بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقـرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر / طلبه مهنى محمد " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة وبعد المداولة . حيث إن الطعن استوفى اوضاعه الشكلية . وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته أقام الدعوى رقم ١٦٢١ لسنة ٣٣ ق أمام محكمة استئناف الإسماعيلية ضد الشركة الطاعنة والمطعون ضدهما الثانية والثالث بصفته بطلب الحكم ببطلان مشاركة وحكم التحكيم رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٧ المودع محكمة الإسماعيلية الابتدائية بتاريخ ٩ / ١ / ٢٠٠٧ واعتبارهما كأن لم يكونا، مع ما يترتب على ذلك من آثار، على سند من حكم التحكيم المذكورة قد قضى بناءً على تلك المشاركة لصالح المطعون ضدها الثانية ( غير مصرية ) بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ ١ / ٣ / ٢٠٠٥ الصادر إليها من الطاعنة وبتسليمها الوحدة العقارية محل هذا العقد والكائنة بمدينة شرم الشيخ جنوب سيناء والمبينة بالصحيفة، وإذ كانت هذه المشاركة وحكم التحكيم المذكورين باطلين بطلاناً مطلقاً لصدورهما بالمخالفة للقانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٤٦ - بتنظيم الشهر العقاري - والقانون رقم ٢٣٠ لسنة ١٩٩٦ بشأن تملك غير المصريين للعقارات والأراضي الفضاء - فقد أقام الدعوى . وبتاريخ ٢٨ / ١ / ٢٠٠٩ قضت المحكمة بالطلبات، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها برفض الطعن، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها . وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد من أربعة وجوده تنعى الطاعنة بالوجه الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه حين قضى برفض الدفع المبدى منها بعدم اختصاص محكمة استئناف الإسماعيلية محلياً بنظر الدعوى، رغم أن النزاع موضوع حكم التحكيم فيها يتعلق بعلاقة قانونية ذات طابع اقتصادي الغرض منه الاستثمار - أحد طرفيه أجنبي الجنسين - مما يكون معه هذا التحكيم تجارياً دولياً، وينعقد الاختصاص بنظر دعوى بطلانه إلى محكمة استئناف القاهرة عملاً بنص المادتين ٩، ٥٤ من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ - بشـأن التحكيم - بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه . وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن النص في المادة الثانية من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ - في شأن التحكيم ففي المواد المدنية والتجارية - على أن " يكون التحكيم تجارياً في حكم هذا القانون إذا نشأ النزاع حول علاقة قانونية ذات طابع اقتصادي، عقديه كانت أو غير عقديه، ويشمل ذلك على سبيل المثال توريد السلع أو الخدمات أو لو كالات التجارية وعقود التشييد والخبرة الهندسية أو الفنية ومنح التراخيص الصناعية والسياحية وغيرها ونقل التكنولوجيا والاستثمار وعقود التنمية وعمليات البنوك والتأمين والنقل وعمليات تنقيب واستخراج الثروات الطبيعية وتوريد الطاقة ومد أنابيب الغاز أو النفط وشق الطرق والأنفاق واستصلاح الأراضي الزراعية وحماية البيئة وإقامة المفاعلات النووية " وفى البند الأول من المادة التاسعة منه على أن " يكون الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون إلى القضاء المصري للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع، أما إذا كان التحكيم تجارياً دولياً سواء جرى في مصر أو الخارج فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة، ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر " والنص في البند الثاني من المادة ٥٤ من ذات القانون على أن " تختص بدعوى البطلان في التحكيم التجاري الدولي المحكمة المشار إليها في المادة ٩ من هذا القانون، وفى غير التحكيم الدولي يكون الاختصاص لمحكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع " يدل على أن مناط اختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم هو أن يكون النزاع الذى فصل فيه نشأ حول علاقة قانونية تتعلق بالتجارة الدولية، وفى إحدى الحالات الواردة في المادة الثالثة من القانون المشار إليه، وأن تتسم هذه العلاقة بالطابع الاقتصادي، وكان البين من مذكرة الإيضاحية للقانون ومناقشات أعضاء مجلس الشعب حول مواده أن المشرع لم يضع تعريفاً جامعاً مانعاً للتحكيم التجاري تحاشياً للرجوع إلى أحكام القانون التجاري القديم - الذى كان سارياً عند مناقشة هذا القانون والذى كان يسرد الأعمال التجارية الموجودة عند إصداره سنه ١٨٨٣، وأن المشرع قصد ألا يفهم من عبارة العقود التجارية المعنى الضيق لها وفقاً لأحكام القانون الأخير، لذلك فقد عمد إلى ضرب أمثله للعلاقات القانونية ذات الطابع الاقتصادي، والجامع بينها أنها تتعلق باستثمار رؤوس الأموال والحصول على ربح، وهى أمثله يستعين بها القاضي في القياس عليها، وهو يحكم فيما إذا كان العمل تجارياً وفقاً لأحكام قانون التحكيم أم لا، وأن واضعي المشروع قصد وأن يمنحوا القاضي دوراً إيجابياً حتى يساير قانون التحكيم التغيرات التي قد تطرأ على النشاط الاقتصادي والتجارة الدولية، لذلك فإن تقدير وجود الطابع الاقتصادي في العلاقة التي ينشأ حولها النزاع والذى يجعل من التحكيم بشأنها تجارياً هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضى الموضوع ما دام قد أقام قضاءه على أسباب سائغة، وله أن يهتدى في ذلك بقصد المتعاقدين والباعث عليه إذا كان عملاً من أعمال الاستثمار . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من أوراق الدعوى أن النزاع محل حكم التحكيم موضوع الدعوى يدور حول شراء المطعون ضدها الثانية " أجنبية الجنسية " لوحدة عقارية سكينة داخل البلاد من الشركة الطاعنة، ومدى صحة هذا التصرف، وأن الغرض منه هو الانتفاع بهذا الوحدة، ولا يتسم بالطابع الاقتصادي، وأن العلاقة بشأنه في حقيقتها علاقة مدنية لا تنطوي على استثمار للأموال، أو الحصول على عائد، فلا تخضع للتحكيم الدولي، وخلص إلى أن الاختصاص بنظر دعوى بطلان هذا الحكم ينعقد لمحكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع، ورتب على ذلك قضاءه برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر النزاع، وهو من الحكم استخلاص سائغ له أصله الثابت في الأوراق يكفى لحمله، فإن ما تثيره الطاعنة بوجه النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع وتقدير الطابع الاقتصادي للعلاقة موضوع التحكيم، وبالتالي غير مقبول . وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجهين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفى بيان ذلك يقول إنها تمسكت بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، لأن المشرع لم يمنح النيابة العامة حق رفع دعوى بطلان حكم التحكيم الصادر في النزاع بشأنها، والتي لا يجوز لغير أطرافه رفعها، ولأن التحكيم تم في غير الحالات التي نص المشرع على تدخلها فيها جوازاً أو وجوباً، فضلاً عن أنها تمسكت بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان وفقاً لحكم المادة ٥٤ / ١ من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ - بتنظيم التحكيم في المواد المدنية والتجارية - التي يشترط رفعها خلال التسعين يوماً التالية لإعلان المحكوم عليه، وهو ما لم يتم، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض الدفع مستنداً في ذلك إلى نصوص قانون المرافعات غير المنطبقة على واقعة النزاع، الأمر الذى يعيبه ويستوجب نقضه . وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأنه لما كان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه مع قيام قانون خاص لا يرجع إلى القانون العام إلا فيما فات القانون الخاص من أحكام، وكانت نصوص القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ - في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية - قد خلت من النص على حق النيابة العامة في رفع دعوى بطلان حكم التحكيم وتنظيم إجراءات وميعاد رفعها بالنسبة لها، كما لم تتضمن نفى هذا الحق عنها، بما لازمه العودة في هذا الشأن إلى قانون المرافعات المدنية والتجارية باعتباره القانون الإجرائي العام . وكان النص في المادة السادسة من القانون رقم ٢٣٠ لسنة ١٩٩٦ - بتنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضي الفضاء - على أنه " يقع باطلاً كل تصرف يتم بالمخالفة لأحكام هذا القانون ولا يجوز شهره، ويجوز لكل ذي شأن وللنيابة العامة طلب الحكم بهذا البطلان وعلى المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها ". وفى المادة ٨٨ من قانون المرافعات على أنه " فيما عدا الدعاوى المستعجلة يجب على النيابة العامة أن تتدخل في الحالات الأتية وإلا كان الحكم باطلاً :١ - الدعاوى التي يجوز لها أن ترفعها بنفسها. ٢ - ........ ٣ - كل حالة أخرى ينص القانون على وجوب تدخلها فيها ". وفى المادة ٩٢ منه على أنه " في جميع الأحوال التي ينص فيها القانون على تدخل النيابة يجب على قلم الكتاب إخبار النيابة كتابة بمجرد قيد الدعوى ". وفى المادة ٩٦ من ذات القانون على أنه " للنيابة العامة الطعن في الحكم في الأحوال التي يوجب القانون أو يجيز تدخلها فيها إذا خالف الحكم قاعدة من قواعد النظام العام أو إذا نص القانون على ذلك ". يدل على أنه يجب على النيابة العامة أن تتدخل كطرف منضم في دعاوى بطلان التصرفات المخالفة لأحكام القانون ومن بينها التصرفات المخالفة لأحكام قانون تنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبينة والأراضي الفضاء، بحسب أنها من الدعاوى التي يجوز لها أن ترفعها بنفسها، ويتعين لذلك على قلم كتاب المحكمة المرفوع إليها الدعوى إخبار النيابة العامة كتابة بها بمجرد قيدها، فإن تم الإخبار على هذا النحو وجب عليها التدخل في الدعوى بالحضور أو إبداء الرأي فيها، فإذا صدر الحكم فيها دون تدخلها فإنه يكون باطلاً بطلاناً متعلقاً بالنظام العام، كما أنه يحق لها من باب أولى إذا لم يتوافر لها العلم بتلك الدعاوى لعدم إخبارها بقيدها أن تطعن على الحكم الصادر فيها إذا خالف الحكم قاعدة من قواعد النظام العام، أو إذا نص القانون على ذلك إعمالاً لحكم المادة ٩٦ من قانون المرافعات - كما هو الحال في النزاع المعروض على هيئة التحكيم - والذى لم تتضمن إجراءاته وجوب إخبار النيابة العامة بعرض النزاع عليها، فيكون لها إقامة دعوى بطلان مشاركة التحكيم وحكم التحكيم الصادر فيها تمكيناً لها من القيام بدورها الذى أناط بها القانون القيام به في الطعن على الأحكام التي تصدر بالمخالفة لقواعد النظام العام، ودون التقيد بميعاد رفعها المنصوص عليها في المادة ٥٤ / ١ من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ السالف ذكره، وإذ ألتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة أو قبل الأوان فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ويضحى النعي عليه بهذين الوجهين على غير أساس . وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الرابع مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه حين قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير الحالات المنصوص عليها في المادة ٥٣ من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ تأسيساً على مخالفة حكم التحكيم لقانون تنظيم الشهر العقاري وقانون تنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبينة والأراضي الفضاء، رغم أن موضوع التحكيم هو طلب صحة عقد بيع عرفي يجوز فيه التصالح، كما يجوز فيه التحكيم، ولم يتطلب القانون شهر صحيفة طلب التحكيم، كما أن التحكيم موضوع الدعوى لم يخالف قانون تملك غير المصريين للعقارات، بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه . وحيث إن هذا النعي سديد . ذلك أن المقرر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الحكم المطعون فيه متى كان قد أصاب صحيح القانون في نتيجته فلا يبطله في الإفصاح عن سنده القانوني، إذ لمحكمة النقض أن تستكمل ما قصر الحكم في بيانه من ذلك، كما ان لها أن تعطى الوقائع الثابتة تكييفها القانوني الصحيح ما دامت لا تعتمد فيه على غير ما حصلته محكمة الموضوع منها، وكان من المادة أن المادة ٥٣ من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ - في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية - تقضى ببطلان حكم التحكيم في الحالات التي عددتها ومنها ما أوردته في الفقرتين ( أ، و ) من البند الأول إذا كان اتفاق التحكيم باطلاً أو إذا فصل في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو جاوز حدود هذا الاتفاق وفى البند الثاني إذا تضمن حكم التحكيم ما يخالف النظام العام، وكان مفاد المواد الأولى والثانية والسادسة من القانون رقم ٢٣٠ لسنة ١٩٩٦ - بتنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضي الفضاء - أن المشرع وإن أجاز لغير المصريين تملك العقارات المبنية كانت أو أرض فضاء، إلا أنه وضع شروطاً أوردتها المادة رقم ( ٢ ) من هذا القانون، ورتب على مخالفة أحكامه بطلان التصرف، سواء شمل الملكية التامة أو ملكية الرقبة أو حتى الانتفاع، وأجاز لكل ذي شأن وللنيابة العامة طلب هذا البطلان، كما أوجب على المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها استجابة لمنطق الأمور الذى يقتضى أنه عندما تكون الغاية ممنوعة تكون كل وسيلة تساهم في تحقيقها هي الأخرى ممنوعة . لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق - ومما حصله الحكم المطعون فيه - أن النيابة العامة أقامت الدعوى ببطلان مشارطة التحكيم والحكم الصادر فيها محل النزاع رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٧ محكمة الإسماعيلية الابتدائية تأسيساً على أن موضوعها يدور حول صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ ١ / ٣ / ٢٠٠٥ الصادر من الطاعنة إلى المطعون ضدها الثانية " غير مصرية " والمتضمن بيعها لها الوحدة العقارية محلة والكائنة داخل جمهورية مصر العربية وتسليمها إليها بالمخالفة لأحكام القانون رقم ٢٣٠ لسنة ١٩٩٦ السالف بيانه لأنه لم تتوافر فيها الشروط المنصوص عليه فيه لتملك الأجنبي للعقارات داخل مصر، بما يبطل ذلك العقد بطلاناً مطلقاً لتعلقه بالنظام العام لعدم مشروعية محله للتعامل فيه بنصوص آمره، وهو ما يتوافر به إحدى حالات رفع دعوى ببطلان حكم التحكيم ومشارطته الصادرين بشأنه باعتبارهما مجرد وسيلة تؤدى إلى تحقق مخالفة خطر التملك المذكور، وإذ ألتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان مشارطة التحكيم وحكم التحكيم موضوع النزاع لانطوائها على إحدى حالات الغش والتحايل للإفلات من أحكام تملك غير المصريين للعقارات الآمرة، فإنه يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة، ولا يعيبه ما اشتملك عليه أسبابه من قصور في بيان سنده القانوني، إذ لمحكمة النقض أن تستكمل هذه الأسباب وأن تعطى الوقائع التي حصلها الحكم تكييفها القانوني الصحيح دون أن تنقضه، ومن ثم يضحى النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس . لـــــــــــــــــذلك نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وألزمت الطاعنة المصروفات مع مصادرة الكفالة . أمين السر رئيس الدائرة