الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / حكم التحكيم / الاحكام القضائية / محكمة النقض بالجمهورية المصرية العربية / الطعن رقم ١٠١٠٣ لسنة ٨٦ قضائية

  • الاسم

    محكمة النقض بالجمهورية المصرية العربية
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    1

التفاصيل طباعة نسخ

 

الحكم

الطعن رقم ١٠١٠٣ لسنة ٨٦ قضائية

الدوائر المدنية - جلسة ٢٠١٩/٠٤/٢٣

 

 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / د. محمد رجاء أحمد حمدي نائب رئيس المحكمة والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت التماسي إعادة النظر رقمي ..... و....... لسنة ١٣٢ق استئناف القاهرة طعنًا على الحكم الصادر بتاريخ ٧ / ١٢ / ٢٠١٥ من محكمة استئناف القاهرة في دعوى بطلان حكم التحكيم رقمي ......و ...... لسنة ١٣٢ق استئناف القاهرة، وبيانًا لذلك قالت إنه على إثر صدور حكم التحكيم في القضية التحكيمية رقم ...... لسنة ٢٠٠٦ لدى مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بتاريخ ١٧ / ١٢ / ٢٠١٤ لصالح الشركتين المطعون ضدهما، أقامت دعوى  بطلان هذا الحكم وقُضى برفضهما، وإذ تحصلت بعد الحكم على مُستندات تؤيد عدم حيدة واستقلال رئيس هيئة التحكيم وأحد أعضائها نظرًا لارتباطهما ماليًا وقانونيًا بشركة شقيقة للشركة المطعون ضدها الثانية، أقامت الالتماسين المشار إليهما للحكم لها بطلباتها. وبتاريخ ١١ / ٥ / ٢٠١٦ حكمت المحكمة بعدم قبول الالتماسين. طعنت الشركة الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه، وعُرض الطعن على دائرة المشورة التي رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعىَ بها الشركة الطاعنة – فيما عدا الوجه الأول من السبب الثاني والوجه الثاني من السبب الثالث – على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، إذ قضى بعدم قبول التماسي إعادة النظر في دعوى  بطلان حكم التحكيم على الرغم من ثبوت أن الشركة المطعون ضدها الثانية بعد أن اختارت السيد / .......... مُحَكَمًا عنها بتاريخ ١٦ / ١٢ / ٢٠١٠ في القضية التحكيمية موضوع دعوى  البطلان، عينته أثناء نظر هذا التحكيم محاميًا عنها في القضية التحكيمية التي أقامتها شركة شقيقة لها ضد حكومة ....... أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار "الإكسيد" “ICSID” بصفته رئيسًا لقسم التحكيم بمكتب ......... للمحاماة وتولى رفع هذا التحكيم ومباشرته إلى أن استُبدل به مكتب ......... للمحاماة، كما قامت كذلك باختيار السيد / ......... رئيس هيئة التحكيم في القضية التحكيمية موضوع دعوى  البطلان، مُحَكَمًا عنها في تحكيم الإكسيد، وهو ما كان يوجب عليهما كمحكمين أن يفصحا في القضية التحكيمية موضوع دعوى  البطلان عن تعيين كل منهما في تحكيم الإكسيد باعتبار أن ذلك من شأنه أن يثير شكوكًا حول حيدتهما واستقلالهما وقد يشكل سببًا لردهما، فضلاً عن أنه يعد إحدى حالات تعارض المصالح التي تضمنتها القائمة الحمراء الواردة بقواعد رابطة المحامين الدولية الخاصة بتعارض المصالح في التحكيم الدولي، وإذ خالف المُحَكَمان واجب الإفصاح فإن المطعون ضدها الثانية تكون قد ساهمت في هذا الغش أو كانت على الأقل تعلم أو من المفروض حتمًا أن تعلم بالغش الذى ارتكبه مُحَكَمها ورئيس هيئة التحكيم، وهو ما يكفى بذاته ليُنسب إليها هذا الغش. ومع ذلك فقد ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن الملتمسة - بعد الإفصاح الذى قدمه المُحَكَم ......... بتاريخ ٤ / ٣ / ٢٠١٤ – لم تبد أي اعتراض بخصوص الظروف المُفصح عنها رغم أنها كانت في مركز يسمح لها بالكشف عن علاقات ومصالح أعضاء هيئة التحكيم المهنية القائمة مع الأطراف الأخرى، كما اعتبر الحكم أن هذا الالتماس يعد خروجًا عن حدود مبدأ حسن النية الذى يحكم إجراءات الدعوى، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في جملته مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الغش المبيح لالتماس إعادة النظر بالمعنى الذى تقصده المادة ٢٤١(١) من قانون المرافعات هو الذى يقع ممن حُكِمَ لصالحه في الدعوى بناءً عليه، ولم يُتَح للمحكمة أن تتحرز عند أخذها به بسبب عدم قيام المحكوم عليه بدحضه وتنويرها في حقيقة شأنه لجهله به وخفاء أمره عليه بحيث يستحيل كشفه، فإذا كان مطلعًا على أعمال خَصمه ولم يناقشها أو كان في وسعه تبين غشه وسكت عنه ولم يفضح أمره أو كان في مركز يسمح له بمراقبة تصرفات خَصمه ولم يبين أوجه دفاعه في المسائل التي يتظلم منها فإنه لا يكون ثمة وجه للالتماس. وكان النص في المادتين ٥٢ و٥٣ من القانون المدني يدل على أنه متى اكتسبت الشركات التجارية والمدنية الشخصية الاعتبارية فإن القانون يخولها كافة مميزات الشخصية القانونية من ذمة مالية مستقلة وأهلية في الحدود التي يعينها سند إنشائها لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات وإرادة يعبر عنها نائبها الذي يمثلها أمام القضاء والغير. وكان النص في المادة ١٦(٣) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية على أن "يكون قَبول المُحَكَم القيام بمهمته كتابةً، ويجب عليه أن يُفصح عند قَبوله عن أية ظروف من شأنها إثارة شكوك حول استقلاله أو حيدته"، وفى المادة ١٨(١) من ذات القانون على أنه "لا يجوز رد المُحَكَم إلا إذا قامت ظروف تثير شكوكًا جدية حول حيدته أو استقلاله"، مؤداه أن المؤهل الأساسي للمُحَكَم هو استقلاله عن طرفي التحكيم والتزامه الحياد بينهما، وأن غياب أحدهما تترجح معه مخاطر عدم الحكم بغير ميل، كأن تتوافر لدى المُحَكَم معلومات سابقة عن النزاع نتيجة سبق تقديمه خدمات استشارية أو فنية، لأن هذه المعلومات ستكون معبرة قطعًا عن وجهة نظر طرف واحد، وهو ما يوجب على المُحَكَم أن يفصح عن أية علاقات يمكن أن تعطى انطباعًا بوجود احتمال انحياز لأحد الأطراف، ومن ثم فإن كتمانه لهذه العلاقات وعدم إفصاحه عنها لطرفي التحكيم يؤثر على مظهر الإجراءات والثقة في عدالتها. وكان المقصود باستقلال المُحَكَم وحيدته، هو عدم ارتباط المُحَكَم بأية رابطة تبعية أو مادية أو ذهنية مع أحد أطراف النزاع تتنافى مع استقلاله، بما يشكل خطرًا حقيقيًا يتمثل في الميل تجاه أحد الطرفين “the real danger of bias”، أو يثير شكوكًا مبررة “justifiable doubts” في هذا الشأن، ولا يكفى في المُحَكَم أن يكون مستقلاً ومحايدًا وإنما يتعين أن يسود الاعتقاد لدى طرفي التحكيم أن الحكم الذى سيصدره سوف يتسم بالعدل.
لما كان ذلك، وكان الثابت من المستندات المقدمة من الطاعنة أن شركة ........ للاستثمارات، طرف التحكيم أمام الإكسيد، هي شركة مؤسسة في لوكسمبورج ووفقًا لقوانينها، ونشاطها الاستثمار في الاتصالات الهاتفية، ويرأس مجلس إدارتها السيد / ..........، في حين أن الشركة المطعون ضدها الثانية في الطعن الماثل، هي شركة ...........، ومقرها بالقاهرة، ونشاطها مقاولات التشييد، ويرأس مجلس إدارتها، وفقًا للثابت من توكيل المطعون ضدها الثانية المودع في الطعن الماثل، السيد / ............ وبهذه المثابة تنتفي أية صلة قانونية بين الشركتين. كما خلت الأوراق مما يفيد علاقة تبعية أو غيرها بين هاتين الشركتين، ولم تقدم الطاعنة ما يثبت وجود نفوذ مؤثر من جانب إحدى الشركتين على الأخرى عن طريق القدرة على المشاركة في اتخاذ القرارات وسياسات التشغيل، وبذلك تكون لكل منهما شخصيتها الاعتبارية وذمتها المالية المستقلة وإرادتها التي يعبر عنها نائبها الذي يمثلها أمام القضاء والغير. ولا يغير من ذلك أن يكون الاسم الأول للشركتين هو "..........." أو أن يكون رئيس مجلس إدارة الشركة الأولى شقيقًا لرئيس مجلس إدارة الشركة الثانية، إذ إن كل ذلك بمجرده لا يثبت قيام أية صلة قانونية أو مالية أو إدارية بين الشركتين، فلا يكون ثمة التزام على المحكمين في القضية التحكيمية رقم ........ لسنة ٢٠٠٦ بمركز القاهرة الإقليمي بالإفصاح عن أي صلة لهما بالتحكيم اللاحق أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار بواشنطن، طالما انتفت أي صلة قانونية أو مالية أو إدارية بين الشركتين، ولا تتوافر كذلك أية صورة من صور تعارض المصالح الواردة في إرشادات رابطة المحامين الدولية عن تعارض المصالح في التحكيم الدولي IBA Guidelines on Conflicts of Interest in International Arbitration كما أنه ولئن كان لا يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه الخاص إلا أنه غير ممنوع من الحكم بالعِلم العام. هذا ويعد من قبيل العلم العام الذي لا يحتاج إلى دليل على قيامه، جريان العادة على الاعتداد بالبيانات والأرقام المنشورة على شبكة الإنترنت بالمواقع الرسمية للاتفاقيات الدولية التي تعتمد على تدقيق المعلومات وتحديثها على نحو دائم، ومن بينها اتفاقية الإكسيد The ICSID Convention المبرمة في واشنطن بتاريخ ١٨ / ٣ / ١٩٦٥ من أجل تسوية المنازعات المتعلقة بالاستثمارات والتي تقوم بين الدول ورعايا الدول الأخرى، والتي دخلت حيز النفاذ بتاريخ ١٤ / ١ / ١٩٦٦. وكانت جمهورية مصر العربية قد وقعت على هذه الاتفاقية بتاريخ ١١ / ٢ / ١٩٧٢ ثم دخلت حيز النفاذ بالنسبة لها بتاريخ ٢ / ٦ / ١٩٧٢. وكان من المتاح للكافة - من خلال الموقع الرسمي الإلكتروني لهذه الاتفاقية بالشبكة العالمية للإنترنت – الحصول على معلومات تفصيلية كافية حول القضايا القائمة والتطورات المتعلقة بمجرياتها، فضلاً عن الاطلاع على كافة أحكام التحكيم الصادرة في الدعاوى المرفوعة بين الدول ورعايا الدول الأخرى، والتي يتم نشرها برضاء وموافقة طرفيها، سواء كانت من الأوامر الإجرائية أو الأحكام نهائية، وهو الموقع ذاته الذى استندت إليه الطاعنة في المستندات المقدمة منها. وكان الثابت من الاطلاع، على حكم التحكيم الصادر في القضية التحكيمية ICSID Case No. ARB / .......، من خلال الموقع المشار إليه، والمرفوعة من شركة .......... ضد الجمهورية ........ الديمقراطية الشعبية والذى تم إرساله لطرفي التحكيم بتاريخ ٣١ / ٥ / ٢٠١٧، أنه مُوقع من المُحَكَم عن الشركة المحتكمة البروفيسور / ........... ...... بتاريخ ١٣ / ٥ / ٢٠١٧، ومُوقع كذلك من المُحَكَمَة عن الجمهورية ..... البروفيسور / ...........بتاريخ ١٩ / ٥ / ٢٠١٧، ومُوقع أخيرًا من رئيسة هيئة التحكيم البروفيسور / .......... بتاريخ ٢٥ / ٥ / ٢٠١٧، وأن هيئة التحكيم بكامل تشكيلها لم تقض لصالح الشركة المحتكمة - .......... - بأي من طلباتها، وإنما رفضت دعواها وقضت بإلزامها أن ترد للحكومة ........ ما سددته من نفقات لمركز التحكيم، ومبلغ يقارب الثلاثة ملايين دولار أمريكي مساهمة فيما تكبدته الحكومة من أتعاب قانونية ومصاريف أخرى، وهو الأمر الذى، فضلاً عن انتفاء الصلة بين الشركتين وعلى ما سبق بيانه، تنتفى معه أية شكوك حول حيدة أو استقلال المحكمين على نحو ما تثيره الطاعنة بأسباب الطعن. وبالترتيب على ما تقدم، فلا يكون ثمة خطأ من جانب المحكمين أو غش أو مساهمة فيه من جانب المطعون ضدها الثانية، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى عدم قبول الالتماسين فإنه يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة بصرف النظر عن الأسباب التي أوردها في هذا الشأن، إذ لمحكمة النقض تصحيح تلك الأسباب دون أن تنقضه، ومن ثم فإن النعي عليه بما تقدم من أسباب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعىَ بالوجه الأول من السبب الثاني والوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه قضى بعدم قبول التماسي إعادة النظر في دعوى  بطلان حكم التحكيم، على الرغم من بطلان هذا الحكم لعدم توقيع جميع صفحاته وإثبات صدوره في مقر التحكيم بمدينة القاهرة بتاريخ ١٧ / ١٢ / ٢٠١٤ على خلاف الحقيقة لعدم وجود محكم الشركة المطعون ضدها الثانية ورئيس هيئة التحكيم بجمهورية مصر العربية من بداية إلى نهاية شهر ديسمبر ٢٠١٤ وفقًا للثابت من الشهادتين الرسميتين الصادرتين من مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية، وذلك بالمخالفة للمادة ٤٣(٣) من قانون التحكيم المصري والمادة ٣٢(٤) من قواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، وهو أمر متعلق بالنظام العام وفقًا لحكم المادتين ١٤٦ و١٤٧ من قانون المرافعات والمادة ١٦(٣) من قانون التحكيم المشار إليه، وهو ما لم يفطن إليه الحكم المطعون فيه الذى رد على هذا السبب بأنه من الوقائع التي سبق إبدائها أمام محكمة البطلان مع أن باب التماس إعادة النظر لا ينفتح في هذه الحالة إلا من وقت الحصول بعد الحكم على الأوراق المثبتة للغش، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأنه من المقرر أن ما تناولته الخصومة وكان محل أخذ ورد بين طرفيها وعلى أساسه رجحت المحكمة قول خصم على آخر وحكمت له اقتناعًا منها ببرهانه لا يجوز أن يكون سببًا لالتماس إعادة النظر تحت ستار تسمية اقتناع المحكمة بالبرهان غشًا. وكان يشترط لقبول التماس إعادة النظر وفقًا للماد ٢٤١(٤) من قانون المرافعات أن تكون الأوراق التي حصل عليها المُلتَمِس قاطعة في الدعوى بحيث لو قُدمت لغيرت وجه الحكم فيها لمصلحة المُلتَمِس، وأن يكون المُلتَمَس ضده هو الذى حال دون تقديم تلك الأوراق بأن احتجزها تحت يده أو منع من كانت الأوراق تحت يده من تقديمها، وأن يكون المُلتَمِس جاهلاً أثناء الخصومة بوجود الأوراق تحت يد حائزها.
لما كان ذلك، وكان البين من الحكم الصادر بتاريخ ١٣ / ٦ / ٢٠١٧ من محكمة النقض في الطعن رقم ١٣٩٤ لسنة ٨٦ق أن الشركة الطاعنة تمسكت بهذا الدفاع في دعوى البطلان، وكان سببًا من أسباب طعنها على الحكم الصادر في تلك الدعوى، ورد عليه حكم النقض بما مؤداه أنه من سلطة هيئة التحكيم أن تجتمع في أي مكان تراه مناسبًا للقيام بأي إجراء من إجراءات التحكيم ومن ذلك إجراء المداولة بين أعضائها. فاختيار مكان معين للتحكيم لا يعنى وجوب اتخاذ جميع إجراءات التحكيم في هذا المكان. كما أن اختيار الأطراف لمكان التحكيم ينطوي ضمنًا على اختيارهم للقانون الإجرائي لهذا المكان lex arbitriلتخضع له إجراءات التحكيم ما لم يعلنوا صراحة عن إرادتهم باختيار قانون آخر. ولهذا يجب التفرقة بين المكان الجغرافي الذي تنعقد فيه جلسات التحكيم venue of arbitration وبين مكان التحكيم كفكرة قانونية (مقر التحكيم) seat of arbitration. وبالتالي فإن إجراء هيئة التحكيم للمداولة وتوقيع أعضائها على الحكم خارج القاهرة لا يغير من حقيقة صدوره في القاهرة باعتبارها المقر القانوني للتحكيم ومن ثم فلا يترتب عليه بطلانه. ويبين مما قاله حكم محكمة النقض على النحو المتقدم، أن سبب الطعن الماثل لم يكن خافيًا على الشركة الطاعنة حال نظر دعوى بطلان حكم التحكيم محل الطعن بالتماس إعادة النظر، هذا إلى أن حصولها على شهادات رسمية من مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية كان أمرًا متاحًا لها دائمًا منذ صدور حكم التحكيم والاطلاع على توقيعات المحكمين، علاوة على أنه يستحيل القول بأن المطعون ضدها الثانية حالت دون استخراج أو تقديم تلك الأوراق بأن احتجزتها تحت يدها أو منعت من كانت الأوراق تحت يده من تقديمها. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى رفض هذا السبب من أسباب التماس إعادة النظر، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.