قال ابن فارس : " الحاء ، والكاف ، والميم أصل واحد وهو المنع وأول ذلك الحكم ، وهو المنع من الظلم وسميت حكمة الدابة - ( لجامها )، لأنها تمنعها ويقال : حكمت الدابة وأحكمتها " .
وعن إبراهيم النخعي أنه قال : " حكم اليتيم كما تحكم ولدك ، أي أمنعـه من الفساد وأصلحه كما تصلح ولدك وكما تمنعه من الفساد " .
ثانياً : القضاء
قال ابن سيده :" الحكم القضاء ، وجمعـه أحكـام وقد حكم عليه بالأمر يحكم حكماً
وحكومة وحكم بينهم كذلك والحكم : مصدر قولك حكم بينهم يحكم أي قضى ،
، وحكم له وحكم عليه " .
ثالثاً : العلم والفقه
قال ابن منظور :" والحكم العلم والفقه ، وقال تعالى : ( يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبياً)" ، أي علماً وفقها . وفي الحديث : " إن مـن الـشعر حكما .
رابعا : الإتقان والإبرام .
قال الزبيدي : " أحكمه إحكاماً : أتقنه ، ومنه قولهم للرجل إذا كان حكماً : قد
أحكمته التجارب ، فاستحكم صار محكماً ، وقال تعالى : ( الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) .
وهذه المعاني تختلف فيما بينها ، ولكن هذا الاختلاف هو اختلاف تنوع وليس اختلاف تضاد ، وهذا يبرر دور تسبيب الحكم الذي يأتي ليؤكد حقيقة هذه من منع الظلم وأنه يقضي وينهي الخصومة وذلك إتقان وإبرام وكل هذا متمثل في حكم التحكيم الذي ينبغي أن يكون على هذه الصورة ومشتمل على تلك المعاني .
وفي القرآن الكريم يقول تعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) .
وهو لا يعتبر قاضياً بالمعنى الدقيق ، بالتالي فهو لا يخضع فـي شـروط تعينيه لشروط تنظيم القضاء ، كما أنه لا يحلف اليمين ، ولا يلتزم بالقيام بمهمته بمجرد اختيار الأطراف له بل يلزم قبوله كتابة .
المحكم في معاجم اللغة العربية مصدره مادة ( حكم ) فيقال :" استحكم فـلان إذ جاز فيه حكمه " .
والمحكم بتشديد الكاف مع الفتح هو الذي يفوض إليه الحكم في الشيء ، وقيل هو الرجل المجرب ، من يختار للفصل بين المتنازعين ، قال تعالى : " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها " .
والمحكم ، بالفتح الحكم والفاصل فنقول :" تحكم في الأمر ، أي حكـم فيـه وفصل برأي نفسه ، وتصرف فيه وفق مشيئته ، ويقال حكم بفتحتين وهو منفذ الحكم بين الناس والذي يمنع المظالم ، وهو في معنى القاضي القاطع للأمـور المحكم لها وجمعه حكام ، ويقال : محكم ، بضم الميم وفتح الحـاء وتشديد الكاف المفتوحة ، ومحكم بضم الميم وفتح الحاء وكسر الكاف ، على من يفـوض إليه الحكم في الشيء، أو الشخص الذي يفوض إليه المتنازعات سلطة الفـصل بينهما في نزاعهما " .
تنتهي إجراءات التحكيم بصدور حكم التحكيم الـذي يـصدر فاصـلا فـي الخصومة ويتم تبليغه للأطراف وعندئذ تتخذ الإجراءات الخاصة بتنفيذه .
ويستخدم الباحـث مصطلح الحكم التحكيمي أو حكم التحكيم بدلاً من قرار التحكيم تمشياً مع غالبيـة التسمية المستخدمة من قبل التشريعات العربية وعلى وجـه الخـصوص قـانون المرافعات الليبي وقانون التحكيم المصري رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ .
أما بالنسبة للقضاء المقارن فقد عرفت محكمة استئناف باريس في حكم لهـا حكم التحكيم بأنه : " أعمال المحكمين التي تفصل بطريقة نهائية في كـل أو فـي جزء من النزاع المعروض عليهم سواء في أساس النزاع أو في الاختصاص أو في إجراءات المحاكمة وتقضي بوضع حد نهائي للدعوى .
ويتضح من هذا التعريف أن محكمة استئناف باريس قد أخـذت بالتعريف الموسع لحكم التحكيم .
