بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر / محمد أبازيد " نائب رئيس المحكمة "، والمرافعة، وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن الشركة الطاعنة تقدمت بطلب التحكيم برقم ……… لسنة ٢٠٠٦ ضد المطعون ضده بصفته بطلب إلزامه بأن يؤدى لها مبلغ ٩٤٧٤٢٢,٩٥ جنيه تم خصمه من الشركة الطاعنة كغرامة تأخير وفوائده القانونية بواقع ٤% حتى تمام السداد، وبتاريخ ٢٢ / ٣ / ٢٠٠٧ صدر الحكم في الدعوى التحكيمية بإلزام المطعون ضده بصفته بأن يؤدى للطاعنة مبلغ ٦٨٠٩٤٨,٤٦ جنيه، أقام المطعون ضده – الدعوى رقم ………. لسنة ١٢٤ ق لدى محكمة استئناف القاهرة – مأمورية الجيزة – بطلب القضاء ببطلان الحكم الصادر في التحكيم سالف البيان، وبتاريخ ٢٩ / ٩ / ٢٠٠٩ حكمت المحكمة بإلغاء حكم المحكمين في طلب التحكيم رقم ……. لسنة ٢٠٠٦ والقضاء مجددًا برفض الطلب. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرِضَ الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك تقول إن أصل النزاع خاضع للقانون رقم ٩٧ لسنة ١٩٨٣ فتكون دعوى بطلان حكم التحكيم ليست طعنًا بالاستئناف على هذا الحكم ولا تتسع لإعادة النظر في موضوع النزاع، وإنما فقط لبحث مدى توافر حالات البطلان الواردة في المادة ٥٣ من قانون ٢٧ لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقام ببحث حكم التحكيم من الناحية الموضوعية ومدى قيام الشركة الطاعنة بتنفيذ التزاماتها التعاقدية ورتب على ذلك إلغاء حكم المحكمين ورفض الدعوى . فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك – بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة – أنه وفقًا لنص الفقرة الثانية من المادة ٥٤ من قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ فإن الاختصاص ينعقد لمحكمة الدرجة الثانية بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم، أما عن أحكام التحكيم الإجباري وكانت المحكمة الدستورية قد قضت بعدم دستورية القفرة الأولى من المادة ٦٦ من القانون رقم ٩٧ لسنة ١٩٨٣ فيما نصت عليه من عدم جواز الطعن على هذه الأحكام، وكانت مواد هذا القانون الأخير – المنطبق على الواقعة – لم يرد بها نص يتضمن الجهة المنوط بها نظر دعوى البطلان، فإنه يتعين الرجوع في هذا الشأن إلى القواعد الواردة في القانون العام، وكان المفترض أن يكون هذا القانون هو قانون المرافعات المدنية والتجارية، إلا أنه وإزاء إلغاء المواد من ٥٠١ إلى ٥١٣ منه – الخاصة بالتحكيم – بموجب القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية، فإنه يكون من العدالة الرجوع إلى هذا القانون الأخير ليكون الفيصل في دعاوى بطلان الأحكام الصادرة من هيئات التحكيم أيًا كان مسماها اختياريًا أو إجباريًا باعتبار أن التحكيم كأصل عام هو طريق استثنائي لفض المنازعات، ومن ثم يتعين أن تتوحد أحكام الدعاوى محل المنازعات لعدم وجود المبرر للمغايرة بين دعوى بطلان حكم التحكيم الاختياري مع مثيلتها في التحكيم الإجباري، وحتى تتسق مع مبدأ التقاضي على درجتين، ومن ثم فإنه وفقاً للقواعد الواردة في القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ آنف الذكر، فإن محكمة الدرجة الثانية تكون هي المختصة بنظر دعاوى بطلان أحكام التحكيم الإجباري، وأنه ليس لقاضى دعوى البطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير ملاءمته أو مراقبة حسن تقدير المحكمين يستوى في ذلك أن يكون المحكمون قد أصابوا أو أخطأوا عندما اجتهدوا في تكييفهم للعقد وتقديرهم لالتزامات طرفيه لأنهم حتى لو أخطأوا فإن خطأهم لا ينهض سببا لإبطال حكمهم بحسبان أن دعوى الإبطال تختلف عن دعوى الاستئناف .
لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن هيئة التحكيم بوصفها قاض الموضوع قد استخلصت أن تأخير تنفيذ مشروع محكمة استئناف قنا يرجع إلى أسباب فنية خارجة عن إرادة الشركة الطاعنة ورتبت على ذلك عدم أحقية المطعون ضده بصفته في خصم مبلغ ٦٨٠٩٤٨,٤٦ جنيه قيمة غرامة التأخير، وخلصت إلى إلزامه بأن يؤدى للطاعنة هذا المبلغ وكانت المجادلة في شأن صحة مسألة تتعلق بسلطة هيئة التحكيم في فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها مما لا يتسع له نطاق دعوى البطلان حسبما سلف بيانه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في الدعوى كمحكمة استئناف ونظر موضوعها كدرجة ثانية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه .
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه – ولما تقدم – وكانت أسباب الطعن بالبطلان على حكم التحكيم موضوع الدعوى تنصب على ما قضى به هذا الحكم في موضوعها ولا تندرج ضمن حالات البطلان المنصوص عليها على سبيل الحصر في المادة ٥٣ من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية ومن ثم يتعين رفض الدعوى .