بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / محمد أمين عبد النبي " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضده بصفته الدعوى رقم ١٦٣١ لسنة ٢٠٠٤ مدني الجيزة الابتدائية بطلب الحكم أولاً: بفسخ عقد التخصيص المؤرخ ٨ / ١٠ / ١٩٩٦. ثانياً: إلزامه بأن يؤدى لها مبلغ ١٠٢١٣٧ جنيه وفوائده من تاريخ المطالبة. ثالثاً: إلزامه بأن يؤدى لها مبلغ ٣٠٠٠٠٠ جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية التي لحقت بها، وقالت بياناً لذلك إنها عضو بالجمعية التي يمثلها المطعون ضده والتي قامت بشراء قطعة أرض لإقامة قرية سياحية عليها لأعضائها وبموجب العقد سالف الذكر تم تخصيص وحدة سكنية لها بهذه القرية وقامت بسداد كافة الأقساط المستحقة عنها إلا أن الجمعية المذكورة لم تفي بالتزاماتها بتنفيذ المشروع رغم
إنذارها بالفسخ والتعويض فقد أقامت الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً فيها وبعد أن أودع تقريره حكمت بفسخ عقد التخصيص المذكور وألزمت المطعون ضده برد مبلغ ٩٧١٤٨ جنيه للطاعنة وبأن يؤدى لها مبلغ خمسون ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية التي لحقت بها. استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة - مأمورية شمال الجيزة - بالاستئناف رقم ٢١٣٨٠ لسنة ١٢٣ ق، أعادت المحكمة ندب خبير وأودع تقريره وبتاريخ ٢٤ / ١٢ / ٢٠٠٨ قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة القانون، ذلك أن اللجوء إلى التحكيم هو طريق استثنائي يجب أن يأتي في عبارات واضحة وصريحة وقد خلا عقد الاتفاق موضوع الدعوى من النص صراحة على ذلك قبل رفع الدعوى وأن ما تضمنه في هذا الصدد قاصر على حالة النزاع الذى يثور بشأن اشتراطات العقد أو تنفيذه وإذ كان النزاع الماثل يثور حول عدم جدية المشروع وعدم تنفيذ أي شرط من شروط العقد مما يدخل في اختصاص القاضي الطبيعي، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن من المقر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة ١٠ من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ هو تخويل المتعاقدين الحق في الالتجاء إلى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع تختص به المحاكم أصلاً فاختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع - وإن كان يرتكن أساساً إلى حكم القانون الذى أجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء - إلا أنه ينبني مباشرة في كل حالة على اتفاق الطرفين، وقد استقر قضاء النقض على أن مفاد المادة ١٥٠ / ١ من القانون المدني أن القانون يلزم القاضي بأخذ عبارة المتعاقدين الواضحة كما هي فلا يجوز له تحت ستار التفسير الانحراف عن مؤداها الواضح إلى معنى آخر ينطوي الخروج عن هذه القاعدة على
مخالفة القانون لما فيه من تحريف ومسخ وتشويه لعبارة العقد الواضحة، وكان التحكيم طريقاً لفض المنازعات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية وبه ينزل الخصوم عن الالتجاء إلى القضاء مع التزامهم بطرح النزاع على محكم أو أكثر فإن الاتفاق على التحكيم لا يفترض ويلزم أن يعبر بوضوح عن انصراف إرادة الخصوم إلى اتباع هذا الطريق وأن يتضمن على وجه التحديد المنازعة أو المنازعات التي ينصرف إليها . لما كان ذلك، وكان الثابت في البند العاشر من العقد موضوع الدعوى .. أنه " يقبل العضو تحكيم لجنة الخطة لمشروعات الساحل الشمالي الصادر بتشكيلها قرار وزير التعمير والدولة للإسكان واستصلاح الأراضي رقم ١٩ لسنة ٨٤ في كل نزاع قد ينشأ عن تفسير اشتراطات المحرر أو تنفيذه " مما مفاده أن قبول الطاعنة تحكيم اللجنة المشار إليها يكون في حالة ما إذا ثار نزاع بشأن تفسير اشتراطات العقد أو تنفيذه فقط ودون أن يتضمن ذلك البند الاتفاق صراحة على الالتجاء إلى التحكيم قبل رفع الدعوى في أي نزاع يثور بين الطرفين ومن ثم فإن الاختصاص بالنزاع الماثل ينعقد للقاضي الطبيعي - المحاكم العادية - باعتبارها هي السلطة الوحيدة التي تملك حق الفصل فيه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول الدعوى لعدم التجاء الطاعنة إلى التحكيم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة . لـــذلـــــــك نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة " مأمورية شمال الجيزة " وألزمت المطعون ضده بصفته المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة . أميـن الســـــر نائب رئيس المحكمة
نطقت بهذا الحكم علناً الهيئة المبينة بصدره أما الهيئة التي سمعت المرافعة وأتمت المداولة ووقعت على مسودة الحكم فهي : برئاسة السيد القاضي / عبد الله لبيب خلف " نائب رئيس المحكمة "
وعضوية السادة القضــاة / محمود محمد العيسوي، حازم المهندس قنديل نور عبد الله جامع و محمد أمين عبد النبي " نواب رئيس المحكمة " أمين السر نائب رئيس المحكمة