بعد الاطلاع على الأوراق، وسمـــــاع التقريـر الذى تلاه السيـد المستشار المقـرر / راغب عطية " نائب رئيس المحكمة " ، والمرافعة، وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعـون فيه وسائـر الأوراق - تتحصل في
أن الشركة الطاعنة أقامت قبل الشركة المطعون ضدها الثانية الدعوى رقم ...... لسنة ........ ق تحكيم أمام محكمة استئناف الإسكندرية بطلب الحكم ببطلان حكم التحكيم والقرار الصادر في التحكيم رقم ......... لسنة ........ من لجنة تحكيم اللجنة العامة لتنظيم وتجارة القطن بالداخل ، على سند من سبق تقدمها إلى اللجنة الفرعية لتنظيم وتجارة القطن بالشرقية بشكوى ضد الشركة المطعون ضدها الثانية لعدم تنفيذها عقد الاتفاق المبرم بينهما بتاريخ ٢٠ / ٣ / ٢٠١٠ وبتاريخ ١٨ / ٦ / ٢٠١٠ أخطرت بقرار اللجنة الأخيرة بإلزام الشركة الطاعنة بسداد مبلغ " ٣٧٢٢٠٠٠ جنيه " للشركة المطعون ضدها الثانية تتمثل في ثمن القطن ٤٠% مضافاً إليه " ٢٠٠٠٠٠٠ جنيه " من المديونية السابقة ، طعنت الطاعنة على ذلك القرار بالاستئناف أمام اللجنة العامة لتنظيم تجارة القطن بالداخل قيد برقم ٧ لسنة ٢٠١١ وبتاريخ ٢٢ / ١١ / ٢٠١١ أخطرته بالقرار الصادر منها بإلزامها بأن تدفع للشركة المطعون ضدها الثانية مبلغ " ١٥٦٩٦٨٠٣.١٣ جنيه " ومبلغ
" ١٠٠٠٠٠ جنيه " قيمة الرسوم القضائية المقررة على طلب التحكيم ولما كان حكم التحكيم قد شابه البطلان لفصله في مسائل لم يشملها اتفاق التحكيم متجاوزًا نطاقه ومخالفًا للنظام العام إذ قضى بفائدة ١٥% تزيد عن الحد الأقصى المنصوص عليه في المادة ٢٢٧ من القانون المدني مما حدا به لإقامة دعواه كما أقامت الشركة المطعون ضدها الثانية الدعوى رقم .......... لسنة ........ ق تحكيم الإسكندرية أمام ذات المحكمة بطلب الحكم بإلزام الطاعنة بأن تؤدى لها مبلغ خمسين ألف جنيه تعويضًا لها عما لحقها من أضرار من جراء إساءة استعمال حق التقاضي لما اتخذته من إجراءات الانتقال في تنفيذ حكم التحكيم المقامة بشأنه الدعوى الأولى ثم تقدمت بطلب ترك الخصومة قبل المطعون ضده الأول بصفته وبطلب تعديل مبلغ التعويض إلى مبلغ ألف جنيه وقررت المحكمة ضم الدعويين للارتباط وليصدر بينهما حكم واحد وبتاريخ ٢٤ / ٢ / ٢٠١٥ قضت المحكمة:
أولًا : في الدعوى رقم ....... لسنة .......... ق تحكيم الإسكندرية بعدم قبولها .
ثانيًا : في الدعوى رقم .......... لسنة .......... ق تحكيم اسكندرية بإثبات ترك الخصومة بالنسبة للمطعون ضده الأول بصفته وفى الموضوع برفضه . طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه . وإذ عُرِضَ الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره ، بعد أن ارتأت المحكمة شبهة عدم دستورية المواد من ٢٨ إلى ٣٢ من القانون رقم ٢١٠ لسنة ١٩٩٤ في شأن قانون تنظيم تجارة القطن في الداخل ، وبجلسة ٢٢ / ٤ / ٢٠١٨ قضت هذه المحكمة بوقف نظر الطعن تعليقيًا وأحالت الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للنظر في مدى دستورية نصوص المواد من ٢٨ إلى ٣٢ من القانون رقم ٢١٠ لسنة ١٩٩٤ في شأن قانون تنظيم تجارة القطن في الداخل والفقرة " ز" من المادة ٤ والمادة ١٠٠ من قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم ٣٨٩ لسنة ١٩٩٤ بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون تجارة القطن في الداخل فيما تضمنته تلك المواد من فرض التحكيم جبرًا أمام لجان التصالح بالمحافظات والطعن عليها أمام لجنة تحكيم الإسكندرية وجعل أحكامها نهائية .
وحيث قيدت الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا تحت رقم ٦٨ لسنة ٤٠ قضائية دستورية بعد أن أحالت محكمة النقض ملف الطعن الماثل إليها وحيث تداولت الدعوى بالجلسات أمام المحكمة الدستورية العليا وبجلسة ٤ / ٥ / ٢٠١٩ حكمت أولًا : بعدم دستورية نصوص المواد " ٢٨ ، ٢٩ ، ٣٠ ، ٣١ ، ٣٢ " من قانون تنظيم تجارة القطن في الداخل الصادر بالقانون رقم ٢١٠ لسنة ١٩٩٤ ونص الفقرة الأخيرة من المادة ٤ ونص المادة ١٠ من اللائحة التنفيذية الصادرة بقرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم ٣٨٩ لسنة ١٩٩٤ . ثانيًا : بسقوط نص المادتين ٣٣، ٣٤ ونص الفقرة الأخيرة من المادة ٣٥ من قانون تنظيم تجارة القطن في الداخل المشار إليه وعبارة " ولجنة التحكيم " الواردة بنص المادة ٤٤ من هذا القانون وعبارة " بالتعويض الذى تقدره لجان التصالح والتحكيم المختصة " الواردة بنص المادة ١٥ من اللائحة التنفيذية الصادرة بقرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم ٣٨٩ لسنة ١٩٩٤ .
وحيث إنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة النقض كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة وللخصوم أن تثير من تلقاء ذاتها المسائل المتعلقة بالنظام العام بشرط أن تكون واردة على الجزء المطعون فيه من الحكم وكان مفاد نص المادة ٤٩ من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ١٦٨ لسنة ١٩٩٨ وعلى ما جرى به في قضاء هذه المحكمة أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية وهو حكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاء كاشفًا عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفى صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص ولازم ذلك أن نص القانون أو اللائحة الذى قضى بعدم دستوريته لا يجوز تطبيقه من اليوم التالي لنشره ما دام قد أدرك الدعوى قبل الفصل فيها ولو أمام محكمة النقض وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله محكمة النقض من تلقاء ذاتها .
لما كان ذلك ، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد حكمت في القضية ٦٨ لسنة ٤٠ ق قضائية دستورية بجلسة ٤ / ٥ / ٢٠١٩ المنشور في الجريدة الرسمية العدد ١٩ ( مكرر) بتاريخ ١٢ من مايو سنة ٢٠١٩ وكانت الشركة الطاعنة قد أقامت دعواها بطلب بطلان حكم التحكيم رقم ٧ لسنة ٢٠١١ والصادر من لجنة تحكيم اللجنة العامة لتنظيم وتجارة القطن بالشرقية وكان الثابت أن النصوص المحالة من هذه المحكمة والتي طبقت على النزاع موضوع الطعن الراهن قد فرضت التحكيم قهرًا على أصحاب الشأن وخلعت قوة تنفيذية على القرارات التي تصدرها لجان التحكيم في حقهم عند وقوع النزاع بشأن معاملاتهم القطنية وبهذه المثابة فإن هذا النوع من التحكيم الذى يبسط مظلته على كل المنازعات بين المشتغلين في تجارة القطن في الداخل بشأن معاملاتهم القطنية والتي يحظر على أي شخص طبيعي أو اعتباري مزاولتها ما لم يكن مقيدًا في السجل الذى يعد لهذا الغرض يكون منافيًا للأصل فيه باعتبار أن التحكيم لا يتولد عن الإرادة الحرة ولا يجوز فرضه تسلطًا وكرهًا ، بما مؤداه أن اختصاص جهة التحكيم بدرجتيها التي أنشأتها النصوص التي تم إحالتها من هذه المحكمة لنظر المنازعات التي أدخلها جبرًا في ولايتها يكون منتحلًا ومنطويًا بالضرورة على إخلال بحق التقاضي وحرمان للمتداعين من اللجوء إلى قاضيهم الطبيعي بالمخالفة لنص المادة ٩٧ من الدستور ومنعدمًا وهو ما ينعطف أيضًا ويلحق المادتين ٣٣، ٣٤ من ذات القانون والفقرة الأخيرة من المادة ٣٥، ٤٤ كذلك فيما تضمنه من عبارة " ولجنة التحكيم " وكذا عبارة " التعويض الذى تقدره لجان التصالح والتحكيم المختصة " لارتباطهما ارتباطًا لا يقبل التجزئة وهو ما يترتب عليه أيضًا سقوطها تبعًا للحكم بعدم دستوريتها، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد حكم التحكيم الصادر وفقًا لنظام التحكيم الإجباري المقضي بعدم دستوريته على نحو ما سلف بيانه وقضى برفض الدعوى المقامة بشأن بطلانه ، وإذ أدرك الحكم بعدم الدستورية الدعوى أثناء نظر الطعن الحالي أمام هذه المحكمة فإنه يتعين عليها إعماله من تلقاء ذاتها لتعلقه بالنظام العام ويكون الحكم المطعون فيه معيبًا بما يوجب نقضه .
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم فإنه يتعين إلغاء حكم التحكيم الصادر من لجنة تحكيم اللجنة العامة لتنظيم وتجارة القطن بالشرقية رقم ٧ لسنة ٢٠١١ ، ويكون للأطراف اللجوء إلى القضاء العادي للفصل في النزاع القائم بينهما أو التحكيم الاختياري إذا اتفقا على ذلك .
لـذلــــــــــــــــــك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وألزمت المطعون ضدهما المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة ، وحكمت في موضوع دعوى البطلان رقم ........ لسنة ....... ق استئناف الإسكندرية ببطلان حكم التحكيم الصادر من لجنة تحكيم اللجنة العامة لتنظيم وتجارة القطن بالشرقية في الطلب المقيد برقم ٧ لسنة ٢٠١١ ، وألزمت المدعى عليها المصروفات ، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .