الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / حكم التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / المسؤولية الإجرائية والميدانية للمحكم ( دراسة تأصيلية وتحليلية في يالفقة الإسلامي والقانون الوضعي) / حكم التحكيم

  • الاسم

    محمود علي عبدالسلامي وافي
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    770
  • رقم الصفحة

    507

التفاصيل طباعة نسخ

الإخلال بأحكام العقد في الفقه الإسلامي:

 و بعد أن عرضنا لأسس الضمان وأسبابه يعن للباحث أن يقوم بتطبيق ما سبق . عرضنا له من مبادئ بصورة تخدم هذا البحث ، ولان موضوع هذه الرسالة التحدث عن مسئولية المحكم - سواء الإجرائية أو المدنية - فالمتصور - بداءة وقبل أن نعرض تفصيلا لهذه المسئولية - أنها ستتأسس إما على أساس عقدي أو غير اعقدي ، وقد سبق أن عرضنا لطبيعة التحكيم ، وانتهينا إلى أن التحكيم قد يكون ذا طبيعة قضائية وأن المحكم يتمتع فيه بالنظام الشرعي للقاضي ، وذلك حين يتم اختيار المحكم من قبل ولي الأمر ، وقد يكون - أي التحكيم - ذا طبيعة تحكيمية خاصة ، وذلك حين يتم اختيار المحكم من قبل الأشخاص العاديين ، س واء كان هؤلاء الأشخاص خصوما نشب بينهم نزاع يريدون حسمه عن طريق التحكيم ، أو أنهم أشخاص يتفقون على التحكيم كوسيلة لفض ما قد ينشأ بينهم مستقبلا من نزاع في خصوص علاقة معينة قائمة بينهم.

ومما لا شك فيه أن التحكيم في الفرض الأول لا يرتبط فيه المحكم بأي رابطة عقدية تذكر بينه وبين الخصوم ، إذ إن الأمر يتعلق بولاية شرعية لا بعلاقة تعاقدية، وهنا يجب البحث عن مسئولية المحكم المدنية خارج مجال الأحكام الشرعية للعقود ، إذ يتعين استقاء قواعد هذه المسئولية من ثنايا مبادئ ولاية القضاء.

اما الفرض الثاني - والذي يتم فيه اختيار المحكم من قبل الأشخاص الغاليين - فالأمر يتعلق بعلاقة تعاقدية تلقي على كاهل الطرفين التزامات متبادلة و مقابله، إذ يتعين على المحتكمين الوفاء بالتزاماتهم العقدية تجاه المحكم ، وكذلك يتعين على هذا الأخير تنفيذ البنود المتفق عليها في اتفاق التحكيم وفقا لضوابط من الاتفاق.

ولأن موضوع هذه الرسالة يدور في فلك التحكيم بمفهومه المعاصر وفقا لما تحياه المجتمعات ، ووفقا لما هو معاش في مجال التجارة والاستثمار علی الصعيدين الدولي والمحلي ، ولأن المفهوم المعاصر للتحكيم ينحصر في صورة التحكيم الاتفاقي دون ذلك الذي يتم من قبل ولي الأمر؛ فسوف أركز البحث في هذا المطلب على مبادئ المسئولية المدنية في مجال العقود ، والتي أحاول التعرض لها من خلال استعراض مفهوم الإخلال بأحكام العقد والذي نعالجه في هذا الفرع ثم نعرض في فرع آخر لأثر هذا الإخلال.

ولأن تحقق المسئولية المدنية في مجال العقود وهو ما يسمى بضمان العقد يستلزم عدم قيام أحد العاقدين بموجبات العقد ، وهو ما يمكن وصفه بالإخلال بأحكام العقد ، وهذا الإخلال كي يتحقق فإن الأمر ستدعی بداءة وجود عقد صحيح اكتملت أركانه وشروطه وتوافر له البناء الشرعي أولا ، ثم تحقق إخلال باحل أحكام العقد من جانب المتعاقد ؛ ولذا نعرض في هذا الفرع لمسألتين على التوالي .

وخلاصة القول أن كل عقد - بغض النظر عن طبيعته وذاتيته - بنش من الالتزامات التي يتعين الوفاء بها وتنفيذها وفقا لمقتضى العقد وإلا تيق بأحكام العقد وبمقتضاه ، ولكن ما هو المقصود بالإخلال بمقتضى العقدي يتحقق؟ هذا ما سوف نعرض له في التحليل الأتي : 

الخروج عن مقتضى العقد:

 إن المفترض الثاني لتحقق المسئولية العقدية - أو ضمان العقد - بعد وجود عقد اكتمل البناء الشرعي له يتمثل في إخلال أحد العاقدين بأي من الالتزامات الملقاه على كاهله من جراء العقد تبعا للتحليل الذي عرضنا له في الصفحات السابقة، وهنا تثار عدة مسائل خاصة بهذا الإخلال وتدور في مجملها حول تحديد مقصود الإخلال بمقتضى العقد، وبيان متى يتحقق هذا الإخلال؟ ونعرض لهائين النقطتين فيما يلي :

انا لكل عقد آثار تتمثل في تحمل أحد عاقديه أو كليهما ببعض الالتزامات ، فإذا ما امتنع أحد المتعاقدين عن تنفيذ الالتزام الملقى على كاهله فقد خرج عن مقتضی العقد ، وهذا جوهر إخلال المتعاقد بالتزامه العقدي. .

فالعقد ينشیء علاقة بين طرفيه تجعل لكل منهما حقوقا تشكل التزامات على كاهل الطرف الآخر ، وذلك في العقود الملزمة للجانبين ، أي التي تحمل طرفي العقد بالتزامات متبادلة ، أما في العقود الملزمة لجانب واحد فهي كعقد الهبة إذ ينشىء التزاما على كاهل أحد طرفي العقد دون أن يقابله التزام على كاهل الطرف الآخر ، وعموما فإن كل عقد يتولد عنه بعض الالتزامات سواء ألقيت على طرفي العقد أو كاهل أحدهما ، ويتعين على العاقد الذي أثقل كاهله بالتزام من يبادر بتنفيذه في وقته المحدد وبالكيفية المطلوبة ، إذ إن قعوده ع ن تنفيذ ذلك الالتزام يعد مروقا من القيام على مقتضى العقد.

أي أن مضمون الخروج عن مقتضى العقد يتمثل في " قعود المتعاقد عن تا بما أوجب العقد ضرورة القيام به ، أو قيام المتعاقد بما أوجب العقد عدم القيام به "، وفي الفرضين يعد المتعاقد مخلا بالتزامه العقدي ، وخارجا عن مقتضى العقد الذي هو طرف فيه.

الجزاء المدني في القانون الوضعي :

إن فكرة المسئولية المدنية تعد مكنة في يد القانون المدني لتحقيق العدالة والاستقرار للحقوق والمراكز القانونية داخل المجتمع ، فإذا ما حدث إخلال بهذا الاستقرار نهضت مبادئ المسئولية المدنية لإعادة الأمور إلى نصابها ورد الحقوق إلى أصحابها ، أو على الأقل التعويض عن النيل منها، وهكذا فإن تحقق مفترضات تطبيق المسئولية المدنية يستتبع اتخاذ بعض الإجراءات وإحداث بعض التغييرات التي عنيت كتابات فقهاء القانون المدني بها وتولت تفصيلها وبيان الأحكام الخاصة بها ، ولن يتسنى للباحث التعرض لجميع آثار تحقق المسئولية المدنية ، كما لن يستساغ منه ذلك - لو أنه حاول تحقيقه – لأن هذا المسلك -- وقتئذ - يعد خروجا منه عن الموضوع الدقيق لهذه الرسالة ؛ ولذا سوف ننتقي من تلك الآثار ما يفيد عند دراسة المسئولية المدنية للمحكم ، وهذا يقتضي عرض آثار تحقق مفترضات قيام المسئولية المدنية ثم نعرض لمايخص موضوع بحثنا.

 ولكن هذا لا يعني استحالة إعمال فكرة التنفيذ العيني في مجال المسئولية التقصيرية ، ذلك أن التنفيذ العيني متصور في هذا المجال بالنسبة للمستقبل ، كمن تعمد تكرار الاعتداء على آخر والتعرض له ، يمكن لهذا الأخير أن يحرك دعوی المسئولية مطالبا فيها التعويض عن الاعتداءات التي حدثت ، والتنفيذ العيني للالتزام القانوني الملقي على كاهل الكافة والذي يفرض عدم الإضرار بالآخرين عن طريق إصدار القاضي قراره بإلزام المسئول بالكف عن الأعمال التي تشكل تعرضا للمضرور مستقبلا.

ثم إنه من المتصور وجود اتفاقات خاصة تتعلق بالتشديد أو التخفيف أو الإعفاء من المسئولية وهذه مسألة هامة في مجال المسئولية المدنية إذ يكون لها عظيم الأثر في تحديد مجال تطبيق المسئولية وتحديد نطاق آثارها.

وتبعا لهذه التقدمة الوجيزة يعتقد الباحث أن دراسة المسئولية المدنية للمحكم فيما بعد تقتضي منا الآن التعرض لبعض الأفكار والتي تتمثل في تحديد ماهية الجزاء المدني سواء من حيث تعريفه أو من حيث تحديد قواعده ، وكذلك ص ور الجزاء المدني - خاصة العقدي منها - ولا شك أننا سنقتصر فقط على أهم الجزاءات المدنية المتصورة في مواجهة المحكم ؛ ولذا سنعرض لجزاء التعويض والدفع بعدم التنفيذ والحق في الحبس ، حتى يتسنى لنا فيما بعد - حال التعرض المسئولية المحكم المدنية تجاه أطراف التحكيم - أن نبحث مدى إمكانية تطبيق هذه الجزاءات في مواجهة المحكم ، ولأننا في محاولتنا للتمييز بين المسئولية الإجرائية والمسئولية الموضوعية تعرضنا للعديد من المسائل القانونية التي تسهم في إبراز أهم أوجه هذا التمييز ، ومن بين أهم هذه المسائل التمييز بين الجزاء الموضوعي والجزاء الإجرائي ، ولأن الجزاء الموضوعي - وفقا لما انتهجته في هذه الرسالة – يتفرع إلى جزاء مدني وآخر جنائي وثالث إداري ، ولأن موضوع هذه الرسالة يقتصر على المسئولية المدنية - في نطاق المسئولية الموضوعية – فإنه من الأهمية بمكان التعرض لفكرة الجزاء المدني ، وذلك لتمييزه عن الجزاء الإجرائي بالصورة التي تخدم موضوع البحث ، وهذا يقتضي التعرض لهذا الجزاء - أي المدني - من حيث تحديد ماهيته ، سواء في خصوص تعريفه ، أو تحديد الأحكام القانونية المنظمة له ، ثم التعرض لصور هذا الجزاء ، ولأن الجزاء المدني تتعدد صوره وتطبيقاته ، ولأن الباحث ينتهج نهجا يقصد من خلاله ألا يتعرض في مجال المسئولية المدنية إلا لما يفيد في تحديد المسئولية المدنية للمحكم عند التعرض له فسوف أحاول استعراض صور الجزاء المدني المتصورة في خصوص المحكم.

ثانيا- جزاء يعطل التنفيذ العيني للالتزام:

 إن الجزاءات التي لا تمنع تنفيذ الالتزام عينا ولكنها تهدف إلى تعطيل هذا التنفيذ فحسب والتي من المتصور توقيعها في مجال التحكيم حيال المحكم وحال تحقق مسئوليته تتمثل في جزائي الدفع بعدم التنفيذ والحبس ، ونعرض لهذين الجزاعين في محاولة لفهم النظام القانوني لهما ، والصفة الجزائية لكل منهما تمهيدا التطبيق على مسئولية المحكم حال التعرض لها في نهاية هذه الرسالة.

كان التزام أحد الطرفين يتمثل في القيام بعمل أو الامتناع عن عمل فهنا يحكم القاضي بتنفيذ التزامه المذكور بشرط تنفيذ الطرف الآخر التزام.

 ب- أثر الدفع بعدم التنفيذ

إذا توافرت المفترضات القانونية للدفع بعدم التنفيذ ترتب على ذلك أحقية الملتزم في عدم تنفيذ التزامه وعدم إجباره على تنفيذه ، وفي ذات الوقت يظل الالتزام قائما من الناحية القانونية ويتعين الوفاء به وتنفيذه إذا ما قام الطرف الآخر بتنفيذ التزامه؛ ولذا لا يجوز إجبار الملتزم بعمل بالقيام بهذا العمل حتى يقوم الطرف الاخر بتنفيد التزامه ، وإذا كان الالتزام المدفوع بعدم تنفيذه يتمثل في الامتناع عن عمل حق للملتزم الاستمرار في العمل الممنوع منه بموجب هذا الالتزام إلى أن يقوم الطرف الآخر بتنفيذ التزامه.