بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر / حمادة عبدالحفيظ إبراهيم " نائب رئيس المحكمة ", المرافعة , وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الهيئة الطاعنة تقدمت بطلب إلى السيد رئيس محكمة استئناف القاهرة قيد برقم ٢٠ لسنة ١٣٣ق عرائض لاستصدار أمر بإنهاء إجراءات التحكيم لانتهاء مدته دون صدور حكم في النزاع وقالت بيانا لذلك أن الشركة المطعون ضدها – المحتكمة – تقدمت بدعواها التحكيمية إلى مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي التي قيدت برقم ١٠٢٠ لسنة ٢٠١٥ بشأن الترخيص الصادر لها من الهيئة الطاعنة – المحتكم ضدها – باستغلال قطعة أرض فضاء بميناء دمياط والذى تضمن شرط التحكيم، وإذ انتهت مدة التحكيم دون صدور حكم فيه تقدمت بطلبها الذى تم رفضه فتظلمت منه لدى ذات المحكمة بالتظلم رقم ٢٥ لسنة ١٣٣ ق القاهرة، وبتاريخ ٢٥ / ٩ / ٢٠١٦ قضت بتأييد الأمر المتظلم منه، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرة وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه يجوز لمحكمة النقض – كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة والخصوم – إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم، وأن الطعن بالنقض يعتبر وارداً على الاختصاص الضمني في مسألة الاختصاص الولائي المتعلقة بالنظام العام، وكان من المقرر قضاءً أن للدولة على الأموال العامة حق استعمالها ويجرى ذلك وفقاً لأوضاع وإجراءات القانون العام وأن تصرف السلطة الإدارية في الأموال العامة لانتفاع الأفراد بها لا يكون إلا على سبيل الترخيص وهذا بذاته وبطبيعته مؤقتاً وغير ملزم لها إذ لها دائماً لداعى المصلحة العامة الحق في إلغائه والرجوع فيه قبل حلول أجله ثم هو – عدا ذلك – خاضع لحكم الشروط والقيود الواردة فيه وأن إعطاء الترخيص ورفضه والرجوع فيه كل ذلك من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام ولا يخضع للقانون الخاص وكون الترخيص يصرف بمقابل رسم يدفع لا يخرجه عن طبيعته تلك وأنه تعتبر من الأموال العامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة التي تخصص لمنفعة عامة فعلاً أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير أو المحافظ المختص . لما كان ذلك، وكان القرار الجمهوري رقم ٣١٧ لسنة ١٩٨٥ بشأن إنشاء هيئة ميناء دمياط قرر لها الشخصية الاعتبارية وحدد اختصاصاتها ومسئولياتها بأن أناط بها دون غيرها إدارة ميناء دمياط وفقاً للخطة العامة للدولة . ولها بموجب هذا القرار استغلال المساحات داخل الميناء وخارجه كما أن لها الترخيص لأي شخص طبيعي أو اعتباري أن يشغل جزءاً من الأراضي والمنشآت المملوكة لها لأغراض خاصة داخل حدود الميناء على أن يصدر الترخيص من رئيس مجلس إدارة الهيئة وتعتبر أموالها أموالا عامة. وإذ كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن النزاع في الدعوى التحكيمية رقم ١٠٢٠ لسنة ٢٠١٥ – مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري – يدور حول ترخيص الهيئة الطاعنة للشركة المطعون ضدها في استغلال قطعة أرض فضاء بميناء دمياط بغرض إقامة مشروع صناعي تجارى يخص نشاطها وكانت الأرض محل الترخيص تدخل في دائرة الميناء وخاصة بالهيئة الطاعنة التي تعتبر أموالها – وفقاً لقرار إنشائها – أموالا عامة ومخصصة لمرفق عام وهو ميناء دمياط وقد تضمن – الترخيص – شروطاً غير مألوفة منها أنه أناط بالهيئة الطاعنة حق الإشراف والمتابعة الفنية أثناء فترة الترخيص وإلزام الشركة المرخص لها – المطعون ضدها - بأن تقدم للهيئة الطاعنة كافة الوثائق والرسومات والمستندات والتصميمات الخاصة بالمشروع لاعتمادها قبل البدء في التنفيذ كما ألزمها بإنشاء طريق مرصوف إلى الأرض المسلمة لها وغيرها من الشروط التي لم يجر بها التعامل في عقود القانون الخاص بما يتوافر لهذا الترخيص مقومات تكييفه بأنه تصرف إداري يحكمه القانون العام ومن ثم فإن المنازعة في شأنه ينعقد الاختصاص بنظرها لجهة القضاء الإداري وتنحسر عنه ولاية المحاكم العادية عملاً بالمادتين ١٥، ١٧ من قانون السلطة القضائية والمادة العاشرة من القانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢ بشأن مجلس الدولة – وكان النص في الفقرة الأولى من المادة التاسعة من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية على أنه يكون الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون إلى القضاء المصري للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع أما إذا كان التحكيم تجارياً دولياً سواء جرى في مصر أو في الخارج فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر ... ٢ – وتظل المحكمة التي ينعقد لها الاختصاص وفقاً للفقرة السابقة دون غيرها صاحبة الاختصاص حتى إنهاء جميع إجراءات التحكيم " والنص في الفقرة الثانية من المادة ٤٥ من ذات القانون على أنه " إذا لم يصدر حكم التحكيم خلال الميعاد ...... جاز لأى من الطرفين أن يطلب من رئيس المحكمة المشار إليها في المادة التاسعة من القانون أن يصدر أمراً بتحديد ميعاد إضافي أو بإنهاء إجراءات التحكيم " إنما يدل على أن المشرع نظم اختصاص المحاكم المصرية بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها القانون سالف البيان إلى القضاء وهى تلك المتعلقة بإجراءات التحكيم كالأمر باتخاذ تدابير مؤقتة أو تحفظية سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها م ١٤ من قانون التحكيم أو لإنهاء إجراءات التحكيم م ٤٥ فجعلها لمحكمة استئناف القاهرة إذا كان التحكم تجارياً دولياً سواء جرى في مصر أو خارجها ما لم يتم الاتفاق على محكمة استئناف أخرى، ويكون الأمر كذلك ولو كان النزاع أصلاً من اختصاص جهة القضاء الإداري كما لو كان متعلقاً بعقد إداري ذلك أن المادة ٣ من قانون التحكيم لم تفرق بين العقد المدني والعقد الإداري بالنسبة للتحكيم التجاري الدولي أما إذ كان التحكيم ليس تجارياً دولياً فإن الاختصاص يكون للمحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع وفقا لقواعد الولاية والاختصاص التي ينص عليها القانون المصري فإذا كان النزاع يدخل في ولاية القضاء الإداري فإن محكمة القضاء الإداري تكون صاحبة الولاية وإذا كان النزاع يدخل في ولاية القضاء المدني تحدد اختصاص المحكمة وفقاً لقواعد الاختصاص القيمي والنوعي والمحلى التي تنطبق على هذه المنازعة والمنصوص عليها في قانون المرافعات، وكان النزاع بشأن الترخيص أساس الدعوى التحكيمية المطلوب إنهاء إجراءاتها ليس تحكيما تجاريا دوليا ومن ثم تختص به المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع وهى على نحو ما سلف جهة قضاء مجلس الدولة لتعلقه بتصرف إداري يحكمه القانون العام . وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وفصل في موضوع التظلم منطوياً – بذلك – على قضاء ضمني باختصاص جهة القضاء العادي بنظر الأمر المتظلم منه فإنه يكون خالف قواعد الاختصاص الولائي المتعلقة بالنظام العام مما يصمه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه. ولما تقدم، وكانت المادة ٢٦٩ / ١ من قانون المرافعات تنص على أنه " إذا كان الحكم المطعون منه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي أمامها بإجراءات جديدة " فإنه يتعين إلغاء الأمر المتظلم منه والحكم بعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظره واختصاص محاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون الإحالة عملاً بنص المادة ٢٦٩ / ١ سالف الذكر .
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضدها المصروفات وحكمت في موضوع الاستئناف رقم ٢٥ لسنة ١٣٣ ق القاهرة بإلغاء الأمر المتظلم منه رقم ٢٠ لسنة ١٣٣ ق القاهرة وبعدم اختصاص القضاء العادي بنظره وألزمت المستأنف المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .