١- يقصد بالحكم القرار الذي تصدره محكمة مختصة ومشكلة تشكيلاً صحيحاً في خصومة رفعت إليها وفق قواعد المرافعات، سواء أكان صادراً في موضوع الخصومة أو في شق منها أو في مسألة متفرعة عنه. وهكذا فإن للحكم أركاناً جوهرية ثلاثة هي:
1- أن يصدر من محكمة تتبع جهة قضائية.
2- أن يصدر في خصومة.
3- أن يكون مكتوباً في محرر.
فإذا فقد الحكم أحد هذه الأركان أو ناله عيب جوهري أصاب كيانه فإنه يفقد صفته كحكم، كما لو صدر من شخص أو جهة لا يخولها القانون ولاية إصداره )، أو لم يُفرغ في محرر مكتوب، أو صدر في غير خصومة معقودة طبقاً للقانون، أو صدر في شكل توصية لأحد الطرفين للقيام بعمل ما أو إمتناع، والقرار الذي يخلو من بيان اسم من أصدره أو أسماء الخصوم أو الإلزام الذي يفرضه على هؤلاء أو بعضهم، والقرار الذي يتضمن تعهد كل طرف بالقيام بعمل أو إمتناع ودفع مبلغ من المال في حالة الإخلال بالتزامه، والمحرر الذي يخلو من بيان وقائع النزاع، والقرار الذي لا يقبل التنفيذ مباشرة بعد شموله بالصيغة التنفيذية... إلخ .
والقرار الذي يفتقد أحد الأركان الجوهرية للأحكام يعتبر هو والعدم سواء، أما إذا شابه عيب ينال من صحته دون أن يمتد إلى طبيعته وكيانه كحكم فإن يكون باطلاً mul وليس متعدماً inexistant. وتجدر الإشارة إلى أهمية التمييز بين الحكم الباطل والحكم المعدوم فالأول يعد قائماً ومنتجاً كل آثاره القانونية إلى أن يُحكم ببطلانه، فإذا إنقضى ميعاد الطعن فيه العدل رئيس الدائرة (۹۱) بمحكمة استئناف القاهرة سابقاً ومساعد وزير حكم الانعدام في الأراضي لعدم وجود اتفاق تحكيم (قضاء الدائرة (٩١) ١٢١ق تحكيم).
(۲) قضاء الدائرة (٩١) بمحكمة استئناف القاهرة بتاريخ ٢٠٠٢/٣/٢٧ في القاهرة
تحصن وأصبحت له حجيته ويعتبر كما لو كان قد صدر صحيحاً في فلا يجوز رفع دعوى مبتدأة بطلب بطلانه كما لا يجوز لقاضي التنفيذ أن يوقف تنفيذه لبطلانه - أما الحكم المعدوم فهو والعدم سواء ولا يرتب أي أثر قانوني، ولا يلزم الطعن فيه للتمسك بإنعدامه وإنما يكفي إنكاره عند التمسك بما اشتمل عليه من قضاء، كما يجوز في أي وقت رفع دعوى مبتدأة بطلب إنعدامه
٣- وإذا كان المقصود عادة بالحكم القرار الملزم الذي يصدر من محكمة تتبع جهة قضائية وينهي النزاع كله ويحوز حجية الأمر المقضي. بيد أن هناك إلى جانب ذلك أحكاماً أخرى منها تلك الصادرة قبل الفصل في الموضوع. فتصدر أثناء نظر الدعوى سواء فيما يتعلق بإثباتها أو أو باتخاذ إجراء وقتي فيها أو في جزء من موضوع النزاع، وهذه الطائفة الأحكام ليس لها كيان مستقل بذواتها، وهي تحسم النزاع على أصل الحق، فلا تنتهي بها ولاية القاضي كما لا يجوز الطعن فيها استقلالاً الحكم المنهي للنزاع كله (٤) كذلك فإن هناك طائفة أخرى من الأحكام تصدر بعد الفصل في موضوع النزاع ومن ذلك الحكم في مصروفات الدعوى والحكم الذي يصدر في أحد الطلبات الموضوعية التي المحكمة الفصل فيها، والحكم بتفسير ما غمض في منطوق الحكم أو خطأ مادي أو حسابي شاب ذلك المنطوق. بتصحيح ٤- وإذا انتقلنا إلى التحكيم لوجدناه قائماً على ركيزتين أساسيتين الأولى هي إرادة الخصوم والثانية إقرار المشرع لهذه الإرادة. فالتحكيم اتفاق على طرح النزاع على أشخاص من الغير ليفصلوا فيه دون المحكمة المختصة أصلاً بذلك. ويبين من ذلك أن التحكيم وليد سلطان الإرادة بيد أن إرادة الخصوم لا تكفي وحدها لخلق نظام التحكيم وانتزاع الخصومات من محاكم السلطة القضائية صاحبة الولاية، بل يجب أن يقر المشرع هذه الإرادة
العدل للتعاون الدولي وحقوق الإنسان. (۹۱) بمحكمة استئناف القاهرة بتاريخ ۲۰۰٥/۹/۲٥ في القضية رقم ۱۱۸، ۱۲۱
ويعترف بها ويضمن تحقيق ما اتجهت إليه من آثار، وبعبارة أخرى أنه ما لم ينص المشرع على جواز التحكيم ويضمن تنفيذ أحكام المحكمين بالقوة الجبرية ما كانت إرادة الخصوم وحدها بكافية لخلق هذا النظام. ومن هنا فإن التحكيم يبدأ بإتفاق الخصوم واختيارهم له كوسيلة وحيدة للفصل في النزاع . سواء كان حالاً أو محتملاً – بصفة نهائية، وينتهي أثر اتفاقهم عند هذا الحد إذ يبدأ تطبيق أحكام القانون فيما يتعلق بإجراءات التحكيم والخصومة أمام هيئة التحكيم والحكم الصادر فيها وتنفيذه وإمكانية الطعن فيه وإجراءات ذلك.
وهكذا قيل ان التحكيم يمر بثلاث مراحل الأولى مرحلة الاتفاق، والثانية فيها تتخذ إجراءات التقاضي بضماناته الجوهرية، والثالثة مرحلة القضاء التي تتمثل في صدور الحكم المنهي للنزاع كله وتنفيذه.
أوله أوسطه نهایته التحكيم = رضاء إجراء قضاء
ويبين من كل ذلك أنه إذا كان التحكيم هو قضاء إختياري وليد سلطان الإرادة، إلا أن دور هذه الإرادة لا يتعدّى التزام الخصوم بحسم النزاع عن طريق التحكيم دون سواه من طرق فض المنازعات، إذ يتولى القانون بعد ذلك تنظيم إجراءات التحكيم والحكم الذي يصدر وقابليته للطعن وإجراءات تنفيذه حتى يحقق من وراء كل ذلك الرقابة على عمل هيئة التحكيم من أجل ضمان استيفاء حكم التحكيم للشروط الشكلية التي فرضها المشرع والتحقق استناد الحكم المذكور إلى اتفاق تحكيم جائز وصحيح، وصدوره بناء على إجراءات تقاضي توافرت فيها كافة الضمانات الأساسية المقررة لمباشرة السلطة القضائية بقطع النظر عن نوع الهيئة التي تتولاها.
حكم التحكيم:
وهديا بما سبق فإنه يقصد بحكم التحكيم - شأنه شأن أحكام القضاء وينحسم به - القرار الذي يحسم النزاع بين الخصوم فهو ثمرة اتفاقهم على اللجوء إلى التحكيم وسلوك إجراءاته، ومن ثم وجب أن يشمل العناصر الجوهرية للأحكام بصفة عامة، فيتضمن الفصل في خصومة محدّدة النزاع بصفة نهائية ويكون قابلاً للتنفيذ مباشرة بعد شموله بالصيغة التنفيذية يتمتع بحجية الأمر المقضي، فلا يعتبر حكم تحكيم القرار الذي يصدر في غير الشكل الذي يتطلبه القانون كأن يكون شفاهة غير مكتوب أو خلواً من بيان أسماء المحكمين وتوقيع أغلبيتهم والقرار الذي يخلو من بيان موضوع النزاع وأسماء الخصوم والإلزام الذي يفرضه عليهم أو بعضهم، يتمثل في تعهد أحد الخصوم أو جميعهم بالقيام بأداء معين مع الإلتزام بشرط جزائي في حالة الإخلال بذلك التعهد ولذلك فقد قُضي بعدم اعتبار حكم تحكيم المحرر الذي خلا من بيان أسماء الخصوم اكتفاء بذكر اسم العائلتين المتخاصمتين، ولم يشتمل على ذكر موضوع النزاع ودفاع الخصوم بشأنه وما فرضه من الزام على كل خصم منهم، وانطوى - بدلاً من كل ذلك تنازلات متبادلة من العائلتين وشرط جزائي في حالة الإخلال بما تعهدت به كل عائلة . وتجدر الإشارة إلى أن محاكم الدولة لا تلتزم بالوصف الذي يطلقه المحكمون أو أطراف النزاع على القرار الصادر بشأنه، لما قانوناً سلطة المحاكم المذكورة وحدها في إعطاء التكييف القانوني من السليم لما يُقدم إليها من محررات وتفسير الغامض منها.
6- وإلى جانب حكم التحكيم المنهي للنزاع كله The Final Award فإن المحكمين قد يصدرون أحكاماً أخرى سواء قبل هذا الحكم وبعده. ومن الطائفة الأولى الأحكام التمهيدية interlocutory التي تصدر بإجراء من إجراءات الإثبات كندب خبير مثلاً، والأحكام الوقتية interim التي تقرر تدابير وقتية أو تحفظية كالأمر بإيداع بضاعة أحد المخازن أو الثلاجات أو بيعها خشية تلفها والأحكام الجزئية Partial التي تفصل في جزء النزاع كالحكم الذي يصدر بتقرير مبدأ المسؤولية ثم إرجاء الفصل في شأن تقدير قيمة التعويض المترتب على تلك المسؤولية أو الذي يُحدد قيمة الأضرار أو الخسائر وإرجاء الفصل من شأن المسؤولية عنهما. وتجدر الإشارة إلى ما هو مقرر في القانون المصري مثلاً من عدم جواز الطعن في أحكام المحكمين التي تصدر قبل إصدار الحكم المنهي للنزاع كله، إلا مع الطعن في هذا الحكم الأخير، بينما تذهب تشريعات أخرى إلى عكس ذلك فتجيز الطعن استقلالاً في أحكام التحكيم القطعية التي تصدر قبل الحكم النهائي کله المنهي للنزاع ومن ذلك مثلاً قانون التحكيم التجاري الدولي لدولة البحرين وقانون المرافعات الهولندي والقانون الدولي الخاص الفيدرالي السويسري .
كما لا تفوت الإشارة كذلك إلى القرار الذي قد تصدره هيئة التحكيم بإثبات شروط التسوية التي تنهي النزاع باتفاق الطرفين وتضمنه تلك الشروط وبه تنتهي إجراءات التحكيم حيث يكون لهذا القرار ما لأحكام المحكمين من قوة بالنسبة للتنفيذ المادة ٤١) من قانون التحكيم المصري رقم ٢٧/ ١٩٩٤) والمادة ٢٦ من لائحة الـ ICC). - وفيما يتعلق بأحكام التحكيم التي تصدر بعد صدور الحكم المنهي للنزاع كله، فإنه يجوز لهيئة التحكيم أن تصدر حكماً يُحدد الملزم بمصاريف التحكيم، ولها أن تصدر قراراً تصحح به ما وقع في قضائها من أخطاء مادية بحتة، كتابية أو حسابية سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم. كما أن لها - ولو بعد انتهاء ميعاد التحكيم – أن إضافياً في طلبات قدمت خلال الإجراءات وأغفلت الفصل فيها. (المادتان ۳۱، ۳۳ من قانون التحكيم التجاري الدولي البحريني، والمواد ٤٩، ٥٠، ٥١ من قانون التحكيم المصري، كما أنها قد تصدر حكماً بتفسير ما وقع في منطوق الحكم المنهي للنزاع من غموض. وسنتناول في هذه الدراسة حكم التحكيم المنهي كله للنزاع حيث إجراءات إصداره من مداولة وصياغة وتسبيب وبيانات جوهرية يلزم إدراجها فيه وميعاد صدوره وإجراءات النطق به وإبلاغه للخصوم وإيداعه إحدى الجهات التي ينص عليها القانون، ثم نعرض لصور الإخلال بالشروط الثقافة الشكلية لصحة حكم التحكيم والعيوب التي قد تصيب صياغته، ودور القانونية في إحكام صياغة الحكم المذكور، وأخيراً ما قد يعتري هذا الحكم من قصور أو تناقض في أسبابه وأثر ذلك فيما يتعلق بصحته وبطلانه.
8- ولعله من المفيد الإشارة مقدماً إلى أن حكم التحكيم يعتبر التوقيع عليه فتسري آثاره وتكون له حجية الأمر المقضي منذ ذلك اليوم يوم شأه شأن أحكام القضاء - ومع ذلك فإن هناك بعض الفروق أهمها أنه لا ينطق بأحكام التحكيم في جلسة علنية، ولا يجوز نشرها أو أي جزء منها إلا بموافقة طرفي التحكيم، ولا يلزم إصدارها باسم الشعب، ولا يشترط عمل مسودة لها وإيداعها ملف التحكيم، ويجوز الإتفاق على صدورها دون تسبيب، ولا يلزم توقيع جميع المشكلة المحكمين هيئة التحكيم بل بل أن لائحة تحكيم غرفة التجارة يكفي توقيع الأغلبية - كما سيجيء الدولية بباريس مثلاً تجيز لرئيس التحكيم إصدار الحكم بمفرده في حالة تحقق الأغلبية). ولا يشترط كذلك حضور كاتب النطق بحكم التحكيم أو توقيعه عليه – وأيضاً فإنه يلزم تدخل قاضي التنفيذ لوضع الصيغة التنفيذية على الحكم المذكور وذلك من أجل ضمان عدم تعارضه مع حكم سبق صدوره من محاكم الدولة في موضوع النزاع وعدم اشتماله على ما يخالف النظام العام، وللتأكد من إيداعه الجهة التي حدّدها القانون وأنه قد تم إعلانه للمحكوم عليه إعلاناً صحيحاً .
أولاً - إجراءات إصدار حكم التحكيم
-9 - (أ) المداولة:
إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من أكثر من محكم واحد فإنه يجب أعضاء الهيئة المذكورة قبل إصدار حكم التحكيم إجراء مداولة بين والمقصود بالمداولة هو تبادل الرأي بشأن نقاط النزاع الواجب جميع الفصل فيها، فيعطى كل محكم مُكنة التعبير عن وجهات نظره وأسانيد بخصوص تلك النقاط والحكم على آراء زملائه بشأنها قبل إصدار الحكم في النزاع. وعلى الرغم من أهمية المداولة وضرورتها فإنه نادراً ما تعنى تشريعان التحكيم بتنظيمها أو حتى النص عليها. وهكذا لم يتناولها القانون النموذج لليونسترال، وسكت عنها القانون الألماني والقانون الهولندي – وفي فرنسا
نص عليها قانون المرافعات الجديد دول بيان كيفية ممارستها، وفي مصر نص عليها قانون التحكيم في المادة (٤٠) وترك لهيئة التحكيم تحديد طريقة إتمامها ما لم يتفق طرفا التحكيم على غير ذلك.
وفي حكم حديث للدائرة (۹۱) بمحكمة استئناف القاهرة قضى بأن: العبارات التي استعملها المحكم صاحب الرأي المخالف) والنصوص الواردة في مذكرته تكفي للدلالة على إجراء المداولة (المطلوبة) هيئة التحكيم، وأن المحكم المذكور الذي رفض التوقيع على الحكم الطعين كان على دراية بمجريات هذه المداولة وأنه قد أبدى لزميليه المحكمين وجهات نظره بشأن الحكم في موضوع النزاع ومعارضته لهما فيما انتهى إليه قضاؤهما فيه وكذا الأسباب التي تحمله، وكل ذلك مما تتحقق به المداولة التي إشترطها القانون قبل إصدار حكم التحكيم...».
١٠- وإجراء المداولة شرط جوهري لصحة إجراءات إصدار حكم التحكيم، وهي إجراء واجب حتى ولو لم يكن هناك نص قانوني يقضي بذلك صراحة. فالمداولة حق لأطراف النزاع يتعلق بحقهم في سماع دفاعهم كما قاعدة أساسية في إصدار الأحكام وكل ذلك يتعلق بضمانات التقاضي، وهي مما يتعلق بالنظام العام وفضلاً عن كل ذلك فإن الإشتراك في المداولة حق لكل محكم وفي نفس الوقت واجب عليه، ولذا فإن عدم إجراء المداولة قبل صدور حكم التحكيم يبطله، كما أن بطلان إجراءات المداولة يؤثر في الحكم فيكون سبباً في بطلانه كذلك. وفيما يتعلق بأفضل أسلوب للمداولة رأى البعض أنه أسلوب المداولة الشفوية في حضور جميع يتيح لكل محكم فرصة الوقوف على آراء باقي زملائه قبل أن لأنه يبدي هو رأيه، بينما يفضل آخرون البدء بتوزيع مشروع مكتوب يتضمن التحكيم تحصيل نقاط النزاع وتتم مناقشتها شفوياً قبل أن يبدي كل محكم رأيه بشأن الموضوع، ثم تجرى بعد ذلك مداولة شفوية بشأن المسائل محل النزاع يعقبها عمل مشروع حكم يعكس المداولة المذكورة، يتم تمريره على المحكمين قبل الموافقة النهائية عليه. وتضمن هذه الطريقة تبادل المناقشة الكتابية مرتين على الأقل يفصل بينهما اجتماع، وهو الأمر الذي يؤدي إلى أعضاء هيئة الناحية الفصل بين فهم الواقع وإثباته من ناحية وتطبيق حكم القانون من الأخرى، الأمر الذي يوفر ضمانة أكيدة للموضوعية واختصار الوقت. وفي رأينا أنه لا توجد طريقة مثلى للمداولة تصلح لكل قضية، بل أن لهيئة التحكيم أن تتفق مقدماً على اختيار أسلوب المداولة الذي يناسب ظروف النزاع المعروض، مع ضرورة ملاحظة أن إدارة المداولة فن (art) يتطلب من رئيس هيئة التحكيم التحلي بالفطنة واللباقة والحزم في آن واحد، هذا إلى جانب الثقة المتبادلة الواجب توافرها بين المحكمين
١١- ولم يفرض القانون المصري أو الفرنسي كغيرهما من شكلاً معيناً لإجراء المداولة، وما لم يتفق طرفا ابعات الحديثة التحكيم على طريقة معينة لإجراء المداولة فإن لهيئة التحكيم تحديد شكل أو طريقة المداولة، فلها أن تقرر إجراء المداولة بحضور جميع الأعضاء أو عن طريق تبادل استمارات الاستبيان questionnaires أو المذكرات أو مشروعات الحكم، أو إجراء المداولة عن طريق التليفون أو الفاكس أو الـE-mail أو التليكونفرانس أو الفيديو كونفرانس )
وإذا كان القانون لم يفرض شكلاً معيناً لإجراء المداولة إلا أنه جميع المحكمين الذين يشكلون هيئة التحكيم في إجراءات المداولة وإلا كانت باطلة بطلاناً يؤثر في الحكم.
١٢- وفي حالة إجراء المداولة التي يتطلبها القانون فإنه يفضّل إثبات حصولها في مدونات حكم التحكيم، ذلك أنه في مثل هذه الحالة لا يجوز إثبات عدم حصول المداولة إلا باتخاذ طريق الطعن بتزوير الحكم المذكور – أما إذا أغفل الحكم بيان حصول المداولة، فإنه لما كان الأصل في الإجراءات أنها قد روعيت ومن ثم يكون عبء إثبات ما يخالف ذلك على عاتق مدعيه، وله أن يقيم الدليل على ذلك بكافة طرق الإثبات مع ملاحظة ما في ذلك من صعوبات
١٣ - يلتزم المحكمون بمراعاة السريّة في إجراءات المداولة فيما بينهم، وسرية المداولة قاعدة مستقرة وملزمة دون حاجة إلى نص خاص، وبذلك يلتزم المحكمون بعدم إفشاء الآراء التي تبادلوها أثناء المداولة، بحيث أنه إذا خالف أحدهم هذه القاعدة فإنه يكون عُرضة للمسؤولية المدنية، دون أن تعتبر تلك المخالفة سبباً لطلب بطلان حكم التحكيم.
١٤ - (ب) عدم توافر الإجماع بين المحكمين:
لا تثور هذه المسألة إلا عندما يكون تشكيل هيئة التحكيم جماعياً أي من أكثر من محكم واحد. وعدم تحقق الإجماع في مثل هذا الحال يؤدي إلى عرقلة إصدار الحكم وقد يمنعه من الصدور تماماً، ومن هنا كانت الحاجة إلى وضع العلاج المناسب، فاكتفت بعض لوائح التحكيم بالنص على أنه في عدم تحقق الإجماع يصدر الحكم بالأغلبية، ومن ذلك المادة (۱/۳۱) من قواعد تحكيم اليونسترال سنة ١٩٧٦، والمادة (٢٧) من لائحة جمعية التحكيم الامريكية (AAA) والمادة (١/١٦) من لائحة مركز تحكيم منازعات الاستثمار (CIRDI) والمادة (۱/۳۱) من لائحة مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي. ذلك فإن اشتراط صدور الحكم بالأغلبية – عند عدم تحقق ذلك
١٥- ومع الإجماع - قد يثير بعض الصعوبات في حالة الاختلاف الحاد بین آراء
(۱) فيليب فوشار وآخرون، المرجع السابق بند ۱۳۷۲ ص ٧٦٢-٧٦٣، ونقض المحكمين على نحو لا يحقق الأغلبية المطلوبة، الأمر الذي قد يمنع إصدار المحكمين، على الرغم حكم التحكيم أو يدفع رئيس هيئة التحكيم إلى الإنضمام إلى رأي أحد م من عدم إقتناعه بصوابه وذلك من أجل تحقيق الأغلبية المطلوبة وحتى لا يتعطل إصدار الحكم إلى ما لا نهاية، ولذلك فقد وجدنا بعض المحكمين وقد حرصوا على أن يضمنوا أسباب الحكم إعتراضهم على منطوق الحكم لعدم مناسبته وأنهم ما وافقوا عليه إلا من أجل تحقيق الأغلبية الإصدار الحكم.
١٦- ومن أجل علاج الصعوبات الناجمة عن عدم تحقيق المطلوبة فقد حرصت بعض لوائح التحكيم على النص على أنه تحقق الأغلبية يقوم رئيس هيئة التحكيم بإصدار الحكم منفرداً، المادة (١/٢٥) من لائحة غرفة التجارة الدولية بباريس (ICC) والمادة (٢٤/ لائحة تحكيم غرف التجارة الأوروبية، والمادة (٣/١٦) محكمة لندن للتحكيم الدولي (LCIA).
۱۷ - ومع ذلك فإن قانون التحكيم النموذجي لليونسترال قد اشترط توافر الأغلبية لإصدار الحكم المادة) (۲۹) وعلى غراره جرت تشريعات بعض الدول مثل قانون التحكيم المصري المادة (١/٤٣)، وقانون المرافعات الفرنسي الجديد (المادة (١٤٧٠، وقانون المرافعات الهولندي المعدل في سنة ١٩٨٦ ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك (المادة ١٠٥٧)، وقانون التحكيم السويدي المعدّل في سنة ١٩٨٤ (المادة ١٦)، وقانون التحكيم الدولي التركي رقم ٠١/٤٦٨٦. ٢٠٠ (المادة ١٣/أ).
١٨- وعلى عكس التشريعات السابقة أخذت بعض القوانين بالحل الذي وضعته لائحة غرفة التجارة الدولية بباريس، ومن ذلك مثلاً المادة (۱۸۹) من القانون الدولي الخاص السويسري والمادة (١/٣٥) من قانون التحكيم الإسباني رقم ٢٠٠٣/٦٠ ، والمادة (۲/۲۸) من مشروع القانون السويدي لسنة ١٩٩٤ . وتجدر الإشارة إلى أن القضاء الفرنسي يأخذ بهذا الحل - ما لم يكن هناك اتفاق على غير ذلك - باعتباره أفضل من اضطرار رئيس هيئة التحكيم للانضمام إلى رأي أحد المحكمين على الرغم من عدم اقتناعه بصوابه أو إصدار قرار بتعذر إصدار حكم التحكيم لعدم تحقق الأغلبية .
۱۹ - (ج) رفض أحد المحكمين الإشتراك في المداولة:
قد يرفض أحد المحكمين الإشتراك في المداولة لتعطيل إصدار حكم التحكيم أو منع صدوره خصوصاً إذا رأى اتجاه زميليه إلى الحكم في غير نقض فرنسي جلسة ،۱۹۸۱/۵/۸ ، مشار إليه في : Revue de l'arbitrage1982. ۹)، وقضاء الدائرة (٦٣) بالمحكمة المذكورة بتاريخ ۱۹۸۸/۲/۱۸ في القضية رقم ٢٦/
صالح الطرف الذي اختاره محكماً، ومثل هذا المسلك يخالف الترام المحكم المشاركة في المداولة بقصد منع بإصدار حكم التحكيم وعدم الإمتناع البية، ولذلك فقد ذهب بعض كما يخالف مبادئ الأخلاق و حسن صدوره الفقه إلى عدم الاعتداد بامتناع المحكم المناقشات بين المداولة ما دام أنه المشاركة في المحكمين وفي إعداد الحكم دون عائق مقبول ولكنه إمتنع. وفي هذا الإتجاه ذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى كان يستطيع الاشتراك في أنه وإن كان عدم إجراء المداولة يُعتبر إخلالاً بمقتضيات حقوق الدفاع، إلا أن مثل هذا الإخلال لا يتحقق في حالة إمتناع المحكم صاحب الرأي المخالف عن إبداء ملاحظاته المفيدة بشأن التعديلات المقترح إدخالها على مشروع الحكم ما دامت قد أتيحت له فرصة إبداء جميع ملاحظاته المذكورة، وهكذا لائحة محكمة لندن فإنه تطبيقاً لذلك نصت المادتان (۱۲) ۲/۲۹) من للتحكيم الدولي على أنه إذا رفض المحكم الإشتراك في المداولة بعد منحه فرصة معقولة للمشاركة، كان لباقي المحكمين المضي في عملية إصدار الحكم دونه (۱) . وبالمثل تقضي لائحة جمعية التحكيم الأمريكية (AAA) بأنه حالة إذا امتنع المحكم عن الاشتراك في المداولة - في غير حالة عزله أو استقالته كان لباقي المحكمين الخيار بين استكمال الإجراءات وإصدار الحكم بمفردهما أو طلب استبدال المحكم المذكور وقد أخذت بذات الحل المادة (٣٥) من لائحة تحكيم المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO)، لائحة مجمع التحكيم بغرفة تجارة استوكهولم. والمادة (٢/٣٢) من أحد وقد تناولت بعض التشريعات الحديثة وضع حلول لامتناع قانون المرافعات ذلك مثلاً المحكمين عن الاشتراك في المداولة، من منه نص على في الألماني لسنة ١٩٩٧ في المادة (٢/١٠٥٢) رفض محكم الاشتراك في المداولة يكون لباقي المحكمين المضي بمفردهما وإصدار الحكم، على أن هذا الحل مقيّد بعدم اتفاق أطراف التحكيم على حل مغاير، وبإلزام المحكمين اللذين في نيتهما اللجوء إلى هذا الحل بأن يحيطا الأطراف علماً بهذه النية قبل تنفيذها وذلك حتى يتمكن هؤلاء من إقناع المحكم الممتنع أو عزله أو استبداله وذات الحل نصت عليه المادة (٢/٦٠٤) من قانون المرافعات النمساوي المعدّل بقانون ٢٠٠٦/١/١٣. وأيضاً يقضي قانون التحكيم السويدي الجديد (المادة ٣٠) بأنه إذا امتنع المحكم - دون مبرر مشروع - عن المشاركة في إصدار قرار هيئة التحكيم المحكمين إصدار الحكم وحدهما (٢). كان لباقي
۲۰ - (د) امتناع أحد المحكمين عن التوقيع على الحكم: الأصل في حالة التشكيل الجماعي لهيئة التحكيم أن يصدر الحكم أعضاء الهيئة المذكورة. وقد تقدم القول أنه قد يتعذر تحقيق إجماع ومن ثم تعين البحث عن حل يضمن إصدار الحكم. بالإجماع فيتم التوقيع عليه من جميع تحقق حالة عدم أنه وهكذا نصت بعض لوائح التحكيم وتشريعاته على في الإجماع يصدر الحكم بالأغلبية التي تقوم بالتوقيع عليه من ذلك مثلاً المادة لائحة الجمعية (۳۱) من قواعد تحكيم ،اليونسترال، والمادة (۲۷) من الأمريكية للتحكيم (۸۸۸) والمادة (١/١٦) من لائحة مركز تسوية منازعات الإستثمار (CIRDI) والمادة (١/٢٥) لائحة تحكيم غرفة التجارة الدولية بباريس (ICC) والمادة (۳۱) من لائحة مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي (CRCICA)، والمادة (٣/٢٦) من لائحة مركز لندن للتحكيم الدولي ،(LCIA) ومن التشريعات الحديثة قانون التحكيم المصري (المادة (١/٤٣، وقانون المرافعات الفرنسي الجديد (المادتان ١٤٧٠، ١٤٧٣)، والمادة (۳/۳۷) من قانون التحكيم الأسباني والمادة (١/١٠٥٧-٣) من قانون المرافعات الهولندي، والمادة (١/٦٠٦) من القانون النمساوي المعدّل بقانون ۲۰۰٦/۱/۱۳، وفي حالة عدم توقيع الأقلية على حكم التحكيم فإن جميع التشريعات سابقة الإشارة توجب إثبات اسباب ذلك في مدونات الحكم المذكور. وتجدر الإشارة إلى أن بيان أسباب عدم توقيع الأقلية يعتبر من بيانات الحكم الجوهرية ويترتب على إغفاله بطلان الحكم.
21 - (هـ) الرأي المخالف Dissenting Opinion-Opinion dissidente عندما يصدر حكم التحكيم بأغلبية الآراء يثور التساؤل هل من حق المحكم المخالف في الرأي (الأقلية) إثبات رأيه المخالف لزملائه في وثيقة مكتوبة ومنفصلة عن حكم التحكيم يقدّمها إلى أطراف النزاع وتعرف في الإصطلاح بالرأي المخالف Dissenting Opinion؟ الفقه الأنجلو امريكي أن إثبات المحكم لرأيه المخالف على النحو المذكور مسألة طبيعية یری تتمشى مع نموذج أحكام المحاكم في نظام الـ(Common Law)، بينما يري فقه الـ (Civil Law) عدم ملاءمة هذا الإجراء وإن لم يقل بعدم مشروعيته. وقد ذهب بعض الفقه الفرنسي إلى حظر الآراء المخالفة للمحكم الأقلية قولاً بأنها تشكل إفشاء لأسرار المداولة – وقد اعترض البعض على هذا الرأي تأسيساً على أن إفشاء أسرار المداولة ليس من أحوال بطلان حكم أن إصدار رأي مخالف قد لا يتضمن بالضرورة إفشاء التحكيم، فضلاً عن لتلك الأسرار متى كان المحكم المخالف لا يكشف آراء زملائه.
التشريعات ولوائح التحكيم التي اتخذت القلة موقفاً صريحاً من مسألة الرأي المخالف. وقد تعمد واضعو قانون اليونسترال ٢٢- وهناك عدد بالغ من النموذجي عدم التعرض لهذه المسألة نظراً لما تثيره من خلاف. ولعل قانون التحكيم الاسباني هو القانون الأوروبي الوحيد الذي يعترف بحق المحكم الأقلية في إثبات رأيه المخالف (۳/۳۷)، ويضاف إليه قانون التحكيم الدولي التركي رقم ۲۰٠١/٤٦٨٦ (المادة (٤/١٤) ، بينما سكت القانون الإنجليزي التعرض لهذه المسألة، وإن كان من الواجب عدم إعتبار هذا السكوت ذلك تجدر الإشارة إلى حكم رفضاً لها خصوصاً في بلد هو مصدرها. ومع حالة سكوت لائحة حديث أيدته محكمة الاستئناف الإنجليزية قضى بأنه في تحكيم جمعية تجارة الحبوب والغذاء (GAFTA) فإنه ليس من حق المحكم الامتناع عن التوقيع على الحكم بدعوى أن أصحاب الأغلبية رفضوا إثبات رأيه عن المخالف في مدوناته، وقد أضافت المحكمة القول في عبارات عامة أنه الخطأ الاعتقاد أن أحكام المحكمين يجب أن تتضمن ذكر الآراء المخالفة الرأي الأغلبية، وأنه من حق أصحاب الأغلبية تقرير إرفاق الرأي المخالف بالحكم أو عدمه دون أن يكون للمحكم الأقلية أي حق في هذا الخصوص. وقد اعترض البعض في ايطاليا على مسألة الرأي المخالف، وان كانوا يفضلون ذكر الأسباب المخالفة في مدونات الحكم دون الأخذ بها، ومع ذلك قضت محكمة النقض الإيطالية بأن إغفال إرفاق الرأي المخالف بحكم التحكيم لا يعتبر من أحوال البطلان المنصوص عليها في المادة (٨٢٩) من قانون المرافعات - ومفاد ذلك أن الرأي المخالف لا يعتبر جزءاً من أسباب حكم التحكيم التي أوجبها المشرع بنص أمر. وممارسة إصدار الرأي المخالف غير مألوفة في هولندا، ومع ذلك لها بعض التطبيقات في التحكيم الدولي، كما أن المادة (٤/٤٨) من لائحة المجمع الهولندي للتحكيم (NAI) لا تسمح بإصدار آراء مخالفة في غير التحكيم الدولي. وعلى الرغم من سكوت التشريع السويدي فإنه من المسلم به بصفة عامة أن للمحكم الأقلية أن يرفق رأيه المخالف بحكم التحكيم وهو ما تؤيده المادة (٤/٣٢) من لائحة مجمع التحكيم التابع لغرفة تجارة استوكهولم (cc stock).
وفي بلجيكا يجوز إثبات الآراء المخالفة من الناحية النظرية، بيد سرية المداولة تحظر نشرها أو إفشاءها. أما الفقه السويسري فإن المسألة تبدو خلافية فيه نظراً لسكوت المادة (۱۸۹) من القانون الدولي الخاص الفيدرالي. فهناك من يرى أن الاعتراف بالرأي المخالف مسألة تتعلق بإجراءات التحكيم، وبالتالي فإنه في حالة عدم وجود اتفاق للأطراف بشأنها يكون لأغلبية المحكمين السماح بإصدار رأي مخالف أو رفض ذلك.
٢٣- وفي رأينا يجب على المحكمين إتخاذ قرارهم بالنسبة إلى السماح بالرأي المخالف أو منعه عند بدء إجراءات التحكيم أو على الأقل قبل البدء في إجراء المداولة وقبل أن يتكون رأي الأغلبية بشأن نقاط النزاع المعروضة - كما أنه إذا لم يكن في الإمكان استبعاد مسألة الآراء المخالفة من التطبيق في العمل فإنه لا أقل من عدم تشجيع هذه الممارسة لأنها تتعارض مع واجب المحافظة على سرية المداولة، وتشجع عدم حيدة المحكم وتكشف عن تحيره وغيرته على مصالح الطرف الذي إختاره محكماً، فضلاً عن أن اصدار رأي مخالف سواء ضمن مدونات الحكم أو مرفقاً قد يُضعف حكم التحكيم عن طريق بيان الحجج التي تساند الطعن فيه. وإذا كان من بد لإصدار رأي مخالف فإننا نفضل إثباته في مدونات الحكم دون إشارة إلى صاحبه مع عدم الأخذ به من الأغلبية.
وأخيراً، تجدر الإشارة إلى ما هو مقرر من أن الرأي المخالف لا جزءاً من حكم التحكيم ولا يعدو أن يكون مجرد تعبير عن رأي صاحبه .
٢٤ - (و) رقابة مركز التحكيم على مشروع الحكم:
مراكز التحكيم طبقاً لقواعده المعمول بها، وبالتالي فـ هذه الرقابة مقصورة على التحكيم المؤسسي الذي يتولى إدارته أحد المسألة الملعلاقة بتلك الرقابة في حالة التحكيم الحر Ad Hoc لأن الحكم الذي يصدر هذا هو من صنع المحكمين وحدهم، أما في التحكيم المؤسسي
التحكيم على إخضاع مشروع الحكم لرقابة مركز التحكيم مثال ذلك المادة (۲۷) من نظام التحكيم الخاص بغرفة التجارة الدولية بباريس (ICC) إذ نقضي
بأن :
يتعين على محكمة التحكيم أن ترفع إلى هيئة التحكيم مشروع حكم التحكيم قبل توقيعه وللهيئة أن تدخل تعديلات تتعلق بالشكل على الحكم ولها أيضاً أن تلفت انتباه محكمة التحكيم إلى مسائل تتعلق بالموضوع دون المساس بما لمحكمة التحكيم من حرية في إصدار الحكم ولا يجوز لمحكمة التحكيم إصدار أي حكم تحكيم دون أن تكون هيئة التحكيم قد وافقت عليه من حيث الشكل.
وبمقتضى هذا النص تلتزم هيئة التحكيم بان ترفع مشروع حكمها إلى المحكمة الدولية للتحكيم International Court of Arbitration of the (ICC (The Court المراجعته وإقراره من حيث الشكل فقط. وهذه المراجعة كونها واجبة في جميع الأحوال، فإن ما تسفر عنه عن ملزمة لهيئة التحكيم والمراجعة هنا مقصورة على التأكد من التحكيم من حيث الشكل وخلوه من أسباب العوار التي قد تعرضه للبطلان في دولة إصداره أو تلك التي قد تؤدي إلى رفض تنفيذه طبقاً لقانون البلد الذي سينفذ في إقليمها، فهي مراجعة لشكل الحكم ولا شأن لها بقرار هيئة التحكيم في موضوع النزاع، وان كان للمحكمة المذكورة ان تبدي ملاحظات بشأن سلامة الحكم من الناحية الموضوعية، بيد أن هذه الملاحظات غير ملزمة بأي حال لهيئة التحكيم، ومن هنا قيل أن مراجعة مشروع حكم التحكيم على نحو خدمة يؤديها جهاز التحكيم (المحكمة) بالغرفة لصالح أطراف النزاع من أجل ضمان سلامة الأحكام وتفادي احتمالات الطعن فيها أو عدم تنفيذها، الأمر الذي يحفظ لتلك الغرفة ونظام التحكيم فيها السمعة الدولية التي يتمتعان بها في أوساط التجارة الدولية. وجدير بالإشارة أن المحكمة الدولية للتحكيم سالفة البيان ليست جهة قضاء (كما قد يفهم من إسمها، فهي ليست محكمة بالمعنى المعروف على الرغم من تسميتها بمحكمة في نصوص لائحة التحكيم الخاصة بغرفة التجارة الدولية (ICC) باللغتين الإنجليزية والفرنسية، فهي جهاز إداري administrative organ مهمته إدارة إجراءات التحكيم التي تجري طبقاً لنظام التحكيم الخاص بالغرفة المذكورة والإشراف عليها، ولا شأن له بموضوع القضية التحكيمية أو مدى أحقية كل طرف فيها فيما يدعيه أو ما إليه هيئة التحكيم من قضاء في موضوع النزاع .
٢٥- وفي دعوى بطلان حكم تحكيم صادر طبقاً لنظام غرفة التجارة ١٣٥ - ۱۳٩٨ ص ۷۷۷-۷۷۸ الدولية بباريس إستندت المدعية فيها - ضمن أسباب أخرى - إلى القول أن قيام محكمة التحكيم الدولية بتلك الغرفة بمراجعة مشروع الحكم يعتبر مشاركة منها في إصدار حكم التحكيم الطعين في حين أنها ليست من هيئة التحكيم المشكلة بإتفاق الطرفين والتي هي وحدها صاحبة ولاية اصداره الأمر الذي يعيب الحكم بالبطلان وقد رفضت المحكمة هذا الدفع وقالت تأسيس ذلك أن - هذا الدفع - غير مقبول وغير سديد، فهو غير مقبول بموجب شرط التحكيم الوارد في عقد النزاع ارتضت الشركة المدعية إخضاع إجراءات التحكيم للقواعد الواردة بنظام التحكيم الخاص بغرفة التجارة الدولية بباريس وإسناد إدارتها إلى الجهاز المختص بذلك في هذه الغرفة والمسمى «المحكمة الدولية للتحكيم La Cour Internationale) (d'Arbitrage ومؤدى هذا القبول ولازمه قبول المدعية لإختصاصات هذا الجهاز وقرارته ومن ذلك ما جاء بنص المادة (۲۷) من النظام المذكور من التزام هيئة التحكيم برفع مشروع حكمها للجهاز سالف البيان لمراجعته من ناحية الشكل فقط...، كما أنه نعي غير سديد، ذلك أن محكمة التحكيم المذكورة ليست جهة قضاء وتتكون من (١٢٤) عضواً من خبراء التحكيم في (٨٦) دولة، وعملهم مقصور على التأكد من سلامة حكم التحكيم من حيث الشكل وخلوه من أسباب العوار التي قد تعرضه للبطلان في دولة إصداره أو تلك التي قد تؤدي إلى رفض تنفيذه طبقاً لقانون البلد الذي سينفذ في إقليمه، فالمراجعة هنا مقصورة على الشكل ولا شأن لها بقرار هيئة التحكيم في موضوع النزاع، وإن كان لها تقديم ملاحظات بشأن سلامة الحكم من الناحية الموضوعية، بيد أن هذه الملاحظات غير ملزمة بأي حال لهيئة التحكيم...]).
٢٦- (ز) ميعاد إصدار حكم التحكيم:
لأنه يقصد بميعاد إصدار حكم التحكيم المهلة المحدّدة لإصداره وبانتهائها خصومة التحكيم، وتمثل هذه المهلة القيد الزمني على سلطة المحكم للفصل في النزاع محل التحكيم بحيث تنقضي هذه السلطة وتزول بانتهاء تلك المهلة أو بصدور حكم التحكيم المنهي للنزاع أيهما أقرب. ويعتبر تحديد مهلة معينة لإصدار الحكم المذكور من المزايا الجوهرية لنظام يؤدي إلى سرعة الفصل في النزاع ويجتنب مساوئ بطء التقاضي أمام جهات القضاء، كما أنه يضمن عدم إطالة أمد الخصومة أمام التحكيم التحكيم إلى أجل غير مسمى بحيث يمنع مخاطر إنكار العدالة Denier la هنا فقد حظرت محكمة النقض الفرنسية على المحكمين مد المهلة التي اتفق عليها الطرفان لإصدار الحكم من اعتباراً بأن تلقاء أنفسهم أهلية مد تلك المهلة مقصورة على أطراف التحكيم أو سلطة خارجة عنهم، وقالت في ذلك ان قيام المحكمين بمد مهلة التحكيم من تلقاء أنفسهم Justice. ومن يخالف النظامين العام الداخلي والدولي معاً، ويتناقض مع الطبيعة الإتفاقية أو الاختيارية للتحكيم .
۲۷ - والأصل أن يقوم أطراف التحكيم بتحديد المهلة التي يجب على المحكمين إصدار حكمهم خلالها، بيد أنه قد يحدث ألا يحدد هؤلاء الأطراف تلك المهلة تاركين أمر تحديدها إلى آلية معينة يختارونها إما مباشرة أو بالإحالة إلى قانون إجرائي معين أو إحدى لوائح التحكيم، فقد يختارون قانوناً إجرائياً يتضمن تحديداً لمهلة إصدار حكم التحكيم أو النص على السلطة المختصة بتحديدها. فالإحالة إلى قانون التحكيم المصري مثلاً تجعل تلك المهلة أثني عشر شهراً من تاريخ بدء إجراءات التحكيم، وفي نفس الوقت يجيز لهيئة التحكيم مد الميعاد المذكور على ألا تزيد فترة المد على ستة أشهر ما لم يتفق الأطراف على مدة أطول (المادة ١/٤٥)، واختيار قانون المرافعات الفرنسي الجديد يجعل مهمة المحكمين (في التحكيم الداخلي) بانقضاء ستة أشهر من تاريخ قبول آخرهم لمهمته مع جواز مد هذه الفترة باتفاق الطرفين أو الجهة القضائية المشار إليها في المادة (١٤٥٦) من القانون المذكور.
٢٨- وقد يختار أطراف التحكيم الإحالة إلى إحدى لوائح التحكيم réglement d'arbitrage كآلية لتحديد ميعاد إصدار حكم التحكيم، وفي هذه الحالة فإنهم يلتزمون بالقاعدة التي تنص عليها تلك اللائحة بشأن الميعاد المذكور كما لو كانت ناتجة عن اتفاقهم مباشرة، وتعتبر لائحة التحكيم المحال إليها بمثابة القانون الذي يحكم إجراءات التحكيم في هذا الخصوص.
وتجدر الإشارة إلى أن اللوائح المعمول بها في مراكز التحكيم الدولية حكماً واحداً بشأن طريقة تنظيم مسألة المهلة أو الميعاد المختلفة لا تتبع الذي يجب إصدار حكم التحكيم خلاله، فالمادة ١٤ لائحة غرفة التجارة من الدولية (ICC) تحدد مهلة إصدار الحكم بستة أشهر، بيد أنها في نفس الوقت لمحكمة تلك الغرفة The Court مد تلك المهلة بناء على طلب مسبب من هيئة التحكيم أو من تلقاء نفسها إن رأت ضرورة لذلك(۳). وهناك النص على مهلة معينة لإصدار حكم التحكيم في حالة عدم وجود اتفاق بشأنها، وتركت أمر تحديد تلك المهلة لتقدير هيئة سكتت تماماً عن التحكيم بحيث تقوم بتحديدها في كل قضية طبقاً لظروفها وملابساتها مثلاً لائحة مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي (CRCICA) ولائحة الجمعية الأمريكية للتحكيم (AAA)، هذه اللوائح الخاصة، ومن ولائحة محكمة لندن للتحكيم الدولي (LCIA).
وتجدر الإشارة إلى أن قواعد تحكيم اليونسترال قد سكتت عن ١٢٢/٤ق تحكيم جلسة ۲۰۰٦/٤/٢٦ وانظر كذلك قضاء الدائرة المذكورة في القضية بعض الأحيان تدق التفرقة بين ما هو متعلق بشكل حكم تحديد أي مهلة لإصدار حكم التحكيم تاركة هذا الأمر لتقدير هيئة التحكيم في كل قضية تحكيمية على استقلال وذلك طبقاً لظروفها وملابساتها الخاصة. هنا فإن إحالة الأطراف على قواعد التحكيم المذكورة و من دون الاتفاق على ميعاد محدد لإصدار حكم التحكيم مفاده تفويض هيئة التحكيم في تحديد المهلة التي تراها مناسبة، وعدم تطبيق حكم المادة (٤٥) من قانون التحكيم سالفة الإشارة. وقد أخذت محكمة استئناف القاهرة بهذا النظر وأيدتها في ذلك محكمة النقض المصرية.
٢٩- وتختلف قوانين التحكيم الحديثة فيما بينها بشأن طريقة تنظيم مهلة إصدار الحكم في حالة عدم وجود إتفاق بين الأطراف بخصوصها، فمن تلك القوانين ما ينص على ميعاد محدد الإصدار حكم التحكيم دون تمييز في ذلك بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي مثال ذلك القانون المصري والسوري والأردني والسعودي والكويتي والعماني والقطري والعراقي والليبي والمغربي ودولة الإمارات العربية المتحدة، والقانون الهندي والبلجيكي والسويدي – وتوجد قوانين أخرى تنص على مهلة لإصدار حكم التحكيم الداخلي دون التحكيم الدولي مثل القانون الفرنسي والبحريني والتونسي واللبناني – في حين سكتت بعض القوانين تماماً عن النص على مهلة لإصدار حكم التحكيم في حالة عدم وجود اتفاق بشأنها كما هو الحال بالنسبة إلى القانون اليمني وقانون المرافعات النمساوي المعدّل سنة ٢٠٠٦. وأخيراً فإن هناك تشريعات نصت صراحة على أن يترك أمر تحديد المهلة المناسبة لإصدار الحكم لهيئة التحكيم مثال ذلك قانون المرافعات الهولندي.
۳۰ - وطبقاً لقانون التحكيم المصري فإن تحديد مهلة إصدار حكم التحكيم متروك بحسب الأصل لإتفاق الأطراف – ولذلك فقد جرت المادة (٤٥) على أنه (١- على هيئة التحكيم إصدار الحكم المنهي للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليه الطرفان فإن لم يوجد اتفاق وجب الحكم خلال أثني عشر شهراً من تاريخ بدء إجراءات التحكيم. وفي جميع الأحوال يجوز أن تقرر هيئة التحكيم مد الميعاد على ألا تزيد فترة المد على ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك. ٢- وإذا لم يصدر حكم التحكيم خلال الميعاد المشار إليه في الفقرة السابقة جاز لأي من طرفي التحكيم أن يطلب من رئيس المحكمة المشار إليها في المادة (٩) من هذا القانون أن يُصدر أمراً بتحديد ميعاد إضافي أو بإنهاء إجراءات التحكيم. ويكون لأي من الطرفين عندئذ رفع دعواه إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظرها). وغني عن البيان أن القاعدة التي تتضمنها هذه المادة مقررة أو مكملة وليست ،آمرة ذلك أن حكمها لا ينطبق إلا إذا لم يتفق الطرفان على تحديد مهلة معينة لإصدار الحكم المنهي للخصومة كلها (؟) ومن هنا فإن انتهاء المهلة المنصوص عليها في المادة (٤٥) المذكورة لا يؤدي بذاته إلى إنهاء إجراءات التحكيم ما لم يصدر رئيس المحكمة المشار إليها في المادة (٩) قراراً بذلك، وبصدور مثل هذا القرار يكون لأي من الطرفين رفع دعواه إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظرها). ومن هنا فإن استمرار الخصوم في متابعة إجراءات التحكيم والمشاركة في جلساته بعد إنتهاء المدة المتفق عليها لإصدار حكم التحكيم دون إعتراض على تجاوز يعتبر نزولاً ضمنياً عن الحق في الاعتراض أو التمسك بانتهاء مدة التحكيم .
۳۱- (ح) شكل حكم التحكيم
أن حكم التحكيم المنهي للخصومة كلها يحوز حجية الأمر المقضي وبه تنتهي إجراءات التحكيم، فهو الغاية النهائية من إتفاق التحكيم وإجراءاته، كما أنه واجب النفاذ جبراً بعد صدور الأمر بتنفيذه من السلطة القضائية المختصة بعد التحقق من استيفائه للشروط التي يتطلبها القانون لذلك، ومن هنا وجب إفراغ محتوى الحكم وما انتهى إليه من قضاء في شكل معين له كيان مادي ملموس ينبئ عن كل ذلك، ويفرض القانون في هذا الشكل شروطاً معينة يجب توافرها من أجل ضمان سلامة الحكم وخلوه من العوار من ناحية، وحتى يمكن تنفيذه أو الطعن فيه من الناحية الأخرى. ومن هنا وجب يكون حكم التحكيم مكتوباً وأن يتضمن عدداً البيانات الإلزامية أو من الجوهرية التي يترتب على إغفالها أو بعضها بطلان الحكم. على انه تجدر الإشارة إلى أن حكم التحكيم يختلف عن الأحكام التي تصدرها السلطة القضائية، ذلك أنه لا ينطق به في جلسة علنية، ولا يصدر باسم السلطة العليا في البلاد أو الحاكم ولا يوجب القانون كتابة مسودة له وإيداعها ملف التحكيم، ولا يوجب توقيع جميع المحكمين عليه، كما لا يوجب توقيع كاتب على الحكم أو حضور النطق به.
٣٢- أولاً: شرط الكتابة:
حكم التحكيم لا يكون إلا مكتوباً، فالكتابة هنا ليست مجرد وسيلة إثبات بل هي شرط لوجود الحكم، فالحكم الشفوي أو غير المكتوب هو والعدم سواء فكتابة الحكم المذكور شرط يُمليه المنطق وذلك لأن الكتابة ضرورية لاستيفاء الحكم لشروطه الشكلية والموضوعية كما أنها لازمة لاكتسابه حجية الأمر المقضي والطعن فيه وإصدار الأمر بتنفيذه، ومن للتأكد من هنا فقد نصت غالبية تشريعات التحكيم الحديثة على إشتراط صدور حكم كتابة (١). وتجدر الإشارة إلى أن قانون التحكيم الإسباني رقم ۲۰۰۳ قد ساير التطورات التقنية الحديثة فلم يكتف بمجرد النص على اشتراط كتابة حكم التحكيم بل اعتبره قد صدر كتابة إذا كانت بياناته وما به من توقيعات ثابتة على سند إلكتروني support électronique أو مرئي optique أو أي شكل آخر type ما دام في الإمكان استرجاعه والإطلاع وقت لاحق (المادة ٣/٣٧).
٣٣- وفي الحقيقة ان شرط كتابة حكم التحكيم أمر يقضي به المنطق
أن يُفهم كما سبق البيان، ولذلك فإنه حتى بالنسبة إلى التشريعات التي ضمناً وذلك من ضرورة إشتمال عليه صراحة فإن هذا الشرط لا بد حكم التحكيم على بيان أسماء الخصوم وعناوينهم وأسماء المحكمين الذين أصدروه وإشتراط توقيع هيئة التحكيم أو أغلبيتها عليه وذكر عدم توقيع وبيان أسباب الحكم وتاريخ ومكان صدوره واشتراط تسليم كل طرف نسخة موقعة من الحكم ووجوب إيداعه أو صورة موقعة عنه قلم کتاب محكمة أو جهة إدارية مختصة، والنص على أن يوضع أمر التنفيذ على أصل الحكم، وأن إثبات وجوده يكون بتقديم ذلك الأصل مصحوباً باتفاق التحكيم .
٣٤- وإذ كانت الكتابة لازمة لوجود حكم التحكيم، فقد يثور التساؤل هل يُشترط عمل مسودة لحكم التحكيم وإيداعها ملف التحكيم أسوة بما يتطلبه قانون المرافعات المصري في المادة (١٧٥) بشأن أحكام القضاء؟
والإجابة عن ذلك أن قانون التحكيم المصري وغيره من التشريعات الحديثة المقارنة في حدود ما نعلم لم يرد فيها نص يُلزم بعمل بالنفي تلك المسودة وهو أمر منطقي كذلك لإنتفاء الحكمة التي أوجبتها بالنسبة إلى أحكام القضاء .
٣٥ ثانياً : البيانات الإلزامية Les mentions obligatoires:
حكم التحكيم الذي يحسم الأمر المقضي منذ صدوره الطرفين ويتمتع بحجية کله بین النزاع عدداً البيانات الجوهرية التي لا بد أن يتضمن من لا غنى عنها في أي حكم سواء كان صادراً من محاكم الدولة أو من محكمين مختارين، وذلك لأنها بيانات يقضي بها المنطق السليم منها مثلاً التعريف بأطراف النزاع والمحكمين الذين أصدروا حكم التحكيم وتوقيعاتهم عدم بيانها قد يؤدي إلى صعوبات عند تنفيذ وتاريخ ومكان إصداره، كما أن ذلك الحكم فقد لا تعتبرها المحكمة المختصة بالتنفيذ أحكاماً.
إغفال هذا البيان الأخير، فضلاً عن عدم تسبيب الحكم أو بيان تاريخ صدوره وأسماء المحكمين الذين أصدروه المواد ٢/١٤٧١، ١٤٧٣، ١٤٨٠). ٣٨- وتشترط المادة (۳/۳۷) (٤ (٥) من قانون التحكيم الإسباني رقم ٢٠٠٣/٦٠ أن يشتمل حكم التحكيم على توقيع المحكمين الذين أصدروه والآراء المخالفة إن وجدت - وفي حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من محكم واحد يكفي توقيع أغلبية الأعضاء أو توقيع رئيس الهيئة منفرداً مع بيان سبب عدم توقيع كل عضو ممتنع كما يجب أن يكون الحكم مسبباً ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك أو كان الحكم بإثبات ما اتفقا عليه لإنهاء النزاع، وأن يتضمن بيان مكان إجراء التحكيم الذي سيعتبر لصدور الحكم.
٣٩- قانون المرافعات النمساوي المعدّل بقانون ٢٠٠٦/١/١٣ يشترط في المادة (٦٠٦) منه توقيع المحكمين الذين أصدروه، وما لم يكن هناك اتفاق على غير ذلك يكفي توقيع أغلبيتهم وفي هذه الحالة سبب عدم توقيع الأقلية. كما يشترط أن يكون الحكم مسبباً، ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك، وأن يتضمن بيان تاريخ ومكان إجراء التحكيم الذي مكاناً لصدور الحكم. ٤٠- وقانون التحكيم الدولي التركي تشترط مادته الرابعة عشرة أن يشتمل حكم التحكيم على أسماء الخصوم وألقابهم وصفاتهم وعناوينهم وممثليهم ووكلائهم حسب الأحوال، وأسباب الحكم وتاريخ ومكان إصدار الحكم، وأسماء المحكمين وألقابهم وتوقيعاتهم وآرائهم المخالفة إن وجدت، مع ذكر أن الحكم يقبل الطعن فيه بالبطلان.
٤١ - وفي قانون المرافعات الهولندي جرت المادة (١٠٥٧) على أن يتضمن الحكم أسماء المحكمين وعناوينهم وأسماء الخصوم وعناوينهم، وتاريخ ومكان صدور الحكم، وتوقيع المحكمين الذين أصدروه أو أغلبيتهم مع بيان سبب عدم توقيع الأقلية، وأسباب الحكم إلا في حالتي التحكيم بشأن صفة الأموال أو حالتها (المادة (٤/۱۰۲۰ - أ) أو إثبات اتفاق الطرفين على تسوية للنزاع بينهما المادة (١٠٦٩). وبالنسبة إلى إغفال أحد البيانات المذكورة فإن المادة (١٠٦٥) من القانون لا تقرر جزاء البطلان إلا في حالتي عدم توقيع المحكمين على الحكم وعدم تسبيبه.
٤٢ - أما بالنسبة إلى لوائح التحكيم - فقد عُني الكثير منها ببيان عدد من البيانات الجوهرية التي يجب أن يذكرها الحكم، وقد اتفقت غالبية تلك اللوائح في ضرورة اشتمال حكم التحكيم على بيان تاريخ ومكان إصداره والتوقيع عليه، ومن ذلك المادة (۳۲) من قواعد تحكيم اليونسترال ١٩٧٦) والمادة (۲٥) من نظام التحكيم الخاص بغرفة التجارة الدولية (ICC)، والمادة (۲۸) من لائحة تحكيم الجمعية الأمريكية للتحكيم (AAA)، والمادة ١/٢٦ لائحة تحكيم محكمة لندن للتحكيم الدولي (LCIA)، والمادة ٤/٣٢ من لائحة مركز القاهرة الإقليمي التجاري الدولي (CRCICA) والمادة ٣٤ من لائحة إجراءات التحكيم الخاصة بمركز التحكيم التجاري الخليجي بالبحرين
٤٣- وباستقراء عدداً من ان بيانات الحكم الجوهرية هي: أسماء الخصوم وعنوان كل منهم، واسم تشريعات ولوائح التحكيم المقارنة بين " المحكم أو المحكمين وصفاتهم وعناوينهم، صورة أو ملخص الاتفاق التحكيم وملخص لطلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم، منطوق الحكم. و تاريخ ومكان إصداره، وأسبابه إذا كان ذكرها واجباً، وتوقيع المحكم أو المحكمين الذين أصدروه وفيما يلي نتناول كل من بيانات الحكم المذكور بشيء من التفصيل
٤٤ - أسماء الخصوم وعناوينهم:
الخصوم هم طرفي إجراءات التحكيم وهم المخاطبين بالحكم الصادر في النزاع الذي لا بد أن يتضمن إلزام أحدهما أو كليهما بأداء شيء أو القيام بعمل أو إمتناع ما كذلك فإن حكم التحكيم يجب أن يكون قابلاً للتنفيذ الجبري مباشرة، كما أنه يتمتع بمجرد صدوره بحجية الأمر المقضي إلى أن يُقضى بإلغائه أو بطلانه ومن ثم تمتنع على الخصوم فيه إعادة طرح النزاع محله مرة أخرى أمام القضاء، كما أن بيان اسماء الخصوم في الحكم شرط لازم لإمكان تنفيذه مباشرة، ولذلك كله يعتبر هذا البيان من المقومات الأساسية اللازمة لوجود حكم التحكيم فيترتب البطلان على إغفاله دون حاجة إلى نص خاص. وقد جرى قضاء محكمة استئناف القاهرة على عدم إعتباره حكم تحكيم بالمعنى القانوني المحرر الذي خلا من بيان أسماء الخصوم على نحو ناف للجهالة إذا اكتفى بذكر اسمي العائلتين اللتين ينتمي إليهما طرفا النزاع، والمحرر الذي يتضمن إلزاماً بأداء عمل ما قفل باب وفتح نافذة والإمتناع عن القيام بعمل آخر دون بيان الطرف الملزم بكل ذلك إعتباراً بأنه إلزام لا يقبل التنفيذ مباشرة فلا حكماً .
ومن ناحية أخرى يعتبر ذكر عنوان الخصوم من بيانات الحكم الضرورية التي يقضي بها المنطق فهي لازمة لإعلان الحكم وتنفيذه والطعن فيه. ومع ذلك لم يعتبره القانون الفرنسي والهولندي والتركي والبلجيكي والألماني من أسباب البطلان وفي مصر قضت محكمة استئناف القاهرة في دعوى بطلان بعدم إعتبار إغفال حكم التحكيم بيان مركز الشركة المحتكمة سبباً لبطلان ذلك الحكم ما دام أن ذلك الإغفال ليس من شأنه التجهيل بتلك الشركة أو علاقتها بحكم التحكيم الطعين ولم يمنع المدعي من إعلانها بصحيفة إفتتاح دعوى البطلان(). ومع المستحسن دائماً بيان عناوين الخصوم بدقة ما أمكن.
٤٥ - أسماء المحكمين وعناوينهم:
بعد بيان أسماء المحكمين . البيانات الجوهرية التي بغيرها لا تكتمل من لحكم التحكيم مقومات وجوده وهو بيان يقضي به المنطق، لأنه لا يمكن لحكم ما أن يصدر من مجهول وبيان اسم المحكم أو المحكمين الذين أصدروا الحكم ضروري للتأكد صحة تشكيل هيئة التحكيم وأن هذا
٤٣- وباستقراء عدداً من ان بيانات الحكم الجوهرية هي: أسماء الخصوم وعنوان كل منهم، واسم تشريعات ولوائح التحكيم المقارنة بين " المحكم أو المحكمين وصفاتهم وعناوينهم، صورة أو ملخص الاتفاق التحكيم وملخص لطلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم، منطوق الحكم. و تاريخ ومكان إصداره، وأسبابه إذا كان ذكرها واجباً، وتوقيع المحكم أو المحكمين الذين أصدروه
وفيما يلي نتناول كل من بيانات الحكم المذكور بشيء من التفصيل
٤٤ - (١) أسماء الخصوم وعناوينهم:
الخصوم هم
طرفي إجراءات التحكيم وهم المخاطبين بالحكم الصادر في النزاع الذي لا بد أن يتضمن إلزام أحدهما أو كليهما بأداء شيء أو القيام بعمل أو إمتناع ما كذلك فإن حكم التحكيم يجب أن يكون قابلاً للتنفيذ الجبري مباشرة، كما أنه يتمتع بمجرد صدوره بحجية الأمر المقضي إلى أن يُقضى بإلغائه أو بطلانه ومن ثم تمتنع على الخصوم فيه إعادة طرح النزاع محله مرة أخرى أمام القضاء، كما أن بيان اسماء الخصوم في الحكم شرط لازم لإمكان تنفيذه مباشرة، ولذلك كله يعتبر هذا البيان من المقومات الأساسية اللازمة لوجود حكم التحكيم فيترتب البطلان على إغفاله دون حاجة إلى نص خاص. وقد جرى قضاء محكمة استئناف القاهرة على عدم إعتباره حكم تحكيم بالمعنى القانوني المحرر الذي خلا من بيان أسماء الخصوم على نحو ناف للجهالة إذا اكتفى بذكر اسمي العائلتين اللتين ينتمي إليهما طرفا النزاع، والمحرر الذي يتضمن إلزاماً بأداء عمل ما قفل باب وفتح نافذة والإمتناع عن القيام بعمل آخر دون بيان الطرف الملزم بكل ذلك إعتباراً بأنه إلزام لا يقبل التنفيذ مباشرة فلا حكماً .
ومن ناحية أخرى يعتبر ذكر عنوان الخصوم من بيانات الحكم الضرورية التي يقضي بها المنطق فهي لازمة لإعلان الحكم وتنفيذه والطعن فيه. ومع ذلك لم يعتبره القانون الفرنسي والهولندي والتركي والبلجيكي والألماني من أسباب البطلان وفي مصر قضت محكمة استئناف القاهرة في دعوى بطلان بعدم إعتبار إغفال حكم التحكيم بيان مركز الشركة المحتكمة سبباً لبطلان ذلك الحكم ما دام أن ذلك الإغفال ليس من شأنه التجهيل بتلك الشركة أو
علاقتها بحكم التحكيم الطعين ولم يمنع المدعي من إعلانها بصحيفة إفتتاح دعوى البطلان(). ومع المستحسن دائماً بيان عناوين الخصوم بدقة ما أمكن.
٤٥ - (٢) أسماء المحكمين وعناوينهم:
بعد بيان أسماء المحكمين . البيانات الجوهرية التي بغيرها لا تكتمل من لحكم التحكيم مقومات وجوده وهو بيان يقضي به المنطق، لأنه لا يمكن لحكم ما أن يصدر من مجهول وبيان اسم المحكم أو المحكمين الذين أصدروا الحكم ضروري للتأكد صحة تشكيل هيئة التحكيم وأن هذا من التشكيل لا يخالف القانون واتفاق الطرفين - وغني عن البيان أن المحكم يستمد ولايته للحكم في النزاع من اتفاق التحكيم مباشرة، ولذلك يكاد لا يخلو تشريع من تشريعات التحكيم الحديثة من النص على وجوب ذكر اسم المحكم أو المحكمين في حكم التحكيم و/أو إشتراط توقيع هؤلاء عليه، وخلو هذا الحكم من البيان المذكور يُعدمه أو يبطله على الأقل.
٤٦ - كذلك توجب بعض التشريعات بيان عنوان المحكم إضافة إلى ذكر اسمه كالقانون المصري (٣/٤٣) والأردني (٤١/ج) والبلجيكي (۱۷۰۱/٥-أ) والقانون الهولندي ٤/١٠٥٧-أ) لا ترتب ذلك فهي البطلان كجزاء على إغفال هذا البيان في حكم التحكيم، كما أن غالبية تشريعات التحكيم الحديثة لا تعتبر عنوان المحكم أو المحكمين ضمن البيانات الإلزامية لحكم التحكيم ومن ذلك مثلاً: القانون النمساوي (المادة (٦٠٦ والفرنسي (المادة ١٤٧٢) والسويدي لسنة ۱۹۹۹ (المادة (۳۱) والقانون الإنجليزي لسنة ١٩٩٦ المادتان (٥٢-٥٣)، والإيطالي (المادة ٨٢٣) والقانون الألماني (المادة (١٠٥٤) والتركي (المادة ١٤) واللبناني (المادة (٥/٨٠٠) والبحريني الدولي (المادة ٣١).
٤٧- وتنص بعض التشريعات على إعتبار جنسية المحكمين ضمن ذلك مثلاً قانون التحكيم المصري بيانات حكم التحكيم الإلزامية ومن (المادة ٣/٤٣) وقانون التحكيم الأردني (٤١/ج). وفي رأينا أنه لا يترتب على إغفال هذا البيان بطلان حكم التحكيم، خصوصاً إذا لم تكن جنسية المحكم محل إعتبار لدى أطراف التحكيم، أو لم يكن لإغفال البيان المذكور أي أثر في قضاء الحكم. وكذلك لا يقبل من ذلك أن على حكم التحكيم الطرف الذي إختار المحكم أو شارك في ينعي أو عنوانه (۱). إغفال بيان جنسيته
وأخيراً فإن غالبية تشريعات التحكيم الحديث لا تستلزم ذكر جنسية المحكم في مدونات الحكم، ومن ذلك قانون اليونسترال النموذجي، والقانون التركي والألماني والفرنسي والبلجيكي والإنجليزي والهولندي والإيطالي قوانين مملكة البحرين ودول قطر والإمارات العربية فضلاً والنمساوي،
المتحدة ولبنان...
٤٨ - (3) صورة من إتفاق التحكيم:
ولما كان إتفاق التحكيم هو دستوره وأساس مشروعيته ومنه يستمد المحكم سلطته في الفصل في النزاع، كما يُعد الأساس القانوني المباشر اختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة في الفصل محله لإخراج النزاع من قضاء الدائرة (۹۱) بمحكمة استئناف القاهرة بتاريخ ٢٠٠٦/٤/٢٦ في تحكيم.
في المنازعات، ويترتب على عدم وجود الإتفاق المذكور إنعدام حكم التحكيم واعتباره كأن لم يكن وذلك لإنعدام ولاية المحكم في إصداره، كما يقع باطلاً الحكم الذي يفصل في مسائل لا يشملها إتفاق التحكيم أو تجاوز حدود هذا الاتفاق ولذلك حرصت بعض التشريعات على ضرورة أن يشتمل حكم التحكيم على صورة من إتفاق التحكيم مثل التشريع المصري (المادة (٣/٤٣) والقطري (المادة) (۲۰۲) والإماراتي (المادة ٥/٥١٢) - وقد اكتفى القانون الأردني بوجوب اشتمال الحكم على ملخص لاتفاق التحكيم. وقد اعتبرت محكمة النقض المصرية عدم اشتمال حكم التحكيم على صورة من وثيقة التحكيم حالات بطلان الحكم حتى ولو كانت هذه الوثيقة قد من قلم كتاب المحكمة المختصة، وذلك تأسيساً على ضرورة أن أودعت يستكمل الحكم بذاته شرائط صحته.
٤٩- والحكمة من ضرورة إشتمال الحكم على صورة من اتفاق ضمان الرقابة على مدى التزام المحكم بحدود ذلك الإتفاق، فيكفي الإطلاع على مدونات الحكم لمعرفة هل فصل في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو تجاوزه. ومن هنا فإن إشتمال الحكم على بيان نقاط النزاع وطلبات الخصوم التي فصل فيها دون إعتراض من أحد الخصوم يحقق الغاية من ضرورة اشتمال الحكم على صورة من إتفاق التحكيم ومع درءاً لاحتمال الطعن بدعوى عدم اشتمال الحكم على صورة من التحكيم، يكون من الأفضل إثبات نص شرط التحكيم أو مشارطته في مدونات الحكم، على أنه إذا كان الشرط المذكور قد ورد في كواحد من بنوده فإنه يكفي إشتمال حكم التحكيم على نص هذا البند فقط دون باقي بنود ذلك العقد .
٥٠ ملخص طلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم:
اتفاق أحد العقود
تشترط بعض قوانين التحكيم إشتمال حكم التحكيم على بيان ملخص لطلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم من ذلك مثلاً المادة ٣/٤٣ من القانون المصري والمادة ١٤٧١ من قانون المرافعات الفرنسي الجديد، والهدف من اشتراط ذكر تلك البيانات في الحكم هو توفير الرقابة على عمل من إحاطته بموضوع النزاع وطلبات الخصوم فيه ومستنداتهم المحكم للتأكد . وأنها كانت محل إعتبار عند إصدار قضائه. ويلاحظ أن القانون الفرنسي لم يعتبر إغفال البيانات المذكورة سبباً لبطلان حكم التحكيم – كما أن قضاء النقض في مصر نص على أن مجرد إغفال الحكم بيان ملخص أقوال الخصوم لا يعد سبباً لبطلانه إلا إذا كانت هذه الأقوال تتضمن دفاعاً جوهرياً لو تم بحثه لتغيرت النتيجة التي انتهى إليها الحكم).
القضية رقم ١٢٢/٤٩ق تحكيم وبتاريخ ٢٠٠٣/٦/٢٩ في القضية رقم ١١٩/٦٩ق ان مع ذلك فإن غالبية التشريعات الحديثة لم تشترط اشتمال الحكم على صورة من اتفاق قانون التحكيم المصري، والمادة ١٤٧٧ من كما جرى قضاء محكمة استئناف القاهرة على أن على بيان دفاع أحد الخصوم الجوهري إيراداً ورداً يعيبه بالإخلال بحق الدفاع ويبطله .
٥١ - (٥) أسباب الحكم:
هذه إن الغاية من تسبيب الأحكام – بصفة عامة هو توفير الرقابة على عمل القاضي والتحقق من حسن إستيعابه لوقائع النزاع ودفاع طرفيه والوقوف على أسباب قضاء المحكمة فيه، وليس لمجرد استكمال شكل الحكم باعتباره ورقة من أوراق المرافعات وذلك حتى يقتنع المطلع على الحكم بعد الته. ومن هنا كان تسبيب أحكام المحكمين ضرورة يقتضيها إعمال رقابة قضاء الدولة على هذه الأحكام صيانة لحقوق الدفاع حتى لا ينقلب التحكيم إلى وسيلة تحكيمية arbitraire في يد المحكم. ولذلك فقد حرصت غالبية تشريعات التحكيم الحديثة على إشتراط تسبيب حكم التحكيم، ومن التشريعات من فرض شرط التسبيب دون إعتبار لإرادة الطرفين وقرر جزاء البطلان على تخلف الشرط المذكور مثال ذلك قانون المرافعات الفرنسي الجديد بالنسبة إلى التحكيم الداخلي (المادتان ٢/١٤٧١، ١٤٨٠) وقانون المرافعات الهولندي المادتان) ٤/۱۰۰۷، ۱/۱۰٦٥-د)، وقانون المرافعات الإيطالي (المادتان ۳/۸۲۳، ٥/۸۲۹، وقانون القضاء البلجيكي (المادة ٢/١٧٠٤-١) وقانون التحكيم الدولي التركي (المادة ٢/١٤). وهناك تشريعات أخرى أوجبت كذلك تسبيب حكم التحكيم ولكن بشرط عدم إتفاق الطرفين على صدور الحكم دون ذكر أسباب؛ مثلاً قانون التحكيم الإنجليزي لسنة ۱۹۹٦) المادة ٤/٥٢)، وقانون التحكيم المصري (المادة ٢/٤٣) والقانون الأردني (المادة ٤١/ب) وقانون المرافعات اللبناني (المادة ٥/٨٠٠) القانون النمساوي (المادة ٢/٦٠٦) قانون المرافعات الفرنسي الجديد بشأن التحكيم الدولي، إلا إذا اتفق الطرفان على تطبيق القانون الفرنسي على الإجراءات ولم يتفقوا على الإعفاء من التسبيب، أو إختاروا قانوناً للإجراءات يوجب تسبيب الحكم، والقانون الدولي الفيدرالي السويسري (المادة ٢/١٨٩).
المادة (٢٥) ومن ناحيتها حرصت لوائح التحكيم الخاصة الدولية المعروفة على النص على اشتراط تسبيب حكم التحكيم على وجه أو آخر كما هو الحال في لائحة تحكيم غرفة التجارة الدولية بباريس (ICC)، والمادة لائحة مركز تسوية منازعات الاستثمار (ICCID)، في أوجبت لوائح أخرى تسبيب الأحكام ما لم يتفق الطرفان على صدور الحكم ١/٤٧) من (۱) قضاء الدائرة (۹۱) بمحكمة استئناف القاهرة في القضية رقم ١٢٠/٢٣ق ٢٠٠ ببطلان حكم التحكيم لأسباب منها خلته الدائرة بتاريخ ٠٦/١/٢٩ وفي رأينا أن إغفال ذكر البيان الخاص بمكان صدور الحكم يؤدي دائماً إلى بطلانه حتى ولو لم ينص القانون على ذلك صراحة، اعتباراً بأن حكم التحكيم يجب أن يكون دالاً بذاته على جميع بياناته فلا تجوز تكملتها بأي بيان خارجي عنه.
55- (۸) منطوق الحكم:
قضاء الحكم هو القول الفصل في النزاع، والحل الذي أمر به حسماً له بصفة نهائية، وفيه يتمثل الإلزام الذي يفرضه حكم التحكيم على أحد الطرفين أو على كل منهما. كذلك فإن القضاء الوارد في المنطوق هو الذي يكتسب حجية الأمر المقضي، يقبل التنفيذ مباشرة بعد شمول الحكم بالصيغة أن يكون ذلك القضاء صريحاً دون لبس أو التنفيذية، وبالتالي يجب غموض، وأن تكون عبارات المنطوق دالة عليه وبريئة من الذي قد يمنع فهمه ويعوق تنفيذه. وقد عُنيت بعض التشريعات الحديثة بالنص على ضرورة إشتمال حكم التحكيم على منطوق قضائه /disposition ذلك مثلاً القانون المصري (المادة ٣/٤٣)، والقانون Le dispositif من آفة التناقض البلجيكي (المادة ٥/١٧٠١، والمادة (٤/١٠٥٧) من القانون الهولندي.
-٥٦ . وقضاء الحكم - بصفة عامة - ليس هو الوارد في منطوقه وحده وإنما هو ذات القول الفصل في النزاع أياً كان موضعه سواء في الأسباب أو في المنطوق، باعتبار أن أسباب الحكم المرتبطة بمنطوقه إرتباطاً وثيقاً وحدة يرد على المنطوق من قوة الأمر المقضي والمرجع هو حقيقة ما فصلت فيه المحكمة مما تعلق بمنطوقها أو كان هذا الأخير نتيجة تتجزأ يرد عليها ما لها.
وقد ذهبت محكمة النقض الإيطالية إلى أبعد ذلك إذ قضت بعدم من ضرورة إشتمال حكم التحكيم على منطوق مستقل عن الأسباب إذا كان من الممكن إستخلاص قضاء المحكمين في النزاع بصورة مؤكدة من مدوّنات أن قانون المرافعات الإيطالي يعتبر خلو الحكم (4)، وذلك على الرغم من أسباب بطلانه. (المادتان ٤/٨٢٣، حكم التحكيم من المنطوق سبباً من .(٥/٨٢٩ ( إيراداً أو رداً، الأمر الذي يعيبه بانعدام الأسباب والإخلال بحق الدفاع. وانظر أمثلة للنص من قانون المرافعات الهولندي، والمادة (۲/۸۲۹) من قانون المرافعات الإيطالي، المادة هذه المادة الأخيرة لأطراف التحكيم قانون المرافعات الفرنسي الجديد حيث لا من تسبيب الحكم وتقرر المادة (١٤٨٠ البطلان جزاء على عدم تسبيب الحكم المذكور. يسمح نص الأطراف على خلافها – ويحظر القانون التركي م دولي إلا في حالة عدم وجود اتفاق بين Vedat Sevig, La Nouvelle législation turque sur l'arbitrage international: Re de l'arbitrage, 2002, n°1, pp.217-223.
قانون اليونسترال النموذجي (۲/۳۱) وقوانين التحكيم المصري (٢/٤٣) والتركي (٣/١٤) البلجيكي (۱۷۰۱/د)، والنمساوي (٣/٦٠٦) والسويدي (٢/٣١) ال الحكم على تاريخ
۵۷ (۹) التوقيع على الحكم
يكون للحكم وجود قانوني ويعتبر حجة بما إشتمل أن يكون موقعاً ممن أصدره قاضياً كان أو محكماً، وبغير هذا التوقيع يعتبر الحكم معدوماً لا يترتب عليه أي أثر قانوني، ذلك أن توقيع القاضي أو المحكم هو الذي يضفي على الحكم الذي أصدره كل منهما الصفة القانونية. ومن هنا، فقد حرصت التشريعات الحديثة على النص على وجوب إشتمال حكم التحكيم على توقيع المحكم أو المحكمين الذين أصدروه وبطلانه في حالة عدم توقيع هؤلاء. وفي حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من محكم واحد فقد لا يتحقق الإجماع بينهم بالنسبة إلى ما يجب أن يكون عليه القول الفصل في النزاع، ولذلك فإن غالبية التشريعات الحديثة تكتفي في هذه الحالة بتوقيع أغلبية المحكمين بشرط إثبات سبب عدم توقيع الأقلية (١). وقد تحوّطت بعض القوانين لإمكانية إختلاف المحكمين فيما بينهم بصورة لا تتوافر معها أية أغلبية فاكتفت في مثل هذه الحالة بتوقيع رئيس هيئة التحكيم بمفرده على أن يُثبت في ورقة الحكم سبب توقيعه دون سائر المحكمين، ومن هذه التشريعات مثلاً قانون التحكيم السويدي (المادة ۳/۳۰)، والأسباني رقم (۲۰۰۳/۱۰ (المادة (١/٣٥) – وتأخذ بذات الحل بعض لوائح التحكيم الدولية المعروفة مثل المادة (١/٢٥) – من لائحة غرفة التجارة الدولية بباريس (ICC) والمادة (٣/٢٦) من لائحة محكمة لندن للتحكيم الدولي (LCIA).
٥٨ - وإذا كان توقيع أغلبية هيئة التحكيم على الحكم كافياً لإعتباره مستوفياً لشرط التوقيع على الحكم على النحو المتقدم بيانه، إلا أنه أن يشتمل الحكم على بيان جوهري آخر إغفال ذكر هذا السبب في الحكم الأقلية بحيث يعتبر في هذه الحالة يجب توقيع وقد يحدث أن يرفض أحد المحكمين التوقيع على الحكم دون أن يبدي سبباً لذلك وهنا تكفي الإشارة في الحكم إلى امتناع المحكم عن التوقيع وأنه لم يقدم أسباب (۳). وأخيراً تجدر الإشارة إلى أن القانون لا يشترط إفراد محرر مستقل من المحكم الممتنع يتضمّن سبب إمتناعه عن التوقيع على الحكم، إذ يكفي ذكر سبب الإمتناع في ورقة الحكم، ويعتبر هذا السبب المذكور بالحكم لإمتناع الأقلية عن التوقيع حجّة على جميع الأطراف بحيث لا يجوز من هذه التشريعات قانون التحكيم المصري (٣/٤٣)، والانجليزي (٥٢) (۳/۳۷)، وقانون المرافعات الفرنسي (١٤٧٣) والالمان ٠٤١ إثبات ما يخالفه إلا بطريق الطعن بالتزوير .
59- إيداع حكم التحكيم:
يجب على هيئة التحكيم القيام بتسليم كل من طرفي التحكيم صورة التي من الحكم المنهي للخصومة تحمل توقيعات جميع المحكمين أو الأغلية أصدرته. وقد ألزم قانون التحكيم المصري الهيئة التي أصدرت الحكم بتسليم صورة موقعة منه إلى كل من الطرفين خلال ثلاثين يوماً من صدوره (المادة (١/٤٤)، بينما حدّد القانون العراقي ميعاد ثلاثة صدور الحكم لتسليم صورة منه إلى كل من الطرفين وإيداع المختصة بالنزاع (المادة ۲۷۱ مرافعات، أما قانون المرافعات التونسي فإنه لم ينص على أية مهلة في هذا الخصوص. وتبين هذه الأمثلة إختلاف التشريعات في معالجة هذا الموضوع. ومع ذلك تجدر الإشارة إلى أن تسليم حكم التحكيم - في حالة وجود نص قانوني بشأنه – هو ميعاد لا يترتب البطلان على مخالفته، وكل ما في الأمر أنه قد يعرض هيئة التحكيم للمسؤولية المدنية عن التأخير في تسليم الحكم المذكور.
٦٠- وتوجب غالبية تشريعات التحكيم الحديثة إيداع أصل حكم التحكيم أو صورة موقعة منه أمانة (قلم كتاب إحدى محاكم الدولة)، فمنها ما ينص على إيداع الحكم المذكور المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع (٦) ، وتشريعات أخرى تشترط أن يتم ذلك الإيداع بالمحكمة التي صدر حكم التحكيم في دائرتها ، وطائفة ثالثة توجب إيداع الحكم المذكور في المحكمة التي يقع في دائرتها مكان التحكيم، ومن هذه الطائفة الأخيرة القانون الدولي الخاص الفيدرالي السويسري المادة) (۱۹۳)، وقانون المرافعات الهولندي (المادة ١٠٥٨) والمادة (۷۹۳) من قانون أصول المحاكمات اللبناني الجديد (۸).
٦١- وقد حرصت بعض القوانين على النص على مهلة يجب خلالها إيداع حكم التحكيم بالمحكمة المختصة، وقد اختلفت هذه التشريعات فيما بينها بشأن مقدار تلك المهلة، فمنها مثلاً من جعلتها ثلاثين يوماً من تاريخ صدور الحكم كالقانون اليمني الجديد لسنة ۱۹۹۲ (المادة ٥٠)، ومنها من جعلها ثلاثة أيام كالقانون البحريني المادة (۲۳۹) والعراقي (المادة ٢٧١) والقانون المغربي (الفصل (۲/۳۲۰، والمادة (٤٥٢) من قانون المرافعات ، (۳/۰۲)، والأردني (١/٤١) والسويدي (۱/۳۱ (۳/۳۳)، والتركي (٤/١٤)، والاسباني /۱)، والإيطالي (٦/۸۲۳)، والنمساوي (١/٦٠٦) ، والهولندي (٢/١٠٥٧)، والبلجيكي الجزائري وإلى جانب كل ذلك وجدت تشريعات أخرى مكنت تماماً عن الإشارة إلى أية مهلة في هذا الخصوص منها على سبيل المثال: القانون المصري والعماني والفرنسي والسويسري والهولندي واللبناني
-٦٢ وتختلف التشريعات في تحديد من يقع عليه عب، إبداع حكم التحكيم، فمنها من يُلقي هذا الواجب على عاتق هيئة التحكيم أو أحد أعضائها مثل القانون اليمني (٥٠) والجزائري (٤٥٢) والعراقي (۲۷۱)، أما القانون الفرنسي فقد عهد بذلك إلى أحد المحكمين أو أطراف التحكيم (المادة ١٤٧٧)، والقانون السويسري أجاز لأحد طرفي النزاع إبداع صورة طبق الأصل من حكم التحكيم المحكمة السويسرية التي يتبعها مكان التحكيم (١٩٣) كما أن هناك من التشريعات من ألقى بعب، هذا الإيداع على عاتق من صدر حكم التحكيم لصالحه كالقانون المصري (٤٧) والعماني (٤٩). وأخيراً فإن هناك من القوانين التي أوجبت إيداع حكم التحكيم ولكن دون بيان الملزم بذلك كالقانون الهولندي واللبناني والمغربي والبحريني والقطري والكويتي.
-٦٣ ويحقق إيداع حكم التحكيم في إحدى محاكم الدولة أو أي جهة مختصة أخرى من الفوائد ما لا يُمكن جحده، ذلك أن هذا الإيداع يوفر الحماية الضرورية لحكم التحكيم إذ يرفع يد المحكمين عنه فلا تمتد إليه بتعديل أو تغيير بعد صدوره، كما يحفظه من مكان أو التلف في الضياع أمين، وبذلك يسهل الرجوع إليه عند الحاجة، فضلاً عن أنه يؤكد تاريخ صدوره، وكل ذلك بلا شك لازم لحماية حقوق أطراف التحكيم، وأخيراً نجد أن تشريعات كثير من الدول تنص على إعتبار إيداع حكم التحكيم الجهة المختصة من الشروط اللازمة لإصدار الأمر بتنفيذه . ومن هنا فإن التأخير أو التقاعس في إيداع حكم التحكيم الجهة التي حددها القانون قد يعتبر سبباً لمسؤولية هيئة التحكيم إن كانت هي المكلفة قانوناً بذلك الإيداع، فتسأل عندئذ عن الضرر الذي قد يترتب على تأخيرها في هذا الخصوص، وغني عن البيان أن من صدر الحكم لصالحه سيكون هو الطرف الأكثر حرصاً على المبادرة بإيداعه في أسرع وقت ممكن. ونظراً لما لإيداع حكم التحكيم على النحو السالف بيانه من أهمية فقد عنيت بعض لوائح مراكز التحكيم الدولية المعروفة بإلزام هيئة التحكيم بتنفيذ ما يقضي به قانون البلد الذي صدر فيه حكم التحكيم بشأن إبداعه أو تسجيله والتقيد بالمهلة المقررة لذلك .
٦٤ وتثور في العمل من ألت ايات سبباً من أسباب بطلانه، ذلك أن المشرع لم يرتب جزاء على هذا الإبداع الخاطئ، كما أنه ليس من أحوال البطلان المنصوص عليها في المادة (٥٣) من قانون التحكيم المصري على سبيل الحصر (4). ومع ذلك تجدر الإشارة إلى أن إيداع حكم التحكيم قلم كتاب محكمة غير مختصة يجب أن يؤدي إلى منع إصدار الأمر بتنفيذه، ذلك أن المشرع المصري مثلاً قد إشترط تقديم صورة من المحضر الدال على إيداع حكم التحكيم قلم كتاب المحكمة المشار إليها في المادة (٩) من قانون التحكيم ضمن المستندات الواجب إرفاقها بطلب الأمر بتنفيذ الحكم المذكور، وذلك حتى يتحقق القاضي من إيداع هذا الحكم المحكمة المختصة وإلا رفض إصدار الأمر المطلوب. وقد كشفت عدة قضايا عن لجوء البعض إلى إيداع أحكام التحكيم في قلم كتاب محكمة غير مختصة كوسيلة آثمة للغش والتحايل بقصد إخفاء أمر حكم تحكيم (صدر هو الآخر بطريق الغش أو التزوير أو بهما معاً) عن أصحاب الشأن الحقيقيين.
65- صياغة حكم التحكيم
حكم المحكمين هو نهاية المطاف بالنسبة إلى اجراءات التحكيم والغاية التي سعى إليها طرفا النزاع من أجل حسمه بصفة نهائية، ومن ثم وجب إفراغه في الشكل الذي رسمه القانون وإشتماله على جميع البيانات الجوهرية اللازمة لوجوده، وإحكام صياغته على نحو يضمن خلوه من العوار الذي قد يفتح الباب أمام الطعن فيه وإبطاله، فيضيع بذلك الجهد والوقت والمال الذي أنفق في إجراءات التحكيم.
٦٦ وحتى تكون الصياغة محكمة فإنه تجب مراعاة البساطة والوضوح في عبارات الحكم دون إطناب ممل أو إيجاز مخل، كما تلزم مراعاة التسلسل المنطقي في عرض وقائع النزاع وطلبات الخصوم وأوجه دفاعهم، ثم الرد بعد ذلك على كل أوجه الدفاع الجوهرية التي أبداها الخصوم والفصل في جميع طلباتهم، وتقديم الأسباب المؤدية إلى الحل الذي قرره الحكم حسماً للنزاع إذا كان ذكرها واجباً، ذلك أن عدم التسبيب عند لزومه يُعدم الحكم ويفقده مقومات ،وجوده بيد أنه ما دام ليس لمحكمة البطلان مراجعة سلامة الأسباب التي قدمها الحكم لقضائه، فإنه يكفي في هذا الخصوص وجود علاقة منطقية بين تلك الأسباب والمنطوق بقطع النظر عن مدى صحة هذه الأسباب ومطابقتها للواقع والقانون.
-٦٧ - أثر تناقض الأسباب:
القضاء الفرنسي جری لمدة طويلة على إعتبار التناقض في أسباب حكم التحكيم مساوياً لعدم التسبيب فيؤدي إلى بطلان الحكم إذا كان ذكر الأسباب من أحوال الأسباب واجباً، كما اعتبر قانون القضاء البلجيكي تناقض ۲/۲۰۲) بينما نص القانون الكويتي على جعل تلك المهلة عشرة أيام (المادة ١٨٤) أما بطلان حكم التحكيم (المادة (١٧٠٤ / طـ وتبعه في ذلك أيضاً قانون المرافعات الإيطالي (المادة) (٤/۸۲۹) وفي رأينا أن هذا المذهب محل نظر، ذلك أنه يكفي لصحة حكم التحكيم أن يكون مسبباً - إذا كان ذكر الأسباب واجباً - أما مضمون هذه الأسباب أو صحتها فمسألة تخرج عن رقابة قاضي البطلان، وبعبارة أخرى يكفي أن يتضمن الحكم المذكور رداً على إدعاءات الخصوم وأوجه دفاعهم الجوهرية ولا يهم بعد ذلك مضمون هذا الرد أو مدى سلامته من الناحيتين الواقعية والقانونية - اعتباراً بأن البطلان ليست طعناً بالاستئناف على حكم التحكيم. ومن ناحية أخرى، فإنه لا محل للقول أن تناقض الأسباب يشبه عدم ذكرها في الحكم، لأن أنهما متطابقان أو أنهما شيء واحد، ذلك أن خلو الحكم من الأسباب هو عيب شكلي Vice de Form بينما تناقض الأسباب هو Vice de Fond يشوب الواقع ويقع بين الأسباب الواقعية، فهو ليس عيباً شكلياً فلا يكون التناقض بين الأسباب الواقعية والأسباب القانونية، بین الأسباب القانونية، ومن هنا فإن البحث عن تناقض في أسباب الحكم يفرض إبداء الرأي في موضوع النزاع وهو ما يخرج عن نطاق دعوى البطلان. وإذا كان تناقض الأسباب الواقعية في الحكم الذي يصدره قضاء الدولة أسباب الطعن عليه بالنقض، فإن الحال يختلف بالنسبة إلى تناقض أسباب حكم التحكيم، ويرجع ذلك إلى اختلاف دور محكمة النقض بالنسبة إلى الرقابة على قضاء محكمة الموضوع عن الدور المطلوب محكمة من الإستئناف في الرقابة على أحكام التحكيم فتناقض الأسباب الواقعية مثله هنا مثل الغياب الكلي للأسباب كلاهما يُعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على صحة تطبيق القاعدة القانونية على واقع النزاع – الذي يختص قاضي الموضوع وحده باستخلاصه وبالتالي لا يمكن للمحكمة المذكورة الإعتماد في هذا الخصوص على الأسباب المتناقضة، أما رقابة محكمة الإستئناف - كمحكمة بطلان - على حكم التحكيم فإنها لا تتسع لبحث مدى صحة هذا الحكم سواء فيما يتعلق بفهم الواقع أو تطبيق القانون، ومن ثم فإن تناقض الأسباب واقعية كانت أم (قانونية لا يُعجزها عن القيام بدورها أن المحكمين قد تناولوا الرد على التأكد ادعاءات الخصوم وما أبداه كل منهم من دفاع جوهري بقطع النظر عن مدى في الرقابة التي ترمي إلى صواب أو خطأ هذا الرد لأن ذلك يتعلق بموضوع النزاع، ومن هنا فقد استقر قضاء محكمة استئناف القاهرة منذ ۱۹۹۷ على أسباب حكم أن تناقض التحكيم لا يعتبر من أحوال البطلان المنصوص عليها حصراً في المادة (٥٣) من قانون التحكيم). وقد عدل القضاء الفرنسي مؤخراً عن مذهبه الذي كان قد استقر عليه طويلاً إذ قضى بعدم إعتبار تناقض أسباب حكم التحكيم من أحوال بطلانه (۲). كذلك فإن القضاء الإيطالي لا يعتبر تناقض الأسباب مساوياً لغياب التسبيب المعتبر من أحوال البطلان المنصوص عليها في المادة (٨٢٩/ ۱) من قانون المرافعات إلا إذا كان التناقض المذكور بدرجة لا تسمح بمعرفة وبالمثل لا يعتبر تناقض أسباب حكم القرار الوارد في المنطوق التحكيم من أحوال بطلانه طبقاً للقانون الدولي الخاص الفيدرالي السويسري، أما في انجلترا فإن للقاضي أن يطلب إيضاحات من هيئة التحكيم لرفع التناقض الواقع في أسباب حكم التحكيم لرفع التناقض الواقع في أسباب حكم التحكيم وذلك إعمالاً لسلطته طبقاً للفصل (٤/٧٠-ب) من قانون التحكيم سبب لسنة ١٩٩٦.