بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذى تلاه السيـد المستشار المقـرر / مراد زناتى " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة، وبعد المداولة . حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية . وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن البنك المطعون ضده أقام على الطاعنين الدعوى رقم ٢٣٠٤ لسنة ٢٠٠٥ تجارى شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما بأداء مبلغ مقداره ١٤٨٢٩٣١ جنيهاً بخلاف العائد على التأخير والتعويض، وذلك على سند من القول أنهما يضمنان بموجب عقود ضمان وكفالة شركة الاتحاد والتجارة في سداد جميع المبالغ التي تستحق للبنك في حدود مبلغ ١٤٩٥٩٠٥ جنيهاً بالإضافة للتعويضيات والعمولات وإذ استحق المبلغ المطالب به للبنك وامتنعت الشركة المضمونة عن السداد فكانت دعواه قبلهما، ندبت المحكمة خبيراً فيها وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ ٣١ / ٥ / ٢٠٠٨ بإلزامهما - الطاعنان - بأداء مبلغ مقداره ١,٤٨٢,٩٣١ جنيهاً وفائدة مقدارها ٥ % من تاريخ المطالبة سنوياً وحتى تمام السداد . استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم ٨ لسنة ١٤ ق لدى محكمة استئناف القاهرة والتي قضت بتاريخ ٢٨ / ١٢ / ٢٠١٠ بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها . وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ثانيهما من وجهين ينعى بها الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وحاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه لم يستجب لدفعهما بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم والمبدى منهما قبل التحدث في الموضوع بصحيفة استئنافهما إذ خلص الحكم إلى أن الإقرار بالمديونية المؤرخ في ١٥ / ٢ / ٢٠٠٤ وعقد التسوية المؤرخ ١٩ / ٢ / ٢٠٠٤ لم ينص في بنودهما على شرط التحكيم وأن حقهما في التمسك بهذا الدفع قد سقط لتحدثهما في موضوع عقد التسوية سالف البيان حال أن عقود الكفالة والضمان سابقة على إقرار المديونية بموجب عقد الاتفاق والتسوية المشار إليه بما يدل على أن التمسك بالدفع كان سابقاً على التحدث في الموضوع بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه . وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم يعتبر من الدفوع الشكلية التي يتعين التمسك بها قبل التعرض للموضوع خضوعاً للمادة ١٠٨ من قانون المرافعات وإلا سقط الحق في إبدائه وكان رد الحكم المطعون فيه على ذلك الدفع بالرفض استناداً إلى ما أورده من أن الثابت من إقرار المديونية المؤرخ ١٥ / ٢ / ٢٠٠٤ وعقد الاتفاق والتسوية المؤرخ ١٩ / ٢ / ٢٠٠٤ أنه لم ينص في بنودهما على شرط التحكيم وبالتالي فإن حق المستأنفين - الطاعنين - في التمسك بشرط التحكيم قد سقط لتحدثهما في الموضوع وهو موضوع الاتفاق والتسوية وكان هذا الذى أورده الحكم سائغاً ويتفق وصحيح القانون ومتحقق كذلك في حال صحة ادعاء الطاعنين بلحوق هذين العقدين لعقد الكفالة والضمان المحررين مع البنك ويضحى نعيهما في هذا الصدد على غير أساس . وحيث إن حاصل النعي بالوجه الأول من السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه لم يوقع الجزاء المقرر بالمادة ٧٠ من قانون المرافعات لعدم إعلان صحيفة الدعوى أمام محكمة أول درجة خلال ثلاثة أشهر وأنهما تمسكا بصحيفة الاستئناف ببطلان هذا الإعلان لإتمامه على غير محل إقامتهما الوارد بعقد الكفالة بالمخالفة للمادة ١٠ من قانون المرافعات، وكان ذلك راجعاً لفعل البنك المطعون ضده وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن إيراد هذا الدفع والرد عليه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه . وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إغفال الحكم الرد على دفاع لا يتغير به وجه الرأي في الدعوى لا يعد قصوراً وأن الأصل في الإجراءات أنها روعيت وعلى من يدعى خلاف ذلك إثبات صحة ما يدعيه وأن مفاد المادة ٧٠ من قانون المرافعات أن المشرع اشترط لتوقيع الجزاء المقرر بها أن يكون عدم مراعاة الميعاد راجعاً إلى فعل المدعى أو المستأنف وإلا يوقع الجزاء إلا بناء على طلب المدعى عليه أو المستأنف عليه فلا يتعلق بالنظام العام ولا يجوز للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها، كما أن المشرع جعل الأمر في توقيع هذا الجزاء بعد ذلك جوازاي للمحكمة ومتروكاً لمطلق تقديرها فإن هي استعملت سلطتها التقديرية ورفضت الدفع فلا يجوز الطعن في حكمها لعدم استعمالها هذه الرخصة . لما كان ذلك، وكان الثابت من ديباجة ومدونات الحكم الابتدائي أنه تم إعلان الطاعنين بصحيفة افتتاح الدعوى وفقاً للإجراءات المقررة ولم يقدما دليلاً على خلاف ذلك فإن نعيهما ببطلان ذلك الإعلان لمخالفة نص المادة العاشرة من قانون المرافعات يضحى قائماً على غير دليل أو سند وبالتالي فإنهما إذ لم يتمسكا أمام محكمة أول درجة بالدفع بعدم اعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلان صحيفتها خلال المدة المقررة بنص المادة ٧٠ من قانون المرافعات فإن نعيهما بعدم إعمال المحكمة لهذا الجزاء أو الرد على دفع لم يبدياه ولا حق للمحكمة للفصل فيه من تلقاء نفسها يضحى قائماً أيضاً على غير سند . وحيث إن حاصل نعى الطاعنين بالوجه الثاني من السبب الثاني أنهما تمسكا بدفاعهما أمام محكمة الاستئناف ببطلان عقد الكفالة والطعن عليه بالتزوير صلباً لأن توقيعيهما عليه تم على بياض وقبل تحديد مبلغ الدين المكفول الذى سطره البنك المطعون ضده في وقت لاحق إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعن ببحث دفاعهما رغم جوهريته بما يعيبه ويستوجب نقضه . وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة ١٤ من قانون الإثبات أن حجية الورقة العرفية إنما تستمد من الإمضاء أو الختم الموقع به على تلك الورقة فمتى اعترف الخصم الذى تشهد عليه الورقة أن الإمضاء أو الختم الموقع به على تلك الورقة هو إمضاؤه أو ختمه أو متى ثبت ذلك بالأدلة التي قدمها المتمسك بالورقة فلا يطلب من هذا المتمسك أي دليل آخر لاعتماد صحة الورقة وإمكان اعتبارها حجة بما فيها على خصمه صاحب الإمضاء أو الختم ولا يستطيع هذا الخصم التنصل مما تثبته عليه الورقة إلا إذا بين كيف وصل إمضاؤه أو ختمه هذا الصحيح على الورقة التي عليها التوقيع وأقام الدليل على صحة ما يدعيه ولأن التوقيع على بياض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يعد تفويضاً من الموقع على السند للمستفيد به بملء البيانات الناقصة على هذا السند ومن شأنه أن يكسب البيانات التي ستكتب بعد ذلك فوق التوقيع حجية الورقة العرفية . لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق وبما لا مراء فيه أن الطاعنين أقرا بصحة توقيعهما على عقد الكفالة سند التداعي وهو ما يترتب عليه وفق صحيح القانون أن يحاجا بهذا المحرر باعتباره ورقة عرفية فلا يقبل من بعد ذلك النعي بإنكارهما له لاسيما وأنهما لم يسلكا الطريق الذى عرفه القانون للطعن بالتزوير صلباً عليه حسب ادعائهما وإذ لم يخالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يأبه لهذا الادعاء من جانبهما فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي بهذا الوجه على غير أساس . وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث من أسباب الطعن أن الحكم إذ رفض دفاع الطاعنة الأولى بشأن بطلان عقد الكفالة لوقوعها في غلط وإكراه معنوي وتدليس إذ إن الكفالة طبقاً لنص المادة ٧٧٤ من القانون المدني تشترط ملاءة الكفيل ويساره وهى تعمل في وظيفة ولا تملك سوى راتبها فضلاً عن أنها زوجة للمدين ووقعت ضامنة له بما له عليها من سلطة آمرة بما يعيب إرادتها بالغلط في الرضا ويشوب عقد الكفالة بالبطلان وإذ أجاب الحكم المطعون فيه على دفاعهما بما لا يصلح رداً عليه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه . وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الغلط الذى يعيب الإرادة وفقاً للمادة ١٢٠ من القانون المدني يشترط فيه أولاً أن يكون غلطاً جوهرياً واقعاً على غير أركان العقد . ثانياً لا يستقل به أحد المتعاقدين بل يتصل بالمتعاقد الآخر وثبوت واقعة الغلط على هذا النحو مسألة موضوعية يستقل قاضى الموضوع بتقدير الأدلة فيها كما أنه له سلطة تقدير وسائل الإكراه المبطل للرضا أو الغلط المبطل للعقود ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن لم يثبت لديه أن الطاعنة الأولى قد شاب إرادتها عيب من عيوب الإرادة وهى الغلط والغش والتدليس والإكراه بنوعيه المادي والمعنوي وكان هذا الذى خلص إليه الحكم سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وكافياً لحمل قضائه فإن ما ورد بسبب النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحى النعي في هذا الشأن على غير أساس . وحيث إن حاصل النعي بالسبب الرابع أن الحكم المطعون فيه التفت إيراداً ورداً على دفاع الطاعنين ببراءة ذمتهما من الدين المكفول عملاً بنص المادة ٧٨٤ من القانون المدني لإضاعة البنك المطعون ضده التأمينات والضمانات التي خولها لنفسه بعقود المرابحة ومن ذلك حق الامتياز على المبيع وقيد ذلك بالسجل التجاري وإلزام المدين بإجراء رهن تجارى على أي منقولات ضامنة لدينه وإلزامه بالتوقيع على إيصال أمانة بكامل قيمة البضاعة المسلمة إليه وجميعها تفي بكامل قيمة الدين الأصلي بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه . وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه متى كان دفاع الطاعن لا يستند إلى أساس قانونيا صحيح فإن إغفال الحكم المطعون فيه الرد عليه لا يعد قصوراً مبطلاً، كما أن المقرر أن حق الدائن في الرجوع على الكفلاء المتضامنين غير مقيد بأي قيد وأن الكفيل المتضامن يعتبر بوجه عام في حكم المدين المتضامن من حيث جواز مطالبة الدائن له وحده بكامل الدين دون التزام بالرجوع أولاً على المدين الأصلي أو حتى مجرد اختصامه في دعواه بمطالبة ذلك الكفيل بكل الدين، كما أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير العقود والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أوفى لمقصود عاقديها وأصحاب الشأن فيها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ما دامت لم تخرج بتفسيرها عن مدلول عبارات المحرر وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله . لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن كفالة التداعي بموجب عقدها المؤرخ ١٧ / ٢ / ٢٠٠٤ هي كفالة تضامنية بموجبها كفل الطاعنان بطريق التضامن شركة الاتحاد التجارية في سداد المبالغ المستحقة للبنك المطعون ضده في حدود المبالغ المبينة بهذا العقد لكل منهما إضافة إلى ما ورد به من أن إقرارهما بالضمان مستقل عن سائر الضمانات الأخرى وبالإضافة إليها ومن ثم فإن نعيهما بإضاعة البنك لتلك الضمانات التي تمسكا بها وعدم الرجوع بها على مدينه الأصلي لا أثر له على التزامهما بالتضامن وحق البنك في الرجوع عليهما بهذه الصفة بالدين المضمون من قبلهما ويضحى نعيهما بهذا السبب على غير أساس . ولما تقدم يتعين رفض الطعن . لــــذلــك رفضت المحكمة الطعن، وألزمت الطاعنين المصروفات، مع مصادرة الكفالة . أمين السر نائب رئيس المحكمة
" رئيس الجلســــــــــــة "