وبرجوعنا إلى النصوص القانونية المنظمة للتحكيم في كل من القانون الأردني والليبي والإماراتي والعراقي وكذلك الاتفاقيات لم نجد تعريفاً لحكم التحكيم، حيث سكتت هذه القوانين والاتفاقيات عن ذلك، مما يعني تـرك مسألة تعريف الحكم التحكيمي للفقه والقضاء، وذلك باستثناء قانون تنفيذ الأحكام الأجنبية الأردني والذي أورد ما يفهم منه تعريفاً للحكم الأجنبي وذلك في المـادة (٢)، والتي نصت على أنه تعني عبارة (الحكم الأجنبي) الواردة في هذا القـانون كـل حكم صدر من محكمة خارج المملكة الأردنية الهاشمية (بما في ذلـك المـحـاكم الدينية) يتعلق بإجراءات حقوقية ويقضي بدفع مبلغ من المال، أو الحكـم بـعـين منقولة، أو تصفية حساب، ويشمل قرار المحكمين في إجراءات التحكيم إذا كـان ذلك القرار قد أصبح بحكم القانون المعمول به في البلد الذي جرى فيـه التحكيم قابلاً للتنفيذ كقرار صادر من المحكمة في البلد المذكور". وكذلك اتفاقية نيويورك لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية التي أوردت فـي صـلب نصوصها تعريفا لحكم التحكيم في المادة الأولى الفقرة الثانية منها بالقول بقصد بأحكام المحكمين ليس فقط الأحكام الصادرة من محكمين معينين للفصل في حالات محددة، بل أيضاً الأحكام الصادرة من هيئات تحكيم دائمة يحتكم إليها الأطراف". ومن جانبنا لا نعتقد أن التعريف الذي أورده قانون تنفيذ الأحكام الأردني أو اتفاقية نيويورك واضحاً في حد ذاته لاعطاء تعريف صريح لحكم التحكيم. وإن كنا نتمنى على كل من المشرع العراقي والليبي والأردني أن يضمنوا نصوص قوانينهم الوطنية تعريفاً لحكم التحكيم، حيث إن تحديد المقصود من الحكم يعد من الأمور الجوهرية، وذلك لأنه دون غيره من القرارات الأخـرى التـي يـصـدرها المحكمون يكون قابلا للتنفيذ، كما أن المعاهدات الدولية المتعلقة بتنفيـد أحكـام التحكيم تسري على هذا الحكم.
أما بالنسبة للقضاء المقارن فقد عرفت محكمة استئناف باريس – في قضية Surdisud - الحكم التحكيمي بأنه "أعمال المحكمين التي تفصل بطريقة نهائية في كل أو جزء من النزاع المعروض عليهم سواء فـي أسـاس النـزاع أو في ضى الاختصاص أو في إجراءات المحاكمة، وتقضي لوضع حد نهائي للدعوى "وينضح لنا من هذا التعريف أن محكمة الاستئناف بباريس قد أخذت بالتعريف الموسع لحكم التحكيم.
فالحكم التحكيمي وفقا لقرار محكمة استئناف باريس هو( كلمة يجب أن تفهم علـى أنها حكم نهائي يفصل في كل المواضيع المطروحة على المحكمـة التحكيميـة وكذلك يعتبر حكماً تحكيمياً كل قرار صادر عن المحكمة التحكيمية يفصل بشكل نهائي في مسألة تتعلق بموضوع النزاع أيا كانت طبيعتها، أو يفصل فـي مسالة اختصاص المحكمة التحكيمية، أو أي مسألة أخرى تتعلق بالإجراءات ولكن في هذه الحالة الأخيرة بعد قرار المحكمة حكماً تحكيميا فقط إذا قامت محكمة التحكيم بتكليف القرار الصادر عنها بأنه كذلك).
ومن جانبنا نعرف حكم التحكيم القابل للتنفيذ بأنـه هـو الحكم المكتسب حجية الشئ المقضي به الذي يصدره المحكم بشكل كلي أو جزئي بالمسائل المعروضة أمامه).إلا أنه ومع كل ما تقدم، فإن القرار التحكيمي القابل للنفاذ لابد لـه مـن تـوافر مجموعة من الشروط الشكلية والشروط الموضوعية التي تترتب على عدم استيفاء بعضها بطلان قرار التحكيم، ومن ثم عدم إمكانية تنفيذه.