الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / حكم التحكيم / الاحكام القضائية / محكمة النقض بالجمهورية المصرية العربية / الطعن رقم ١٨١١٦ لسنة ٨٨ قضائية

  • الاسم

    محكمة النقض بالجمهورية المصرية العربية
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    1

التفاصيل طباعة نسخ

الحكم

الطعن رقم ١٨١١٦ لسنة ٨٨ قضائية

الدوائر التجارية - جلسة ٢٠١٩/٠٦/١١

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / د. محمد رجاء أحمد حمدي نائب رئيس المحكمة والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على المطعون ضدهما بصفتيهما الدعوى رقم …… لسنة ١٢٤ق أمام محكمة استئناف القاهرة بطلب الحكم (أولاً) بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر بتاريخ ٢٦ / ٨ / ٢٠١٧ في القضية التحكيمية المقيدة برقم …….. لسنة ٢٠١٦ لدى مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي (ثانيًا) وفى الموضوع الحكم ببطلان هذا الحكم. وبيانًا لذلك قالت إن ذلك الحكم صدر مشوبًا بعيب في تشكيل هيئة التحكيم لعدم إفصاح المُحَكَم المُعين من قبل المطعون ضده الثاني بصفته – المحتكم ضده الثاني – عن أنه كان يعمل مستشارًا قانونيًا له، ولم تطبق هيئة التحكيم القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه، وخلا الحكم من الأسباب والأدلة التي كونت بها الهيئة عقيدتها، وبطلان إجراءات التحكيم لإنكار الهيئة المطعون ضدها الأولى – المحتكم ضدها الأولى – وكالتها للمحامي الذي حضر عنها أمام هيئة التحكيم، ومن ثم كانت الدعوى. وبتاريخ ٢٢ / ٧ / ٢٠١٨ قضت المحكمة برفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه، وعُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الشركة الطاعنة بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت بدفاع مؤداه بطلان تشكيل هيئة التحكيم لأن المُحَكَم عن المطعون ضده الثاني بصفته كان يعمل مستشارًا قانونيًا له، وسبق أن ادلى برأيه في النزاع محل التحكيم بمذكرة عُرضت على المطعون ضده الثاني بصفته، وقدمت المستندات الدالة على ذلك، وهو ما كان يوجب على المُحَكَم أن يفصح عن تلك الظروف قبل قبوله مهمة التحكيم، باعتبار أن من شأنها أن تثير شكوكًا حول حيدته واستقلاله غير أن الحكم المطعون فيه اطرح دفاعه هذا بما لا يصلح ردًا عليه إذ افترض – على خلاف الحقيقة - علم الطاعنة بسبب البطلان قبل صدور حكم التحكيم وعدم تمسكها بذلك أمام هيئة التحكيم، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة ١٦(٣) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية على أن "يكون قَبول المُحَكَم القيام بمهمته كتابةً، ويجب عليه أن يُفصح عند قَبوله عن أية ظروف من شأنها إثارة شكوك حول استقلاله أو حيدته"، وفى المادة ١٨(١) من ذات القانون على أنه "لا يجوز رد المُحَكَم إلا إذا قامت ظروف تثير شكوكًا جدية حول حيدته أو استقلاله"، وفى المادة ٥٣ منه على أنه "١ - لا تُقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال الآتية ... (ه) إذا تم تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المُحَكَمين على وجه مخالف للقانون أو لاتفاق الطرفين"، يدل على أن المؤهل الأساسي للمُحَكَم هو استقلاله عن طرفي التحكيم والتزامه الحياد بينهما، وأن غياب أحدهما تترجح معه مخاطر عدم الحكم بغير ميل، كأن تتوافر لدى المُحَكَم معلومات سابقة عن النزاع نتيجة سبق تقديمه خدمات استشارية أو فنية، لأن هذه المعلومات ستكون معبرة قطعًا عن وجهة نظر طرف واحد، وهو ما يوجب على المُحَكَم أن يفصح عن أية علاقات يمكن أن تعطى انطباعًا بوجود احتمال انحياز لأحد الأطراف، ويظل هذا الواجب القانوني بالإفصاح قائمًا على عاتق المُحَكَم - لما قد يُستجد من ظروف لم تكن قائمة عند قبوله التحكيم - حتى صدور حكم التحكيم. ومن ثم فإن كتمانه لهذه الظروف أو العلاقات وعدم إفصاحه عنها لطرفي التحكيم يؤثر على مظهر الإجراءات والثقة في عدالتها. وكان المقصود باستقلال المُحَكَم وحيدته، هو عدم ارتباطه بأية رابطة تبعية أو مادية أو ذهنية مع أحد أطراف النزاع تتنافى مع استقلاله، بما يشكل خطرًا حقيقيًا يتمثل في الميل تجاه أحد الطرفين “the real danger of bias”، أو يثير شكوكًا مبررة “justifiable doubts” في هذا الشأن، ولا يكفي في المُحَكَم أن يكون مستقلاً ومحايدًا وإنما يتعين أن يسود الاعتقاد لدى طرفي التحكيم أن الحكم الذي سيصدره سوف يتسم بالعدل. والحكمة من التزام المُحَكَم بالإفصاح كتابة هي تحقق الدليل على علم أطراف التحكيم بالوقائع المُفصح عنها، مما ينفى عنهم قرينة عدم العلم بها، أما كتمان المُحَكَم لتلك الوقائع التي تنال من حيدته واستقلاله، يرفع عنهم عبء إثبات عدم العلم بتلك الوقائع.
لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الشركة الطاعنة تمسكت في دعوى بطلان حكم التحكيم محل النزاع بدفاع مؤداه بطلان تشكيل هيئة التحكيم على سند من أن المُحَكَم / …………. – المطعون ضده الثاني بصفته والمحتكم ضده الثاني – وسبق أن ادلى برأيه القانوني في موضوع النزاع، وكان الثابت من صور المستندات التي تم تقديمها للمحكمة أثناء نظر دعوى البطلان، أن الهيئة المطعون ضدها الأولى – المحتكم ضدها الأولى – سبق لها أن طلبت من المُحَكَم المذكور بصفته المستشار القانوني لمحافظ القاهرة إبداء الرأي القانوني في طلبات الشركة الطاعنة بشأن أحقيتها في رد مبالغ الغرامات والفوائد التأخيرية عن المستخلصات وفروق أسعار السولار، قيدت برقم حصر ……. لسنة ٢٠٠٦، وأنه ابدى رأيه القانوني مكتوبًا لمحافظ القاهرة في ٢٥ / ٢ / ٢٠١٠ عن تلك الطلبات، كما أن الهيئة ذاتها طلبت منه مرة أخرى بموجب مذكرتها المؤرخة ٢٧ / ٤ / ٢٠١٠ الرأي القانوني بشأن ذات الموضوع، فرد عليها بكتاب مؤرخ ١٥ / ٥ / ٢٠١٠ أشار فيه إلى ضرورة الرجوع إلى مذكرته السابق عرضها على محافظ القاهرة والتي أرسلت إليها بتاريخ ٣ / ٣ / ٢٠١٠ واختتم كتابه بضرورة متابعة إدارة الفتوى بمجلس الدولة وموافاته بما تم من إجراءات حيال تنفيذ فتوى مجلس الدولة. ثم لجأ الأطراف إلى التحكيم لدى مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي ووفق لائحته، وعينت الهيئة المطعون ضدها الأولى المستشار / .................... المنتدب مستشارًا قانونيًا لديها مُحَكَمًا عنها. فطلبت الشركة الطاعنة رده، وقررت اللجنة الاستشارية بمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بالإجماع قبول طلب الرد. فقامت الهيئة المذكورة بتعيين .................... مُحَكَمًا عنها، وقبل الأخير مهمة التحكيم كتابة وأقر بحيدته وباستقلاله عن جميع الأطراف وأنه سيبقى كذلك، وأنه على حد علمه لا توجد أية وقائع أو ظروف سابقة أو حالية توجب الإفصاح عنها أو من شأنها إثارة شكوك لها ما يبررها حول حيدته واستقلاله. دون أية إشارة للوقائع المار ذكرها، واستمر عضوًا في هيئة التحكيم، مُحَكَمًا عن المطعون ضدهما بصفتيهما، حتى صدور الحكم بأغلبية رأيه مع رأى رئيس هيئة التحكيم، في مواجهة رأى مخالف من مُحَكَمً الشركة الطاعنة، على الرغم من سبق إبدائه الرأي القانوني كتابة في طلبات الشركة الطاعنة حال عمله مستشارًا قانونيًا لمحافظ القاهرة، وهى طلبات شملها النزاع محل التحكيم بين ذات الخصوم، فيكون قد تحقق في شأنه العلم السابق بظروف النزاع والوقوف على أسبابه ومعطياته، مما يُخرجه عن الواجب العام للقاضي، والتحكيم قضاء، بألا يحكم في النزاع بعلمه الشخصي، فبات ممنوعًا عليه نظر خصومة التحكيم الراهنة لفقدانه أحد الشروط التي استلزمها القانون لصلاحية المُحَكَم وهى الحيدة والاستقلال عن أطرافه، وهى ذات علة رد المُحَكَم الذى سبقه، وإذ شارك على الرغم من كل ما تقدم في إصدار حكم التحكيم فإن الحكم يكون معيبًا بالبطلان لتمام تعيينه على وجه مخالف للقانون وهو ما استطال من بعد إلى تشكيل هيئة التحكيم باشتراكه مع المُحَكَم عن الطاعنة في اختيار رئيس هيئة التحكيم. ولا محل قانونًا لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من افتراض علم الشركة الطاعنة، قبل صدور حكم التحكيم، بسبق عمله مستشارًا قانونيًا لمحافظ القاهرة ووقوفه - أثناء ذلك - على ظروف النزاع وأسبابه، وسكوتها عن الاعتراض على ذلك حتى صدور الحكم، وذلك لانتفاء أي واقعة مثبتة لعلمها بذلك، وكذا لانتفاء قرينة العلم، بخلو إقرار الحيدة والاستقلال للمُحَكَم المذكور من إفصاح عن تلك الوقائع. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبًا بالقصور والفساد في الاستدلال الذي ساقه إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.