الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / حكم التحكيم / المجلات العلمية / المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي العدد 41 / حكم التحكيم

  • الاسم

    المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي العدد 41
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    28

التفاصيل طباعة نسخ

حكم التحكيم

 يقصد بحكم التحكيم - شأنه شأن أحكام القضاء وينحسم به - القرار الذي يحسم النزاع بين الخصوم فهو ثمرة اتفاقهم على اللجوء إلى التحكيم وسلوك إجراءاته، ومن ثم وجب أن يشمل العناصر الجوهرية للأحكام بصفة عامة، فيتضمن الفصل في خصومة محدّدة النزاع بصفة نهائية ويكون قابلاً للتنفيذ مباشرة بعد شموله بالصيغة التنفيذية يتمتع بحجية الأمر المقضي، فلا يعتبر حكم تحكيم القرار الذي يصدر في غير الشكل الذي يتطلبه القانون كأن يكون شفاهة غير مكتوب أو خلواً من بيان أسماء المحكمين وتوقيع أغلبيتهم والقرار الذي يخلو من بيان موضوع النزاع وأسماء الخصوم والإلزام الذي يفرضه عليهم أو بعضهم، يتمثل في تعهد أحد الخصوم أو جميعهم بالقيام بأداء معين مع الإلتزام بشرط جزائي في حالة الإخلال بذلك التعهد ولذلك فقد قُضي بعدم اعتبار حكم تحكيم المحرر الذي خلا من بيان أسماء الخصوم اكتفاء بذكر اسم العائلتين المتخاصمتين، ولم يشتمل على ذكر موضوع النزاع ودفاع الخصوم بشأنه وما فرضه من الزام على كل خصم منهم، وانطوى - بدلاً من كل ذلك تنازلات متبادلة من العائلتين وشرط جزائي في حالة الإخلال بما تعهدت به كل عائلة . وتجدر الإشارة إلى أن محاكم الدولة لا تلتزم بالوصف الذي يطلقه المحكمون أو أطراف النزاع على القرار الصادر بشأنه، لما قانوناً سلطة المحاكم المذكورة وحدها في إعطاء التكييف القانوني من السليم لما يُقدم إليها من محررات وتفسير الغامض منها.

6- وإلى جانب حكم التحكيم المنهي للنزاع كله The Final Award فإن المحكمين قد يصدرون أحكاماً أخرى سواء قبل هذا الحكم وبعده. ومن الطائفة الأولى الأحكام التمهيدية interlocutory التي تصدر بإجراء من إجراءات الإثبات كندب خبير مثلاً، والأحكام الوقتية interim التي تقرر تدابير وقتية أو تحفظية كالأمر بإيداع بضاعة أحد المخازن أو الثلاجات أو بيعها خشية تلفها والأحكام الجزئية Partial التي تفصل في جزء النزاع كالحكم الذي يصدر بتقرير مبدأ المسؤولية ثم إرجاء الفصل في شأن تقدير قيمة التعويض المترتب على تلك المسؤولية أو الذي يُحدد قيمة الأضرار أو الخسائر وإرجاء الفصل من شأن المسؤولية عنهما. وتجدر الإشارة إلى ما هو مقرر في القانون المصري مثلاً من عدم جواز الطعن في أحكام المحكمين التي تصدر قبل إصدار الحكم المنهي للنزاع كله، إلا مع الطعن في هذا الحكم الأخير، بينما تذهب تشريعات أخرى إلى عكس ذلك فتجيز الطعن استقلالاً في أحكام التحكيم القطعية التي تصدر قبل الحكم النهائي کله المنهي للنزاع ومن ذلك مثلاً قانون التحكيم التجاري الدولي لدولة البحرين وقانون المرافعات الهولندي والقانون الدولي الخاص الفيدرالي السويسري .

كما لا تفوت الإشارة كذلك إلى القرار الذي قد تصدره هيئة التحكيم بإثبات شروط التسوية التي تنهي النزاع باتفاق الطرفين وتضمنه تلك الشروط وبه تنتهي إجراءات التحكيم حيث يكون لهذا القرار ما لأحكام المحكمين من قوة بالنسبة للتنفيذ المادة ٤١) من قانون التحكيم المصري رقم ٢٧/ ١٩٩٤) والمادة ٢٦ من لائحة الـ ICC). - وفيما يتعلق بأحكام التحكيم التي تصدر بعد صدور الحكم المنهي للنزاع كله، فإنه يجوز لهيئة التحكيم أن تصدر حكماً يُحدد الملزم بمصاريف التحكيم، ولها أن تصدر قراراً تصحح به ما وقع في قضائها من أخطاء مادية بحتة، كتابية أو حسابية سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم. كما أن لها - ولو بعد انتهاء ميعاد التحكيم – أن إضافياً في طلبات قدمت خلال الإجراءات وأغفلت الفصل فيها. (المادتان ۳۱، ۳۳ من قانون التحكيم التجاري الدولي البحريني، والمواد ٤٩، ٥٠، ٥١ من قانون التحكيم المصري، كما أنها قد تصدر حكماً بتفسير ما وقع في منطوق الحكم المنهي للنزاع من غموض. وسنتناول في هذه الدراسة حكم التحكيم المنهي كله للنزاع حيث إجراءات إصداره من مداولة وصياغة وتسبيب وبيانات جوهرية يلزم إدراجها فيه وميعاد صدوره وإجراءات النطق به وإبلاغه للخصوم وإيداعه إحدى الجهات التي ينص عليها القانون، ثم نعرض لصور الإخلال بالشروط الثقافة الشكلية لصحة حكم التحكيم والعيوب التي قد تصيب صياغته، ودور القانونية في إحكام صياغة الحكم المذكور، وأخيراً ما قد يعتري هذا الحكم من قصور أو تناقض في أسبابه وأثر ذلك فيما يتعلق بصحته وبطلانه.

8- ولعله من المفيد الإشارة مقدماً إلى أن حكم التحكيم يعتبر التوقيع عليه فتسري آثاره وتكون له حجية الأمر المقضي منذ ذلك اليوم يوم شأه شأن أحكام القضاء - ومع ذلك فإن هناك بعض الفروق أهمها أنه لا ينطق بأحكام التحكيم في جلسة علنية، ولا يجوز نشرها أو أي جزء منها إلا بموافقة طرفي التحكيم، ولا يلزم إصدارها باسم الشعب، ولا يشترط عمل مسودة لها وإيداعها ملف التحكيم، ويجوز الإتفاق على صدورها دون تسبيب، ولا يلزم توقيع جميع المشكلة المحكمين هيئة التحكيم بل بل أن لائحة تحكيم غرفة التجارة يكفي توقيع الأغلبية - كما سيجيء الدولية بباريس مثلاً تجيز لرئيس التحكيم إصدار الحكم بمفرده في حالة تحقق الأغلبية). ولا يشترط كذلك حضور كاتب النطق بحكم التحكيم أو توقيعه عليه – وأيضاً فإنه يلزم تدخل قاضي التنفيذ لوضع الصيغة التنفيذية على الحكم المذكور وذلك من أجل ضمان عدم تعارضه مع حكم سبق صدوره من محاكم الدولة في موضوع النزاع وعدم اشتماله على ما يخالف النظام العام، وللتأكد من إيداعه الجهة التي حدّدها القانون وأنه قد تم إعلانه للمحكوم عليه إعلاناً صحيحاً .

أولاً - إجراءات إصدار حكم التحكيم

-9 - (أ) المداولة:

إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من أكثر من محكم واحد فإنه يجب أعضاء الهيئة المذكورة قبل إصدار حكم التحكيم إجراء مداولة بين والمقصود بالمداولة هو تبادل الرأي بشأن نقاط النزاع الواجب جميع الفصل فيها، فيعطى كل محكم مُكنة التعبير عن وجهات نظره وأسانيد بخصوص تلك النقاط والحكم على آراء زملائه بشأنها قبل إصدار الحكم في النزاع. وعلى الرغم من أهمية المداولة وضرورتها فإنه نادراً ما تعنى تشريعان التحكيم بتنظيمها أو حتى النص عليها. وهكذا لم يتناولها القانون النموذج لليونسترال، وسكت عنها القانون الألماني والقانون الهولندي – وفي فرنسا

نص عليها قانون المرافعات الجديد دول بيان كيفية ممارستها، وفي مصر نص عليها قانون التحكيم في المادة (٤٠) وترك لهيئة التحكيم تحديد طريقة إتمامها ما لم يتفق طرفا التحكيم على غير ذلك.

وفي حكم حديث للدائرة (۹۱) بمحكمة استئناف القاهرة قضى بأن: العبارات التي استعملها المحكم صاحب الرأي المخالف) والنصوص الواردة في مذكرته تكفي للدلالة على إجراء المداولة (المطلوبة) هيئة التحكيم، وأن المحكم المذكور الذي رفض التوقيع على الحكم الطعين كان على دراية بمجريات هذه المداولة وأنه قد أبدى لزميليه المحكمين وجهات نظره بشأن الحكم في موضوع النزاع ومعارضته لهما فيما انتهى إليه قضاؤهما فيه وكذا الأسباب التي تحمله، وكل ذلك مما تتحقق به المداولة التي إشترطها القانون قبل إصدار حكم التحكيم...». 

١٠- وإجراء المداولة شرط جوهري لصحة إجراءات إصدار حكم التحكيم، وهي إجراء واجب حتى ولو لم يكن هناك نص قانوني يقضي بذلك صراحة. فالمداولة حق لأطراف النزاع يتعلق بحقهم في سماع دفاعهم كما قاعدة أساسية في إصدار الأحكام وكل ذلك يتعلق بضمانات التقاضي، وهي مما يتعلق بالنظام العام وفضلاً عن كل ذلك فإن الإشتراك في المداولة حق لكل محكم وفي نفس الوقت واجب عليه، ولذا فإن عدم إجراء المداولة قبل صدور حكم التحكيم يبطله، كما أن بطلان إجراءات المداولة يؤثر في الحكم فيكون سبباً في بطلانه كذلك. وفيما يتعلق بأفضل أسلوب للمداولة رأى البعض أنه أسلوب المداولة الشفوية في حضور جميع يتيح لكل محكم فرصة الوقوف على آراء باقي زملائه قبل أن لأنه يبدي هو رأيه، بينما يفضل آخرون البدء بتوزيع مشروع مكتوب يتضمن التحكيم تحصيل نقاط النزاع وتتم مناقشتها شفوياً قبل أن يبدي كل محكم رأيه بشأن الموضوع، ثم تجرى بعد ذلك مداولة شفوية بشأن المسائل محل النزاع يعقبها عمل مشروع حكم يعكس المداولة المذكورة، يتم تمريره على المحكمين قبل الموافقة النهائية عليه. وتضمن هذه الطريقة تبادل المناقشة الكتابية مرتين على الأقل يفصل بينهما اجتماع، وهو الأمر الذي يؤدي إلى أعضاء هيئة الناحية الفصل بين فهم الواقع وإثباته من ناحية وتطبيق حكم القانون من الأخرى، الأمر الذي يوفر ضمانة أكيدة للموضوعية واختصار الوقت. وفي رأينا أنه لا توجد طريقة مثلى للمداولة تصلح لكل قضية، بل أن لهيئة التحكيم أن تتفق مقدماً على اختيار أسلوب المداولة الذي يناسب ظروف النزاع المعروض، مع ضرورة ملاحظة أن إدارة المداولة فن (art) يتطلب من رئيس هيئة التحكيم التحلي بالفطنة واللباقة والحزم في آن واحد، هذا إلى جانب الثقة المتبادلة الواجب توافرها بين المحكمين

١١- ولم يفرض القانون المصري أو الفرنسي كغيرهما من شكلاً معيناً لإجراء المداولة، وما لم يتفق طرفا ابعات الحديثة التحكيم على طريقة معينة لإجراء المداولة فإن لهيئة التحكيم تحديد شكل أو طريقة المداولة، فلها أن تقرر إجراء المداولة بحضور جميع الأعضاء أو عن طريق تبادل استمارات الاستبيان questionnaires أو المذكرات أو مشروعات الحكم، أو إجراء المداولة عن طريق التليفون أو الفاكس أو الـE-mail أو التليكونفرانس أو الفيديو كونفرانس )

وإذا كان القانون لم يفرض شكلاً معيناً لإجراء المداولة إلا أنه جميع المحكمين الذين يشكلون هيئة التحكيم في إجراءات المداولة وإلا كانت باطلة بطلاناً يؤثر في الحكم.

١٢- وفي حالة إجراء المداولة التي يتطلبها القانون فإنه يفضّل إثبات حصولها في مدونات حكم التحكيم، ذلك أنه في مثل هذه الحالة لا يجوز إثبات عدم حصول المداولة إلا باتخاذ طريق الطعن بتزوير الحكم المذكور – أما إذا أغفل الحكم بيان حصول المداولة، فإنه لما كان الأصل في الإجراءات أنها قد روعيت ومن ثم يكون عبء إثبات ما يخالف ذلك على عاتق مدعيه، وله أن يقيم الدليل على ذلك بكافة طرق الإثبات مع ملاحظة ما في ذلك من صعوبات 

١٣ - يلتزم المحكمون بمراعاة السريّة في إجراءات المداولة فيما بينهم، وسرية المداولة قاعدة مستقرة وملزمة دون حاجة إلى نص خاص، وبذلك يلتزم المحكمون بعدم إفشاء الآراء التي تبادلوها أثناء المداولة، بحيث أنه إذا خالف أحدهم هذه القاعدة فإنه يكون عُرضة للمسؤولية المدنية، دون أن تعتبر تلك المخالفة سبباً لطلب بطلان حكم التحكيم.

١٤ - (ب) عدم توافر الإجماع بين المحكمين:

لا تثور هذه المسألة إلا عندما يكون تشكيل هيئة التحكيم جماعياً أي من أكثر من محكم واحد. وعدم تحقق الإجماع في مثل هذا الحال يؤدي إلى عرقلة إصدار الحكم وقد يمنعه من الصدور تماماً، ومن هنا كانت الحاجة إلى وضع العلاج المناسب، فاكتفت بعض لوائح التحكيم بالنص على أنه في عدم تحقق الإجماع يصدر الحكم بالأغلبية، ومن ذلك المادة (۱/۳۱) من قواعد تحكيم اليونسترال سنة ١٩٧٦، والمادة (٢٧) من لائحة جمعية التحكيم الامريكية (AAA) والمادة (١/١٦) من لائحة مركز تحكيم منازعات الاستثمار (CIRDI) والمادة (۱/۳۱) من لائحة مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي. ذلك فإن اشتراط صدور الحكم بالأغلبية – عند عدم تحقق ذلك

١٥- ومع الإجماع - قد يثير بعض الصعوبات في حالة الاختلاف الحاد بین آراء

(۱) فيليب فوشار وآخرون، المرجع السابق بند ۱۳۷۲ ص ٧٦٢-٧٦٣، ونقض المحكمين على نحو لا يحقق الأغلبية المطلوبة، الأمر الذي قد يمنع إصدار المحكمين، على الرغم حكم التحكيم أو يدفع رئيس هيئة التحكيم إلى الإنضمام إلى رأي أحد م من عدم إقتناعه بصوابه وذلك من أجل تحقيق الأغلبية المطلوبة وحتى لا يتعطل إصدار الحكم إلى ما لا نهاية، ولذلك فقد وجدنا بعض المحكمين وقد حرصوا على أن يضمنوا أسباب الحكم إعتراضهم على منطوق الحكم لعدم مناسبته وأنهم ما وافقوا عليه إلا من أجل تحقيق الأغلبية الإصدار الحكم.

 ١٦- ومن أجل علاج الصعوبات الناجمة عن عدم تحقيق المطلوبة فقد حرصت بعض لوائح التحكيم على النص على أنه تحقق الأغلبية يقوم رئيس هيئة التحكيم بإصدار الحكم منفرداً، المادة (١/٢٥) من لائحة غرفة التجارة الدولية بباريس (ICC) والمادة (٢٤/ لائحة تحكيم غرف التجارة الأوروبية، والمادة (٣/١٦) محكمة لندن للتحكيم الدولي (LCIA).

۱۷ - ومع ذلك فإن قانون التحكيم النموذجي لليونسترال قد اشترط توافر الأغلبية لإصدار الحكم المادة) (۲۹) وعلى غراره جرت تشريعات بعض الدول مثل قانون التحكيم المصري المادة (١/٤٣)، وقانون المرافعات الفرنسي الجديد (المادة (١٤٧٠، وقانون المرافعات الهولندي المعدل في سنة ١٩٨٦ ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك (المادة ١٠٥٧)، وقانون التحكيم السويدي المعدّل في سنة ١٩٨٤ (المادة ١٦)، وقانون التحكيم الدولي التركي رقم ٠١/٤٦٨٦. ٢٠٠ (المادة ١٣/أ).

١٨- وعلى عكس التشريعات السابقة أخذت بعض القوانين بالحل الذي وضعته لائحة غرفة التجارة الدولية بباريس، ومن ذلك مثلاً المادة (۱۸۹) من القانون الدولي الخاص السويسري والمادة (١/٣٥) من قانون التحكيم الإسباني رقم ٢٠٠٣/٦٠ ، والمادة (۲/۲۸) من مشروع القانون السويدي لسنة ١٩٩٤ . وتجدر الإشارة إلى أن القضاء الفرنسي يأخذ بهذا الحل - ما لم يكن هناك اتفاق على غير ذلك - باعتباره أفضل من اضطرار رئيس هيئة التحكيم للانضمام إلى رأي أحد المحكمين على الرغم من عدم اقتناعه بصوابه أو إصدار قرار بتعذر إصدار حكم التحكيم لعدم تحقق الأغلبية .

 ۱۹ - (ج) رفض أحد المحكمين الإشتراك في المداولة:

قد يرفض أحد المحكمين الإشتراك في المداولة لتعطيل إصدار حكم التحكيم أو منع صدوره خصوصاً إذا رأى اتجاه زميليه إلى الحكم في غير نقض فرنسي جلسة ،۱۹۸۱/۵/۸ ، مشار إليه في : Revue de l'arbitrage1982. ۹)، وقضاء الدائرة (٦٣) بالمحكمة المذكورة بتاريخ ۱۹۸۸/۲/۱۸ في القضية رقم ٢٦/

صالح الطرف الذي اختاره محكماً، ومثل هذا المسلك يخالف الترام المحكم المشاركة في المداولة بقصد منع بإصدار حكم التحكيم وعدم الإمتناع البية، ولذلك فقد ذهب بعض كما يخالف مبادئ الأخلاق و حسن صدوره الفقه إلى عدم الاعتداد بامتناع المحكم المناقشات بين المداولة ما دام أنه المشاركة في المحكمين وفي إعداد الحكم دون عائق مقبول ولكنه إمتنع. وفي هذا الإتجاه ذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى كان يستطيع الاشتراك في أنه وإن كان عدم إجراء المداولة يُعتبر إخلالاً بمقتضيات حقوق الدفاع، إلا أن مثل هذا الإخلال لا يتحقق في حالة إمتناع المحكم صاحب الرأي المخالف عن إبداء ملاحظاته المفيدة بشأن التعديلات المقترح إدخالها على مشروع الحكم ما دامت قد أتيحت له فرصة إبداء جميع ملاحظاته المذكورة، وهكذا لائحة محكمة لندن فإنه تطبيقاً لذلك نصت المادتان (۱۲) ۲/۲۹) من للتحكيم الدولي على أنه إذا رفض المحكم الإشتراك في المداولة بعد منحه فرصة معقولة للمشاركة، كان لباقي المحكمين المضي في عملية إصدار الحكم دونه (۱) . وبالمثل تقضي لائحة جمعية التحكيم الأمريكية (AAA) بأنه حالة إذا امتنع المحكم عن الاشتراك في المداولة - في غير حالة عزله أو استقالته كان لباقي المحكمين الخيار بين استكمال الإجراءات وإصدار الحكم بمفردهما أو طلب استبدال المحكم المذكور وقد أخذت بذات الحل المادة (٣٥) من لائحة تحكيم المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO)، لائحة مجمع التحكيم بغرفة تجارة استوكهولم. والمادة (٢/٣٢) من أحد وقد تناولت بعض التشريعات الحديثة وضع حلول لامتناع قانون المرافعات ذلك مثلاً المحكمين عن الاشتراك في المداولة، من منه نص على في الألماني لسنة ١٩٩٧ في المادة (٢/١٠٥٢) رفض محكم الاشتراك في المداولة يكون لباقي المحكمين المضي بمفردهما وإصدار الحكم، على أن هذا الحل مقيّد بعدم اتفاق أطراف التحكيم على حل مغاير، وبإلزام المحكمين اللذين في نيتهما اللجوء إلى هذا الحل بأن يحيطا الأطراف علماً بهذه النية قبل تنفيذها وذلك حتى يتمكن هؤلاء من إقناع المحكم الممتنع أو عزله أو استبداله وذات الحل نصت عليه المادة (٢/٦٠٤) من قانون المرافعات النمساوي المعدّل بقانون ٢٠٠٦/١/١٣. وأيضاً يقضي قانون التحكيم السويدي الجديد (المادة ٣٠) بأنه إذا امتنع المحكم - دون مبرر مشروع - عن المشاركة في إصدار قرار هيئة التحكيم المحكمين إصدار الحكم وحدهما (٢). كان لباقي

۲۰ - (د) امتناع أحد المحكمين عن التوقيع على الحكم: الأصل في حالة التشكيل الجماعي لهيئة التحكيم أن يصدر الحكم أعضاء الهيئة المذكورة. وقد تقدم القول أنه قد يتعذر تحقيق إجماع ومن ثم تعين البحث عن حل يضمن إصدار الحكم. بالإجماع فيتم التوقيع عليه من جميع تحقق حالة عدم أنه وهكذا نصت بعض لوائح التحكيم وتشريعاته على في الإجماع يصدر الحكم بالأغلبية التي تقوم بالتوقيع عليه من ذلك مثلاً المادة لائحة الجمعية (۳۱) من قواعد تحكيم ،اليونسترال، والمادة (۲۷) من الأمريكية للتحكيم (۸۸۸) والمادة (١/١٦) من لائحة مركز تسوية منازعات الإستثمار (CIRDI) والمادة (١/٢٥) لائحة تحكيم غرفة التجارة الدولية بباريس (ICC) والمادة (۳۱) من لائحة مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي (CRCICA)، والمادة (٣/٢٦) من لائحة مركز لندن للتحكيم الدولي ،(LCIA) ومن التشريعات الحديثة قانون التحكيم المصري (المادة (١/٤٣، وقانون المرافعات الفرنسي الجديد (المادتان ١٤٧٠، ١٤٧٣)، والمادة (۳/۳۷) من قانون التحكيم الأسباني والمادة (١/١٠٥٧-٣) من قانون المرافعات الهولندي، والمادة (١/٦٠٦) من القانون النمساوي المعدّل بقانون ۲۰۰٦/۱/۱۳، وفي حالة عدم توقيع الأقلية على حكم التحكيم فإن جميع التشريعات سابقة الإشارة توجب إثبات اسباب ذلك في مدونات الحكم المذكور. وتجدر الإشارة إلى أن بيان أسباب عدم توقيع الأقلية يعتبر من بيانات الحكم الجوهرية ويترتب على إغفاله بطلان الحكم.

21 - (هـ) الرأي المخالف Dissenting Opinion-Opinion dissidente عندما يصدر حكم التحكيم بأغلبية الآراء يثور التساؤل هل من حق المحكم المخالف في الرأي (الأقلية) إثبات رأيه المخالف لزملائه في وثيقة مكتوبة ومنفصلة عن حكم التحكيم يقدّمها إلى أطراف النزاع وتعرف في الإصطلاح بالرأي المخالف Dissenting Opinion؟ الفقه الأنجلو امريكي أن إثبات المحكم لرأيه المخالف على النحو المذكور مسألة طبيعية یری تتمشى مع نموذج أحكام المحاكم في نظام الـ(Common Law)، بينما يري فقه الـ (Civil Law) عدم ملاءمة هذا الإجراء وإن لم يقل بعدم مشروعيته. وقد ذهب بعض الفقه الفرنسي إلى حظر الآراء المخالفة للمحكم الأقلية قولاً بأنها تشكل إفشاء لأسرار المداولة – وقد اعترض البعض على هذا الرأي تأسيساً على أن إفشاء أسرار المداولة ليس من أحوال بطلان حكم أن إصدار رأي مخالف قد لا يتضمن بالضرورة إفشاء التحكيم، فضلاً عن لتلك الأسرار متى كان المحكم المخالف لا يكشف آراء زملائه.

التشريعات ولوائح التحكيم التي اتخذت القلة موقفاً صريحاً من مسألة الرأي المخالف. وقد تعمد واضعو قانون اليونسترال ٢٢- وهناك عدد بالغ من النموذجي عدم التعرض لهذه المسألة نظراً لما تثيره من خلاف. ولعل قانون التحكيم الاسباني هو القانون الأوروبي الوحيد الذي يعترف بحق المحكم الأقلية في إثبات رأيه المخالف (۳/۳۷)، ويضاف إليه قانون التحكيم الدولي التركي رقم ۲۰٠١/٤٦٨٦ (المادة (٤/١٤) ، بينما سكت القانون الإنجليزي التعرض لهذه المسألة، وإن كان من الواجب عدم إعتبار هذا السكوت ذلك تجدر الإشارة إلى حكم رفضاً لها خصوصاً في بلد هو مصدرها. ومع حالة سكوت لائحة حديث أيدته محكمة الاستئناف الإنجليزية قضى بأنه في تحكيم جمعية تجارة الحبوب والغذاء (GAFTA) فإنه ليس من حق المحكم الامتناع عن التوقيع على الحكم بدعوى أن أصحاب الأغلبية رفضوا إثبات رأيه عن المخالف في مدوناته، وقد أضافت المحكمة القول في عبارات عامة أنه الخطأ الاعتقاد أن أحكام المحكمين يجب أن تتضمن ذكر الآراء المخالفة الرأي الأغلبية، وأنه من حق أصحاب الأغلبية تقرير إرفاق الرأي المخالف بالحكم أو عدمه دون أن يكون للمحكم الأقلية أي حق في هذا الخصوص. وقد اعترض البعض في ايطاليا على مسألة الرأي المخالف، وان كانوا يفضلون ذكر الأسباب المخالفة في مدونات الحكم دون الأخذ بها، ومع ذلك قضت محكمة النقض الإيطالية بأن إغفال إرفاق الرأي المخالف بحكم التحكيم لا يعتبر من أحوال البطلان المنصوص عليها في المادة (٨٢٩) من قانون المرافعات - ومفاد ذلك أن الرأي المخالف لا يعتبر جزءاً من أسباب حكم التحكيم التي أوجبها المشرع بنص أمر. وممارسة إصدار الرأي المخالف غير مألوفة في هولندا، ومع ذلك لها بعض التطبيقات في التحكيم الدولي، كما أن المادة (٤/٤٨) من لائحة المجمع الهولندي للتحكيم (NAI) لا تسمح بإصدار آراء مخالفة في غير التحكيم الدولي. وعلى الرغم من سكوت التشريع السويدي فإنه من المسلم به بصفة عامة أن للمحكم الأقلية أن يرفق رأيه المخالف بحكم التحكيم وهو ما تؤيده المادة (٤/٣٢) من لائحة مجمع التحكيم التابع لغرفة تجارة استوكهولم (cc stock).

وفي بلجيكا يجوز إثبات الآراء المخالفة من الناحية النظرية، بيد سرية المداولة تحظر نشرها أو إفشاءها. أما الفقه السويسري فإن المسألة تبدو خلافية فيه نظراً لسكوت المادة (۱۸۹) من القانون الدولي الخاص الفيدرالي. فهناك من يرى أن الاعتراف بالرأي المخالف مسألة تتعلق بإجراءات التحكيم، وبالتالي فإنه في حالة عدم وجود اتفاق للأطراف بشأنها يكون لأغلبية المحكمين السماح بإصدار رأي مخالف أو رفض ذلك.

٢٣- وفي رأينا يجب على المحكمين إتخاذ قرارهم بالنسبة إلى السماح بالرأي المخالف أو منعه عند بدء إجراءات التحكيم أو على الأقل قبل البدء في إجراء المداولة وقبل أن يتكون رأي الأغلبية بشأن نقاط النزاع المعروضة - كما أنه إذا لم يكن في الإمكان استبعاد مسألة الآراء المخالفة من التطبيق في العمل فإنه لا أقل من عدم تشجيع هذه الممارسة لأنها تتعارض مع واجب المحافظة على سرية المداولة، وتشجع عدم حيدة المحكم وتكشف عن تحيره وغيرته على مصالح الطرف الذي إختاره محكماً، فضلاً عن أن اصدار رأي مخالف سواء ضمن مدونات الحكم أو مرفقاً قد يُضعف حكم التحكيم عن طريق بيان الحجج التي تساند الطعن فيه. وإذا كان من بد لإصدار رأي مخالف فإننا نفضل إثباته في مدونات الحكم دون إشارة إلى صاحبه مع عدم الأخذ به من الأغلبية.

وأخيراً، تجدر الإشارة إلى ما هو مقرر من أن الرأي المخالف لا جزءاً من حكم التحكيم ولا يعدو أن يكون مجرد تعبير عن رأي صاحبه .

٢٤ - (و) رقابة مركز التحكيم على مشروع الحكم:

مراكز التحكيم طبقاً لقواعده المعمول بها، وبالتالي فـ هذه الرقابة مقصورة على التحكيم المؤسسي الذي يتولى إدارته أحد المسألة الملعلاقة بتلك الرقابة في حالة التحكيم الحر Ad Hoc لأن الحكم الذي يصدر هذا هو من صنع المحكمين وحدهم، أما في التحكيم المؤسسي

التحكيم على إخضاع مشروع الحكم لرقابة مركز التحكيم مثال ذلك المادة (۲۷) من نظام التحكيم الخاص بغرفة التجارة الدولية بباريس (ICC) إذ نقضي

بأن :

يتعين على محكمة التحكيم أن ترفع إلى هيئة التحكيم مشروع حكم التحكيم قبل توقيعه وللهيئة أن تدخل تعديلات تتعلق بالشكل على الحكم ولها أيضاً أن تلفت انتباه محكمة التحكيم إلى مسائل تتعلق بالموضوع دون المساس بما لمحكمة التحكيم من حرية في إصدار الحكم ولا يجوز لمحكمة التحكيم إصدار أي حكم تحكيم دون أن تكون هيئة التحكيم قد وافقت عليه من حيث الشكل.

وبمقتضى هذا النص تلتزم هيئة التحكيم بان ترفع مشروع حكمها إلى المحكمة الدولية للتحكيم International Court of Arbitration of the (ICC (The Court المراجعته وإقراره من حيث الشكل فقط. وهذه المراجعة كونها واجبة في جميع الأحوال، فإن ما تسفر عنه عن ملزمة لهيئة التحكيم والمراجعة هنا مقصورة على التأكد من التحكيم من حيث الشكل وخلوه من أسباب العوار التي قد تعرضه للبطلان في دولة إصداره أو تلك التي قد تؤدي إلى رفض تنفيذه طبقاً لقانون البلد الذي سينفذ في إقليمها، فهي مراجعة لشكل الحكم ولا شأن لها بقرار هيئة التحكيم في موضوع النزاع، وان كان للمحكمة المذكورة ان تبدي ملاحظات بشأن سلامة الحكم من الناحية الموضوعية، بيد أن هذه الملاحظات غير ملزمة بأي حال لهيئة التحكيم، ومن هنا قيل أن مراجعة مشروع حكم التحكيم على نحو خدمة يؤديها جهاز التحكيم (المحكمة) بالغرفة لصالح أطراف النزاع من أجل ضمان سلامة الأحكام وتفادي احتمالات الطعن فيها أو عدم تنفيذها، الأمر الذي يحفظ لتلك الغرفة ونظام التحكيم فيها السمعة الدولية التي يتمتعان بها في أوساط التجارة الدولية. وجدير بالإشارة أن المحكمة الدولية للتحكيم سالفة البيان ليست جهة قضاء (كما قد يفهم من إسمها، فهي ليست محكمة بالمعنى المعروف على الرغم من تسميتها بمحكمة في نصوص لائحة التحكيم الخاصة بغرفة التجارة الدولية (ICC) باللغتين الإنجليزية والفرنسية، فهي جهاز إداري administrative organ مهمته إدارة إجراءات التحكيم التي تجري طبقاً لنظام التحكيم الخاص بالغرفة المذكورة والإشراف عليها، ولا شأن له بموضوع القضية التحكيمية أو مدى أحقية كل طرف فيها فيما يدعيه أو ما إليه هيئة التحكيم من قضاء في موضوع النزاع .

٢٥- وفي دعوى بطلان حكم تحكيم صادر طبقاً لنظام غرفة التجارة ١٣٥ - ۱۳٩٨ ص ۷۷۷-۷۷۸ الدولية بباريس إستندت المدعية فيها - ضمن أسباب أخرى - إلى القول أن قيام محكمة التحكيم الدولية بتلك الغرفة بمراجعة مشروع الحكم يعتبر مشاركة منها في إصدار حكم التحكيم الطعين في حين أنها ليست من هيئة التحكيم المشكلة بإتفاق الطرفين والتي هي وحدها صاحبة ولاية اصداره الأمر الذي يعيب الحكم بالبطلان وقد رفضت المحكمة هذا الدفع وقالت تأسيس ذلك أن - هذا الدفع - غير مقبول وغير سديد، فهو غير مقبول بموجب شرط التحكيم الوارد في عقد النزاع ارتضت الشركة المدعية إخضاع إجراءات التحكيم للقواعد الواردة بنظام التحكيم الخاص بغرفة التجارة الدولية بباريس وإسناد إدارتها إلى الجهاز المختص بذلك في هذه الغرفة والمسمى «المحكمة الدولية للتحكيم La Cour Internationale) (d'Arbitrage ومؤدى هذا القبول ولازمه قبول المدعية لإختصاصات هذا الجهاز وقرارته ومن ذلك ما جاء بنص المادة (۲۷) من النظام المذكور من التزام هيئة التحكيم برفع مشروع حكمها للجهاز سالف البيان لمراجعته من ناحية الشكل فقط...، كما أنه نعي غير سديد، ذلك أن محكمة التحكيم المذكورة ليست جهة قضاء وتتكون من (١٢٤) عضواً من خبراء التحكيم في (٨٦) دولة، وعملهم مقصور على التأكد من سلامة حكم التحكيم من حيث الشكل وخلوه من أسباب العوار التي قد تعرضه للبطلان في دولة إصداره أو تلك التي قد تؤدي إلى رفض تنفيذه طبقاً لقانون البلد الذي سينفذ في إقليمه، فالمراجعة هنا مقصورة على الشكل ولا شأن لها بقرار هيئة التحكيم في موضوع النزاع، وإن كان لها تقديم ملاحظات بشأن سلامة الحكم من الناحية الموضوعية، بيد أن هذه الملاحظات غير ملزمة بأي حال لهيئة التحكيم...]).

٢٦- (ز) ميعاد إصدار حكم التحكيم:

لأنه يقصد بميعاد إصدار حكم التحكيم المهلة المحدّدة لإصداره وبانتهائها خصومة التحكيم، وتمثل هذه المهلة القيد الزمني على سلطة المحكم للفصل في النزاع محل التحكيم بحيث تنقضي هذه السلطة وتزول بانتهاء تلك المهلة أو بصدور حكم التحكيم المنهي للنزاع أيهما أقرب. ويعتبر تحديد مهلة معينة لإصدار الحكم المذكور من المزايا الجوهرية لنظام يؤدي إلى سرعة الفصل في النزاع ويجتنب مساوئ بطء التقاضي أمام جهات القضاء، كما أنه يضمن عدم إطالة أمد الخصومة أمام التحكيم التحكيم إلى أجل غير مسمى بحيث يمنع مخاطر إنكار العدالة Denier la هنا فقد حظرت محكمة النقض الفرنسية على المحكمين مد المهلة التي اتفق عليها الطرفان لإصدار الحكم من اعتباراً بأن تلقاء أنفسهم أهلية مد تلك المهلة مقصورة على أطراف التحكيم أو سلطة خارجة عنهم، وقالت في ذلك ان قيام المحكمين بمد مهلة التحكيم من تلقاء أنفسهم Justice. ومن يخالف النظامين العام الداخلي والدولي معاً، ويتناقض مع الطبيعة الإتفاقية أو الاختيارية للتحكيم .

۲۷ - والأصل أن يقوم أطراف التحكيم بتحديد المهلة التي يجب على المحكمين إصدار حكمهم خلالها، بيد أنه قد يحدث ألا يحدد هؤلاء الأطراف تلك المهلة تاركين أمر تحديدها إلى آلية معينة يختارونها إما مباشرة أو بالإحالة إلى قانون إجرائي معين أو إحدى لوائح التحكيم، فقد يختارون قانوناً إجرائياً يتضمن تحديداً لمهلة إصدار حكم التحكيم أو النص على السلطة المختصة بتحديدها. فالإحالة إلى قانون التحكيم المصري مثلاً تجعل تلك المهلة أثني عشر شهراً من تاريخ بدء إجراءات التحكيم، وفي نفس الوقت يجيز لهيئة التحكيم مد الميعاد المذكور على ألا تزيد فترة المد على ستة أشهر ما لم يتفق الأطراف على مدة أطول (المادة ١/٤٥)، واختيار قانون المرافعات الفرنسي الجديد يجعل مهمة المحكمين (في التحكيم الداخلي) بانقضاء ستة أشهر من تاريخ قبول آخرهم لمهمته مع جواز مد هذه الفترة باتفاق الطرفين أو الجهة القضائية المشار إليها في المادة (١٤٥٦) من القانون المذكور.

٢٨- وقد يختار أطراف التحكيم الإحالة إلى إحدى لوائح التحكيم réglement d'arbitrage كآلية لتحديد ميعاد إصدار حكم التحكيم، وفي هذه الحالة فإنهم يلتزمون بالقاعدة التي تنص عليها تلك اللائحة بشأن الميعاد المذكور كما لو كانت ناتجة عن اتفاقهم مباشرة، وتعتبر لائحة التحكيم المحال إليها بمثابة القانون الذي يحكم إجراءات التحكيم في هذا الخصوص.

وتجدر الإشارة إلى أن اللوائح المعمول بها في مراكز التحكيم الدولية حكماً واحداً بشأن طريقة تنظيم مسألة المهلة أو الميعاد المختلفة لا تتبع الذي يجب إصدار حكم التحكيم خلاله، فالمادة ١٤ لائحة غرفة التجارة من الدولية (ICC) تحدد مهلة إصدار الحكم بستة أشهر، بيد أنها في نفس الوقت لمحكمة تلك الغرفة The Court مد تلك المهلة بناء على طلب مسبب من هيئة التحكيم أو من تلقاء نفسها إن رأت ضرورة لذلك(۳). وهناك النص على مهلة معينة لإصدار حكم التحكيم في حالة عدم وجود اتفاق بشأنها، وتركت أمر تحديد تلك المهلة لتقدير هيئة سكتت تماماً عن التحكيم بحيث تقوم بتحديدها في كل قضية طبقاً لظروفها وملابساتها مثلاً لائحة مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي (CRCICA) ولائحة الجمعية الأمريكية للتحكيم (AAA)، هذه اللوائح الخاصة، ومن ولائحة محكمة لندن للتحكيم الدولي (LCIA).

وتجدر الإشارة إلى أن قواعد تحكيم اليونسترال قد سكتت عن ١٢٢/٤ق تحكيم جلسة ۲۰۰٦/٤/٢٦ وانظر كذلك قضاء الدائرة المذكورة في القضية بعض الأحيان تدق التفرقة بين ما هو متعلق بشكل حكم تحديد أي مهلة لإصدار حكم التحكيم تاركة هذا الأمر لتقدير هيئة التحكيم في كل قضية تحكيمية على استقلال وذلك طبقاً لظروفها وملابساتها الخاصة. هنا فإن إحالة الأطراف على قواعد التحكيم المذكورة و من دون الاتفاق على ميعاد محدد لإصدار حكم التحكيم مفاده تفويض هيئة التحكيم في تحديد المهلة التي تراها مناسبة، وعدم تطبيق حكم المادة (٤٥) من قانون التحكيم سالفة الإشارة. وقد أخذت محكمة استئناف القاهرة بهذا النظر وأيدتها في ذلك محكمة النقض المصرية.