باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة المدنية والتجارية -----
برئاسة السيد المستشار / محمد محمد طيطة نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم عبد الغفار ، رمضان أمين اللبودى
عمران محمود عبد المجيد نواب رئيس المحكمة
ومصطفى ثابت
وبحضور رئيس النيابة السيد / أحمد مصطفى أبو زيد
وبحضور أمين السر السيد / بيومى زكى نصر
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بمدينة القاهرة .
فى يوم الخميس ٢٠ من محرم سنة ١٤٢٨ ه الموافق ٨ من فبراير سنة ٢٠٠٧ م
أصدرت الحكم الآتى :
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم ٧٣٠٧ لسنة ٧٦ ق .
المرفوع من
الممثل القانونى لشركة العالم العربى - مصر للطيران للفنادق - شركة مساهمة مصرية ٤ شارع المروة روكسى مصر الجديدة . القاهرة .
حضر عن الطاعن الأستاذ / لبيب معوض المحامى .
ضد
شركة مارتيم هوتيل سلشفت MBH ومقرها المنيا ويمثلها الدكتور أكثم الخولى المحامى ٥ شارع مصدق الدقى .
حضر عن المطعون ضدها الأستاذ الدكتور / أكثم الخولى المحامى .
الوقائع
فى يوم ٨/٥/٢٠٠٦ طُعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ ٢٦/٤/٢٠٠٦ فى الاستئناف رقم ٤٩ لسنة ١٢٢ ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة .
وفى نفس اليوم أودع الطاعن مذكرة شارحة .
وفى ٤/٦/٢٠٠٦ أودعت المطعون ضدها مذكرة بدفاعها طلبت فيها رفض الطعن .
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها أولاً : رفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه . ثانياً : قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .
وبجلسة ٩/١١/٢٠٠٦ عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة ٨/٢/٢٠٠٧ وبها سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم الحاضر عن الطاعن والمطعون ضدها والنيابة كل على ما جاء بمذكرته والمحكمة قررت إصدار الحكم بذات الجلسة .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر / محمد عبد المنعم إبراهيم " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم ٤٩ لسنة ١٢٢ ق القاهرة تحكيم على المطعون ضدها بطلب الحكم ببطلان حكم التحكيم الصادر من المحكمة الدولية للتحكيم - غرفة التجارة الدولية - فى القضية رقم ١٢٨٩٢ بالقاهرة بتاريخ ٢١/٥/٢٠٠٥ القاضى بإلزامها بأن تؤدى لها مبلغ ٥٣٢ر١٢٥ر٤ يورو تعويضاً مادياً وأدبياً لما ارتكبته من خطأ بإنهاء اتفاقية الإدارة الموقعة فى ٢٠/٦/٢٠٠٢ ويطبق على هذا المبلغ نسبة الفائدة التى
يحددها البنك المركزى المصرى والتى تطبق على المعاملات التجارية من تاريخ هذا الحكم وحتى تمام السداد ....... " وقالت بياناً لذلك إن المطعون ضدها لجأت إلى التحكيم إعمالاً للشرط الوارد فى البند ١٣/١ من العقد المبرم بينهما المؤرخ ٢٠/٦/٢٠٠٢ الذى بموجبه أسندت الطاعنة إليها عملية إدارة فندق هليوبوليس المطار بالقاهرة لمدة سبع سنوات وبعد أن بدأت فى تنفيذ العقد أخطرتها الطاعنة بإنهائه فى ٣/١١/٢٠٠٢ ثم عادت وأبلغتها فى ١١/١٢/٢٠٠٢ بإرجاء تنفيذه حتى ١/١/٢٠٠٤ ، وإذ اعتبرت المطعون ضدها هذا الإنهاء والتأجيل خرقاً لشروط التعاقد مما أصابها بأضرار مادية وأدبية وحدا بها إلى اللجوء إلى التحكيم وصدر لصالحها الحكم المشار إليه . وبتاريخ ٢٦/٤/٢٠٠٦ قضت محكمة الاستئناف برفض الدعوى . طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن ، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالأوجه الثلاثة الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفى بيان ذلك تقول إن الحكم جاء قاصر البيان فلم يذكر عناوين المحكمين وصفاتهم وجنسياتهم واجتزأ بذكر أسمائهم فى حين أن القانون المصرى رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ اشترط على أسمائهم ذكر عناوينهم وجنسياتهم وهذا النقص وتلك المخالفة توجبان بطلان الحكم ، كما وأن رئيس التحكيم عضواً فى اللجنة الوطنية التى تختار أعضاء الهيئة ومنهم أعضاء المحكمة التى تراجع مشروع المحكمين وتمسكت بدفاعها أمام هيئة التحكيم بالتصريح لها باستخراج شهادة من غرفة التجارة الدولية بباريس تفيد عضوية رئيس الهيئة السيد / جان لويس ديفلولفيه عضواً باللجنة الوطنية إلا أنها لم تفعل رغم أنه دفاع جوهرى لو تحقق لتغير وجه الرأى فى التحكيم وجاء حكم التحكيم مخالفاً للنظام العام فى مصر الذى لا يسمح لغير المحكمين أن يشتركوا فى الحكم إذ صدر من محكمة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية ومن هيئة التحكيم بباريس وكان على الحكم المطعون فيه أن يقضى ببطلانه من تلقاء نفسه ، علاوة على أن هذا الحكم جاء غير مرفق به صورة من العقد المبرم بين الطرفين المتضمن شرط التحكيم وأن قانون التحكيم المصرى اشترط أن يشتمل حكم التحكيم على صورة
اتفاق - مشارطة - التحكيم وإلا كان باطلاً ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى على خلافه بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك أن النص فى المادة ١٣/١ من العقد المبرم بين طرفى التداعى فى ٢٠/٦/٢٠٠٢ بإسناد إدارة فندق هليوبوليس المطار إلى الشركة المطعون ضده على أن " أى خلاف بين الطرفين فيما يتعلق بتنفيذ أو تطبيق أو تفسير بنود وشروط هذا العقد ولا يتم تسويته ودياً يتم طرحه على التحكيم طبقاً لقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس ويكون مكان هذا التحكيم فى القاهرة " يدل على أن ارتضاء الطرفين إخضاع التحكيم لقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس من شأنه حجب أحكام قانون التحكيم المصرى رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ إلا ما يتعلق منها بالنظام العام ، وأن قواعد هذه الغرفة لم تتضمن نصوصاً خاصة تتعلق بشكل حكم التحكيم وبياناته ، فلم تشترط اشتماله على بيان عنوان وجنسية المحكم أو المحكمين كبيان جوهرى لازم لصحته وكل ما اشترطته المادة ٢٥ منها أنه فى حالة تعدد المحكمين يصدر حكم التحكيم بالأغلبية وإذا لم تتوفر الأغلبية يصدر رئيس محكمة التحكيم حكم التحكيم منفرداً ويجب أن يكون حكم التحكيم مسبباً واشترطت المادة ١٨ من هذه القواعد الإجرائية " بمجرد تلقى الملف من الأمانة العامة تقوم محكمة التحكيم بإعداد وثيقة المهمة استناداً إلى المستندات المقدمة أو بحضور الأطراف وفى ضوء آخر ما قدموه ، وتتضمن الوثيقة ما يلى : أ - أسماء وألقاب وصفات الأطراف . ب - عناوين الأطراف التى توجه إليها أى إخطارات أو مراسلات أثناء سير التحكيم ج ........... د .......... ه - أسماء وألقاب وصفات وعناوين المحكمين ..... و ........ ز ........... توقيع وثيقة المهمة من الأطراف ومن محكمة التحكيم ......." . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق وحكم التحكيم أن الطرفين وافقا على تشكيل هيئة التحكيم من ثلاثة أعضاء قام السكرتير العام بتاريخ ٤/١١/٢٠٠٣ بتثبيت تعيين البروفيسور الشرقاوى والمستشار فهمى كمحكمين معينين بواسطة المحتكمة والمحتكم ضدها على التوالى ، وفى ٢/١٢/٢٠٠٣ تم تثبيت تعيين الأستاذ ديلفولفيه المحامى كرئيس لهيئة التحكيم بواسطة السكرتير العام بناء على ترشيح مشترك من المحكمين المعينين من الطرفين ، وبعد تشكيل هيئة التحكيم تمت الموافقة على الشروط المرجعية وتم
التوقيع على وثيقة المهمة فى القاهرة بتاريخ ١/٣/٢٠٠٤ وقد تضمنت بياناً بأسماء وألقاب وصفات وعناوين المحكمين إعمالاً لنص المادة ١٨ من القواعد الإجرائية لغرفة التجارة الدولية بباريس سالفة البيان ، ومفاد ذلك أن طرفى التداعى اختارا - بصفة نهائية - إخضاع إجراءات التحكيم بينهما للقواعد الإجرائية الخاصة بغرفة التجارة الدولية بباريس عملاً بشرط التحكيم الوارد فى المادة ١٣/١ من عقد الإدارة - محل النزاع - والمادة ٢٥ من قانون التحكيم المصرى رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ التى تنص على أن " لطرفى التحكيم الاتفاق على الإجراءات التى تتبعها هيئة التحكيم بما فى ذلك حقهما فى إخضاع هذه الإجراءات للقواعد النافذة فى أى منظمة أو مركز تحكيم فى جمهورية مصر العربية أو خارجها ...... " كما وأن شرط التحكيم يعتبر اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى الذى ورد فيه ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أى أثر على شرط التحكيم الذى يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحاً فى ذاته على مؤدى نص المادة ٢٣ من قانون التحكيم المصرى سالف الذكر ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وطبق قواعد غرفة التجارية الدولية بباريس دون قانون التحكيم المصرى وأطرح بأسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتتفق مع صحيح القانون كل ما تزرعت به الطاعنة ركيزة لهذا الوجه من سبب النعى فإن النعى فى هذا الشأن يضحى على غير أساس . وعماًّ ساقته الطاعنة من أنه قد ترامى إليها أن رئيس هيئة التحكيم عضو اللجنة الوطنية التى تقترح تعيين أعضاء الهيئة ومنهم أعضاء المحكمة التى تراجع حكم المحكمين وأنها طلبت التصريح لها باستخراج شهادة من غرفة التجارة الدولية عن صفة رئيس هيئة التحكيم كعضو فى اللجنة الوطنية والتفتت المحكمة عن هذا .. فهو مردود إذ إنه فضلاً عن كونه جاء مرسلاً وغير جازم ولم تتمسك به الطاعنة فى مذكرتها الختامية المقدمة أمام محكمة الاستئناف بجلسة ٢٧/٢/٢٠٠٦ فقد شاركت الطاعنة فى اختيار رئيس هيئة التحكيم إذ قامت الهيئة الدولية التابعة لغرفة التجارة الدولية بتعيينه بناء على اقتراح المحكمين المختارين من قبل طرفى النزاع ولم تعترض الطاعنة بأى وجه على أشخاص هيئة التحكيم أو تشكيلها طوال الإجراءات وحتى صدور الحكم من هيئة التحكيم ، علاوة على أنه وطبقاً للمادة الثالثة من الملحق رقم ١ من القانون الأساسى للهيئة الدولية للتحكيم لدى غرفة التجارة
الدولية أن أعضاء الهيئة مستقلين عن اللجان الوطنية لغرفة التجارة الدولية والمادة الثانية من الملحق رقم ٢ من هذا القانون التى تحظر على عضو الهيئة الدولية للتحكيم المشاركة فى مراجعة مشروع حكم تكون له صلة به أياً كان نوعها وأنه طبقاً لنظام التحكيم الخاص بهذه الغرفة ، فإن المحكمة الدولية للتحكيم ليست جهة قضاء ، فهى ليست محكمة بالمعنى المعروف على الرغم من تسميتها بمحكمة فى اللغتين الإنجليزية والفرنسية فهى جهاز إدارى مهمته الإشراف على سير إجراءات التحكيم التى تجرى طبقاً للائحة التحكيم الخاصة بالغرفة المذكورة ولا شأن له بموضوع القضية التحكيمية أو مدى أحقية كل طرف فيها فيما يدعيه أو ما تنتهى إليه هيئة التحكيم من قضاء فى موضوع النزاع ، وهو يتكون من ١٢٤ عضواً من خبراء التحكيم فى ٨٦ دولة ، وعملهم مقصور على التأكد من سلامة حكم التحكيم من حيث الشكل وخلوه من أسباب العوار التى تعرضه للبطلان فى دولة إصداره أو تلك التى تؤدى إلى رفض تنفيذه طبقاً لقانون البلد التى سينفذ فى إقليمها فالنص فى المادة ٢٧ من نظام التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية ..... بأنه " يتعين على محكمة التحكيم أن ترفع إلى هيئة التحكيم مشروع حكم التحكيم قبل توقيعه ، وللهيئة أن تدخل تعديلات تتعلق بالشكل على الحكم ولها أيضاً أن تلفت انتباه محكمة التحكيم إلى مسائل تتعلق بالموضوع دون المساس بما لمحكمة التحكيم من حرية فى إصدار الحكم ولا يجوز لمحكمة التحكيم إصدار أى حكم تحكيم دون أن تكون هيئة التحكيم قد وافقت عليه من حيث الشكل . يدل على أن المراجعة هنا مقصورة على الشكل ، ولا شأن لها بحكم التحكيم الذى يصدر فى موضوع النزاع ، وإن كان لها تقديم ملاحظات بشأن سلامة الحكم من الناحية الموضوعية بيد أن هذه الملاحظات غير ملزمة بأى حال لمحكمة التحكيم ومن هنا قيل بحق أن مراجعة مشروع حكم التحكيم على نحو ما سبق هو خدمة يؤديها جهاز التحكيم بالغرفة لصالح أطراف النزاع لضمان سلامة حكم التحكيم الذى يصدر ، لذلك فإن المراجعة المذكورة ضرورية كذلك حتى فى مشروع الحكم الذى يقتصر على مجرد إثبات ما اتفق عليه الطرفان لإنهاء التحكيم صلحاً ، ومن ناحية أخرى يحقق مراجعة مشروع حكم التحكيم فائدة لنظام التحكيم أمام غرفة التجارة الدولية بباريس عن طريق ضمان جودة الأحكام وقلة احتمالات الطعن فيها أو عدم تنفيذها بما يحفظ للغرفة
ونظام التحكيم فيها السمعة الدولية التى يتمتعان بها فى أوساط التجارة الدولية . ومن ثم ليس للطاعنة التنصل من شرط التحكيم الوارد فى عقد النزاع إذ بموجبه ارتضت إخضاع إجراءات التحكيم للقواعد الواردة بنظام التحكيم الخاص بغرفة التجارة الدولية بباريس وإسناد إدارتها إلى الجهاز المختص بذلك فى هذه الغرفة المسمى " المحكمة الدولية للتحكيم " ومؤدى هذا القبول ولازمه قبولها لاختصاصات هذا الجهاز وقراراته ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر والتفت عن طلب الطاعنة استخراج الشهادة المنوه عنها عن صفة رئيس هيئة التحكيم كعضو فى اللجنة الوطنية وطبق شرط التحكيم الوارد بعقد التداعى بإخضاع إجراءاته للقواعد سالفة البيان ، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ فى تطبيقه أو شابه القصور فى التسبيب أو الإخلال بحق الدفاع ، ويكون النعى عليه فى هذا الخصوص فى غير محله .
وحيث إنه عن الوجه الثالث من سبب النعى بعدم اشتمال الحكم المطعون فيه على صورة اتفاق التحكيم إذ خلا من إيداع العقد الذى تضمنه وأن قانون التحكيم المصرى اشترط لصحة حكم التحكيم أن يشتمل على صورة من الاتفاق على التحكيم وإلا كان باطلاً ، وحيث إن هذا النعى غير سديد ، ذلك أنه خلط بين شرط التحكيم من ناحية ، ومشارطة التحكيم من الناحية الأخرى ، وإن كان الاثنان يعبران عن معنى واحد هو اتفاق التحكيم ، أى اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات المبينة بذلك الاتفاق ، غير أن شرط التحكيم يكون دائماً سابقاً على قيام النزاع سواء قام مستقلاً بذاته أو ورد ضمن عقد معين ومن ثم فإنه لا يتصور أن يتضمن تحديداً لموضوع النزاع الذى لم ينشأ بعد ولا يكون فى مكنة الطرفين التنبؤ به حصراً ومقدماً ، ومن هنا لم يشترط المشرع أن يتضمن شرط التحكيم تحديداً لموضوع النزاع وأوجب ذلك فى بيان الدعوى المنصوص عليها فى المادة ٣٠ من قانون التحكيم المصرى رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ ، كل ذلك خلافاً لما هو مقرر - فى قضاء هذه المحكمة - بشأن مشارطة التحكيم باعتبار أنها اتفاق مستقل على الالتجاء إلى التحكيم ولاحق على قيام النزاع ومعرفة موضوعه ومن ثم أوجب المشرع المصرى فى المادة العاشرة من القانون آنف الذكر أن يحدد الاتفاق المسائل التى يشملها التحكيم وإلا كان باطلاً . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق ومدونات الحكم المطعون فيه أن اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى
التحكيم كان سابقاً على قيام النزاع بينهما واتخذ صورة شرط التحكيم كما ورد بيانه فى الفقرة الأولى من المادة ١٣ من عقد النزاع من أن " أى خلاف بين الطرفين فيما يتعلق بتنفيذ أو تطبيق أو تفسير بنود وشروط هذا العقد ولا يتم تسويته ودياً ، يتم طرحه على التحكيم لقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس ، ويكون مكان هذا التحكيم فى القاهرة " وقد أورد حكم التحكيم نص هذا الشرط حرفياً بمدوناته الأمر الذى يتحقق به مطلوب الشارع ، وكان هذا الشرط كاف بذاته فى الدلالة على اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية النزاع الذى قد ينشأ فى المستقبل بخصوص ذلك العقد ، على أن يتم تحديد موضوع النزاع فى بيان الدعوى الذى تضمن عرضاً وافياً لمسائل النزاع المطروحة على التحكيم التى أوردها حكم التحكيم ودفاع الطرفين بشأنها ولم تبد الطاعنة ثمة اعتراض على نظر أى مسألة من تلك المسائل كما أنها لم تدع أن حكم التحكيم فصل فى مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو أنه جاوز حدود هذا الاتفاق وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعى عليه بما سلف يكون على غير أساس .
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الرابع من السبب الأول والسببين الثانى والثالث على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك تقول إن الحكم رفض إبطال حكم التحكيم موضوع النزاع رغم أن المحكمين قد استبعدوا تطبيق القانون الذى اتفق طرفا العقد على تطبيقه وهو أحكام الوكالة فى القانون المصرى إذ تجاوز المحكمون تلك الأحكام وانتهوا إلى أن عقد إدارة الفندق هو مزيج من أحكام عقد الوكالة وأحكام عقد المقاولة ، فى حين أن الطرفين اتفقا فى المادة ٣/٢ من عقد الإدارة على اعتبار أنه وكالة وأن علاقتهم القانونية لا تخضع إلا لأحكام الوكالة وحدها ويكون الحكم قد أقر استبعاد القانون المتفق على تطبيقه أو مسخه إلى حد يعادل استبعاد تطبيقه ، كما أن شرط التحكيم الوارد بعقد النزاع جاء واسعاً فضفاضاً يشمل أى خلاف ينشأ بين الطرفين دون تحديد لطبيعة الخلاف وبيانه تفصيلاً وهو ما يخالف المادة ١٠/٢ من قانون التحكيم المصرى التى توجب أن يحدد موضوع النزاع فى اتفاق التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلاً وأن الحكم المطعون فيه عجز عن الرد على هذا الدفاع الجوهرى ، علاوة على أن
شرط التحكيم لم ينص إلا على المنازعات الناشئة عن تنفيذ العقد ومن ثم فإنه لا يشمل المنازعات الناشئة عن عدم تنفيذه لأن التحكيم نظام استثنائى فلا محل للتوسع فى تفسيره وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى على خلافه بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير سديد ، ذلك أن تعييب قضاء هيئة التحكيم فى موضوع النزاع والطعن فى سلامة فهمها لحقيقة الواقع فى الدعوى ورجمه بخطئها فى تفسير القانون وتطبيقه لا يتسع له نطاق دعوى البطلان لما هو مقرر من أن دعوى بطلان حكم التحكيم ليست طعناً عليه بالاستئناف فلا تتسع لإعادة النظر فى موضوع النزاع وتعييب قضاء ذلك الحكم فيه ، وأنه ليس لقاضى دعوى البطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير ملائمته أو مراقبة حسن تقدير المحكمين يستوى فى ذلك أن يكون المحكمون قد أصابوا أو أخطأوا عندما اجتهدوا فى تكييفهم للعقد لأنهم حتى لو أخطأوا فإن خطأهم لا ينهض سبباً لإبطال حكمهم لأن دعوى الإبطال تختلف عن دعوى الاستئناف . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق أن هيئة التحكيم بوصفها قاضى الموضوع قد توصلت إلى تكييف عقد النزاع بأنه خليط من الوكالة ومقاولة تقديم الخدمات واستندت فى ذلك إلى ما استخلصته من أوراق الدعوى من تمتع الشركة المطعون ضدها بدرجة كبيرة من الحرية فى إدارة عمليات الفندق محل العقد بما يجاوز دورها كوكيل وأنها ظلت تعمل كمقاول يتمتع بالحرية والاستقلال وتحمل المسئولية فى إدارة عمليات الفندق اليومية حتى وإن كان عليها تقديم تقرير إلى الطاعنة عن سير أعمال المشروع ... فضلاً عن المطعون ضدها قد صرحت للطاعنة باستعمال اسمها " ماريتيم " كعلامة تجارية لعمليات الفندق مقابل حصولها على نسبة ١% من إجمالى الإيراد ، وأنه ليس فى التوصل إلى هذا التكييف الذى أسبغ على العقد أى استبعاد للقانون المصرى واجب التطبيق بل اجتهاد فى تطبيقه ومن ثم فالمجادلة فى شأن صحته مسألة تتعلق بسلطة هيئة التحكيم فى فهم الواقع وتكييفه من ناحية صواب أو خطأ اجتهادها فى تفسير القانون وتطبيقه مما لا يتسع له نطاق دعوى البطلان حسبما تقدم بيانه ، وأياً كان الرأى فى تكييف العقد بأنه خليط من الوكالة والمقاولة أو أنه وكالة خاصة فقد انتهى الحكم المطعون فيه أنه غير منتج فى النزاع لما ذهب إليه حكم التحكيم من انعقاد مسئولية الطاعنة عن إنهاء العقد المذكور
بالمخالفة للقانون ولشروط العقد سواء كان وكالة أو مقاولة . ويضحى النعى عليه فى هذا الشق على غير أساس . كما وأن النعى بعجز الحكم المطعون فيه عن الرد على دفاع الطاعنة الجوهرى بأن شرط التحكيم جاء واسعاً فضفاضاً يشمل أى خلاف ينشأ بين الطرفين دون تحديد لطبيعة الخلاف وبيانه تفصيلاً وهو ما يخالف المادة ١٠/٢ من قانون التحكيم المصرى التى توجب أن يحدد موضوع النزاع فى اتفاق التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلاً ، فهو غير صحيح إذ رد الحكم على هذا الدفاع حسبما هو ثابت بمدوناته " أنه خلط بين شرط التحكيم من ناحية ومشارطة التحكيم من الناحية الأخرى .... غير أن شرط التحكيم يكون دائماً سابقاً على قيام النزاع سواء قام مستقلاً بذاته أو ورد ضمن عقد معين ومن ثم فإنه لا يتصور أن يتضمن تحديداً لموضوع النزاع الذى لم ينشأ بعد ولا يكون فى مكنة الطرفين التنبؤ به حصراً ومقدماً ومن هنا لم يشترط المشرع أن يتضمن شرط التحكيم تحديداً لموضوع النزاع وأوجب ذلك فى بيان الدعوى المنصوص عليها فى المادة ٣٠ من قانون التحكيم المصرى ..... كل ذلك خلافاً بشأن مشارطة التحكيم باعتبار أنها اتفاق مستقل على الالتجاء إلى التحكيم ولاحق على قيام النزاع ومعرفة موضوعه لذا أوجب المشرع المصرى فى المادة العاشرة من القانون سالف الذكر أن يحدد الاتفاق المسائل التى يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلاً .... وأن شرط التحكيم الوارد فى المادة ١٣/١ من عقد النزاع ..... كاف بذاته فى الدلالة على اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية النزاع الذى قد ينشأ فى المستقبل بخصوص ذلك العقد ، على أن يتم تحديد موضوع النزاع فى بيان الدعوى الذى تضمن عرضاً وافياً لمسائل النزاع المطروحة على التحكيم التى أوردها حكم التحكيم ودفاع الطرفين بشأنها .... " ولا يفيد الطاعنة تمسكها ببعض أحكام لمحكمة النقض ببطلان حكم التحكيم لعدم اشتماله على نصوص اتفاق التحكيم أو لعدم اشتماله على صورة من وثيقة التحكيم أو لعدم تحديد موضوع النزاع فى وثيقة التحكيم وجاءت عباراتها قاصرة على تحكيم المحكمين فى حال المنازعات بين الأطراف دون إيضاح لهذه المنازعات أو بيان لموضوعها أو ثبوت هذا البيان أثناء المرافعة أمام هيئة التحكيم وتضمينه بمحاضرها ، وشتان بين هذه الحالات والحالة القائمة فى الطعن
الماثل التى حدد شرط التحكيم الوارد بعقد النزاع موضوع التحكيم فى المادة ١٣/١ بأنه " أى خلاف بين الطرفين فيما يتعلق بتنفيذ أو تطبيق أو تفسير بنود وشروط هذا العقد ولا يتم تسويته ودياً ، يتم طرحه على التحكيم طبقاً لقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس .... " أى المنازعات التى تنشأ بشأن تنفيذ أو تطبيق أو تفسير عقد الإدارة محل التداعى كما وأن المنازعات التى فصل فيها التحكيم تحددت بكل وضوح ودقة فى بيان الدعوى ومستندات ودفاع الطرفين وفى الحكم النهائى الصادر فى التحكيم ، وليس صحيحاً أن هذا الشرط لم ينص إلا على المنازعات الناشئة عن تنفيذ العقد ذلك أن المقصود بالمنازعات المتصلة بتنفيذ العقد يتسع من باب أولى للمنازعات الخاصة بعدم تنفيذ العقد كلية كما تشمل المنازعات المتصلة بعدم تنفيذ بعض شروطه أو بتنفيذها على نحو معيب ، أما تنفيذ العقد كاملاً دون إخلال فإنه يعدم المصلحة فى الاحتجاج أصلاً بشرط التحكيم ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعى عليه بما سلف يكون على غير أساس .
ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
لذلك
رفضت المحكمة الطعن وألزمت الشركة الطاعنة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة الكفالة .
أمين السر نائب رئيس المحكمة