الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / حكم التحكيم / الاحكام القضائية / محكمة النقض بالجمهورية المصرية العربية / الطعن رقم ١٨٦١٥ لسنة ٨٨ قضائية

  • الاسم

    محكمة النقض بالجمهورية المصرية العربية
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    1

التفاصيل طباعة نسخ

حكم

 

الطعن رقم ١٨٦١٥ لسنة ٨٨ قضائية

الدوائر التجارية - جلسة ٢٠١٩/١٢/١

الحكم

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / ياسر بهاء الدين، والمرافعة والمداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على الشركة المطعون ضدها الأولى الدعوى رقم .... لسنة ١٣٠ق استئناف القاهرة، بطلب الحكم ببطلان حكم التحكيم الصادر بتاريخ ٢٢ / ٣ / ٢٠١٣ في التحكيم غير المؤسسي الذي عُقدت جلساته ب................، والذي قضى بإلزامهم أن يدفعوا لها المبالغ المبينة به والفوائد، وقالوا بيانًا لذلك إن المطعون ضدها الأولى لجأت إلى التحكيم وفقًا لأحكام الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية إعمالًا للشرط الوارد في البند ٢٩ من العقد المبرم بينهما في ٨ / ٦ / ٢٠٠٦. وأنه بموجب ذلك العقد أسند الطاعنون إليها عملية تنفيذ مشروع استثمار.................، ثم صدر القرار رقم ٢٠٣ لسنة ٢٠١٠ بإلغاء المشروع وثار النزاع بينهما فلجأت المطعون ضدها الأولى إلى التحكيم، وإذ صدر لصالحها الحكم المشار إليه كانت الدعوى. وبتاريخ ٥ / ٢ / ٢٠١٤ قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لعدم جواز الطعن في الحكم. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ...... لسنة ٨٤ق، وبتاريخ ٤ / ١١ / ٢٠١٥ نقضت المحكمة الحكم. وبعد أن عجل الطاعنون السير في الدعوى أمام محكمة استئناف القاهرة تدخل المطعون ضده الثاني بصفته بطلب الحكم له بقبول تدخله انضمامي للطاعنين بصفاتهم شكلًا، وفى موضوع تدخله الحكم بذات طلبات الطاعنين بصفاتهم بصحيفة الدعوى، وقال بيانًا لذلك إنه صدر بتاريخ ١٣ / ٥ / ٢٠١٣ من ....... أمرٌ بإيقاع حجز على ما للطاعنين بصفاتهم من أموال لديه، ولدى مصرف ................ ومصرف......... ونظرًا لأن هذا الأمر قد تم تنفيذه بإيقاع الحجز فقد تدخل في الدعوى. وبتاريخ ٦ / ٨ / ٢٠١٨ قضت المحكمة بعدم اختصاصها دوليًا بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم موضوع الدعوى. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ١٨٦١٥ لسنة ٨٨ق، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره، وبتلك الجلسة دفع وكيل الشركة المطعون ضدها الأولى بعدم قبول الطعن على سند من أن المحامي الذى رفع الطعن ووقع صحيفته بصفته وكيلًا عن الطاعنين بصفاتهم لم يقدم سند وكالة صادرًا عمن يمثلهم، والنيابة العامة التزمت رأيها.
وحيث إن الدفع المبدئ من وكيل الشركة المطعون ضدها الأولى بعدم قبول الطعن مردود بأن الثابت من الأوراق أنه وقت إيداع صحيفة الطعن بالنقض تم إيداع سند وكالة المحامية الموقعة على صحيفة الطعن الأستاذة د. ................ والصادر لها من المستشار د. ................ بصفته ......... التي تنوب عن الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة في دولة .... – وهي ذات الإدارة الثابت في الحكم الناقض أن الطاعنين بصفاتهم قد أُعلنوا لديها - والمصدق عليه من السفارة ...... بالقاهرة برقم ...... في ٢٤ / ٤ / ٢٠١٨، ومن الخارجية المصرية برقم ....... بتاريخ ٢٤ / ٩ / ٢٠١٨ تصديقات .......، ومن وزارة العدل برقم ....... بتاريخ ٢٥ / ٩ / ٢٠١٨، والمودع برقم ...... لسنة ٢٠١٨ مكتب توثيق .......، والذي يبيح لها الطعن بطريق النقض، ومن ثم يكون الدفع قد جاء على غير سند من الواقع أو القانون متعينًا رفضه.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون بصفاتهم على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفى بيان ذلك يقولون إن الحكم الناقض الصادر في الطعن رقم ....... لسنة ٨٤ق قد فصل في مسألة عدم وجود تعارض بين أحكام الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية وملحقها وبين قانون التحكيم المصري رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ في شأن مدى جواز رفع دعوى بطلان أحكام التحكيم وفقًا للقانون الأخير بما لازمه ومقتضاه اختصاص محكمة استئناف القاهرة وحدها بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم الصادر بتاريخ ٢٢ / ٣ / ٢٠١٣ التزامًا بحجية الحكم الناقض الذى قضى صراحة باختصاصها بنظرها بحكم بات، بما كان يتعين معه على محكمة الإحالة اتباعه في تلك المسألة وعدم مخالفته أو المساس بحُجِيته، غير أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وقضى بعدم اختصاص محكمة استئناف القاهرة دوليًا بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا نَقضت محكمة النقض حكم محكمة الاستئناف وأحالت القضية إلى المحكمة التي أصدرته فإنه يتحتم على المحكمة الأخيرة أن تتبع الحكم الناقض في المسألة القانونية التي فصل فيها. والمقصود بالمسألة القانونية في هذا الشأن هدى الواقعة التي تكون قد طُرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد وبصيرة فيحوز حكمها في هذا الخصوص حُجية الشيء المحكوم فيه في حدود ما تكون قد بتت فيه، بحيث يمتنع على المحكمة المُحَال إليها عند إعادة نظرها للدعوى أن تَمَس هذه الحُجية، ويُتعين عليها أن تقصر نظرها على موضوع الدعوى في نطاق ما أشار إليه الحكم الناقض، ولا تستطيع محكمة النقض بدورها عند نظرها ذات الطعن للمرة الثانية أن تسلك ما يتعارض مع تلك الحُجية. وكما لا يجوز لمحكمة النقض ذاتها أن تعيد النظر فيما استنفدت ولايتها بالفصل فيه، فلا يجوز لمحكمة الإحالة - ولا تتسع ولايتها - لأن تتسلط على قضاء الحكم الناقض وألا تتبع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصل فيها، ولا يشفع لها في ذلك حتى أن تكون محكمة النقض قد أخطأت وهي تفصل في المسألة المطروحة عليها، إذ لا معقب على قضائها. وكان من الأصول المقررة أنه ولئن كان لمحكمة الإحالة أن تقيم حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى الذي تحصله مما يُقَدَم إليها من دفاع وعلى أسس قانونية أخرى غير التي جاءت بالحكم المطعون فيه واستوجبت نقضه، إلا أن ذلك مشروط بألا تخالف محكمة الإحالة قاعدة قانونية قررتها محكمة النقض في حكمها الناقض. وكان الاختصاص يُعَد مطروحًا على محكمة النقض ولو لم يرد بشأنه نعى في صحيفة الطعن، ومن ثم فإن النقض الكلى في الموضوع يشمل صحة اختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ويحوز حكم النقض حُجِية الشيء المحكوم فيه في هذه المسألة ويمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحُجِية. وكان النص في المادة ٢٧٢ من قانون المرافعات على أنه "لا يجوز الطعن في أحكام محكمة النقض بأي طريق من طرق الطعن"، يدل على أن أحكام محكمة النقض لا يجوز تعييبها بأي وجه من الوجوه وهي واجبة الاحترام فيما خَلُصَت إليه، أخطأت المحكمة أم أصابت، باعتبار أن محكمة النقض هي قمة السلطة القضائية في سُلَم ترتيب المحاكم ومرحلة النقض هي خاتمة المطاف في مراحل التقاضي وأحكامها باتة لا سبيل إلى الطعن فيها.


لما كان ذلك، وكان الثابت من أوراق الطعن أن الحكم الناقض قد انتهى إلى القضاء بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة للفصل فيها مجددًا بهيئة أخرى، بحكم حائز لقوة الأمر المقضي بين الخصوم أنفسهم، متضمنًا الفصل في مسألة قانونية تتعلق بجواز إقامة دعوى بطلان أصلية على حكم التحكيم الصادر وفقًا لأحكام الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية، وأن يكون ذلك طبقًا لقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ ومن ثم انعقاد الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة بنظرها، مما كان لازمه أن تتقيد محكمة الاستئناف المُحالة إليها القضية بالحكم الناقض - أيًا ما كان وجه الرأي فيه – وأن تتبعه في تلك المسألة باعتبار أن الحكم يظل محتفظًا بحُجِيته أمام جميع محاكم الجهة القضائية التى أصدرته إحدى محاكمها فلا تجوز المجادلة فيه أمامها، بل يجب عليها أن تتقيد به لأن قوة الأمر المقضي تسمو على النظام العام. غير أن الحكم المطعون فيه خالف حُجِية الحكم الناقض عن إدراك، وقضى بعدم اختصاص محكمة استئناف القاهرة دوليًا بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم مسببًا قضاءه في هذا الخصوص بأن الاتفاق على إسناد الفصل في النزاع موضوع الدعوى للتحكيم طبقًا لأحكام الاتفاقية سالفة الذكر كافٍ لغلق الطريق أمام الاعتصام بالقضاء الوطني لأى دولة طرف في الاتفاقية بما فيها جمهورية مصر العربية بإقامة أي دعوى مبتدأه واختصاص محكمة الاستثمار العربية المنشأة بموجب الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية بنظرها وأنه لا محل للتمسك بحُجية أحكام القضاء الوطني متى صدرت بالمخالفة لأحكام الاتفاقية، دون أن يفطن إلى أنه - حكم - صادر عن محكمة استئناف القاهرة وهى إحدى محاكم جهة القضاء العادي صاحب الولاية العامة التي أصدرت الحكم الناقض، ومن ثم وجب عليه الالتزام بحُجِية ذلك الحكم والتقيد بها، وأنه لا يجوز له المجادلة فيها باعتبار أن قوة الأمر المقضي تسمو على النظام العام.

لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما حجبه عن الفصل في موضوع دعوى بطلان حكم التحكيم، وهو ما يعيبه ويوجب نقضه بغير حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.


ولما كان النص في الفِقرة الأخيرة من المادة ٢٦٩ من قانون المرافعات المدنية والتجارية يوجب على محكمة النقض إذا كان الطعن للمرة الثانية أن تحكم في الموضوع، إلا أن التزام محكمة النقض بذلك لا يقوم أصلًا، في حالة نظر الموضوع على درجة واحدة – كما هي الحال بالنسبة لاختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظر أي دعوى مبتدأه ببطلان أحكام التحكيم - إلا إذا كانت تلك المحكمة قد فصلت في موضوع النزاع، أما إذا كان قضاؤها قد اقتصر على الفصل في إجراءات رفع الدعوى أو دفع شكلي فحسب دون الموضوع، فلا يكون لمحكمة النقض في هذه الحالة التصدي للموضوع، إذ يترتب على ذلك اختزال إجراءات التقاضي في مرحلة واحدة حال تصدى محكمة النقض لموضوع النزاع بعد قضائها بنقض الحكم المطعون فيه، وهو أمر يتعارض مع مبادئ العدالة التي لا يجوز إهدارها في سبيل سرعة الفصل في دعاوى بطلان حكم التحكيم، بما يوجب أن تكون مع النقض الإحالة.