بعد الاطلاع على الأوراق وسمـاع التقريـر الذى تـلاه السيد القاضي المقرر عبد الحميد نيازي " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة وبعد المداولة . وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على المطعون ضدهم بصفاتهم الدعوى رقم ١٤٦٦ لسنة ٢٠٠٣ مدنى محكمة عابدين الجزئية بطلب الحكم برفع الحجز الإداري الذى أوقعه المطعون ضدهم الثلاثة الأول بصفاتهم على ما له لدى البنك المطعون ضده الأخير واعتباره كأن لم يكن، وقالت بياناً لذلك : إنه بتاريخ ٩ / ١٠ / ٢٠٠٣ أعلنت بتوقيع المطعون ضدهم الثلاثة الأول بصفاتهم حجزاً إدارياً على ما له لدى البنك المطعون ضده الأخير بزعم مديونيتها بمبلغ ١١٤٩٠٩٣،٢٤ جنيهاً قيمة ضريبة مبيعات عن المدة من شهر مايو ١٩٩٩ حتى شهر يوليو لسنة ٢٠٠٩، وإذ وقع هذا الحجز باطلاً مما حدا بها لإقامة الدعوى بمطلبها سالف البيان، حكمت المحكمة برفض الدعوى . استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ١٠٣٤٢ لسنـة ١٢١ ق كما استأنفته أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بهيئة استئنافية بالاستئناف رقم ٤٩٧ لسنة ٢٠٠٤ مدنى التي حكمت بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الاستئناف وأحالته لمحكمة استئناف القاهرة وصار قيده بجدولها برقم ٣٠٤٨ لسنة ١٢٢ ق ضمت هذه المحكمة الاستئنافين وقضت فيهما بتاريخ ١٥ / ٣ / ٢٠٠٦ بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص جهة القضاء العادي ولائيا بنظر الدعوى واختصاص هيئات التحكم بوزارة العدل بنظرها، طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة ضمنتها الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما وأبدت الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعـن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها . وحيث إن مبنى الدفع ن النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث لانعدام صفتهما في الطعن . وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أنه من المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الأصل أن الوزير هو الذى يمثل وزارته فيما ترفعه الوزارة والمصالح والإدارات التابعة لها أو يرفع عليها من دعاوى وطعون، إلا إذا منح القانون الشخصية الاعتبارية لجهة إدارية معينة منها وأسند صفة النيابة عنها إلى غير الوزير فتكون له عندئذ هذه الصفة في الحدود التي يعينها القانون، ولما كان المشرع لم يمنح الشخصية الاعتبارية لمصلحة الضرائب ولا لمأمورياتها، فإن وزير المالية يكون هو دون غيره من موظفيها الذى يمثلها فيما ترفعه أو يرفع عليها من دعاوى وطعون . لما كان ذلك، فإن وزير المالية ( المطعون ضده الأول بصفته ) يكون هو دون غيره الذى يمثل مصلحة الضرائب على المبيعات، دون المطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما، ومن ثم يكون اختصام الأخيرين في الطعن غير مقبول . وحيث إن الطعن - فيما عدا ما تقدم - استوفى أوضاعه الشكلية وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى بها الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ قضى بعدم اختصاص جهة القضاء العادي بنظر الدعوى، واختصاص هيئات التحكيم بوازرة العدل بنظرها في حين أن القضاء العادي هو المختص بنظر المنازعات التي تنشأ بينها وبين الجهات الحكومية أو الهيئات العامة أو إحدى شركات القطاع العام، ولا تختص هيئات التحكيم بنظره إلا إذا قبل الطرفان بعد وقوع النزاع إحالته للتحكيم وهو ما خلت منه الأوراق مما يعيب الحكم المطعون فيه مما يستوجب نقضه . وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن القضاء العادي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يعتبر استثناء على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره . لما كان ذلك، وكانت المادة ١٧ من القانون رقم ١٠ لسنة ١٩٨١ بإصدار قانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر - الذى حل محل القانون رقم ١١٩ لسنة ١٩٧٥ بشأن شركات التأمين - تنص على أنه " في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بشركات التأمين أو إعادة التأمين شركات المساهمة المرخص لها بمزاولة عمليات التأمين أو إعادة التأمين التي تسجل لهذا الغرض بسجلات الهيئة المصرية للرقابة على التأمين .... " ونصت المادة ١٨ منه على أنه " فيما عدا ما ورد بهذا القانون تسرى أحكام القانون رقم ٦٠ لسنة ١٩٧١ في شأن المؤسسات العامة وشركات القطاع العام - الذى ألغى وحل محله القانون رقم ٩٧ لسنة ١٩٨٣ في شأن هيئات القطاع العام وشركاته - على شركات التأمين وإعادة التأمين التي تعتبر من شركات القطاع العام فيسرى عليها فيما عدا ما ورد بهذا القانون - أحكام القانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٥٤ في شأن بعض الأحكام الخاصة بشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة - الذى ألغى وحل محله القانون رقم ١٥٩ لسنة ١٩٨١ - وذلك فيما عدا أحكام المواد ٢٤ فقرة ٢، ٣٠، ٣٣ مكرراً ... " ونصت المادة ٤٠ منه على أن " يكون نظر المنازعات التي تكون الهيئة أو أي من الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون طرفاً فيها على النحو التالي : أ ... ب ... جـ هيئات التحكيم المنصوص عليها في الباب السادس من الكتاب الثاني من القرار بقانون رقم ٦٠ لسنة ١٩٧١ بشأن المؤسسات العامة وشركات القطاع العام الذى حل محله القانون رقم ٩٧ لسنة ١٩٨٣ في شأن هيئات القطاع العام وشركاته - وذلك في المنازعات التي تنشأ بين الهيئة أو شركات التأمين وإعادة التأمين المشار إليها بهذه المادة وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو إحدى شركات القطاع العام وذلك إذا قبل أطراف النزاع بعد وقوعه إحالته إلى التحكيم " ومفاد هذه النصوص مجتمعة أن القانون رقم ١٠ لسنة ١٩٨١ هو الأساس في تنظيم الإشراف والرقابة على التأمين في مصر بكافة فروعه ونشاطاته ومنشأته وتحديد قواعد نظر المنازعات التي تكون الهيئة المصرية للرقابة على التأمين أو أي من الشركات الخاصة لأحكامه طرفاً فيها، وأن الرجوع إلى أحكام التشريعات المشار إليها فيه لا يكون إلا فيما حدده أو يرد به نص في هذا القانون، مما يدل على أن شرط انعقاد الاختصاص لهيئات التحكيم المنصوص عليها في المواد ٥٦، ٥٧ وما بعدها من القانون رقم ٩٧ لسنة ١٩٨٣ بنظر المنازعات بين الجهات سالفة البيان هو قبول أطرافه بعد وقوعه إحالته إلى تلك الهيئات، وكان هذا النص الخاص بشأن شركات التأمين - باستثناء ما يعتبر منها من شركات القطاع العام - واضحاً جلياً وقاطع الدلالة على المراد منه فلا يجوز الخروج عليه، ومؤدى ذلك أن إعمال نص المادة ٥٦ من القانون رقم ٩٧ لسنة ١٩٨٣ في شأن هيئات القطاع العام وشركاته المقابل لنص المادة ٦٠ من القانون رقم ٦٠ لسنة ١٩٧١ بشأن المؤسسات العامة والقطاع العام على المنازعات التي تكون بين الهيئة المصرية للرقابة على التأمين وشركات إعادة التأمين - طبقاً لما حددته المادتان ١٧، ١٨ من القانون رقم ١٠ لسنة ١٩٨١ المشار إليه - وبين جهة حكومية مركزية أو محلية او هيئة عامة أو إحدى شركات القطاع العام وعلى النحو المتقدم يكون على غير سند من القانون . لما كان ذلك، وكان النزاع المطروح يدور بين شركة الشرق للتأمين وهى إحدى الشركات الخاضعة لأحكام القانون رقم ١٠ لسنة ١٩٨١ - على نحو ما سلف بيانه - وبين جهة حكومية هي مصلحة الضرائب على المبيعات، وجاءت الأوراق خلواً مما يفيد أن الطرفين طلبا أو قبلا إحالة النزاع بعد وقوعه إلى هيئات التحكيم حتى ينعقد لها الاختصاص بنظره، ومن ثم فإن الاختصاص بنظر النزاع ينعقد للقضاء العادي باعتباره صاحب الولاية العامة دون هيئات التحكيم بوزارة العدل - وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى، وانعقاد الاختصاص بنظرها لهيئات التحكيم، وهو ما حجبه عن بحث موضوع الاستئناف، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه على ان يكون مع النقض الإحالة . لذلك نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة وألزمت المطعون ضده الأول بصفته المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة . أمين السر نائب رئيس المحكمة