بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / أحمد العزب " نائب رئيس المحكمة "، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت لدى محكمة استئناف القاهرة الدعوى رقم …….. لسنة ١٢٣ ق على الشركة المطعون ضدها بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ حكم هيئة التحكيم الصادر في الدعوى التحكيمية رقم ……… لسنة ٢٠٠٤ (AD HOC) بتاريخ ٢٠ من أكتوبر سنة ٢٠٠٥ من مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، وفى الموضوع ببطلانه، على سند من أنه بموجب عقد مقاولة عمومية مؤرخ ١٨ من يناير سنة ١٩٩٥ اتفق الطرفان على قيام الشركة المطعون ضدها بإنشاء وصيانة فندق " ………. " شرم الشيخ – وتم تغيير اسمه إلى " ……….. " شرم الشيخ – لصالح الشركة الطاعنة، وبتاريخ ٢٣ من ديسمبر سنة ١٩٩٦ أبرم الطرفان عقدًا مكملًا للعقد الأول لتنظيم بعض المسائل الخلافية بينهما تضمن الاتفاق على حسم أية منازعات متعلقة بهذا العقد عن طريق التحكيم، وإذ ثار نزاع بينهما فأقامت الشركة المطعون ضدها الدعوى التحكيمية رقم ……… لسنة ١٩٩٩ أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، وبتاريخ ٢٢ من فبراير سنة ١٩٩٩ عقدت هيئة التحكيم أولى جلساتها وحررت محضرًا اعتبر بمثابة مشارطة للتحكيم وباشرت إجراءات الدعوى حتي أصدرت حكمها بتاريخ ١٨ من يونيو سنة ٢٠٠٠، أقامت الشركة الطاعنة الدعوى رقم ……… لسنة ١١٧ ق القاهرة بطلب بطلان حكم التحكيم سالف البيان فأجابتها محكمة استئناف القاهرة لطلبها وطعنت المطعون ضدها في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ١٩٧ لسنة ٧٢ ق ولم يتم الفصل فيه، وإزاء ذلك أقامت الشركة المطعون ضدها الدعوى التحكيمية رقم ………. لسنة ٢٠٠٤ أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي واختارت محكمًا عنها واستصدرت حكمًا بتعيين محكم عن الطاعنة وبعد اكتمال تشكيل هيئة التحكيم تم إخطار الطاعنة ببدء السير في إجراءات التحكيم فوجهت إنذارات إلى المحكمين ومدير مركز التحكيم بعدم جواز السير في التحكيم لانتهاء وسقوط مشارطة التحكيم، بيد أن هيئة التحكيم باشرت الإجراءات في غيبتها وأصدرت بتاريخ ١٧ من مارس سنة ٢٠٠٥ حكمًا جزئيًا باختصاصها ثم أصدرت حكمها النهائي في ٢٠ من أكتوبر سنة ٢٠٠٥، فأقامت الطاعنة دعواها للقضاء ببطلان هذا الحكم . وبتاريخ ١٨ من سبتمبر سنة ٢٠٠٦ قضت المحكمة برفض الدعوى. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، ودفعت الشركة المطعون ضدها والنيابة بعدم جواز الطعن بطريق النقض على حكمي التحكيم الجزئي والنهائي الصادر أولهما في ١٧ من مارس سنة ٢٠٠٥ وثانيهما بتاريخ ٢٠ من أكتوبر سنة ٢٠٠٥ في القضية التحكيمية رقم ……… لسنة ٢٠٠٤، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرِضَ الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مبنى الدفع المثار من المطعون ضدها والنيابة بعدم جواز الطعن أن المشرع في المادة ٥٢ من قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ نص على عدم جواز الطعن في أحكام التحكيم التي تصدر طبقًا له بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات وأجاز استثناء رفع دعوى بطلان على هذه الأحكام في حالات محددة على سبيل الحصر، فإن الحكمين الجزئي والنهائي الصادرين في الدعوى التحكيمية رقم ………… لسنة ٢٠٠٤ لا يجوز الطعن فيهما بطريق النقض باعتبارهما غير صادرين من محاكم الاستئناف .
وحيث إن هذا الدفع سديد، ذلك بأن مفاد نص المادة ٢٤٨ من قانون المرافعات – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الطعن بطريق النقض في الحالات التي حددتها هذه المادة على سبيل الحصر جائز – كأصل عام – في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف، وأن مؤدى نص المادتين ٥٢، ٥٣ من قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ أن أحكام التحكيم التي تصدر طبقًا لأحكام هذا القانون لا تقبل الطعن عليها بأي طريق من طرق الطعن الواردة في قانون المرافعات المدنية والتجارية ويجوز فقط رفع دعوى ببطلان حكم التحكيم في أحوال معينة أوردتها الفقرة الأولى من المادة (٥٣) من القانون .
لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد أوردت في عدة مواضع من صحيفة الطعن الراهن أن طعنها ينصب على الحكمين الصادرين في القضية التحكيمية رقم ……… لسنة ٢٠٠٤ أولهما الجزئي بتاريخ ١٧ من مارس سنة ٢٠٠٥ وثانيهما المنهى للخصومة في ٢٠ من أكتوبر سنة ٢٠٠٥ بالإضافة إلى الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة في دعوى البطلان، وكان الحكمان الصادران من هيئة التحكيم في الدعوى التحكيمية المذكورة لا يقبلان الطعن فيهما بأي طريق من طرق الطعن الواردة في قانون المرافعات، فإن الطعن عليهما بطريق النقض يكون غير جائز .
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعي الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه البطلان، إذ لم يوقع أعضاء هيئة المحكمة التي أصدرته على كل أوراقه والتي جاءت منفصلة حال كون الورقة الأخيرة منه تضمنت منطوقه فقط دون أي جزء من الأسباب المتصلة به، فضلًا عن أن الصورة الرسمية المستخرجة من الحكم لا يوجد بها سوى توقيعين غير مقروئين بما يتعذر معه معرفة اسم وصفة المنسوب إليهما التوقيعين فيكون مشوبًا بالبطلان بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن العبرة في الأحكام هي بالنسخة الأصلية التي يحررها الكاتب ويوقع عليها رئيس الجلسة، فهي التي تحفظ بملف الدعوى وتكون المرجع في أخذ الصورة التنفيذية وغيرها من الصور، ولا تعدو مسودة الحكم أن تكون ورقة لتحضير الحكم، وأن مؤدى نص المادتين ١٧٥، ١٧٩ من قانون المرافعات أن المشرع أوجب أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعًا عليها من جميع أعضاء الهيئة التي أصدرته وإلا كان الحكم باطلًا، ولا يغني عن هذا الإجراء توقيعهم جميعًا على الورقة المتضمنة منطوق الحكم وحده متى كانت هذه الورقة منفصلة عن الأوراق المشتملة على أسبابه، أما إذا حررت الأسباب على أوراق منفصلة اشتملت الأخيرة منها على جزء من هذه الأسباب اتصل بها منطوق الحكم ثم وقع عليها جميع القضاة الذين أصدروه فإن التوقيع على هذه الورقة إنما هو توقيع على المنطوق والأسباب مما يتحقق به غرض الشارع فيما استوجبه من توقيع القضاة الذين أصدروا الحكم على مسودته المشتملة على أسبابه فلا يكون الحكم باطلًا، ولم يستلزم المشرع توقيع أعضاء هيئة المحكمة التي أصدرت الحكم على نسخته الأصلية بل اكتفي بتوقيع رئيسها فقط وكاتب الجلسة، ولم يشترط أن يكون التوقيع مقروءً .
لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة مسودة الحكم المطعون فيه أنها جاءت موقعة من جميع القضاة الذين اشتركوا في إصداره على كل ورقة من أوراقها، وكان الثابت في النسخة الأصلية للحكم المطعون فيه المودعة ملف الدعوى أن كل أوراقه موقعة من رئيس الجلسة وكاتبها وتم إثبات صفتيهما بالصفحة الأخيرة للحكم إذ جاء توقيعيهما عليها مسبوقًا بعبارتي (رئيس المحكمة) و(أمين السر) وهو ذات توقيعيهما الثابت على باقي صفحات الحكم، ومن ثم فإن النعي عليه بالبطلان يكون على غير أساس .
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بالوجوه الأول والثاني والثالث من السبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والفساد في الاستدلال والتناقض، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها بأن شرط التحكيم الوارد في العقد المؤرخ ٢٣ من ديسمبر سنة ١٩٩٦ تم نسخه بموجب مشارطة التحكيم التي تضمنها محضر جلسة ٢٢ من فبراير سنة ١٩٩٩ في التحكيم رقم …….. لسنة ١٩٩٩ بمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بين طرفي النزاع والتي استنفدت كافة آثارها بانتهائه وصدور حكم هيئة التحكيم في موضوعه، ومن ثم فلا يصلح الاستناد إلى شرط التحكيم الوارد بالعقد في إقامة التحكيم الجديد رقم ……… لسنة ٢٠٠٤ – موضوع التداعي – وإجبارها على قبول الدخول فيه قسرًا عنها رغم عدم وجود اتفاق تحكيم ساري المفعول يمكن الاستناد إليه، سيما وقد صدر الحكم رقم ……… لسنة ١١٧ ق القاهرة ببطلان حكم التحكيم السابق وتضمنت أسبابه انقضاء مشارطة التحكيم الواردة في العقد، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دعوى بطلان حكم التحكيم تأسيسًا على أن شرط التحكيم يعتبر اتفاقًا مستمرًا على استبعاد اللجوء إلى القضاء لحل النزاع ويجوز إعادة استخدامه بعد إبطال حكم التحكيم إذا لم يكن حكم البطلان مؤسسًا على بطلان اتفاق التحكيم، وهو ما لا يصلح ردًا على دفاع الطاعنة سالف البيان، فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التحكيم هو طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات، وإذا كان اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها يرتكن أساسًا إلى حكم القانون الذى أجاز استثناء سلب ولاية جهات القضاء إلا أن التنظيم القانوني للتحكيم إنما يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية، فإرادة المتعاقدين هي التي توجد التحكيم وتحدد نطاقه من حيث المسائل التي يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم وغيرها، وأن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم نصوص مشارطة التحكيم وتعرف ما قصد منها دون التقيد بألفاظها بحسب ما تراه أوفى إلى نية أصحاب الشأن مستهدية في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها ولا رقابة عليها في ذلك مادامت قد بينت الاعتبارات المقبولة التي دعتها إلى الأخذ بما ثبت لديها والعدول عما سواه، وإذا قضت المحكمة ببطلان حكم التحكيم فإنه يترتب على ذلك زواله كله أو جزء منه بحسب ما إذا كان البطلان كليًا أو جزئيًا ويزول كل ما ترتب على حكم التحكيم أو على الجزء الذى أُبطِل منه من آثار وتنتهى الخصومة أمامها، ويبقى للاتفاق على التحكيم أثره بعد القضاء ببطلان حكم التحكيم، فلا يوجد ما يمنع الطرفين من إبرام مشارطة تحكيم جديدة بالنسبة لنفس النزاع، وإذا لم تعقد هذه المشارطة وكان الحكم الصادر في دعوى بطلان حكم التحكيم لم يعرض لمسألة وجود أو صحة أو نفاذ أو بطلان اتفاق التحكيم فإن هذا الحكم لا يؤثر في اتفاق التحكيم ويكون لكل ذي مصلحة بعد صدور حكم البطلان اللجوء إلى التحكيم نفاذًا لهذا الاتفاق، أما إذا كان هذا الحكم قد تعرض لمسألة صحة أو بطلان اتفاق التحكيم فقضى ببطلان حكم التحكيم استنادًا إلى بطلان الاتفاق شرطًا أو مشارطة أو إلى سقوطه أو عدم نفاذه - سواء كان قضاؤه بهذا صريحًا أو ضمنيًا – فإن الحكم ببطلان حكم التحكيم يمنع الالتجاء إلى التحكيم ويجب على ذي المصلحة إن أراد المطالبة بحقه أن يلجأ إلى المحكمة، ما لم يبرم الطرفان اتفاق تحكيم جديد . أما في حالة ما إذا كان هناك شرط تحكيم وأبرمت بعده مشارطة وحُكِمَ ببطلان المشارطة وبالتبعية ببطلان حكم التحكيم الذى صدر استنادًا إليها، فإن هذا الحكم لا يُبْطِل شرط التحكيم السابق عليها، فيبقى لهذا الشرط أثره في التزام الطرفين باللجوء إلى التحكيم .
لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن طرفي التداعي حررا عقد اتفاق مؤرخ ٢٣ من ديسمبر سنة ١٩٩٦ – مكملًا لعقد المقاولة المبرم بينهما بتاريخ ١٨ من يناير سنة ١٩٩٥ – واتفقا في البند التاسع منه على حسم أي منازعات متعلقة بهذا العقد عن طريق التحكيم، وإذ ثار خلاف بينهما فأقامت المطعون ضدها القضية التحكيمية رقم …….. لسنة ١٩٩٩ أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي وتم الاتفاق بين الطرفين على اعتبار ما تضمنه محضر جلسة التحكيم المؤرخ ٢٢ من فبراير سنة ١٩٩٩ بمثابة مشارطة للتحكيم وأصدرت هيئة التحكيم حكمها والذى قُضِى ببطلانه بالحكم الصادر في الدعوى رقم ……. لسنة ١١٧ ق القاهرة تأسيسًا على أن هيئة التحكيم فصلت في موضوع النزاع على مقتضى قواعد العدالة والإنصاف ولم تتقيد بتطبيق أحكام القانون الذى اتفق عليه الطرفان، ولم يتعرض حكم البطلان إلى صحة أو بطلان شرط التحكيم الوارد في العقد أو مشارطة التحكيم المتفق عليها في محضر جلسة التحكيم، فإن هذا الحكم لا يبطل شرط التحكيم الوارد في البند التاسع من العقد ويظل لهذا الشرط أثره في التزام الطرفين بالالتجاء إلى التحكيم لحسم المنازعات المتعلقة بهذا العقد، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فإن النعي عليه يكون على غير أساس .
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الرابع من السبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بانتهاء مدة مشارطة التحكيم التى تضمنها محضر جلسة ٢٢ من فبراير سنة ١٩٩٩ في التحكيم رقم ……. لسنة ١٩٩٩ – والمحددة بسنة واحدة – بصدور الحكم المنهى للخصومة التحكيمية وذلك قبل البدء في التحكيم الجديد رقم …….. لسنة ٢٠٠٤، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل دفاعها سالف البيان وقضى برفض الدعوى ببطلان حكم التحكيم الأخير مسايرًا الحكمين الجزئي بالاختصاص والمنهى للخصومة الصادرين فيه بقالة أن مدة التحكيم تبدأ من تاريخ صدور الحكم في الاستئناف بتعيين محكم عن الطاعنة باعتباره عقبة مادية تحول دون السير في إجراءات التحكيم، بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في الفقرة الأولى من المادة ٤٥ من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ بإصدار قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية يدل على أن المشرع أوجب على هيئة التحكيم أن تصدر حكمها المنهى للخصومة كلها خلال الميعاد الذى اتفق عليه الخصوم، وأنه في حالة عدم اتفاقهم على الميعاد فإنه يجب عليها أن تصدر حكمها خلال اثنى عشر شهرًا من تاريخ بدء إجراءات التحكيم ويجوز لهيئة التحكيم أن تقرر مد هذا الميعاد أو المدة المتفق عليها فترة أخرى لا تتجاوز ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مد الميعاد أكثر من ذلك، وكانت إجراءات التحكيم عند الاتفاق عليه – بديلًا عن القضاء – إنما تبدأ من اليوم الذى يتسلم فيه المدعى عليه طلب التحكيم عن الحق المتنازع عليه من المدعى ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر له وذلك على نحو ما استنه الشارع في المادة ٢٧ من القانون سالف الذكر .
لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن حكم التحكيم السابق رقم …….. لسنة ١٩٩٩ الصادر بناء على مشارطة التحكيم المؤرخة ٢٢ من فبراير سنة ١٩٩٩ قد قُضِى ببطلانه لسبب لا يتعلق بهذه المشارطة، وكانت الطاعنة قد أقامت التحكيم رقم …….. لسنة ٢٠٠٤ استنادًا إلى شرط التحكيم الوارد في البند التاسع من العقد المؤرخ ٢٣ من ديسمبر سنة ١٩٩٦ – الذي يستمر أثره في التزام طرفيه باللجوء إلى التحكيم لحسم المنازعات المتعلقة به – وذلك بأن أبدت رغبتها بالبدء في تحكيم جديد لفض النزاع بتوجيه الإنذار المؤرخ ١٧ من فبراير سنة ٢٠٠٣ إلى الطاعنة وتم قيد التحكيم بمركز القاهرة للتحكيم بتاريخ ١٧ من أكتوبر سنة ٢٠٠٤، وإزاء امتناع الطاعنة عن تعيين محكم عنها فأقامت المطعون ضدها دعوى بطلب تعيين محكم عن الطاعنة فُصِل فيها نهائيًا بالاستئناف رقم ……….. لسنة ٨ ق القاهرة بتاريخ ٢٨ من نوفمبر سنة ٢٠٠٤، ومن ثم يقف سريان ميعاد التحكيم حتى تاريخ صدور هذا الحكم ولا تحسب تلك المدة ضمن الميعاد المحدد لإصدار حكم التحكيم، وذلك بحسبان أن هذه المسألة عارضة تخرج عن ولاية المحكمين ويستحيل عليهم قبل الفصل فيها مواصلة السير في التحكيم المنوط بهم، وإذ كانت هيئة التحكيم قد عقدت أولى جلساتها بعد اكتمال تشكيلها بتاريخ ٦ من ديسمبر سنة ٢٠٠٤ وأصدرت حكمها المنهى للخصومة في ٢٠ من أكتوبر سنة ٢٠٠٥، وكان شرط التحكيم الوارد في العقد لم يتضمن تحديد ميعاد لإجراء التحكيم أو إصدار الحكم فيه، فإن حكم التحكيم يكون قد صدر خلال مدة سريان شرط التحكيم وفى الميعاد المقرر قانونًا، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس .
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجهين الخامس والسادس من السبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام هيئة التحكيم ومحكمة الاستئناف بطلب عدم جواز السير في التحكيم رقم ……… لسنة ٢٠٠٤ حتى يُفصل في الطعن بالنقض رقم ١٩٧ لسنة ٧٢ ق المقام من المطعون ضدها عن الحكم الصادر ببطلان حكم التحكيم رقم ………. لسنة ١٩٩٩ حتى لا تواجه تنفيذًا مزدوجًا عن ذات الموضوع إذا تم نقض حكم البطلان، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل تكييف طلبها سالف البيان تكييفًا صحيحًا بأنه في حقيقته طلب بوقف الدعوى تعليقًا لحين الفصل في الطعن بالنقض والتفت عن الرد عليه، وقضى برفض الدعوى ببطلان حكم التحكيم موضوع النزاع إعمالًا للمادة ٥٣ / ج من قانون التحكيم رغم عدم إعلانها بإجراءات الدعوى التحكيمية وحكم التحكيم الجزئي بالاختصاص الصادر فيها مما حال دون حضورها أمام هيئة التحكيم وإبداء دفاعها، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن نطاق الطعن بالنقض لا يتسع لغير الخصومة التي كانت مطروحة على محكمة الاستئناف، فلا يجوز أن يضمن الطاعن صحيفة طعنه نعيًا يخرج عن نطاق الخصومة المعروضة، ولا يعتبر الطلب مقدمًا للمحكمة إلا إذا كان قد تمسك به صاحبه في صورة الطلب الصريح الجازم فإذا كان الطاعن لم يتمسك بطلبه أمام محكمة الموضوع على هذا النحو فلا يجوز إثارته أمام محكمة النقض لأول مرة .
لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد أشارت في صحيفة دعواها إلى أن حكم التحكيم السابق المقضي ببطلانه عن ذات الموضوع مطعون عليه بطريق النقض ولم يفصل فيه، بيد أنها لم تشفع ذلك بطلب صريح بعدم جواز السير في الدعوى أو بطلب وقفها تعليقًا حتى يفصل في الطعن بالنقض، كما أنها لم تتمسك أمام محكمة الاستئناف ببطلان إجراءات الخصومة التحكيمية بسبب عدم إعلانها بحكم التحكيم الجزئي بالاختصاص ونظر موضوع التحكيم في غيبتها دون إعلانها إعلانًا صحيحًا مما حال دون حضورها أمام هيئة التحكيم وإبداء دفاعها، ومن ثم فلا يجوز لها التحدي بهذه الأسباب لأول مرة أمام محكمة النقض، ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه بهذين الوجهين على غير أساس .
ولما تقدم يتعين رفض الطعن .