بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر / حسين توفيق " نائب رئيس المحكمة "، والمرافعة، وبعد المداولة .
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم ٤٦٢ لسنة ٢٠٠١ مدنى شمال الجيزة الابتدائية ضد الطاعنين والمطعون ضده الثاني بطلب الحكم بصفة مستعجلة بفرض الحراسة على مستشفى الدكتور على باشا إبراهيم وتعيين المطعون ضدها الأولى حارسًا بلا أجر لإدارة المستشفى وتوزيع صافى الأرباح على الشركاء، وفى الموضوع بإلزامهم بأن يؤدوا لها مبلغ خمسمائة ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية، وقالت بياناً لذلك إنهم يمتلكون على الشيوع كامل أرض وبناء مستشفى الدكتور على باشا إبراهيم الكائنة بميدان فيني بالدقي، وإذ بدأت حالة المستشفى في التدهور نتيجة الإهمال وعدم الصيانة فقد اتفقت مع مورث الطاعنين والمطعون ضده الثاني على تجديد وصيانة المستشفى بموجب عقد الاتفاق المؤرخ ١٨ / ٧ / ١٩٩٩ على قيامها بتمويل عملية إحلال وتجديد المستشفى على أن يقوم الطاعنان والمطعون ضده الثاني بسداد نصيبهم في قيمة القرض والفوائد الذى حصلت عليه المطعون ضدها الأولى لعمل الصيانة والتجديد، وعدم صرف أي أرباح لحين الوفاء بقيمة القرض، وقد بلغت تكاليف الصيانة مبلغ ٨٥٠٠٠٠ جنيه، وإذ تنصل الطاعنان والمطعون ضده الثاني من عقد الاتفاق ورفضوا سداد قيمة المستحق عليهم وأقاموا دعوى بفرض الحراسة على المستشفى، كما تقدموا بطلب لمديرية الصحة لغلق المستشفى ووقف نشاطها، بغية الإضرار بالمطعون ضدها الأولى، فأقامت الدعوى، وجهت الطاعنة الأولى طلباً عارضاً بفرض الحراسة على المستشفى وتعيين الحارس صاحب الدور، ندبت المحكمة خبيراً ثم لجنة ثلاثية، وجهت الطاعنة طلباً عارضاً آخر بإلزام المطعون ضدهم عدا الثاني بأن يؤدوا لها مبلغ مليون وسبعمائة وخمسين ألف جنيه قيمة نصيبها في ريع المستشفى محل التداعي وإيداعه خزينة المحكمة على ذمة الفصل في الدعوى وبصفة مستعجلة بتقدير نفقة شهرية لها من قيمة الريع المستحقة لها بمبلغ مائة ألف جنيه وإلزام الخصوم المدخلين المطعون ضدهم – الثالث وحتى الخامس – بتقديم ما تحت أيديهم من المستندات وإلزامهم بمبلغ خمسة ملايين جنيه تعويضاً لها، كما تدخل الطاعن الثاني في الطلب العارض بطلب الحكم له بريع حصته في عين التداعي وتقدير نفقة مؤقتة له، وجهت المطعون ضدها الأولى طلباً عارضاً بإلزام الطاعنين والمطعون ضده الثالث بأن يؤدوا لها قيمة ما يخصم من تكاليف تجديد وصيانة المستشفى كلُّ حسب نصيبه وفق ما انتهى إليه تقرير الخبير ومبلغ خمسمائة ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار التي أصابتها . طعنت الطاعنة الأولى بالتزوير على فاتورة أعمال تجديد وصيانة المستشفى، وأعلنت شواهد التزوير، ندبت المحكمة خبيراً لتحقيق الطعن، وبعد أن أودع الخبير تقريره قضت بتاريخ ٢٥ / ٣ / ٢٠١٣ برفض الطعن بالتزوير وبإعادة الدعوى للمرافعة، وفى الطلب المستعجل المبدى من المطعون ضدها الأولى والطاعنة، بفرض الحراسة القضائية على المستشفى وتعيين صاحب الدور حارساً قضائياً لاستلام موجوداتها وإدارتها وتوزيع صافى الأرباح على الشركاء، وفى الطلب العارض المبدى من الطاعنين بطلب تقدير نفقة مؤقتة لهما من ريع المستشفى بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظره، وبتاريخ ٣٠ / ٥ / ٢٠١٣ حكمت المحكمة أولاً : بعدم قبول طلب الطاعنة بإدخال خصوم جدد في الدعوى وهم " المطعون ضدهم من الثالث حتى الخامس "، ثانياً : برفض الطلب العارض المبدى من الطاعنة والخصم المتدخل . ثالثاً: في الدعوى الأصلية ١ - بإلزام الطاعنة الأولى بأن تؤدى للمطعون ضدها الأولى مبلغ ١٣٣٣٠٥.٧٥ جنيه قيمة نصيبها في القرض بعد تحميله بفائدة ٢٠% اعتبار من تاريخ عقد الاتفاق في ١٨ / ٧ / ١٩٩٩ حتى تمام السداد ومبلغ ٤٩٤٦٢.٩٣ جنيه عائد استثمار المبلغ المنصرف بمعرفة المطعون ضدها الأولى وفائدة ٧% من ذات التاريخ حتى السداد، ومبلغ ٦٨٤٥٦.٧ جنيه نصيبها في باقي تكاليف المستشفى. ٢ - إلزام المطعون ضده الثاني بأن يؤدى للمطعون ضدها الأولى مبلغ ٤٦٦٥٧.١٢٥ جنيه قيمة نصيبه في القرض بعد تحميله بفائدة ٢٠% اعتبار من تاريخ عقد الاتفاق في ١٨ / ٧ / ١٩٩٩ حتى تمام السداد ومبلغ ١٧٣١١.٩٩٤ جنيه عائد استثمار المبلغ المنصرف بمعرفة المطعون ضدها الأولى وفائدة ٧% من ذات التاريخ حتى السداد، ومبلغ ٢٣٩٥٩.٦٢٤٥ جنيه نصيبه في باقي تكاليف المستشفى. ٣ - بإلزام الطاعن الثاني بأن يؤدى للمطعون ضدها الأولى مبلغ ٤٦٦٥٧.١٢٥ جنيه قيمة نصيبه في القرض بعد تحميله بفائدة ٢٠% اعتبار من تاريخ عقد الاتفاق في ١٨ / ٧ / ١٩٩٩ حتى تمام السداد ومبلغ ١٧٣١١.٩٩٤ جنيه عائد استثمار المبلغ المنصرف بمعرفة المطعون ضدها الأولى وفائدة ٧% من ذات التاريخ حتى السداد، ومبلغ ٢٣٩٥٩.٦٢٤٥ جنيه نصيبه في باقي تكاليف المستشفى. ٤ - إلزام الطاعنين والمطعون ضده الثاني بأن يؤدوا للمطعون ضدها الأولى مبلغ خمسمائة ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بها كلُّ حسب نصيبه. استأنفت الطاعنة الأولى هذا الحكم بالاستئنافين رقمي ٤٩١٧، ٩٠٦٣ لسنة ١٣٠ ق لدى محكمة استئناف القاهرة " مأمورية استئناف الجيزة " كما استأنفته المطعون ضدها الأولى بالاستئناف رقم ٨٤٤٢ لسنة ١٣٠ ق أمام ذات المحكمة، كما استأنفه الطاعن الثاني بالاستئناف رقم ٩٢٣٩ لسنة ١٣٠ ق لدى ذات المحكمة، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الأربعة قضت بتاريخ ١١ / ٣ / ٢٠١٥ أولاً: في الاستئناف رقم ٤٩١٧ لسنة ١٣٠ ق بعدم جواز الاستئناف، ثانياً: في الاستئنافات أرقام ٨٤٤٢، ٩٠٦٣، ٩٢٣٩ لسنة ١٣٠ ق برفضهم وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى بها الطاعنان في مجملهم على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفى بيان الوجه الأول من السبب الأول والوجه الأول من السبب الثالث والوجه الثاني من السبب الرابع، يقولان إن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم المتفق عليه بالعقد المؤرخ ١٨ / ٧ / ١٩٩٩، استناداً إلى أن هذا الشرط لا ينصرف إلى خلف أطرافه وأن الطاعنين لم يتمسكا بهذا الشرط أمام محكمة أول درجة وتمسكا به أمام محكمة الاستئناف، في حين أن الطاعنين تمسكا بهذا الدفع أمام محكمة أول درجة قبل إبداء أي دفوع أو طلبات أو تدخلات، كما تمسكا بحجية الحكم الصادر في الدعوى رقم ٣٥٨ لسنة ٢٠٠١ مدنى الجيزة الابتدائية والذى قضى بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، مما يعيبه ويوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه متى كان الحكم سليماً في النتيجة التي انتهى إليها فإنه لا يبطله ما تكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية، إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب بغير أن تنقضه، كما أنه من المقرر أن التحكيم – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – طريق استثنائي لفض المنازعات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية ولا يتعلق شرط التحكيم بالنظام العام فلا يجوز للمحكمة أن تقضى بإعماله من تلقاء نفسها، وإنما يتعين التمسك به أمامها ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمناً ويسقط الحق فيه فيما لو أثير بعد الكلام في الموضوع، إذ يعتبر السكوت عن إبدائه قبل نظر الموضوع نزولاً ضمنياً عن التمسك به . لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق ومن محاضر جلسات محكمة أول درجة والمذكرات المقدمة من الطاعنين أنها قد خلت من التمسك بالدفع بشرط التحكيم وأنهما لم يتمسكا بهذا الدفع إلا بصحف الاستئناف، ومن ثم يكون الطاعنان قد أسقطا حقهما في إبداء هذا الدفع سالف البيان لسبق التكلم في الموضوع، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض هذا الدفع، فإنه يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة ولا يعيبه ما اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية فيما تضمنته من أن هذا الشرط الذى أبرمه مورثهما لا ينصرف إلى خلف أطرافه، إذ لمحكمة النقض تصحيح هذه الأسباب دون أن تنقضه، ويضحى ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه – أياً كان وجه الرأي فيه – غير منتج، وبالتالي فهو غير مقبول . فضلاً عن أن إقامة الطاعنين للدعوى رقم ٣٥٨ لسنة ٢٠٠١ مدنى الجيزة الابتدائية بالمطالبة ببطلان عقد الاتفاق المؤرخ ١٨ / ٧ / ١٩٩٩ يعد تنازل منهما عن التمسك بشرط التحكيم، ويضحى النعي على غير أساس .
وحيث ينعى الطاعنان بالوجه الثاني من السبب الأول والوجه الثالث من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه أنه قضى بإلزامهما بالتعويض رغم انتفاء ركن الخطأ والمسئولية في حقهما، إذ إن المطعون ضدها الأولى أقرت بأن المستشفى تعمل بكامل طاقتها وأنها هي التي تديرها بما ينتفى معه ركن الضرر، مما يعيبه ويوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر بقضاء هذه المحكمة أن " استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدى إليه من وقائع الدعوى . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه انتهى سائغاً في – حدود سلطته التقديرية – إلى توافر الخطأ في حق الطاعنين لقعودهم عن الوفاء بنصيب كل منهما في نفقات تجديد المستشفى محل التداعي وحرمان المطعون ضدها الأولى من الانتفاع بقيمة نصيبها في هذا المبلغ طيلة فترة تداول الدعوى وما تكبدته في سبيل مباشرة تلك الدعوى من نفقات وهو ما يعد ضرراً مادياً وقد لحقها من جراء ذلك أضراراً أدبية تتمثل فيما لحقها من حزن من جراء حرمانها بالانتفاع بنصيبها في المبلغ الذى أنفقته في تجديد المستشفى وقد توافرت بين الخطأ والضرر علاقة السببية بأن كان هذا الضرر ناتجًا عن هذا الخطأ بما يرتب لها الحق في التعويض " وكان ما خلص إليه الحكم سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وكافياً لحمل قضائه ومؤدياً للنتيجة التي انتهى إليها فإن ما يثيره الطاعنان بسبب النعي لا يعدو وأن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديره تنحسر عنه رقابة محكمة النقض، ويكون النعي غير مقبول .
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الأول من السبب الثاني والوجه الأول من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على ما انتهى إليه تقرير الخبير من أن المطعون ضدها الأولى هي التي انفقت على تجديد المستشفى وصيانتها مبلغ ٥٠٢٤٤٩ جنيهًا وأن الطاعنين أخلا بالتزاماتهما الواردة بالعقد المؤرخ ١٨ / ٧ / ١٩٩٩ وامتنعا عن سداد نصيبهما في هذا المبلغ، رغم أن الخبير لم يقم بخصم الإيرادات والأرباح التي تدرها المستشفى والتي كانت تعمل بكامل طاقتها وتم الاتفاق بين جميع الأطراف بالعقد المشار إليه على تجنيب هذه الإيرادات لسداد القرض وفوائده بمعرفة المطعون ضدها الأولى التي تدير المستشفى، كما أن الخبير اعتمد المبالغ التي أنفقتها المطعون ضدها في تجديد المستشفى رغم عدم إمساكها أي سجلات أو دفاتر تثبت ما تم إنفاقه، وأنه اعتمد على فواتير مزورة وأخطأ في حساب القيمة الاسمية والقيمة المستردة لقيمة القرض، كما أنه لم يحتسب الريع المستحق للطاعنين عن فترة تشغيل المستشفى، مما يعيبه ويوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في جملته غير مقبول، ذلك أن المقرر بقضاء النقض " أن لقاضى الموضوع السلطة التامة في تقدير الأدلة المقدمة إليه ومنها تقرير الخبراء وبحث دلالتها والموازنة بينها والأخذ ببعضها دون الآخر حسبما يطمئن إليه منها واستخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الحال في الدعوى دون رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض ما دام أقام قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي خلص إليها، ولا عليه من بعد أن يتتبع الخصوم في كافة مناحي دفاعهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات . لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعنين بنصيب كل منهما في تكاليف تجديد وصيانة المستشفى محل التداعي على ما استخلصه من أوراق الدعوى وتقرير لجنة الخبراء المنتدب فيها من أن جملة ما أنفقته المطعون ضدها الأولى على تجديد المستشفى بلغ ٥٠٢٤٤٩.٥٠ جنيه وأن كلاً من الطاعنين والمطعون ضده الثاني أخلوا بالتزاماتهم المتمثلة في دفع نصيب كل واحد منهم في تكاليف تجديد المستشفى وفقاً لعقد الاتفاق المؤرخ ١٨ / ٧ / ١٩٩٩ وهو ما يتعين معه إلزام كل واحد منهم بقيمة ما هو مستحق عليه، وكان ما خلص إليه الحكم سائغاً وله معينه من الأوراق ويكفى لحمل قضائه ويؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير الأدلة وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحى النعي قائماً على غير أساس .
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الثاني أن الطاعنة الأولى قامت بإدخال كل من مصطفى عبد العزيز، ويحيى بشندي ومحمد عبد الله، لتقديم ما تحت أيديهم من مستندات تفيد في إثبات عناصر الدعوى، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض قبول إدخالهم دون أن يبين أسباب ذلك مما يعيبه ويوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الشارع قد بين في المادة ٢١ من قانون الإثبات كيفية تقديم طلب إلزام الخصم بتقديم المحررات الموجودة تحت يده ووصف المحرر الذى يعينه وفحواه والواقعة التي يستدل عليها والدلائل والظروف التي تؤيد أنه تحت يد الخصم ووجه إلزام الخصم بتقديمه . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم قبول إدخال الخصمين المدخلين الأول والثاني لكون الطلبات الموجهة إليهما منبتة الصلة عن الدعوى الأصلية، إذ ليس من شأن هذه الطلبات أن تؤثر في وجه الرأي في الدعوى الأصلية، وكانت طلباتها بشأن الخصم المدخل الثالث خلاء من بيان تفصيلي بالمستندات المطلوب إلزامه بتقديمها والسنوات المتعلقة بها وسند وجودها تحت يده وفحواها والواقعة التي يستدل بها عليه، وهى أسباب سائغة كافية لحمل قضائه، فإن النعي عليه بما ورد بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديره بما لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة ويضحى النعي عليه غير مقبول .
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنان بالوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى برفض الطعن بالتزوير على الفاتورة محل الطعن دون أن يبين أسباب الرفض، مما يعيبه ويوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر – في قضاء محكمة النقض – " أن لمحكمة الموضوع السلطان المطلق في تقدير أدلة التزوير المطروحة أمامها وفى تكوين اعتقادها في تزوير الورقة المدعى بتزويرها أو صحتها بناء على هذا التقدير ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى كان تقديرها سائغاً . لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ ٢٥ / ٣ / ٢٠١٣ المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الطعن بالتزوير على ما أورده " من أن المحكمة ندبت خبيرًا لتحقيق الطعن بالتزوير وبيان الفرق بين ما هو ثابت بالفاتورة وما تم تركيبه على الطبيعة وقد خلص الخبير الذى اطمأنت إليه المحكمة أنه طبقاً للمعاينة على الطبيعة وبحضور أطراف التداعي تبين أن أرضيات الغرف ليست كلها من نوع واحد ولكن يوجد أرضيات بورسلين وأرضيات سيراميك وأرضيات قنالتكس وأرضيات موزيكو وقد اتفق أطراف النزاع على أن الأرضيات التي تم تغييرها هي الأرضيات السيراميك والبورسلين فقط بينما باقي الأرضيات قديمة لم يتم تغييرها وتكون إجمالي مساحة البورسلين ١٣٤.٨١ متر إجمالي مساحة السيراميك ٣٥٢.٢١ متر وقدرت قيمة سعر متر السيراميك شاملاً التركيب والتوريد بمبلغ ١٠٠ جنيه كما قدر قيمة المتر من البورسلين شاملاً التركيب والتوريد بمبلغ ١٥٠ جنيها وعليه يكون إجمالي السيراميك يساوى مبلغ ٣٥٢٢١ جنيها وإجمالي قيمة البورسلين مبلغ ٢٠٢٢٣ جنيها وإذ كانت الطاعنة الأولى في دعوى التزوير الفرعية قد بنت طعنها على أن تقرير الخبير الهندسي لم يتضمن أي ذكر لأرضيات البورسلين وهو ما لزمه أن هذا الطعن بالتزوير قد أقيم على غير سند من القانون جدير برفضه، ولا ينال من ذلك اختلاف القيمة المبينة بالفاتورة المطعون عليها عن تلك التي قدرها الخبير إذ إن الخبير أغفل احتساب تكاليف إزالة البلاط القديم ونقل المخلفات، كما أن ما تمسكت به الطاعنة بمذكرة شواهد التزوير يختلف عما تمسكت به بمذكراتها " وكان هذا الذى أورده الحكم سائغاً وكافياً لحمل قضائه وفيه الرد المسقط لما يخالفه، ويضحى ما يثيره الطاعنان بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديره لا تجوز أثارته أمام هذه المحكمة ويكون غير مقبول .
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الرابع من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه أنه قضى بعدم جواز الاستئناف المقام من الطاعنة بشأن رفض الطعن بالتزوير وعدم اختصاصه بتقدير نفقة شهرية للطاعنين ورفض الحراسة القضائية على قالة أن هذا الحكم غير منه للخصومة، في حين أن هذا الحكم منه للخصومة في واقعة الطعن بالتزوير، فضلاً عن أن الحكم النهائي الصادر بتاريخ ٣٠ / ٥ / ٢٠١٣ لم يتعرض للفصل في هذه الطلبات ومن ثم يجوز الطعن عليه بالاستئناف، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز استئنافه فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن المشرع وضع قاعدة عامة في المادة ٢١٢ من قانون المرافعات مقتضاها منع الطعن المباشر في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهى بها الخصومة كلها بحيث لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن المنهى للخصومة في الموضوع سواء كانت تلك الأحكام موضوعية أو فرعية أو قطعية أو متعلقة بالإثبات حتى ولو كانت منهية لجزء من الخصومة واستثنى من ذلك الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري والأحكام الصادرة بعدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة المختصة والعبرة في ذلك بالطلب الختامي المرفوعة به الدعوى والتي تنتهى بالحكم فيها الخصومة كلها، والمقصود بالأحكام المنهية للخصومة كلها والتي يجوز الطعن فيها فور صدورها هي الأحكام القطعية التي تنهى النزاع برمته ولا يبقى بعد صدورها شيء مطروح في الدعوى أمام المحكمة التي أصدرته، لما كان الثابت بالأوراق أن الحكم الصادر بتاريخ ٢٥ / ٣ / ٢٠١٣ والقاضي برفض الطعن بالتزوير وفى الطلب المستعجل بفرض الحراسة القضائية على المستشفى وفى الطلب العارض والمتعلق بتقدير نفقة شهرية للطاعنين بعدم اختصاص المحكمة نوعياً – وهو بهذه المثابة – حكم غير منه للخصومة المرددة بين طرفي التداعي التي يثار النزاع فيها حول أحقية المطعون ضدها الأولى في المبالغ التي أنفقتها على صيانة وتجديد المستشفى محل التداعي والتعويض، كما أن هذا الحكم ليس من بين الأحكام الأخرى التي أجاز المشرع – على سبيل الاستثناء – الطعن فيها على استقلال قبل صدور الحكم المنهى للخصومة برمتها وفقاً لأحكام المادة ٢١٢ مرافعات آنفة البيان وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز الاستئناف لكونه حكما غير منه للخصومة فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي على غير أساس .
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثالث من السبب الأول والوجه الثاني من السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قضى باحتساب فوائد مركبة بسعر ٢٠% على المبالغ التي أنفقتها المطعون ضدها الأولى في تجديد وصيانة المستشفى مخالفاً بذلك نص المادة ٢٢٧ من قانون المدني التي اشترطت على ألا يزيد سعر الفائدة على ٧% فإذا اتفقا على فوائد تزيد على هذا السعر وجب تخفيضها إلى ٧% ورغم تمسك الطاعنين بهذا الدفاع إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد عليه رغم جوهريته، مما يعيبه ويوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه من المقرر – بقضاء هذه المحكمة – أن الأصل في استحقاق الفوائد الاتفاقية هو اتفاق الدائن مع المدين فإذا اتفق الطرفان على سعر معين فلا يجوز للدائن أن يستقل برفعه وأن المشرع قد حرم بنص المادة ٢٢٧ من القانون المدني زيادة سعر هذه الفوائد على حد أقصى معلوم مقداره ٧% ونص على تخفيضها إليه وحرم على الدائن قبض الزيادة وألزمه برد ما قبض منها، مما مؤداه أن كل اتفاق على الفائدة يزيد على هذا الحد يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً لا تلحقه الإجازة وذلك لاعتبارات النظام العام التي تستوجب حماية الطرف الضعيف في العقد من الاستغلال، غير أن المشرع أجاز في الفقرة (د) من المادة السابعة من القانون رقم ٣٧ لسنة ١٩٩٢ بتعديل بعض أحكام قانون البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي لمجلس إدارة هذا البنك " تحديد أسعار الخصم معدلات العائد عن العمليات المصرفية حسب طبيعة هذه العمليات وآجالها ومقدار الحاجة إليها وفقاً لسياسة النقد والائتمان دون التقيد بالحدود المنصوص عليها في أي تشريع آخر ..... "، وهو ما يدل على اتجاه قصد الشارع إلى استثناء العمليات المصرفية من قيد الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية المنصوص عليها في المادة ٢٢٧ من القانون المدني . لما كان ذلك، وكان الاتفاق المبرم بين المطعون ضدها الأولى والطاعنين والمؤرخ في ١٨ / ٧ / ١٩٩٩ ومحله الاتفاق على إحلال وتجديد المستشفى المملوكة لهم بمعرفة المطعون ضدها الأول وذلك من أموالها الخاصة أو الاقتراض من البنوك أو الغير على أن يقوم باقي الشركاء بسداد مبلغ القرض المقدم من المطعون ضدها الأولى بعد تحميله بفائدة ٢٠% وعائد استثماري للمبلغ المنصرف بفائدة ١٧.٥% - على نحو ما ورد بهذا الاتفاق – ومن ثم فإن هذا الاتفاق وفق ما هو ثابت بالأوراق لا يعتبر من الأعمال المصرفية المنصوص عليها في الفقرة (د) من المادة السابعة من القانون رقم ١٢٠ لسنة ١٩٧٥ والمحدد سعر الفائدة لها بالهيكل المنظم لسعر الفائدة الصادر عن البنك المركزي، كما أن المطعون ضدها ليست مصرحًا لها بالاقتراض، بما يخرج هذا الاتفاق عن نطاق تطبيق هذا الاستثناء مما لازمه خضوع لنص المادة ٢٢٧ من القانون المدني فيما يتعلق بتحديد سعر الفائدة بما لا يجاوز ٧% ويتعين تطبيق سعر الفائدة القانونية على هذا الاتفاق بجعلها ٧%، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من تحميل نصيب الطاعنين في قيمة القرض بفائدة مركبة قدرها ٢٠% فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً في هذا الخصوص .
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، فإنه يتعين القضاء بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة ما قضى به بشأن فوائد المبلغ المقضي به بجعل الفائدة المقضي بها ٧% سنوياً من تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد .
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه جزئياً فيما قضى به بشأن الفوائد، وألزمت المطعون ضدهم المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وحكمت في موضوع الاستئنافين رقمي ٩٠٦٣، ٩٢٣٩ لسنة ١٣٠ ق القاهرة مأمورية الجيزة بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به بشأن الفوائد بجعلها بواقع ٧% من تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد والتأييد فيما عدا ذلك، وألزمت المستأنف ضدهم المصروفات، ومائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .