بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقـرر / عــلــى جـــبـــريـــــل " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة ، وبعد المداولة : - حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية . وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده بصفته الدعوى التي صار قيدها برقم ٥٧٨٧ لسنة ٢٠٠٤ مدنى محكمة دمنهور الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدى إليه مبلغ خمسمائة وخمسين ألف جنيه تعويضًا ، وقال بيانًا لذلك إنه بموجب وثيقة التأمين رقم ٤٢٨٩٤ ر / ١ قام بالتأمين على مصنعه لدى المطعون ضده ، وبتاريخ ١٢ / ٩ / ٢٠٠٢ شب حريق أتى على جميع موجودات المصنع وتحرر عن ذلك المحضر رقم ٥١٠٣ لسنة ٢٠٠٢ إداري أبو المطامير إلا أن المطعون ضده امتنع عن إعطائه مستحقاته ، ومن ثم فقد أقام الدعوى . بتاريخ ٢٣ / ١٢ / ٢٠٠٨ حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم برقم ٥٥٩ لسنة ٦٥ ق أمام محكمة استئناف الإسكندرية " مأمورية دمنهور "، وبتاريخ ٥ / ٧ / ٢٠٠٩ قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن ، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة ، حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها . وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن الشركة المطعون ضدها أغفلت الدفع بشرط التحكيم في مذكرة دفاعها الختامية المقدمة أمام محكمة أول درجة في ٣٠ / ٥ / ٢٠٠٥ ممَّا يعد تنازلًا ضمنيًّا عن هذا الشرط الذى أبدته في مذكرة سابقة ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه . وحيث إن هذا النعي في محله ، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التحكيم طريق استثنائي لفض المنازعات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية ولا يتعلق شرط التحكيم بالنظام العام ، فلا يجوز للمحكمة أن تقضى بإعماله من تلقاء نفسها وإنما يتعين التمسك به أمامها ، ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمنًا ، ويسقط الحق فيه فيما لو أثير متأخرًا بعد الكلام في الموضوع ، إذ يعتبر السكوت عن إبدائه قبل نظر الموضوع نزولًا ضمنيًّا عن التمسك به ، كما أنه من المقرر أن ما يجب على محكمة الموضوع الاعتداد به والتصدي لبحثه والفصل فيه هو طلبات الخصوم وأوجه دفاعهم الختامية . لما كان ذلك ، وكان البين من الأوراق - بعد ضم الملفات - أن الشركة المطعون ضدها ولئن احتجت في مذكرة دفاعها أمام محكمة أول درجة بجلسة ٢٥ / ١ / ٢٠٠٤ على الطاعن بشرط التحكيم الوارد بوثيقة التأمين المبرمة بينهما ، إلا أنها أغفلت التمسك بهذا الشرط في مذكرتها الختامية المقدمة أمام ذات المحكمة في ٣٠ / ٥ / ٢٠٠٥ والتي حددت فيها دفوعها وأوجه دفاعها تحديدًا جامعًا فطلبت رفض الدعوى وسقوط حق الطاعن المؤمن له وانتهت إلى طلب ندب خبير من الهيئة المصرية للرقابة على التأمين دون أن تحيل إلى ما أوردته في مذكرات دفاعها السابقة فإن خلو مذكرتها الختامية من التمسك بشرط التحكيم يعد نزولًا ضمنيًّا عنه وينطوي على التسليم بصحة إجراءات الخصومة والرضا بطرح النزاع أمام القضاء . وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد حكم أول درجة بقبول الدفع بعدم القبول لوجود شرط التحكيم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه . وحيث إن القضاء بعدم قبول الدعوى لقيام شرط التحكيم يتعلق بعمل إجرائي وليس عدم قبول موضوعي ممَّا نصت عليه المادة ١١٥ من قانون المرافعات فإن محكمة أول درجة بقضائها بعدم قبول الدعوى على ذلك الأساس لا تكون قد استنفدت ولايتها في نظر موضوع الدعوى ولم تقل كلمتها فيه ، وإعمالًا لمبدأ التقاضي على درجتين باعتباره من المبادئ الأساسية للنظام القضائي وحتى لا تفوت على الخصوم إحدى درجتيالتقاضي ، فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف وإحالة الدعوى إلى محكمة أول درجة لنظر الموضوع . لــذلـك نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضده بصفته المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة وحكمت في موضوع الاستئناف رقم ٥٥٩ لسنة ٦٥ ق الإسكندرية " مأمورية دمنهور " بإلغاء الحكم المستأنف وإحالة القضية إلى محكمة دمنهور الابتدائية لنظر موضوع الدعوى وألزمت المستأنف ضده بالمصروفات عن الدرجتين ومبلغ مائة وخمسة وسبعين جنيهًا مقابل أتعاب المحاماة . أمين السر نائب رئيس المحكمة