برئاسة السيد القاضي/ نـبـيـل أحـمـد صادق نـائب رئيـس المحكمـة
وعضوية السادة القضاة/ سـمـير حـســـن، محمد عاطف ثـابـت
وإســمـــاعــيــل بــرهـان أمر الله " نواب رئيـس المحكمة "
ومــحــمـــد ثــابــت عويـضــة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١، ٢) اختصاص " الاختصاص الولائي ". تحكيم " التحكيم الاختياري ". شركات. أشخاص اعتبارية. قانون. حكم " عيوب التدليل: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه".
(١) الشركات الخاضعة لأحكام القانون رقم ٢٠٣ لسنة ١٩٩١ بشأن شركات قطاع الأعمال العام اعتبارها من أشخاص القانون الخاص. قصر اختصاص هيئات التحكيم على نظر المنازعات التي يتم الاتفاق فيها على التحكيم بين تلك الشركات وبين غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة. مؤداه. صيرورة منازعات الشركات الخاضعة له سواء فيما بينها أو مع الأشخاص الاعتبارية من اختصاص القضاء العادي انفراداً متى خلت الأوراق من شرط الاتفاق على التحكيم. علة ذلك.
(٢) القانون رقم ٢٠٣ لسنة ١٩٩١ اعتباره من القوانين المعدلة للاختصاص. إقامة الدعوى بعد نفاذه. أثره. سريانه بشأن الاختصاص الولائي على الدعوى. مؤداه. انحسار اختصاص هيئات التحكيم عن نظر الدعوى واختصاص القضاء العادي بها. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. مخالفة للقانون وخطأ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١- النص في الفقرة الثانية من المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم ٢٠٣ لسنة ١٩٩١ بشأن شركات قطاع الأعمال العام من عدم سريان أحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم ٩٧ لسنة ١٩٨٣ على شركات قطاع الأعمال - الشركات القابضة والشركات التابعة لها - والنص في المادة ١ من الباب الأول من القانون رقم ٢٠٣ لسنة ١٩٩١ سالف البيان على أن "يصدر بتأسيس الشركة القابضة قرار من رئيس الوزراء بناء على اقتراح الوزير المختص ... وتأخذ الشركة القابضة شكل الشركة المساهمة وتعتبر من أشخاص القانون الخاص ويحدد القرار الصادر بتأسيسها اسمها ومركزها الرئيسي .." وفى المادة ٤٠ من الباب الثالث منه على أنه "يجوز الاتفاق على التحكيم في المنازعات التي تقع فيما بين الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون أو بينها وبين الأشخاص الاعتبارية العامة أو الأشخاص الاعتبارية من القطاع الخاص والأفراد وطنيين كانوا أو أجانب ويطبق في هذا الشأن أحكام الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات المدنية والتجارية" فإن مفاد هذه النصوص مجتمعة - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن القانون المشار إليه اعتبر الشركات الخاضعة لأحكامه من أشخاص القانون الخاص وقصر اختصاص هيئات التحكيم على نظر المنازعات التي يتم الاتفاق فيها على التحكيم بين تلك الشركات وبين غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة، وهو ما أفصحت عنه مذكرته الإيضاحية فيما أوردته في شأنه في البند السابع من البنود الأساسية للقانون بقولها "... إلغاء التحكيم الإجباري في المنازعات التي تنشأ بين الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون أو بينها وبين الأشخاص الاعتبارية العامة أو أية جهة حكومية ..." كما أظهرت ذلك بوضوح عند تعليقها على المادتين ٤٠ ، ٤١ منه بما مؤداه أنه بصدور القانون المذكور فقد أصبحت منازعات الشركات الخاضعة له سواء فيما بينها أو مع الأشخاص الاعتبارية الأخرى يختص بها القضاء العادي انفراداً ما دامت الأوراق قد خلت من شرط الاتفاق على التحكيم بحسبانه صاحب الولاية العامة والاختصاص الأصيل بنظر كافة المنازعات المدنية والتجارية الا ما استثنى بنص خاص.
٢- إذ كان القانون رقم ٢٠٣ لسنة ١٩٩١ يعد من القوانين المعدلة للاختصاص - وأصبح نافذاً اعتباراً من ٢٠/٧/١٩٩١ وقد أقيمت الدعوى الماثلة بعد نفاذه، فإنه يسرى في شأن ما تضمنته من أحكام الاختصاص بنظر المنازعات على الشركات الخاضعة لأحكامه، بما مؤداه انحسار اختصاص هيئات التحكيم عن نظر النزاع واختصاص جهة القضاء العادي بنظره بعد زوال القيد الذى كان مفروضاً عليه بالمادة ٥٦ من القانون ٩٧ لسنة ١٩٨٣ وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم الابتدائي وعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى واختصاص هيئات التحكيم المنصوص عليها في القانون ٩٧ لسنة ١٩٨٣ بنظرها فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
فأصدرت الحكم الآتي:
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / سمير حسن "نائب رئيس المحكمة" والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – في أن المطعون ضده الأول - مكتب بيع الأسمنت المصري - أقام الدعوى رقم ٢٢٩٥ لسنة ٢٠٠٣ تجارى جنوب القاهرة الابتدائية على الوزارة الطاعنة - وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة - بطلب ندب خبير حسابي لمراجعة حسابات المطعون ضده الأول وتحديد ما يستحقه وإلزام الطاعن بأن يؤدى له ما يسفر عنه التقرير والذى يقدره المطعون ضده بمبلغ ١٥٦٣٥٨٨٣.٤٨٢ جنيه والفوائد القانونية، على سند من القول أنه بموجب اتفاق مبرم بتاريخ ١٠-٤-١٩٥٧ بين شركات الأسمنت حينذاك على إنشاء مكتب بيع الأسمنت المصري لتنظيم تسويق الأسمنت من الشركات وكذا بيع ونقل حصة الأسمنت المستورد الخاصة بوزارة الإسكان من الموانئ إلى مقر العملاء وتولت شركات الأسمنت من أموالها الخاصة شراء كافة الأصول الموجودات الثابتة لإنشاء المكتب، وفى عام ١٩٨٥ تم إسناد استيراد حديد التسليح وتوزيعه وتسويقه إلى مكتب الأسمنت المصري طبقاً لقرار وزير الإسكان والمرافق رقم ١٢ لسنة ١٩٨٥ وفى ٢٢/٤/١٩٩١ صدر قرار وزير التعمير والمجتمعات العمرانية الجديدة والإسكان والمرافق رقم ١٥٢ لسنة ١٩٩١ بأن تحل شركات الأسمنت التابعة لهيئة القطاع العام لمواد البناء محله في جميع اختصاصاته وأعماله اعتباراً من ١/٧/١٩٩١ وإلغاء كافة القرارات الخاصة بإنشاء وتنظيم عمل المكتب والتي تخالف هذا القرار وبذلك عادت أصول وموجودات المكتب إلى أصحابه وإذ ثار خلاف بين وزارة التعمير والمرافق - الطاعنة - وبين مكتب بيع الأسمنت المصري - المطعون ضده الأول - باعتباره وكيلاً بالعمولة عن شركات الأسمنت وشركات حديد التسليح بشأن المستحق للوزارة من بيع حديد التسليح وقد ثبت من دفاتر المطعون ضده الأول أن الطاعن بصفته مدين بالمبلغ المطالب به فقد أقام الدعوى. تدخل المطعون ضدهما الثاني والثالث هجومياً في الدعوى بطلب الحكم لهما بأحقيتهما في حصتهما في المبلغ موضوع الدعوى الأصلية. كما تدخل المطعون ضده الرابع انضمامي للمطعون ضده الأول. وجه الطاعن بصفته دعوى فرعية بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهم بالتضامن بأن يؤدوا له مبلغ ١٧٧.٢١٧٠٠٠ جنيه قيمة الدين المستحق له والفوائد وفقاً لسعر البنك المركزي المصري اعتباراً من ١/٧/٢٠٠٣. بتاريخ ٢٥/٦/٢٠٠٨ حكمت المحكمة برفض الدعوى الأصلية وفى موضوع الدعوى الفرعية بإلزام المطعون ضده الأول بأن يؤدى للطاعن بصفته مبلغ ٧٧.٢١٧٠٠٠ جنيه والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية بواقع ٥ % سنوياً وبعدم قبول التدخل. استأنف المكتب المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم ٢٩٢٧ لسنة ١٢٥ ق لدى محكمة استئناف القاهرة كما استأنفه كل من المطعون ضدهم الرابع والثاني والحادي عشر بالاستئنافات أرقام ٢٩٧٤، ٢٩٦٤، ٢٩٨٠ لسنة ١٢٥ق - بالترتيب - لدى ذات المحكمة. ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة الأخيرة للاستئناف الأول، وندبت لجنة خبراء ثلاثية. وبعد أن أودعت تقريرها قضت بتاريخ ١٠/١٢/٢٠١٤ بإلغاء الحكم المستأنف وعدم اختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعوى واختصاص هيئات التحكيم المنصوص عليها في القانون رقم ٩٧ لسنة ١٩٨٣ بنظرها. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أنه قضى بإلغاء الحكم الابتدائي وعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى واختصاص هيئات التحكيم بالفصل في النزاع اعمالاً للمادة ٥٦ من القانون رقم ٩٧ لسنة ١٩٨٣ رغم صدور القانون رقم ٢٠٣ لسنة ١٩٩١ المعمول به اعتباراً من ٢٠/٧/١٩٩١ الذى ألغى التحكيم الإجباري في المنازعات التي تنشأ بين الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون أو بينها وبين الأشخاص الاعتبارية أو أية جهة حكومية، وذلك بإلغائه المادة ٥٦ من القانون سالف البيان وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم ٢٠٣ لسنة ١٩٩١ بشأن شركات قطاع الأعمال العام من عدم سريان أحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم ٩٧ لسنة ١٩٨٣ على شركات قطاع الأعمال - الشركات القابضة والشركات التابعة لها - والنص في المادة ١ من الباب الأول من القانون رقم ٢٠٣ لسنة ١٩٩١ سالف البيان على أن "يصدر بتأسيس الشركة القابضة قرار من رئيس الوزراء بناء على اقتراح الوزير المختص ... وتأخذ الشركة القابضة شكل الشركة المساهمة وتعتبر من أشخاص القانون الخاص ويحدد القرار الصادر بتأسيسها اسمها ومركزها الرئيسي .." وفى المادة ٤٠ من الباب الثالث منه على أنه "يجوز الاتفاق على التحكيم في المنازعات التي تقع فيما بين الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون أو بينها وبين الأشخاص الاعتبارية العامة أو الأشخاص الاعتبارية من القطاع الخاص والأفراد وطنيين كانوا أو أجانب ويطبق في هذا الشأن أحكام الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات المدنية والتجارية" فإن مفاد هذه النصوص مجتمعة - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن القانون المشار إليه اعتبر الشركات الخاضعة لأحكامه من أشخاص القانون الخاص وقصر اختصاص هيئات التحكيم على نظر المنازعات التي يتم الاتفاق فيها على التحكيم بين تلك الشركات وبين غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة، وهو ما أفصحت عنه مذكرته الإيضاحية فيما أوردته في شأنه في البند السابع من البنود الأساسية للقانون بقولها "... إلغاء التحكيم الإجباري في المنازعات التي تنشأ بين الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون أو بينها وبين الأشخاص الاعتبارية العامة أو أية جهة حكومية ..." كما أظهرت ذلك بوضوح عند تعليقها على المادتين ٤٠ ، ٤١ منه بما مؤداه أنه بصدور القانون المذكور فقد أصبحت منازعات الشركات الخاضعة له سواء فيما بينها أو مع الأشخاص الاعتبارية الأخرى يختص بها القضاء العادي انفراداً ما دامت الأوراق قد خلت من شرط الاتفاق على التحكيم بحسبانه صاحب الولاية العامة والاختصاص الأصيل بنظر كافة المنازعات المدنية والتجارية الا ما استثنى بنص خاص. ولما كان ذلك، وكان القانون رقم ٢٠٣ لسنة ١٩٩١ يعد من القوانين المعدلة للاختصاص - وأصبح نافذاً اعتباراً من ٢٠/٧/١٩٩١ وقد أقيمت الدعوى الماثلة بعد نفاذه، فإنه يسرى في شأن ما تضمنته من أحكام الاختصاص بنظر المنازعات على الشركات الخاضعة لأحكامه، بما مؤداه انحسار اختصاص هيئات التحكيم عن نظر النزاع واختصاص جهة القضاء العادي بنظره بعد زوال القيد الذى كان مفروضاً عليه بالمادة ٥٦ من القانون ٩٧ لسنة ١٩٨٣ وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم الابتدائي وعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى واختصاص هيئات التحكيم المنصوص عليها في القانون ٩٧ لسنة ١٩٨٣ بنظرها فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وكان الثابت أن لجنة الخبراء المندوبة أمام محكمة الاستئناف قد انتهت في تقريرها إلى استحقاق المستأنف ضده الأول بصفته - وزير التعمير والمجتمعات العمرانية الجديدة والإسكان - في الاستئناف الأول رقم ٢٩٢٧ لسنة ١٢٥ ق القاهرة في ذمة مكتب بيع الاسمنت المصري - المستأنف في ذات الاستئناف - مبلغ ١٤١١٣٥٠٠٠ جنيه فقط مائة وواحد وأربعين مليون ومائة وخمسة وثلاثين ألف جنيه، وكانت المحكمة تطمئن إلى ذلك التقرير، مما يتعين معه تعديل الحكم المستأنف الصادر في الدعوى الفرعية على النحو الوارد بالمنطوق والتأييد فيما عدا ذلك .
لذلـك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضده الأول المصروفات وحكمت في موضوع الدعوى الفرعية فيما عدا ذلك وألزمت المستأنف بصفته المناسب من التعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنف بصفته في الاستئناف رقم ٢٩٢٧ لسنة ١٢٥ ق القاهرة بأـن يؤدى إلى المستأنف ضده الأول بصفته في ذات الاستئناف مائة وواحد وأربعين مليون ومائة وخمسة وثلاثين ألف جنيه والتأييد مصروفات.