر بتاريخ ٢٨ من مارس سنة ٢٠١١ من مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي وفي الموضوع ببطلانهما، وقال بياناً لذلك أن الطاعنة لجأت إلى التحكيم بناء على شرط التحكيم الوارد في العقد المبرم بينهما بتاريخ ٢٣ من يناير سنة ٢٠١٠ والذي اسندت إليه بموجبه إخراج مسلسل تلفزيوني، وأصدرت هيئة التحكيم حكمها بإلزام المطعون ضده بأن يرد للشركة الطاعنة مبلغ ٥٨٢٥٩٠ جنيه والفوائد القانونية بواقع ٥% سنوياً من تاريخ المطالبة الحاصل في ١٠ من يناير سنة ٢٠١١ وحتى تاريخ الحكم، وبإلزامه بأن يدفع لها مبلغ ٢٠٠٠٠٠ جنيه تعويضاً عما لحقها من أضرار، وإلزامه بالمصروفات وأتعاب التحكيم، ثم أصدرت حكمها بتصحيح وتفسير الحكم سالف البيان، وإذ شاب حكم التحكيم البطلان لعدم إعلانه بإجراءات الدعوى التحكيمية إعلاناً صحيحاً مما حال دون تقديم دفاعه فيها ولتجاوزه حدود اتفاق التحكيم، فقد أقام الدعوى ببطلانه . وبتاريخ ٦ من فبراير سنة ٢٠١٣ قضت المحكمة ببطلان حكم التحكيم الصادر في دعوى التحكيم رقم ٧٢٤ لسنة ٢٠١٠ بتاريخ ٧ من مارس سنة ٢٠١١ والصادر له حكم تصحيح وتفسير بتاريخ ٢٨ من مارس سنة ٢٠١١ من مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه جزئياً، وإذ عُرِضَ الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعي الطاعنة بالسبب الأول والوجه الأول من السبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه البطلان للتناقض والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت في الأوراق، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت بالدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد فوات أكثر من تسعين يوماً من تاريخ إعلان حكم التحكيم للمطعون ضده وفقاً للمادة ٥٤ / ١ من قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بقبول الدعوى شكلاً لعدم اتصال علم المطعون ضده بحكم التحكيم بما يجعل ميعاد الطعن عليه مفتوحاً أخذاً بالشهادة الصادرة من إدارة البريد بارتداد الخطاب المسجل بإعلانه بالحكم على عنوانه المدون في عقد الإخراج مثار النزاع – بعد تسليمه لجهة الإدارة لغلق المسكن – مؤشراً عليه بعبارة " عزِّل "، في حين أنه اعتد بصحة إعلان المطعون ضده بإجراءات الدعوى التحكيمية على ذات العنوان، ورغم أن تذييل حكم التحكيم بالصيغة التنفيذية يُعد دليلاً قاطعاً على صحة إعلان المطعون ضده به وانقضاء ميعاد رفع دعوى البطلان عنه، الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن النص في الفقرة الأولى من المادة ٥٤ من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية على أن " ترفع دعوى بطلان حكم التحكيم خلال التسعين يوماً التالية لتاريخ إعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه " يدل على أن ميعاد إقامة دعوى بطلان حكم التحكيم لا ينفتح إلا بإعلان ذلك الحكم للمحكوم عليه، وأن إعلان الحكم إلى المحكوم عليه والذي يبدأ به ميعاد الطعن فيه في الأحوال التي يكون فيها المذكور قد تخلف عن حضور جميع الجلسات المحددة لنظر الدعوى ولم يقدم مذكرة بدفاعه يخضع – وعلى ما انتهت إليه هيئتا المواد الجنائية والمواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية لهذه المحكمة – لنص الفقرة الثالثة من المادة ٢١٣ من قانون المرافعات التي استوجبت إعلان الحكم لشخص المحكوم عليه أو في موطنه الأصلي لمن يقرر أنه وكيله أو أنه يعمل في خدمته أو أنه من الساكنين معه من الأزواج والأقارب والأصهار، وينبني على ذلك أنه عندما يتوجه المحضر لإعلان الحكم ويجد مسكن المحكوم عليه مغلقاً فإن هذا الغلق الذي لا تتم فيه مخاطبة من المحضر مع أحد ممن أوردتهم المادة العاشرة من قانون المرافعات لا يتحقق فيه لا العلم اليقيني للمحكوم عليه ولا العلم الظني، ومن ثم فإن إعلان الحكم في هذه الحالة لجهة الإدارة لا ينتج بذاته أثراً في بدء ميعاد الطعن فيه ما لم يُثبت المحكوم له أو صاحب المصلحة في التمسك بتحقق إعلان المحكوم عليه بالحكم أن الأخير قد تسلم الإعلان من جهة الإدارة أو الكتاب المسجل الذي يخبره فيه المحضر أن صورة الإعلان بالحكم سُلِّمت إلى تلك الجهة، فعندئذ تتحقق الغاية من الإجراء بعلمه بالحكم الصادر ضده عملاً بالمادة ٢٠ من قانون المرافعات وينتج الإعلان أثره وتنفتح به مواعيد الطعن . لما كان ذلك، وكانت الأوراق قد خلت من دليل على قيام الطاعنة بإثبات تحقق إعلان المطعون ضده بحكم التحكيم موضوع التداعي بتسلم الأخير الإعلان من جهة الإدارة أو الكتاب المسجل الذي يخبره فيه المحضر أن صورة الإعلان بالحكم سُلِّمت إلى تلك الجهة، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بقبول الدعوى شكلاً على سند من أن صورة إعلان حكم التحكيم سُلِّمت لجهة الإدارة مؤشراً عليها بإخطار المطعون ضده بذلك بكتاب مسجل وأفادت الإدارة العامة للبريد بارتداد هذا المسجل بتأشيرة " عزِّل " بما مفاده عدم اتصال علم المطعون ضده بحكم التحكيم ويظل ميعاد الطعن عليه مفتوحاً، فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويضحى ما تثيره الطاعنة بسبب النعي على غير أساس .
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول أن حكم التحكيم حدد عناصر الضرر المقضي عنه بالتعويض في أمور ووقائع منسوبة للمطعون ضده وحده ولم يستند إلى مسئولية الأخير كمخرج للعمل الفني عن تقاعس كاتب السيناريو – بوصفه تابعاً له – في إنجاز العمل المكلف به، بيد أن الحكم المطعون فيه حرَّف الواقع بإيراده أن حكم التحكيم أسَّس قضاءه بالتعويض على أحكام مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه ومن ثم قضى ببطلانه كلياً لتجاوزه حدود اتفاق التحكيم دون أن يورد سبباً لبطلان ذلك الحكم في شقه المتعلق برد ما تقاضاه المطعون ضده من مبالغ عن عقد الإخراج بعد انفساخه رغم إمكان فصله عن الشق الخاص بالتعويض، ورغم سقوط حق المطعون ضده في إبداء الدفع بتجاوز شرط التحكيم فيما يخص شق التعويض لعدم التمسك به أمام هيئة التحكيم، والذي قصر طلبه بالبطلان عليه، بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك بأنه لما كان النص في المادة ٥٣ (١) من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ بشأن التحكيم على أنه " لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال الآتية : (أ) ...... (ب) ..... (ج) ..... (د) ...... (ه) ..... (و) إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو جاوز حدود هذا الاتفاق. ومع ذلك إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له فلا يقع البطلان إلا على الأجزاء الأخيرة وحدها (٢) وتقضى المحكمة التي تنظر دعوى البطلان من تلقاء ذاتها ببطلان حكم التحكيم إذا تضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية." مفاده أنه إذا فصل حكم هيئة التحكيم في مسائل خاضعة للتحكيم وأخرى غير خاضعة له أو إذا تضمن ما يخالف النظام العام في بعض أجزائه أو في شق منه وأمكن فصل بعضها عن البعض الآخر، فإن البطلان لا يقع إلا على أجزاء الحكم المتعلقة بالمسائل غير الخاضعة لاتفاق التحكيم وتلك التي خالفت النظام العام وحدها دون باقي أجزاء الحكم . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى بطلان حكم التحكيم برمته لتجاوز حدود عقد الإخراج الذي تضمن شرط التحكيم بقضائه بإلزام المطعون ضده بالتعويض لمسئوليته عن خطأ كاتب السيناريو أخذاً بأحكام مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه حال إبرام الطاعنة عقداً مستقلاً مع الأخير غير خاضع لشرط التحكيم، ومدَّ البطلان إلى الشق الآخر من حكم التحكيم المتعلق بإلزام المطعون ضده برد ما تقاضاه عن عقد الإخراج بعد انفساخه دون أن يبين بمدوناته أسباب قضائه بالبطلان في هذا الشق، ورغم إمكان فصله عن الجزء المقال ببطلانه الخاص بالتعويض، بما يعيبه بالقصور في التسبيب الذي جرَّه إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه مما يوجب نقضه جزئياً في هذا الخصوص .
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثاني من السبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، إذ أغفل الرد على دفاعها ودفوعها الجوهرية المؤيدة بالمستندات الواردة بمذكرتها المقدمة بجلسة ٥ من يناير سنة ٢٠١٣ والتي أوضحت فيها كذلك أن مزاعم المطعون ضده في صحيفة دعواه تعد في حقيقتها تعييباً لقضاء التحكيم في موضوع النزاع وسلامة فهمه للواقع وهو ما لا تتسع له دعوى بطلان حكم التحكيم باعتبارها ليست طعناً بالاستئناف عليه، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المادة ٢٥٣ من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بنى عليها الطعن وإلا كان باطلاً إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرفه تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منه كشفاً وافياً نافياً عنه الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه وإلا كان النعي غير مقبول، ومن ثم فإن كل سبب يراد التحدي به يجب أن يكون مبيناً بياناً دقيقاً ولا غنى عن ذلك حتى لو أحال الطاعن إلى ورقة أخرى قدمت في الطعن ذاته . لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تورد في صحيفة طعنها بالنقض مواطن القصور والخطأ الذي تنسبه إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه، كما لم تفصح عن ماهية الدفاع والدفوع التي تعيب على الحكم أنه أغفل الرد عليها، فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون مجهلاً ومن ثم غير مقبول .
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه جزئياً، وألزمت المطعون ضده المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة للفصل فيها مجدداً بهيئة مغايرة .