الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / حكم التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية العدد 42 -43 / أحكام المحكمين قابلة للإبطال ان قام فيها عوار - انتهاء التحكيم بالصلح قرر له القانون وصفه النهائي والبات

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية العدد 42 -43
  • تاريخ النشر

    2019-04-01
  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    560

التفاصيل طباعة نسخ

إذا كانت الأحكام الصادرة عن المحكمين معرضة للحكم ببطلانه إن قام فيها عـوار ممـا نص عليه في قانون التحكيم، في حين أن انتهاء التحكيم بالصلح الذي يكون بسعي من المحكم ويحظى باتفاق طرفي التحكيم فقد قرر له قانون التحكيم وصفه النهائي والبـات إعـلاءاً مـن المشرع للصلح.

(المحكمة العليا بأمانة العاصمة، الدائرة التجارية، ال هيئة (أ) ، الطعن التجاري بقم 50646 ، تاريخ 2013/1/30 ) .

.....

.....

تتحصل وقائع وإجراءات هذا الطعن بقيام المطعون ضده برفـع دعـوى بطـلان حكـم التحكيم الصادر من المحكم نذير محمد عبد الرحمن الأسودي الذي كـان قـد قـضى منطوقـه بالآتي:

1) يقوم الطرف الثاني (الطاعن حالياً) باستلام البضاعة من الميناء بالحالة الراهنـة ومـن عيوب وأضرار موجودة فيها مقابل قيام الطرف الأول(المطعون ضده) حالياً بتعويضه بنسبة 45 %من قيمة البضاعة الإجمالية والمقدرة بقيمة(864.148 $)دولاراً أمريكيـاً شاملة الأضرار والعيوب المصنعية، وذلك كمبالغ محصلة من التأمين والتعويض مـن الشركة الشاحنة، ويقوم الطرف الثاني بتحرير تفويض خطي للطرف الأول لتحـصيل ومتابعة المبلغ بالنيابة عنه وبدون أية مسؤولية على الطرف الثـاني مـن المتابعـة أو تحصيل أي مبالغ من التأمين أو تسويات مع التأمين.

2 ) بموجب الصلح في الفقرة السابقة أعلاه يقوم الطرف الثاني بتسليم الطرف الأول جميـع الالتزامات المحررة له سابقاً من عمار سليم عبد الرزاق. انتهى، وأصـدرت الـشعبة الاستئنافية بالحديدة المشكّلة من القاضي سعيد مقبل عبد الجبار وعـضوية القاضـيين نصر حزام فارع سيف ومحمد محسن محسن الفرح حكمها الذي قضى بالآتي:

1 -قبول الدفع المقدم من عبد االله صالح التام في مواجهة سليم عبد الـرزاق الخوجـة ورفض دعوى البطلان المقدمة منه في مواجهة مقدم الدفع لما عللناه.

2 -يتحمل سليم عبد الرزاق الخوجة المصاريف القضائية لصالح عبد االله التام ونقدرها بمبلغ عشرين ألف ريـال.

ومما ورد في حيثيات هذا الحكم أن المادة (2) من قانون التحكيم قد عرفت الصلح بأنه ( حل النزاع بين الطرفين بتراضيهما فيما لا يخالف الشرع)، وبما أن أطراف الـدعوى قـد تـصالحا حسب ما جاء في محرر الصلح محل دعوى البطلان مما يجب قبول دفع المدعى عليه بالبطلان لعدم قيام سببها؛ كون الحكم محل ا لدعوى هو صلح وليس حكماً تحكيمياً، وحيث جاء في نـص المادة (48) تحكيم (... ويكون حكم التحكيم نهائياً وباتاً في حالة اتفاق أطراف التحكيم عليه وكذا في حالة انتهاء التحكيم بالصلح...) إلخ وبهذا يعتبر الصلح ملزمـاً للطـرفين؛ كونـه قـد تـم بتراضيهما، واستناداً لنص المواد (2 ،46 ،48 ،54 )تحكيم قررنا قبول الدفع... إلى آخر ما جاء في المنطوق.

ثم تقدم طالب التنفيذ بطلب تنفيذ ما تبقى لطالب التنفيذ من المحكوم فيـه لطالـب التنفيـذ بموجب حكم المحكم الصادر بتاريخ 29/7/2010م، وخلاصة هذا الطلب أنه بعد قبول الطـرفين بما تقرر بحكم المحكم بادر المنفذ ضده إلى تنفيذ حكم المحكم جزئياً وذلك بتاريخ20/8/2010م

بأن أوفى بتسليم بضاعة عبارة عن أخشاب ثمنها (277.31 $ ) دولاراً أمريكياً، وقـبض طالـب التنفيذ هذه البضاعة على أن تخصم منمال مبلغ التعويض وبذلك أصبح المتبقي لطالب التنفيـذ مبلغ (5/988.66 $ ) مبلغ التعويض –277.31 =$ 711.35 $دولاراً أمريكيـاً طالبـاً تـذييل الصيغة التنفيذية على حكم المحكم، وتكليف المنفذ ضده بالتنفيذ الاختياري خلال مدة سبعة أيـام وسداد المبلغ (711.35 $ ) دولاراً. وما لم يتم التنفيذ الاختياري فإنه يلتمس السير في إجراءات التنفيذ الجبري وسـ يوافي مقـدم الطلب المحكمة بقائمة تتضمن ممتلكات المنفذ ضده، وطلب إلزام المنفّ ذ ضـده بـدفع مـصاريف وأتعاب التنفيذ مبلغ ثلاثة آلاف دولار مع إلزامه أيضاً بدفع أغرام متابعة المنفذ ضده للتنفيذ الودي.

تقدم المطلوب التنفيذ ضده باستشكال ضمنه الدفع بانعدام السند التنفيذي لصدوره من غيـر ولاية قضائية وشرعية مفصلاً أن قانون التحكيم قد اشترط لصحة حكم التحكيم أن يكـون مبنيـاً على إجراءات سليمة لا تتعارض مع قانون المرافعات التي تعتبر من النظام العام، في حين أنـه صدر دون انعقاد أي خصومة بين طرفيالنزاع؛ لأن المطلوب التنفيذ ضده (الدافع) لم يوكّل أي شخص للقيام نيابة عنه لإختيار المحكّم أو لإقرار المصادقة على مزعوم محررالتصالح، وتحت البند ثانياً دفع بعدم صفة المطلوب التنفيذ ضده في حكم المحكم. والثابت في مزعوم السند التنفيذي ما نصه (حضر لدينا الطرف الأول سليم عبـد الـرزاق ويمثله ابنه عمار سليم بينما أن المطلوب التنفيذ ضده لم يقم بتوكيل ولده عمار سـليم بالحـضور نيابة عنه، فيما بني على باطل فهو باطل )، وطلب في نهاية ذلك قبول الـدفع بالانعـدام وبقيـة الدفوع، والحكم بإلغاء السند التنفيذي واعتباره هو والعدم سواء، فضلاً عن الحكـم بالمـصاريف القضائية .

وفي الرد على الدفع 1 (نفى المدفوع ضده أن الإنعدام يلحق العمل القضائي ولا صلة لـه بالتحكيم، أما الادعاء بعدم توكيل المنفّذ ضده لإبنه عمار لإختيار المحكم فـإن الفـاتورة التـي بموجبها نفّذ المنفّذ ضده السند التنفيذي بإعطاء طالب التنفيذ كمية من البضاعة يصل ثمن ها إلـى نصف المحكوم به تقريباً هي دليل على قبول الحكم، وأرفق صورتين اعتبرهما دالتين على صحة التفويض من المنفذ ضده لابنه عمار أن المحكّم لم يفصل في النزاع وإنما أثبت ما تـصالح عليه الطرفان، وأن المنازعات المتعلقة بأصل الحق المحكوم فيه أو بصحة الـسند التنفيـذي لا تعتبر من منازعات التنفيذ.

وفي الرد على عدم صفة المطلوب التنفيذ ضده أنه ببساطة إذا كـان بـلا صـفة فلمـاذا تقدم بدعوى البطلان؟ وانتهى إلـى طلـب رفـض الاستـشكال والغرامـة مبلـغ(200.000 ) ريال. وقد انتهى حكم الشعبة برئاسة القاضي سعيد مقبل عبد الجبار وعضوية القاضـ يين نـصر حزام فارع سيف ومحمد محسن محسن الفرح إلى الآتي:

أولاً- عدم اختصاص الشعبة التجارية الاستئنافية م /الحديـدة نوعيـاً بنظـر التنفيـذ رقـم (1/1433هـ) المقدم من عبد االله صالح التام في مواجهة سليم عبد الرزاق الخوجة، لما عللنـاه في حيثيات حكمنا هذا.

ثانياً- عدم قبول طلب التنفيذ رقم (1/1433هـ)؛ لعدم اختصاص هذه الشعبة نوعياً بنظـر التنفيذ.

ثالثاً- يتحمل طالب التنفيذ عبد االله صالح التام المصاريف القضائية نقدرها بعـشرين ألـف ريال للمطلوب التنفيذ ضده. وجاء في الحيثيات أنه تبين أن المحرر المطلوب تنفيذه والصادر عـن نـذير مجيـد عبـد الرحمن الأسودي بتاريخ 29/7/2010م باعتباره مفوضاً من طـرف النـزاع (طالـب التنفيـذ) (المطلوب التنفيذ ضده ) ليس حكماً تحكيمياً - هكذا وردت – بل هو عبارة عن ( محـرر اتفـاق صلح بدليل أنه جاء فيه ما لفظه : وبعد النقاش مع الأطراف المعنية تم التوصل إلى الصلح بقبول الطرفين...إلخ) وحيث كان كذلك وكانت هذه الشعبة لا تختص بتنفيذ محررات الـصلح، وإنمـا ينعقد اختصاصها في تنفيذ أحكام المحكمين فقط طبقاً لأحكام المادة (58 ) تحكيم، أمـا محـررات الصلح فينعقد الاختصاص في تنفيذها للمحاكم الابتدائية باعتبارها المحاكم ذات الولاية العامة في التنفيذ طبقاً لأحكام المادة (317 أ/ ) مرافعات، ولتعلق الاختصاص النـوعي وارتباطـه بدرجـة المحكمة المختصة بنظر التنفيذ يجوز للمحكمة التعرض له من تلقاء نفسها إذا تبين لها أنها غيـر مختصة في أية مرحلة يكون عليها النزاع، وكان صدوره بتـاريخ 14 ذي القعـدة 1432هــ م 2010/10/12.

الموافق هذا وتجدر الإشارة إلى سبق صدور حكم من هذه الدائرة في الطعن التجاري رقم (49351 ) المرفوع من المطعون ضده حالياً سليم عبد الرزاق عبد االله في مواجهة(الطاعن حالياً) عبـد االله صالح التام، وقد تضمن هذا الحكم مناعي الطاعن حينها سليم عبد الرزاق علـى حكـ م الـشعبة السابق تضمينه بشأن دعوى البطلان، ومنها بطلانه لإ نعدام صفة الطاعن لعدم وجود توكيل يجيز للولد عمار سليم القيام باختيار لجنة تحكيم، ولصدور الحكم المؤيد بحكم الشعبة مخالفـاً للمـادة (38 ) من قانون التحكيم من حيث عدم عقد لجنة التحكيم جلسات للاستماع للمرا فعات... إلى آخر تلك المناعي ونكتفي بالإحالة إلى الحكم المذكور، وقد انتهت هذه الدائرة إلـى رفـض الطعـن، ومصادرة مبلغ كفالة الطاعن، وتحميله المصاريف القـضائية للمطعـون ضـده مبلغـاً قـدره خمسون ألف ريال... إلى آخر المنطوق، وكـان صـدوره بتـاريخ 6/7/1433هــ الموافـق م .2012/5/27 وضد حكم الشعبة المطعون فيه بالنقض السالف تضمينه في وقائع وإجراءات هذا الحكم تقدم الطاعن عبد االله صالح التام بعريضة طعن بالنقض تتلخص أسبابه الواردة تحـت الـسبب الأول بنعي الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة نص المادة(58) من قانون التحكيم والتي نـصت على: (تختص محكمة الاستئناف أو من تنيبه بتنفيذ أحكام المحكمين)، وتحت السبب الثاني عـاب الطاعن خطأ حكم الشعبة استناده إلى نص المادة ( 317 أ/ ) والتي تنص على: (تخـتص بالتنفيـذ المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرتها محل إقامة من عليه الحق أو التي توجد بدائرتها أموالـه التي يجري التنفيذ عليها كلها أو بعضها، وإذا تعلّق التنفيذ ابتـداء بعقـار فيكـون الاختـصاص لمحكمة موقع العقار ويكون الاختصاص للمحكمة الابتدائية التي نظرت النزاع ابتداء إذا لم يكـن للمنفذ ضده أموال ظاهرة أو محل إقامة محدد ) وأضاف الطاعن أن استناد الشعبة المذكورمـن قبيل الخطأ في تطبيق القانون، وهذا النص يتعلق باختصاص المحكمة الابتدائيـة التـي نظـرت النزاع، أما النص الوارد في قانون التحكيم المادة (58 ) منه فهو نص خاص يقيد النص العام، مما يجعل حكم الشعبة في دائرة البطلان، كما عاب الطاعن على حكم الشعبة تحت الـسبب الثالـث مخالفته نص المادة ( 329 ) مرافعات التي نصت: (على المحكمة التي أصدرت الحكـم أو أمـر الأداء أو التي صدقت على اتفاق الصلح أن تقوم بوضع الصيغة التنفيذية عليه مختومة بخاتمهـا بناء على طلب ذي الشأن، وإذا كان حكم المحكّ م قد صار نهائياً فعلى المحكمة المختصة بتنفيـذه وضع الصيغة التنفيذية عليه على نحو ما ذكر ...إلخ) مما كان يتعين على الشعبة، وقد صار حكم التحكيم نهائياً، أن تضع عليه الصيغة التنفيذية على السند التنفيذي المنصوص عليه بالمادة(327 ) مرافعات سيما وهي المختصة بتنفيذه وفقاً لنص المادة(58 ) تحكيم، وتحت السبب الرابـع نعـى الطاعن مخالفة حكم الشعبة نص المادة(46) تحكيم: (إذا اتفق طرفا التحكيم على تسوية النـزاع خلال سير إجراءات التحكيم فعلى لجنة التحكيم إنهاء الإجراءات وإثبات اتفاق التسوية في صورة وثيقة منهية للخلاف) انتهى . والمادة (58) تحكيم لم تشترط نوعاً معيناً من أحكام المحكّمين فقـد جرت بنص عام، فحكم التحكيم سواء تضمن صلحاً أو حكماً من المحكم فتنفيذه من اختـصاص محاكم الاستئناف.

أما اتفاقات الصلح المصدق عليها من المحاكم المنصوص عليها فـي المـادة (328/4 ) مرافعات فلا تنطبق على الصلح المبرم من المحكّ م الذي أفرد له القانون نصوصاً خاصة بـه في قانون التحكيم، أما تحت السبب الخامس فقد عاب الطاعن على حكم الشعبة مخالفة حكمها رقم (83) لسنة 1432هـ الصادر في دعوى البطلان المقدمة مـن المطعـون ضـده حاليـاً (مدعي البطلان ) الذي جاء في منطوقه : قبول دفع (الطاعن حالياً) المدعى عليـه بـالبطلان حينها، ورفض دعوى البطلان، وسببت حكمها على اعتبار حكم التحكيم نهائياً وباتاً في حالـة اتفاق أطراف التحكيم عليه، وفي حالة انتهاء التحكيم بالصلح... إلخ وهو الحكم المؤيـد مـن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا الـصادر بـرقم (56) لـسنة 1433هــ الـصادر بتـاريخ 6/7/1433هـ من الدائرة التجارية الهيئة ( أ) فيكون الحكم المطعون فيه قد خـالف أحكامـاً باتة.

وانتهى الطاعن إلى المطالبة بإلغاء حكم الشعبة رقم(40 ) لسنة 1433هـ المطعـون فيـه والحكم باختصاصها نوعياً بتنفيذه، وإعادة ملف التنفيذ إلى الشعبة للسير في إجراءات التنفيـذ؛ أو إنابة المحكمة الابتدائية بالحديدة وفقاً للقانون، كما طلب الحكم له بالمصاريف القضائية وأتعـاب المحاماة. وقد جاءت مذكرة الشعبة التجارية بالحديدة الموجهة للأمانة العامة للمحكمـة العليـا بـرقم (153) وتاريخ 19/9/2012م أن المطعون ضده لم يتقدم برده على الطعن رغم إعلانه إعلانـاً صحيحاً.

حيثيات الحكم ومنطوقه:

لما كان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بقرار دائرة فحص الطعـون الـصادر بـرقم (1346) بتاريخ 16/11/1433هـ الموافـق 3/10/2012م تعـين الفـصل فيـه مـن حيـث الموضوع.

وبإطلاع هذه الدائرة على حكم الشعبة المطعون فيه وعلى عريضة الطاعن وكذ ا الأحكـام الصادرة بين الطرفين بما فيها حكم الدائرة التجارية سالف التضمين في وقائع وإجـراءات هـذا الحكم الصادر بمناسبة الطعن في حكم الشعبة التجارية السابق والمنوه عنه سالفاً، تجد أن نفـس الشعبة مصدرة الحكم المطعون فيه حالياً بالنقض قد انتهت إلى الحيثيات الآتية: (هذا وبرجـوع الشعبة إلى الحكم محل دعوى البطلان يتبين أنه عبارة عن صلح وليس حكماً تحكيمياً كما يدعي مدعي البطلان، حيث جاء فيه ما لفظه ... وبعد النقاش بين الأطراف المعنية تم التوصـل إلـى الصلح بقبول الطرفين... إلخ والمدون في وقائع هذا الحكم والموقع عليه مـنقبـل الطـرفين والمحكّم وشهود الصلح كما هو ثابت في محرر الصلح المؤرخ27/7/2010م المرفـق بملـف دعوى البطلان، وحيث عرفت المادة (2) من قانون التحكيم الصلح (هو حل النزاع بين الطرفين بتراضيهما فيما لا يخالف الشرع) وبما أن أطراف الدعوى قد تصالحا حسب ما جاء في محـرر الصلح محل دعوى البطلان، مما يجب قبول دفع المدعى عليه بالبطلان ورفض دعوى البطلان، لعدم قيام سببها؛ كون الحكم محل الدعوى هو صلح وليس حكماً تحكيمياً كما أسلفنا، وحيث جـاء في نص المادة (48) من قانون التحكيم (... ويكون حكم التحكيم نهائياً وباتاً فـي حالـة اتفـاق أطراف التحكيم عليه، وكذا في حالة انتهاء التحكيم بالصلح).

وبهذا يعتبر الصلح ملزماً للطرفين؛ كونه تمبتراضيهما (هكذا وردت) واستناداً لنص المواد (2 ،46 ،48 ،54 ) من قانون التحكيم... إلخ. ولا يجد المطَّلع مما سبق ذكره عناء في إدراك أن الشعبة لم تشر من قريب أو بعيـد إلـى محل دعوى البطلان التي فصلت فيها بقبول الدفع ورفض دعوى البطلان تلك سيما مع المـواد القانونية التي اتكأ عليها حكمها أنها لا تدخل ضمن ما ينظّ مه قانون التحكيم، بل إن كافة المـواد التي استند إليها حكم الشعبة المذكور لم ترد سوى في قانون التحكيم. أي أن حكم الشعبة نظر إلى محل دعوى البطلان بأنه صلح سعى إليه المحكم وتراضى عليه المحتكمون وأنُهي به النزاع بين الطرفين ووقع عليه الطرفان والمحكّ م وشهود الصلح، ودلَّل حكم الشعبة على مواءمة ذلك مع قانون التحكيم بسرد نص المادة الثانية من قانون التحكيم التي تولّت تعريف الصلح، بل انتهى حكم الشعبة إلى اعتبار ذلك الصلح نهائياً وباتاً حين ضـمن حيثياتـه الاستناد على نص المادة (48 (من قانون التحكيم التي فصلت أحكام اتفاق أطراف التحكيم علـى حكم المحكم. وفي حالة انتهاء التحكيم بالصلح.غير أن حكم الشعبة المطعون فيه قد جنح إلى افتراض قصر ما يصدر عن المحكّم بالأحكام التي يصدرها حصراً وقصراً، وسلب منطق حكم الشعبة ولاية المحكّم في أن يتوصل مع طرفي التحكيم إلى صلح مرضٍ منهما معاً، وإذا كانت الأحكام الصادرة عن المحكّمين معرضة للحكـم ببطلانها إن قام فيها عوار مما نص عليه في قانون التحكيم، في حين أن انتهاء التحكيم بالـصلح الذي يكون بسعي المحكم ويحظى باتفاق طرفي التحكيم فقد قرر لـه قـانون التحكـيم وصـفه النهائي والبات إعلاءاً من المشرع للصلح الذي هو(سيد الأحكام) غير أننا نجد أن حكم الشعبة لا يعتبر أن محاكم الاستئناف مختصة إلاّ في حالة أن تنتهي إجراءات التحكيم بحكـم صـادر مـن المحكّم ولا يشترط القانون موافقة طرفي التحكيم عليه، وفي ذلك ولا شك خطأ في تفسير وتأويل وتطبيق القانون، وينطوي على مساس بحجية مؤدى حكمها السابق كالتي ( نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً) وخالت أنها غير مختصة نوعياً، وكيف غاب على هيئة الحكم أنها قد سـبق لهـا أن قضت بين الطرفين برفض دعوى البطلان المحكومة بنصوص قانون التحكيم؟

مما يثـور معـه الاضطراب والتهاتر، فكيف سِيغَ للشعبة الحكم برفض دعوى البطلان وإنكار اختـصاصها فـي مسألة التنفيذ؟ أما تعلل حكم الشعبة بالمادة (317 أ/ ) من قانون المرافعات التي جعلت الاختصاص بتنفيـذ محررات الصلح للمحاكم الابتدائية فذلك ينطوي على خلط بين، فمحررات الصلح تلك لا تنصرف إلى ما يتوصل إليه الطرفان عن طريق التحكيم وإنما إلى الصلح الذي يصار إليه دون أن يكون مسبوقاً بتحكيم ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه جدير بنقضه. واسـتناداً إلى نص المـادتين (292 ،300 ) مرافعــات، وحيث إن الطعــن للمــرة الثانية فإنّه وبعد المداولة.. تصدر الدائرة التجارية (أ ) الحكم الآتي:

1 -قبول الطعن موضوعاً ونقض حكم الشعبة الصادر برقم (40 /1433هـ) لما عللناه.

2 -إعادة مبلغ الكفالة للطاعن.

3 -يتحمل المطعون ضده المصاريف القضائية للطاعن عن هذه المرحلة ونقـدرها بمبلـغ خمسين ألف ريال.

4 -إعادة الأوراق الى الشعبة التجارية بمحكمة استئناف م/ الحديدة؛ لإعلان كـل طـرف بنسخة من هذا الحكم والعمل بموجبه.

                                                         القاضي / محمد علــي البـدري

                                                           رئيــس الدائـرة التجاريــة (أ)

                                                           نائــــب رئيس المحكمة العليــا

القاضي /                            القاضي /                                          القاضي /                           القاضي /

علي عبد االله باسويد                  محمد عبد الرحمن الحمادي              علي عوض ناصر صلاح                        عبد االله علي المهدي

عضو الدائرة التجارية (أ)            عضو الدائرة التجارية (أ)                 عضو الدائرة التجارية (أ)                       عضو الدائرة التجارية (أ)   

عضو المحكمـــة العليـــا            عضو المحكمـــة العليـــا                  عضو المحكمـــة العليـــا                             عضو المحكمـــة العليـــا

                                                                 أمين ســــــــــــر الدائرة

                                                             عبد الملك صالـــح أحمد الشرامي