بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذى تلاه السيـد المستشار المقـرر / سمير حسن " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة، وبعد المداولة . حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية . وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة - شركة بيمبه إيران انشورانس - أقامت على الشركة المطعون ضدها - شركة أوشن فاينانشيال كوبوريشون الدعوى رقم ٣٣٧ لسنة ١٩٩٥ تجارى جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم ببطلان حكم التحكيم الصادر من أحد مراكز التحكيم بالقاهرة بتاريخ ٢٨ / ١٢ / ١٩٨٦ بإلزامها بأن تؤدى للمطعون ضدها مبلغ " ٤٣٣٧٩٤٥ " دولار أمريكي و١٤ سنتاً واعتباره كأن لم يكن استناداً لمخالفته نص المادة ٥٠٢ من قانون المرافعات - المنطبق على الدعوى - إذ لم يتفق الطرفان على أشخاص المحكمين بأسمائهم سواء بالعقد محل التحكيم أو أي اتفاق مستقل، فضلاً عن عدم إخطار الطاعنة إخطاراً صحيحاً بإجراءات التحكيم، ومن ثم أقامت الدعوى وبتاريخ ٢٦ / ٢ / ١٩٩٦ حكمت المحكمة ببطلان حكم المحكمين الصادر بالقاهرة بتاريخ ٢٨ / ١٢ / ١٩٨٦ واعتباره كأن لم يكن، استأنفت الشركة المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم ١٣٥٥ لسنة ١١٣ ق لدى محكمة استئناف القاهرة وبتاريخ ١٩ / ٣ / ١٩٩٧ قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى . طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها. وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفى بيان ذلك تقول إن البندين رقمي ١١، ١٥ من اتفاقية التحكيم المبرمتين بين طرفي الدعوى وسندها لم يعينا المحكمين بأشخاصهم ولا يوجد اتفاق مستقل بتحديدهم، وهو ما يبطل حكم التحكيم محل التداعي لصدوره على خلاف حكم المادة ٥٠٢ / ٣ من قانون المرافعات المصري قانون بلد التحكيم الواجب التطبيق والتي تشترط تعيين أشخاص المحكمين بأسمائهم في اتفاق التحكيم أو في اتفاق مستقل، وإلا كان التحكيم باطلاً فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم الابتدائي ورفض دعوى الطاعنة ببطلان ذلك الحكم وعوَّل على ما ورد بالاتفاقيتين سالفتي البيان بشأن طريقة اختيار محكم الشركة الطاعنة باللجوء إلى رئيس مجلس إدارة شركة تأمين محايدة لاختياره، رغم أنها طريقة غير واضحة لاختيار المحكمين، ولم يعمل قانون المرافعات المصري باعتباره مكملاً لمشارطة التحكيم فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه . وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن ولاية الفصل في المنازعات وإن كانت معقودة بحسب الأصل للمحاكم بيد أن المشرع أجاز للخصوم وخروجاً على هذا الأصل إحالة النزاع على المحكمين، ومن ثم يكون التحكيم طريقاً استثنائياً لفض الخصومات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات، ومن ثم فهو مقصور على ما تنصرف إليه إرادة المحكمين إلى عرضه على هيئة التحكيم يستوى في ذلك أن يكون التحكيم في نزاع معين بوثيقة حاصة أو انصرف إلى جميع المنازعات التي قد تنشأ عن عقد معين، وأنه من الأصول المقررة أن أحكام القوانين لا تسرى إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يترتب عليها أثراً فيما وقع قبلها، فلا يجوز تطبيق القانون الجديد على علاقات نشأت قبل نفاذه أو على الآثار التي ترتبت على هذه العلاقات قبل العمل بالقانون الجديد، وذلك كله ما لم يُقَرَّ الأثر الرجعي للقانون بنص خاص أو كانت أحكامه متعلقة بالنظام العام فتسرى بأثر فوري على ما يكون قد تم أو اكتمل منها إلى تاريخ العمل به . لما كان ذلك، وكان حكم التحكيم المنهى للخصومة محل دعوى البطلان الراهنة قد صدر بتاريخ ٢٨ / ١٢ / ١٩٨٦ وقبل صدور القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية في ١٨ / ٤ / ١٩٩٤ والمعمول به اعتباراً من ٢١ / ٤ / ١٩٩٤، وبالتالي فإن دعوى البطلان الراهنة تظل خاضعة لأحكام المواد من ٥٠١ حتى ٥١٣ من قانون المرافعات قبل إلغائها بقانون التحكيم سالف البيان، ولا ينطبق عليها القانون الأخير إعمالاً للمادة الأولى من مواد إصداره التي نصت على أنه " يعمل بأحكام هذا القانون المرافق على كل تحكيم قائم وقت نفاذه أو يبدأ بعد نفاذه ولو استند إلى اتفاق تحكيم سبق إبرامه قبل نفاذ هذا القانون . لما كان ذلك، وكان النص في المادة ٥٠٢ / ٣ من قانون المرافعات سالف الإشارة إليه على أنه " .... ومع مراعاة ما تقضى به القوانين الخاصة يجب تعيين أشخاص المحكمين في الاتفاق على التحكيم أو في اتفاق مستقل " يدل على أن المشرع أوجب تحديد أشخاص المحكمين بأسمائهم سواء تم ذلك في الاتفاق على التحكيم أو في اتفاق مستقل لأن الثقة في المحكم وحسن تقديره وعدالته هي في الأصل مبعث على الاتفاق على التحكيم، ولا يشترط ترتيب زمنى بين الاتفاق على التحكيم والاتفاق على شخص المحكم، فيجوز أن يتما معاً، أو أن يتم هذا قبل ذاك، كما أن امتناع الخصم عن المشاركة في اختيار المحكم أو امتناعه عن اختيار محكمة يعتبر امتناعاً عن تنفيذ عقد التحكيم، وهو ما يترتب عليه بطلانه بطلاناً مطلقاً لانتفاء محله . لما كان ذلك، وكانت الشركة الطاعنة أقامت الدعوى الراهنة أمام المحكمة الابتدائية بطلب الحكم ببطلان حكم التحكيم محل النزاع لعدم اتفاقها والشركة المطعون ضدها على تعيين أشخاص المحكمين بأسمائهم في اتفاق التحكيم أو في اتفاق مستقل وقد أجابها الحكم لذلك وفقاً للمادة ٥٠٢ / ٣ من قانون المرافعات - المنطبقة على الدعوى - غير أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وجرى في قضائه بإلغاء الحكم الابتدائي ورفض دعوى الشركة الطاعنة على قالة أنه تم تعيين محكم الأخيرة وفقاً للإجراءات والمواصفات الواردة باتفاقيتي التحكيم في بنديها (١١) من الاتفاقية الأولى، (١٥) من الاتفاقية الثانية سندا الدعوى، واستطرد في ذلك إلى القول بأن مقصد المشرع من المادة ٥٠٢ / ٣ سالفة البيان هو وجوب تحديد المحكمين سواء بأسمائهم أو صفاتهم أو بيان الوسيلة التي يتم بها تعيينهم، وهو ما يعد خروجاً عن صريح النص وتفسيراً له على غير مقصده في اشتراطه أن يكون تحديد المحكمين بأسمائهم دون الاكتفاء بصفاتهم، كما أنه يعد تطبيقاً لقانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ الذى لم يكن قد صدر بعد ولا ينطبق بالتالي على الواقعة المطروحة، ولما كان شرط التحكيم حسب الثابت من مدونات الحكمين الابتدائي والمطعون فيه وصورة الترجمة لشرط التحكيم لم تتضمن تعيين المحكمين بأسمائهم فإن اتفاق التحكيم والحال كذلك يقع باطلاً خلافاً لما انتهى إليه الحكم المطعون فيه مما يشوبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن . وحيث إنه عن موضوع الاستئناف صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين رفضه وتأييد الحكم المستأنف لالتزامه النظر المتقدم . لذلك نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وألزمت الشركة المطعون ضدها المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وحكمت في موضوع الاستئناف رقم ١٣٥٥ لسنة ١١٣ ق القاهرة برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المستأنفة المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة . أمين السر نائب رئيس المحكمة " رئيس الجلسة "