بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / شـــريـــــــف بـشــــــــــــــر " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة، وبعد المداولة. حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. وحيث إن الوقائع ـــــــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ــــــ تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت على الطاعنين بصفتيهما وآخر غير مختصم في الدعوى رقم ..... لسنة ٢٠٠٠ مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بعدم أحقية الطاعنين في المطالبة بقيمة الضريبة العقارية على ممتلكاتها، وإلزام نائب رئيس الهيئة القومية للإنتاج الحربي والعضو المنتدب بصفته ــــــ والغير ممثل في الطعن ــــــ بتقديم المستندات الدالة على أحقيتها في ذلك. على سند أنه بتاريخ ١٩ / ٨ / ٢٠٠٠ ورد إليها كتاب مأمورية إيرادات حلوان بربط مبلغ ٥٨٤٨٢,٩٢ جنيه ضريبة عقارية عام ٢٠٠٠ ، وقامت بالاعتراض عليه لكون العقارات المملوكة لها تعتبر من الأملاك العامة المملوكة للدولة باعتبارها إحدى شركات الهيئة القومية للإنتاج الحربى وكانت تلك العقارات معفاة من الضرائب العقارية عملاً بنص المادة ٢١ من القانون رقم ٥٦ لسنة ١٩٥٤ بشأن الضريبة العقارية ، فقد أقامت الدعوى ، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بعدم أحقية الطاعنين في المطالبة بالضريبة العقارية ، استأنف الطاعنين هذا الحكم بالاستئناف رقم ..... لسنة ١٢٠ ق القاهرة وبتاريخ ٢١ / ١ / ٢٠٠٤ قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم ، وعُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها . وحيث إن النيابة العامة دفعت بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى واختصاص هيئات التحكيم بوزارة العدل بنظرها عملاً بالمادة ٥٦ من القانون ٩٧ لسنة ١٩٨٣ وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه . وحيث إن الدفع المبدئ من النيابة فهو غير سديد، ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات المدنية والتجارية وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يعتبر استثناءً وارداً على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع مع تفسيره ، وكان النص في الفقرة الثانية من المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم ٢٠٣ لسنة ١٩٩١ بشأن شركات قطاع الأعمال العام من عدم سريان أحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون ٩٧ لسنة ١٩٨٣ على شركات قطاع الأعمال ــــــ الشركات القابضة والشركات التابعة لها . والنص في المادة ١ من الباب الأول من القانون رقم ٢٠٣ لسنة ١٩٩١ سالف الذكر على أن " يصدر بتأسيس الشركة القابضة قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير المختص .... وتأخذ الشركة القابضة شكل الشركة المساهمة وتعتبر من أشخاص القانون الخاص ويحدد القرار الصادر بتأسيسها اسمها ومركزها الرئيسي .... " وفى المادة ٤٠ من الباب الثالث منه على أنه " يجوز الاتفاق على التحكيم في المنازعات التي تقع فيما بين الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون أو بينهما وبين الأشخاص الاعتبارية العامة أو الأشخاص من القطاع الخاص أو الأفراد وطنيين كانوا أو أجانب وتطبق في هذا الشأن أحكام الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات المدنية والتجارية " فإن مفاد هذه النصوص مجتمعة أن القانون المشار إليه اعتبر الشركات الخاضعة لأحكامه من أشخاص القانون الخاص وقصر اختصاص هيئات التحكيم على نظر المنازعات التي يتم الاتفاق فيها على التحكيم بين تلك الشركات وبين غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة وهو ما أفصحت عنه مذكرته الإيضاحية فيما أوردته في شأنه في البند السابع من البنود الأساسية للقانون بقولها....إلغاء التحكيم الإجباري في المنازعات التي تنشأ فيما بين الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون أو بينها وبين الأشخاص الاعتبارية العامة أو أية جهة حكومية .... " كما أظهرت ذلك بوضوح عند تعليقها على المادتين ٤٠ ، ٤١ منه بما مؤداه أنه بصدور القانون المذكور فقد أصبحت منازعات الشركات الخاضعة له سواء فيما بينها أو مع الأشخاص الاعتبارية الأخرى يختص بها القضاء العادي انفراداً مادامت الأوراق قد خلت من شرط الاتفاق على التحكيم بحسبانه صاحب الولاية العامة والاختصاص الأصيل بنظر كافة المنازعات المدنية والتجارية إلا ما أستثنى بنص خاص ، ولما كان ذلك ، وكان القانون رقم ٢٠٣ لسنة ١٩٩١ يعد من القوانين المعدلة للاختصاص وأصبح نافذاً من ٢٠ / ٧ / ١٩٩١ وقد أقيمت الدعوى الماثلة بعد نفاذه ، فإنه يسرى في شأن ما تضمنه من أحكام الاختصاص بنظر المنازعات على الشركات الخاضعة لأحكامه بما مؤداه انحسار اختصاص هيئات التحكيم عن نظر النزاع واختصاص جهة القضاء العادي بنظره بعد زوال القيد الذى كان مفروضاً عليه بالمادة ٥٦ من القانون رقم ٩٧ لسنة ١٩٨٣ ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون السبب المثار من النيابة على غير أساس . وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنين بصفتهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ من ثلاثة أوجه وفى بيان الأول والثاني منه أن حقيقه طلبات المطعون ضدها هو تظلم من قرار لجنة الضرائب العقارية للضريبة المستحقة على عقارات التداعي ومن ثم يتعين التظلم منه أمام مجلس المراجعة المنصوص عليه بالمادة ١٥ من القانون ٥٦ لسنة ١٩٥٤ بشأن الضريبة على العقارات المبينة أما وأنها لم تفعل فإن الدعوى تكون غير مقبولة لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون وكان التقدير أضحى نهائياً واجب الأداء لعدم الطعن عليه في الميعاد المحدد بما يعيبه ويستوجب نقضه . وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العبرة في تحديد طلبات الخصم هي بما يطلب الحكم له به ، وأن العبرة في تكييف الطلبات في الدعوى ليس بحرفية عباراتها وإنما بما عناه المدعى منها وفقاً للثابت من الوقائع المعروضة في حدود سبب الدعوى ... لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه خلص إلى أن طلبات الشركة المطعون ضدها قد تحددت بعدم أحقية الطاعنين بصفتيهما في المطالبة بقيمة الضرائب العقارية المفروضة على العقارات المملوكة لها تأسيساً على إعفائها من أدائها إعمالاً لنص المادة ٢١ من القانون ٥٦ لسنة ١٩٥٤ بما مؤداه أن الدعوى لم ترفع طعناً على قرار لجنة تقدير الضرائب العقارية وإنما تعد بمثابة منازعة موضوعية في مدى التزامها بأداء تلك الضريبة فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي عليه على غير أساس . وحيث إن حاصل نعى الطاعنين بصفيتهما بالوجه الثالث أن العقارات المبينة المملوكة للشركة المطعون ضدها معده للإنتاج المدني فقط لا يسرى عليها الإعفاء الوارد بالمادة ٢١ من القانون رقم ٥٦ لسنة ١٩٥٤ بشأن الضريبة على العقارات المبينة وبرفض تبعيتها للهيئة القومية للإنتاج الحربى فإن الأخيرة ليست معفاة من كافة الضرائب والرسوم وأنها تمارس نشاطاً مدنياً وتمتلك عقارات النزاع بصفتها المدنية وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه . وحيث إن هذا النعي غير سديد ، ذلك أنه من المقرر ــــــ في قضاء هذه المحكمة ــــــ أنه لا يجوز تقييد مطلق النص بغير مخصص بحيث إذا كان صريحاً جلى المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه فلا محل للخروج عليه أو تأويله بدعوى تفسيره استهداء بالحكمة التي أملته وقصد الشارع منه لأن ذلك لا يكون إلا عند غموض النص أو وجود لبس فيه ، وأن النص في المادة ٨٧ / ١ من القانون المدني يدل على أن المناط في اعتبار أملاك الدولة من الأموال العامة هو بتخصيصها للمنفعة العامة سواء جرى هذا التخصيص بحكم طبيعة الأشياء أو الواقع الفعلي لها أو تقرر بالأداة التشريعية اللازمة وأن الأموال التي تصبح من الأموال العامة بمجرد تخصيصها للمنفعة العامة بطريق رسمي أو فعلى هي الأموال المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة عملاً بنص المادة أنفة البيان ، وأن النص في المادة ٨٨ من القانون المشار إليه مؤداه أن الأموال العامة ، تفقد صفتها بانتهاء الغرض الذى من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة بمعنى أن ينقطع بالفعل وعلى وجه مستمر استعمالها لهذا الغرض وتزول معالم تخصيصها للمنفعة العامة ، ولما كان من المقرر قانوناً بالفقرة " أ " من المادة ٢١ من القانون رقم ٥٦ لسنة ١٩٥٤ في شأن الضريبة على العقارات المبينة أن " تعفى من أداء ضريبة العقارات المملوكة للدولة " وظاهر هذا النص أنه جاء على إطلاقه غير مشروط أن تكون ملكية الدولة لهذه العقارات ملكية عامة أو مخصصه للمنفعة العامة ، ويبدو أن المشرع قد قصد هذا الإطلاق وهو ما يتضح من التطور التشريعي لنص الفقرة " أ " من المادة ٢١ المشار إليها ذلك أن النص السابق عليها والذى كان معمولاً به قبل صدور القانون رقم ٥٦ لسنة ١٩٥٤ بشأن الضريبة على العقارات المبينة وهو الفقرة الرابعة من المادة الثانية من الأمر العالي الصادر في ١٣ من مارس سنة ١٨٨٤ كانت تقضى بأن " تعفى من الضريبة العقارات ملك الحكومة المعدة للمصلحة العمومية " ، وعلى ذلك فقد أجرى المشرع تعديلاً على النص من زاويتين الأولى أنه أسند ملكية العقار الذى لا يخضع للضريبة إلى الدولة بدلاً من الحكومة ومدلول الدولة أوسع نطاقاً من مدلول الحكومة الذى يقتصر فقط على الوزارات والمصالح والهيئات العامة ، فلفظ الدولة يشمل الحكومة وغير الحكومة فأصبح مناط الحكم هو أن تكون ملكية العقار للدولة ولو لم يكن العقار مملوكاً للحكومة ، والزاوية الثانية أنه حذف عبارة " المعدة للمصلحة العمومية " بما مفاده انصراف إرادة المشرع إلى عدم التفرقة بين الملكية العامة والملكية الخاصة للدولة ، فكل عقار مملوك للدولة يصبح بمنأى عن الخضوع لضريبة مباني ، والقول بغير ذلك يؤدى إلى تقييد النص بقيد لم يرد فيه ، وهو أمر غير جائز ولا يملكه إلا شرع النص ، فضلاً عما في ذلك التقييد من مخالفة لإدارة المشرع الصريحة التي أظهرها جليه بتعديل النص على النحو المشار إليه . لما كان ذلك، وكان الثابت من المستندات المقدمة في الدعوى أن العقارات المملوكة للشركة المطعون ضدها موضوع التداعي هي عقارات مملوكة للدولة فإنها تكون غير خاضعة للضريبة على العقارات المبينة، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويضحى النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس. وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن . لذلـــك رفضت المحكمة الطعن وألزمت الطاعنين بصفتيهما بالمصروفات .