الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / حكم التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد السابع / حكم تحكيمي - ايداعه لغرض الصيغة التنفيذية - طلـب أبطـــــال واستئناف - تحقـق وجـود اتفـاق التحكيم - عدم سقوطه - محكمون معينون طبقا للقـانون - مراعـاة حـق الـدفاع وعـدم مخالفة النظام العـام - عـدم خـروج القـــرار عـن حـدود المهمـة للمحكمين - اشتمال القرار التحكيمي على جميع البيانات الالزامية - رد الطعـن بالابطال - عـدم ذكـر أسباب الاستئناف - رد الاستئناف شكلا

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد السابع
  • تاريخ النشر

    2010-10-20
  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    368

التفاصيل طباعة نسخ

عدم تزامن ايداع أصل القرار التحكيمي مع طلب الصيغة التنفيذية ليس من شأنه ان يعيب قرار الصيغة التنفيذية- عدم تسجيل الاتفاقية لدى المؤسسة المكلفة بتنظيم التحكيم ليس من شأنه ان يؤثر في فعالية البند التحكيمي- سقوط المحاكمة التحكيمية يبقى بدون تأثير على فاعلية البند التحكيمي- البند التحكيمي الوارد في الاتفاقية نص على الزامية التحكيم بغض النظر عن انتهاء مدة العقد التحكيمي او ابطاله او سقوطه- الفقرة الثانية من المادة 772 ا.م.م. لم تشترط موافقة الخصوم عند تخلف أحدهم عن تسمية المحكم- لا يعود جائزًا التمسك بعدم قانونية تشكيل الهيئة التحكيمية كسبب للبطلان اذا لم يثر اثناء معاملات التحكيم- امتناع طالبة الابطال عن توقيع العقد التحكيمي لا يكون من شأنه ان يعيب القرار التحكيمي- التذرع بخرق حق الدفاع يجب ان توفر له دلائل جازمة على التأكيد أن طالبة التحكيم قد منعت من ممارسة حقوقها الأساسية- الاعفاء من تطبيق أصول المحاكمات العادية يعطي المحكم سلطة اعتماد الاصول التي يراها مناسبة- اللجنة التحكيمية بتت أمورًا تدخل في العلاقة التعاقدية ورتبت النتائج على اخلال طالبة الابطال بالتزاماتها التعاقدية- البند الخامس من المادة 800 أ.م.م. حدد البيانات الالزامية التي يترتب عليها بطلان القرار التحكيمي- اللجنة التحكيمية اسندت القرار التحكيمي الى تعليل كافٍ وملائم للحل- لا يعود لقاضي البطلان مراقبة صحة الأسباب وصحة التعليل- المادة 804 ا.م.م. نصت على ان القواعد والاصول المتبعة في استئناف القرارات التحكيمية هي ذات القواعد والاصول العامة المقررة في استئناف الاحكام القضائية- أسباب الاستئناف تختلف عن تلك التي يستند اليها الطعن بالابطال- القضية لا تنشر في المبدأ ا ّ لا في الوجوه التي تناولها الاستئناف. 

(محكمة الاستئناف المدنية في لبنان الشمالي- الغرفة الخامسة -قرار رقم 2010/95 تاريخ 2010/1/28) . 

............
............


حيث ان اللجنة التحكيمية كانت قد انتهت في القرار المطعون فيه الى اعلان صلاحيتها لبت النزاع لثبوت البند التحكيمي الوارد في الاتفاقية والتكليف والزاميته، ولصحة تشكيل الهيئة وسائر الاجراءات، ولعدم انقضاء مهلة التحكيم، وخلصت الى الزام طالبة الابطال بدفع اتعاب المطلوب الابطال ضده انطلاقًا من الاتفاقية والتكليف وعلى اعتبار انها أخّلت بالتزاماتها التعاقدية تجاه هذا الاخير لاقدامها على التعاقد مع مهندس آخر، والزمتها ايضًا بالفائدة القانونية؛ وحيث ان طالبة الابطال تسند طعنها الى جميع الأسباب المنصوص عليها في المادة /800/ا.م.م.، فيقتضي بحثها تباعًا.... 

............. 

على السبب الاول: صدور القرار التحكيمي بدون اتفاق تحكيمي واستطرادًا سقوط الاتفاق التحكيمي وانقضاء الخصومة، وحيث ان طالبة الابطال تدلي تحت الفرع الاول من هذا السبب بانعدام وجود اتفاق تحكيمي، وما يؤكد ذلك استناد القرار التحكيمي الى عقد التكليف المسجل تحت الرقم 1996/2094 ولا علاقة لهذا التكليف بأي اتفاقية سابقة وقد يتضمن ما يثبت أنها تخالصت مع المطلوب الابطال ضده، فضلاً عن ان الاتفاقية المزعومة غير مسجلة في نقابة المهندسين، فكان يتعين على اللجنة التحكيمية ان تعلن عدم صلاحيتها للنظر في النزاع؛ وحيث ان البند التحكيمي ورد بصورة صريحة وواضحة في البند / 13 / من الاتفاقية الموقعة بين الطرفين بتاريخ 1995/2/15م وقد تثبتت اللجنة التحكيمية من وجوده انطلاقًا من هذه الاتفاقية، وورد في القرار أنها مسجلة تحت الرقم 2049/95  اي الرقم نفسه الذي سجل فيه التكليف المتزامن معها والمتعلق بالمعاملة ذاتها، فض ً لا عن ان عدم تسجيل الاتفاقية على فرض صحة ذلك ليس من شأنه ان يؤثر في معالجة البند التحكيمي فيرد ما ورد تحت هذا الفرع لعدم استناده في الواقع، وحيث ان طالبة الابطال تدلي تحت الفرع الثاني من السبب الاول بأن اتفاق التحكيم قد سقط بعد ان طلب المحكم جورج منصور - احد اعضاء الهيئة التحكيمية السابقة- اعفاءه من المهمة وذلك سندًا للمادة 766 ا.م.م.، وبالتالي تحت الفرع الثالث انه بطلب الغائه هذا تكون الخصومة قد انقضت سندًا للمادة 781 ا.م.م. لقيام مانع حال دون استمرار الهيئة في مهامها، وانه بتاريخ 2006/4/20م تحقق سبب آخر لانتهاء الخصومة وهو انقضاء مهلة التحكيم المحددة ستة أشهر دون صدور قرار عن الهيئة التحكيمية، وحيث ان المادة 766 ا.م.م. تتعلق بالتحكيم الناشئ عن عقد تحكيمي يكون فيه المحكم او المحكمون الذين يؤلفون الهيئة التحكيمية معينين باسمهم من قبل الفريقين في العقد، وليس عندما يكون التحكيم ناشئ عن بند تحكيمي يناط بموجبه أمر تنظيم التحكيم الى شخص ثالث طبقاً للمادة 772 أ.م.م. كما هو الحال في التحكيم الحاضر بحيث يبقى ممكناً لمجلس نقابة المهندسين المفوض بتنظيم التحكيم اتخاذ الاجراءات اللازمة والقيام بتعديلات على تكوين الهيئة التحكيمية لأسباب تتعلق بشخص المحكم المعين، فلا يكون من محل لتطبيق المادة 766 ا.م.م.، وحيث ان الامر لا يختلف عند انقضاء الخصومة لأحد الاسباب المبينة في المادة 781 ا.م.م. سواء انتهت لسبب يتعلق بشخص المحكم او بانقضاء المهلة طالما ان التحكيم قائم على بند تحكيمي، فإن تحقق اي من السببين اذا كان يؤدي الى سقوط المحاكمة التحكيمية كما حصل تنظيمها عند نشوء النزاع، الاّ انه يبقى بدون تأثير على فاعلية البند التحكيمي الذي يستمر قائمًا مع الالتزام الناشئ عنه باللجوء الى التحكيم، وعلى اساس هذا البند يعود للمؤسسة التي ترعى شؤون التحكيم اعادة تنظيمه من جديد؛ وحيث فض ً لا عن ذلك فإن البند التحكيمي الوارد في الاتفاقية قد نص على الزامية التحكيم بغض النظر عن انتهاء مدة العقد التحكيمي او ابطاله او سقوطه لأي سبب من الاسباب، فلم يعد ثمة محل للتذرع بأحكام المادة 781 أ.م.م. اي استبعدت سقوط التحكيم عند وجود الاتفاق بين الفريقين على خلاف ذلك، وحيث ان مجلس نقابة المهندسين قد عمد بعد توقف الهيئة التحكيمية السابقة عن عملها اثر اعتذار المحكم المرجح الى إعادة تنظيم التحكيم، فوضع عقد جديد بتاريخ 2006/6/29م حددت فيه مهلة التحكيم بستة اشهر من تاريخ موافقة آخر محكم على قبول المهمة وتوقيع العقد، وهذا التاريخ الواجب اعتماده لبدء سريان المهلة طالما اعيد تنظيم التحكيم، وقد صدر القرار التحكيمي خلال المهلة؛ وحيث ان السبب الاول يكون بذلك مردودًا بفروعه الثلاثة؛ على السبب الثاني: صدور القرار التحكيمي عن محكمين لم يعينوا طبقًا للقانون؛ حيث ان طالبة الابطال تدلي تحت هذا السبب أن المحكمين لم يعيّنوا طبقًا للقانون لعدم موافقتها على تعيينهم من جهة اولى، ولعدم قانونية تجديد تشكيل الهيئة من جهة ثانية؛ وحيث انه يتضح من المعطيات المعروضة أعلاه أن مجلس نقابة المهندسين عمد الى تكوين الهيئة التحكيمية في كل من المرحلتين بعد ان طبق مباشرة الفقرة الثانية من المادة 772 ا.م.م. ودون المرور باجراءات الفقرة الأولى منها، وهذا الامر اجازته الفقرة الاخيرة من المادة الاخيرة عينها؛
وحيث ان الفقرة الثانية من المادة 772 ا.م.م. تخول الشخص المكلف بتنظيم التحكيم عند تخّلف احد الخصوم عن تسمية محكم عنه، القيام بتعيينه بنفسه، وهي لم تشترط في هذه الحالة موافقة الخصوم كما فعلت الفقرة الأولى منها، مع العلم انه تم ابلاغ طالبة الابطال اسماء المحكمين اعضاء اللجنة مصدرة القرار؛ وحيث انه فيما خص تشكيل الهيئة التحكيمية، فإن الاجراءات التحكيمية في المرحلة الاولى لم تحقق غايتها بعد ان اعتذر المحكم المرجح، ما يجعل مآخذ طالبة الابطال اي الطعن بالهيئة السابقة غير منتجة؛ وحيث فض ً لا عن ذلك فإن اختيار المتحاكمين لمؤسسة التحكيم يجعل من هذه الاخيرة صالحة لبت المشاكل والصعوبات التي تتعلق بتعيين المحكمين كما هو مقرر في نظامها، ويعود لها ايضًا النظر في الطلبات الرامية الى رد المحكم تحت رقابة قاضي البطلان اللاحقة؛ تمييز مدني- الغرفة الخامسة- قرار رقم 2007/145 تاريخ 2007/11/13م كساندر ؛ 2007 ص 1956 .

وحيث أنه بالنسبة الى تجديد تشكيل الهيئة التحكيمية، فإن مجلس النقابة بصفته مشرفًا على تنظيم التحكيم قد مارس صلاحياته بإعادة تنظيمه بعد ان توقفت الهيئة السابقة عن عملها لقيام مانع حال دون المتابعة اثر اعتذار المحكم المرجح، فعمد الى تشكيل هيئة جديدة، ولم يقم بذلك ا ّ لا بعد ان استعاد الاجراءات من بدايتها مطبقًا الاصول المفروضة بالمادة 772 الفقرة الثانية أ.م.م.، ومتيحًا لطالبة الابطال مرة اخرى تسمية محكم عنها، 

وحيث إنه لم يتبين ان المجلس بتجديد تشكيل الهيئة التحكيمية اثر توقف الهيئة السابقة التي لم تعد مكتملة قد خالف الاصول والقواعد المقررة في نظام النقابة، ولم تتذرع طالبة الابطال بمثل هذه المخالفة؛ .

وحيث فضلاً عن ذلك فإن مجلس النقابة قد عرض على طالبة الابطال اسماء المحكمين المعينين بعد ان كان قد بلغها قرار اعادة تنظيم التحكيم، ثم بلغها عقد التحكيم الجديد لتوقيعه، وان ردها تأسس على عدم قانونية التحكيم لسبب مختلف هو انقضاء المهلة فحسب، فلم يعد جائزًا التمسك بعدم قانونية تشكيل الهيئة التحكيمية بالأوجه المتذرع بها كسبب لبطلان القرار التحكيمي طالما لم تثره اثناء معاملات التحكيم، كما ان طالبة الابطال لم تبين الضرر الذي لحق بها من جراء ذلك، مع العلم انه لم يتم في هذا التشكيل استبدال محكم معين من قبلها؛

وحيث ان التشكيك بالمحكم المحامي.... والتذرع بقيام سبب لرده، فلا مجال للتوقف عنده طالما لم يتكرر في المرحلة التحكيمية ولم تدلِ طالبة الابطال بأنها لم تكن على علم بسبب الرد، 

وحيث ان عقد التحكيم يوقع من طرفي النزاع، وقد ابلغ من طالبة الابطال لتوقيعه وهي من تخلفت عن ذلك، فلم يعد بوسعها التذرع بخلوه من توقيعها ولاسيما في ضوء تفويض مجلس النقابة بتنظيم التحكيم وصياغة عقده، الامر الذي يتم وفق القواعد المعتمدة في نظامه ولم يتبين انه خالف تلك القواعد، وبالتالي فإن امتناع طالبة الابطال عن توقيع العقد لا يكون من شأنه ان يعيب القرار التحكيمي. 

على السببين الثالث والسادس: عدم مراعاة حق الدفاع، ومخالفة النظام العام؛ حيث ان طالبة الطعن تدلي تحت هذا العنوان بأن القرار المطعون فيه صدر في تحكيم
عادي، ولا يوجد اي اتفاق يعفي اللجنة التحكيمية من تطبيق اصول المحاكمات العادية، وانها لم تراعِ حق الدفاع ان لجهة عدم ابلاغها طلب التحكيم او المستندات المبرزة، او لجهة عدم مراعاة الاصول الجوهرية المتصلة باجراءات المحاكمة والمتعلقة بالنظام العام؛
وحيث ان البند التحكيمي الوارد في الاتفاقية الاساسية نص على اتفاق الطرفين على حل
الخلاف عن طريق التحكيم المطلق؛
وحيث انه اذا كان التحكيم هو تحكيم عادي حسب ما ورد في القرار التحكيمي، فان عقد التحكيم قد نص في البند /14/منه على ان اللجنة غير ملزمة بالقواعد الشكلية المنصوص عليها والمعمول بها امام المحاكم اللبنانية وانما لقواعد العدالة والانصاف؛
وحيث ان هذا العقد يبقى ملزمًا للفريقين وان خلا من توقيع طالبة الابطال طالما هي من
استنكفت عن ذلك، فض ً لا عن ان تنصلها من الزامية العقد يفترض الرجوع الى الاتفاقية الاساسية والبند التحكيمي الوارد فيها، وحيث ان التذرع بخرق حق الدفاع يجب ان توفر له دلائل جازمة تحمل على التأكيد أن اللجنة قد منعت فعلا طالبة الابطال من ممارسة حقوقها الاساسية؛
وحيث ان اللجنة التحكيمية وان هي انطلقت في طلب التحكيم الذي مدد بموجبه موضوع
الخلاف، إلا انها ابلغت الطرفين بضرورة تبادل اللوائح لعرض مطاليبهم كافة وتقديم المذكرات وان المطلوب الابطال ضده تقدم في 2006/9/29م بمذكرة حدد فيها مطاليبه وأسباب خلافه مع طالبة الابطال، وقد ابلغت من هذه الاخيرة واعطيت مهلة للجواب، وهذه المذكرة تعتبر بمنزلة الاستحضار؛
وحيث انه ورد في القرار المطعون فيه أن طالبة الابطال تبلغت كافة المستندات
والمذكرات واللوائح والكتب، ولم تبين هذه الاخيرة المستندات التي اخذ بها القرار التحكيمي ولم يتم تبليغها اياها حتى يعاب على اللجنة انها خالفت القواعد المتعلقة بحق الدفاع أو خرقت حق الوجاهية؛ 

وحيث ان الاعفاء من تطبيق اصول المحاكمات العادية يعطي المحكم سلطة اعتماد الاصول التي يراها مناسبة، وعلى ذلك فإن دعوة الخصوم الى حضور جلسات المحاكمة لا تكون واجبة ولا تعتبر من القواعد المستثناة من الاعفاء، اذ انها تأتلف مع قواعد واصول التحكيم، ويكفي ان يدعى الخصوم الى تقديم لوائحهم ودفاعهم؛ 

وحيث ان اللجنة التحكيمية قد اعلمت طالبة الابطال اجراءات التحكيم، ودعتها لتقديم
المستندات وتوضيح معالم النزاع، وبيان مطاليبها، ثم دعتها لتقديم مذكرة ختامية بكافة مطاليبها خلال مهلة كافية، فلا تكون قد خرجت عن المبادئ الاساسية المتعلقة بالمحاكمة، اما عن تطرق اللجنة الى الاجراءات التي قامت بها الهيئة السابقة، فلا تأثير له ولا يعرض القرار التحكيمي للابطال؛ 

وحيث أنه خلافًا لما تدلي به طالبة الابطال، فإن اللجنة التحكيمية قد اختتمت المحاكمة في الجلسة الاخيرة المنعقدة بتاريخ 2006/10/27م كما ان محضر المحاكمة موقع من جميع اعضائها؛ 

وحيث انه بذلك يرد ما ورد تحت هذا العنوان؛
على السبب الرابع: خروج القرار عن حدود المهمة المعينة للمحكمين؛
حيث ان طالبة الابطال تدلي تحت هذا السبب بأن صلاحية اللجنة التحكيمية تقتصر على ما يتعلق بتنفيذ وتفسير الاتفاقية، وأن ما ورد في القرار التحكيمي لجهة هدم العقار رقم 2/4 بساتين طرابلس بهدف تكليف مهندس آخر يتعلق بمخالفة الانظمة النقابية، كما ان الزامها بالفائدة القانونية يخرج عن صلاحية اللجنة؛ 

وحيث ان اللجنة التحكيمية بتت أمورًا تدخل في العلاقة التعاقدية الناشئة عن الاتفاقية والتكليف، ورتبت النتائج على اخلال طالبة الابطال بالتزاماتها التعاقدية عبر التعاقد مع مهندس آخر دون ان تبادر الى اعلام المطلوب الابطال ضده والى تصفية حساباته، وقبلت فعليًا البند التاسع من التكليف الذي استند اليه، المطلوب الابطال ضده والذي نص على الحقوق المترتبة في حال ايقاف او تجميد اعمال المهندس، فلا تكون قد خرجت عن مهامها؛  

وحيث ان الفوائد القانونية، تعتبر من المسائل المتفرعة عن الموضوع، ولا يشكل القضاء بها خروجًا عن المهمة طالما هي مطلوبة، فيرد ما ورد تحت هذا السبب؛ 

على السبب الخامس: عدم اشتمال القرار التحكيمي على جميع البيانات الالزامية؛
حيث ان طالبة الابطال تدلي تحت هذا السبب بأن القرار التحكيمي خالف المادة 790
أ.م.م. اذ لم يحدد من هو المحتكم ومن هو المحتكم ضده، وخلا من ذكر صفة الخصوم، فضلاً عن عدم صحة الخصومة دون التمثيل بمحامٍ، كما أغفل ذكر أسباب القرار إن لجهة بدل الاتعاب او لجهة الفائدة، واستند الى الاتفاقية غير المسجلة في حين ان طلب التحكيم يستند الى التكليف؛ 

وحيث ان البند الخامس من المادة 800 أ.م.م. حدد البيانات الالزامية التي يترتب عليها
بطلان القرار التحكيمي، ولا يدخل من ضمنها صفات او حتى اسم الخصوم، اذ ان اي اغفال في هذا الصدد يمكن تصحيحه ببيانات اخرى مأخوذة من القرار نفسه اومن اوراق المحاكمة ولاسيما في ضوء الفقرة الاخيرة من المادة 537 أ.م.م.، اما بالنسبة الى التمثيل بواسطة محامٍ وكيل، وبصرف النظر عن انه لا يدخل في اطار هذا السبب، فإن قاعدة التمثيل في المحاكمة التحكيمية ليست من ضمن المبادئ الاساسية المستثناة من الاعفاء؛ 

وحيث انه في ما خص أسباب القرار، يتبين من مراجعة القرار التحكيمي أن اللجنة قد
اسندته الى تعليل كاف وملائم للحل، وان الاسباب التي اوردتها لم تقتصر فقط على رفض طالبة الابطال التحكيم وموقفها السلبي منه، انما ارتكزت ايضًا وبصورة رئيسية على اخلالها بالاتفاقية من خلال التعاقد مع مهندس آخر على نفس الموضوع وتسجيل المعاملة برقم آخر لتمريرالاجراءات والتنصل من التزاماتها المحددة في الاتفاقية والتكليف، وتطرقت ايضًا الى كتاب الاعفاء من المهمة الصادر عن المطلوب الابطال ضده والذي تمسكت به طالبة الابطال في بدء الاجراءات، وانتهت الى ترتيب المسؤولية على الفريق المخل لتحمله المبلغ المتوجب من الاتعاب وفق الجدول المرفق بالقرار بالاضافة الى الفائدة القانونية بعد ان اعتمدت لحسابها تاريخ الاخلال بالموجب، فلا يكون القرار التحكيمي قد خلا من ذكر أسبابه، ولا يعود لقاضي البطلان مراقبة صحة هذه الاسباب وصحة التعليل،
وحيث ان الطعن بالابطال يكون نتيجة ما تقدم مردودًا بأوجهه كافة. 

في الطعن بالاستئناف:
في الشكل:
حيث ان المستأنف عليه يطلب رد الاستئناف شك ً لا لعدم ذكر اي سبب استئنافي من شأنه ان يؤدي الى فسخ القرار، 

وحيث ان المستأنفة تجيب بأن المادة 799 ا.م.م. لم توجب ذكر اسباب الاستئناف في
القضايا التحكيمية، كما ان ذكر الاسباب كما نصت عليه المادة 641 ا.م.م. يقتصر على الحالة التي تكون فيها قيمة المنازع فيه دون النصاب،
وحيث انه يتضح من المادة 804 ا.م.م. بأن القواعد والاصول المتبعة في استئناف القرارات التحكيمية هي ذات القواعد والاصول العامة المقررة في استئناف الاحكام
القضائية؛

وحيث ان المادة 655 ا.م.م. تفرض لقبول الاستئناف ايراد الاسباب بصورة واضحة
وصريحة،
وحيث ان المادة 641 ا.م.م. اذ هي نصت على جواز الاستئناف عند تدني قيمة النزاع عن النصاب القانوني في حالات استثنائية ولأسباب محددة، فهذا لا يعني انها استبعدت ذكر الاسباب في الحالات الاخرى؛ 

وحيث ان أسباب الاستئناف تختلف عن تلك التي يستند اليها الطعن بالابطال والمبينة على وجه الحصر في المادة 800 ا.م.م.؛
وحيث ان المستأنفة عنونت الطعن انه بطريق الابطال واستطرادًا استئناف طالبة في فقرة المطالب وبعد قبول الطعن شك ً لا واساسًا وابطال القرار التحكيمي، قبول الاستئناف على سبيل الاستطراد وفسخ القرار المستأنف ونشر الدعوى والحكم بردها لعدم صحتها ولعدم قانونيتها، 

وذلك دون ان تذكر في استحضارها اي سبب استئنافي يبين موطن الخطأ في القرار التحكيمي من شأنه ان يؤدي الى فسخه ونشر القضية، وهي لا تنشر في المبدأ الا في الوجوه التي تناولها الاستئناف؛
وحيث انه في ضوء ما تقدم وان ورد الاستئناف خلال المهلة القانونية الا انه لا يكون
مقبو ً لا لعدم استيفائه جميع الشروط الشكلية المبينة في المادة 655 ا.م.م.؛ 

لــــــــــذلك

تقرر بالاتفاق:
-1 في الشكل، قبول الطعن بالابطال، ورد الطعن بالاستئناف.
-2 في الاساس، رد الطعن بالابطال.
-3 تضمين طالبة الابطال الرسوم والمصاريف ومصادرة مبلغ التأمين ورد طلب العطل
والضرر عن المحاكمة لانتفاء ما يبرره. 

قرارًا صدر وأفهم علنًا بتاريخ 2010/1/28م 

الكاتبة         المستشار                         المستشار  الرئيسة 

مخول        طارق البيطار                   البير ضوميط                           رولا المصري 

 

                 تعليق الدكتور غالب محمصاني
                على قرار محكمة الاستئناف المدنية في لبنان الشمالي
                (الغرفة الخامسة الناظرة في قضايا التحكيم) 

                   رقم 115 تاريخ 2010/1/28م 

يكرس القرار موضوع التعليق عدة مبادئ وقواعد توضيحية ت تناول مسائل هامة يثيرها تطبيق أحكام واجراءات التحكيم في التحكيم الداخلي.

ولقد صدر هذا القرار بمعرض نزاع نشأ بين احد المهندسين في لبنان الشمالي وغرفة
التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس والشمال نتيجة توقيع الطرفين اتفاقية وكتاب تكليف،
كلف بموجبهما المهندس م ن قبل غرفة التجارة القيام بالاعمال الهندسية اللازمة لانشاء بناء على العقار رقم 214 بساتين طرابلس، ونتيجة قيام الغرفة لاحقًا بالتعاقد مع مهندس آخر، مما ادى الى اعتبار المهندس ان الغرفة قد اخلت بالتزاماتها التعاقدية تجاهه والى مطالبته لها بدفع اتعابه. 

وبموجب البند 13 من الاتفاقية، اتفق الطرفان على حل كل نزاع قد ينشأ من جراء تنفيذ هذه الاتفاقية او تفسيرها بواسطة التحكيم المطلق مع احتفاظ كل منهما بحق استئناف القرار التحكيمي سندًا للمادة 799 من قانون اصول المحاكمات المدنية (أ.م.م.) كما اتفق الطرفان على اختيار مجلس نقابة المهندسين في طرابلس لتنظيم التحكيم وصياغة عقده، وهذا التفويض غير قابل للرجوع عنه او الطعن به، ويبقى حل النزاع عن طريق التحكيم ملزمًا للطرفين بغض النظر عن انتهاء مدة العقد التحكيمي او ابطاله او سقوطه لاي سبب من الاسباب. 

انفاذًا للبند المذكور أعلاه، طلب المهندس احالة النزاع على التحكيم وطلب من مجلس نقابة المهندسين في طرابلس تنظيم هذا التحكيم، فعمدت هذه الاخيرة الى دعوة كل من الطرفين لتعيين محكم عنه فسمى المهندس محكمًا عنه، ولكن الغرفة تخلفت عن التسمية، مما حدا مجلس النقابة على تشكيل هيئة تحكيمية من ث لاثة ومن تنظيم عقد تحكيمي يتضمن تشكيل الهيئة ومهلة التحكيم، لكن الغرفة امتنعت عن توقيعه. 

بعد ذ لك، اعتذر اث نان من المحكمين عن متابعة المهمة فتوقفت الهيئة عن متابعة عملها. 

على أثر ما تقدم، بدأت مرحلة ثانية حيث تقدم المهندس بطلب اعادة تنظيم التحكيم من قبل مجلس نقابة المهندسين الذي دعا كل من الطرفين لتعيين محكم عنه، فسمى المهندس محكمًا عنه وتخلفت غرفة التجارة مرة اخرى عن تسمية محكم، مما حدا مجلس النقابة على ان يعين محكمًا عن الغرفة وحكمًا ثالثًا مرجحًا، وابلغ الغرفة باسماء المحكمين المعينين ودعاها لابداء رأيها، فأجابت بكتاب مؤرخ في 2006/6/16م تطعن بموجبه بصحة الاجراءات لاتخاذها، بحسب رأيها، بعد انقضاء مهلة التحكيم. 

وبتاريخ 2006/6/29م نظم مجلس النقابة عقدًا تحكيميًا جديدًا تضمن تشكيل الهيئة التحكيمية الجديدة وصلاحيتها ومهلة التحكيم وابلغ العقد من الطرفين لتوقيعه، فتخلفت الغرفة طالبة الابطال مجددًا عن التوقيع. 

وبنتيجة المحاكمة، صدر قرار تحكيمي نهائي عن الهيئة التحكيمية المذكورة واقترن القرار المذكور بالصيغة التنفيذية بموجب قرار رئيس الغرفة الابتدائية الثانية في لبنان الشمالي تاريخ 2007/8/1م .

ولقد طعنت الغرفة بالقرار التحكيمي المذكور وبالصيغة التنفيذية المعطاة له بطريق الابطال واستطرادًا بطريق الاستئناف، وادلت تأييدًا لطعنها بعدة اسباب سندًا للمادة 800 أ.م.م. ولاسيما: 

- صدور القرار التحكيمي بدون اتفاق تحكيمي واستطرادًا سقوط الاتفاق التحكيمي وانقضاء الخصومة.
- صدور القرار التحكيمي عن محكمين لم يعينوا طبقًا للقانون.
- عدم مراعاة حق الدفاع ومخالفة النظام العام.
- خروج القرار عن حدود المهمة المعينة للمحكمين.
- عدم اشتمال القرار التحكيمي على جميع البيانات الالزامية.

بموجب قرارها موضوع هذا التعليق، ردت محكمة الاستئناف الطعن بكافة أسبابه وكرست عدة قواعد ايضاحية وتفسيرية هامة بالنسبة الى المسائل المثارة ولاسيما بالنسبة الى اتفاق التحكيم وفاعليته وتعيين المحكمين والتحكيم المنظم من قبل شخص ثالث.
وسنستعرض تباعًا اهم تلك الحلول والقواعد: 

أولا- بالنسبة الى الصيغة التنفيذية: 

احسنت محكمة الاستئناف تفسير المادتين 793 و 796 أ.م.م. فأكدت المبادىء التالية: 

1- ان المادة 793 أ.م.م. التي فرضت ايداع اصل القرار التحكيمي لغرض الصيغة التنفيذية، لم تخضع هذا الايداع لمهلة معينة وبالتالي ان عدم تزامن هذا الايداع مع طلب الصيغة التنفيذية ليس من شأنه ان يعيب قرار الصيغة التنفيذية، لأن الهدف من الايداع هو التثبت من وجود القرار التحكيمي وهذا يتحقق سواء تم الايداع لدى تقديم الطلب او بتاريخ لاحق قبل صدور قرار الصيغة.
2- ان قاضي الصيغة التنفيذية يدقق في نص القرار التحكيمي والمستندات المتعلقة به من حيث الظاهر ولا يطلب منه تعليل قراره، فضلاً عن ان المادة 796 أ.م.م. لم توجب التعليل الا في حال اعطاء القرار برفض الصيغة. 

ثانيًا- بالنسبة الى وجود الاتفاق التحكيمي وصحته ونفاذه:
( أ) لقد اوضحت محكمة الاستئناف بعض حالات الالتباس والغموض التي تطرأ احياناً لدى تطبيق المادتين 766 و 781 أ.م.م. فكرست، بصورة صحيحة وواضحة، القواعد التي ترعى تقدير صحة الاتفاق التحكيمي ونفاذه في ضوء تفسير المادتين المذكورتين: 

1- ان المادة 766 أ.م.م. التي تنص على سقوط عقد التحكيم اذا رفض المحكم المعين فيه المهمة الموكولة اليه تتعلق بالتحكيم الناشئ عن عقد تحكيمي يسمي المحكمين وليس بالتحكيم الناشئ عن بند تحكيمي يناط بموجبه أمر تنظيم التحكيم الى شخص ثالث طبقاً للمادة 772 أ.م.م. بحيث يبقى ممكناً للشخص الثالث المفوض بتنظيم التحكيم اتخاذ الاجراءات اللازمة والقيام بتعديل تكوين الهيئة التحكيمية لأسباب تتعلق بشخص المحكم المعين.
2- ان انقضاء الخصومة لأحد الأسباب المبينة في المادة 781 أ.م.م.، وسواء انتهت بسبب يتعلق بشخص المحكم او بانقضاء مهلة التحكيم، اذا كان يؤدي الى سقوط المحاكمة التحكيمية، الا انه لا يؤدي الى سقوط التحكيم القائم على بند تحكيمي اذ يبقى بدون تأثير على فاعلية البند التحكيمي الذي يستمر قائماً مع الالتزام الناشئ عنه باللجوء الى التحكيم، وعلى اساس هذا البند يعود للمؤسسة التي ترعى شؤون التحكيم اعادة تنظيمه من جديد. 

3- ان المادة 781 أ.م.م. التي تنص على اسباب انتهاء الخصومة في التحكيم تحتفظ صراحة بحق الاطراف الخصوم في الاتفاق على خلاف ذلك وتستبعد سقوط التحكيم عند وجود مثل هذا الاتفاق .

( ب) من جهة ثانية، وبالنسبة الى مدى وجود وصحة الاتفاق التحكيمي في ضوء العلاقة بين بند التحكيم وعقد التحكيم، 

لا بد من الاشارة الى انه بالرغم من وجود بند تحكيمي صريح في الاتفاقية الموقعة بين الخصوم: المهندس وغرفة التجارة، فقد عمد الشخص الثالث المولج بتنظيم التحكيم، مجلس نقابة المهندسين، الى تنظيم عقد تحكيمي يحدد تعيين الهيئة التحكيمية ومهلة التحكيم وغيرها من الاجراءات وعرضت على الخصوم توقيعه فتمنعت الغرفة عن التوقيع. 

بالاستناد الى هذا الواقع، ادلت غرفة التجارة في معرض طعنها بابطال القرار التحكيمي بان هذا القرار قد صدر بدون اتفاق تحكيمي لخلو عقد التحكيم من توقيع الغرفة. 

ولقد قامت محكمة الاستئناف برد هذا السبب مستندة الى تعليل من جزئين:
- في الجزء الاول، اعتبرت محكمة الاستئناف ان العقد التحكيمي يبقى ملزمًا للفريقين وان خلا من توقيع احد الفرقاء طالما هو الذي استنكف عن ذلك.
- وفي الجزء الثاني، اعتبرت ان التنصل من الزامية العقد التحكيمي يفترض الرجوع الى الاتفاقية الاساسية والبند التحكيمي الوارد فيها.
ان تعليل محكمة الاستئناف صحيح في جزئه الثاني، ولكنه خطأ في جزئه الاول، وهو
يطرح في الواقع مسألة صحة الوضع التحكيمي لدى وجود بند تحكيمي من جهة، وعقد تحكيمي متخذ انفاذًا له من جهة ثانية. 

فمما لا شك فيه انه اذا نظرنا الى العقد التحكيمي بحد ذاته وبمعزل عن اي عنصر سابق او لاحق له، فان عدم توقيع هذا العقد من قبل أحد الفرقاء، مهما كان سبب عدم التوقيع، يؤدي الى انعدام اي وجود صحيح للعقد التحكيمي او اي قوة تنفيذية له. ولا يمكن في اي حال من الاحوال القول بنفاذ العقد وصحته والزاميته للفريقين، طالما ان أحد الفرقاء قد استنكف عن التوقيع، الا اذا كان هناك تحكيم مؤسساتي وكان نظام مؤسسة التحكيم يجيز لهذه المؤسسة اعتبار عقد تحكيمي نافذًا بالرغم من عدم توقيعه من أحد الفرقاء. اما في غياب مثل هذا النص، فلا يمكن اعتبار اي عقد صحيحًا ونافذًا اذا لم يقترن بتوقيع كافة اطرافه سندًا الى مبادئ التعاقد العامة.
ولكن، في الواقع، فان ما ذهبت اليه محكمة الاستئناف خطأ في الجزء الاول المشار اليه
اعلاه، كان من لزوم ما لا يلزم وكان يمكن الاستغناء عن مثل هذا التعليل، لأن الحل المعتمد من المحكمة يجد تبريره بصورة كافية بموجب الجزء الثاني من التعليل، حيث اعتبرت محكمة الاستئناف عن صواب وحسن تطبيق للقانون أن عدم الزامية العقد التحكيمي تبعًا لعدم توقيعه من كافة الاطراف يؤدي الى الرجوع الى الاتفاقية الاساسية والى البند التحكيمي الوارد فيها والذي يبقى نافذًا بكامل فعاليته ويشكل اساسًا صحيحًا وكافيًا لتعيين الهيئة التحكيمية وسائر الاجراءات المقررة من قبل الشخص الثالث المولج بتنظيم التحكيم. 

ثالثًا- بالنسبة الى صحة تعيين المحكمين وتكوين الهيئة التحكيمية: 

ارست محكمة الاستئناف في قرارها بالنسبة الى تعيين المحكمين لدى تنظيم التحكيم من قبل شخص ثالث، قواعد تفسيرية هامة من شأنها وضع حد للعديد من التضارب والتناقض في تفسير أحكام المادة 772 أ.م.م.

وبالأخص، يدور الجدل واسعًا حول ما اذا كان قبول جميع الخصوم وموافقتهم على
المحكمين المعينين من قبل الشخص الثالث الذي ينظم التحكيم لازمًا لصحة هذا التعيين ام لا، وما اذا كان هذا القبول لازمًا في جميع الحالات او بعضها، وذلك في ضوء الفقرة الاولى من المادة 772 أ.م.م. التي تنص على انه: 

"اذا عين شخص طبيعي او معنوي لتنظيم التحكيم فيعهد بمهمة التحكيم لمحكم او عدة
محكمين يقبل بهم جميع الخصوم."

كما وفي ضوء الفقرة الثانية التي تنص على انه:
"اذا لم يحصل هذاالقبول، يدعو الشخص المكلف بتنظيم التحكيم كل خصم لتعيين محكم واحد ويتولى بنفسه عند الاقتضاء تعيين المحكم اللازم لاكمال الهيئة التحكيمية. واذا تخّلف الخصوم عن تعيين محكم فيقوم بتعيينه الشخص المكلف بتنظيم التحكيم. 

ويجوز اللجوء مباشرة الى تعيين المحكمين وفق أحكام الفقرة الثانية".
فجاءت محكمة الاستئناف، في قرارها موضوع هذا التعليق، توضح مدى نطاق تطبيق المادة 772 أ.م.م. المذكورة في كل من فقرتيها، وتقرر:
1- ان قبول جميع الخصوم بالمحكمين المعينين من قبل الشخص الثالث المولج بتنظيم التحكيم كشرط لصحة تعيين المحكمين محصور بالحالة المنصوص عنها في الفقرة الاولى من المادة 772 أ.م.م. اي عندما يقوم الشخص الثالث المذكور بتعيين المحكم او المحكمين جميعهم الذي يشكلون الهيئة التحكيمية. 

2- ان الشرط المذكور لا يطبق في الحالة المنصوص عنها في الفقرة الثانية من المادة 772 أ.م.م. التي يجوز للشخص الثالث اللجوء اليها مباشرة دون المرور بإجراءات الفقرة الاولى، والتي تخول الشخص الثالث المكلف بتنظيم التحكيم، بعد دعوته كل خصم بتعيين محكم واحد، ان يقوم، عند تخلف أحد الخصوم عن تسمية محكم عنه، بتعيين هذا المحكم بنفسه، وان يعين عند الاقتضاء المحكم الثالث اللازم لاكمال الهيئة التحكيمية. وفي مثل هذه الحالة، لم تشترط الفقرة الثانية من المادة 772 أ.م.م. موافقة الخصوم كما فعلت الفقرة الاولى منها.

3- ان اختيار الخصوم لمؤسسة التحكيم يجعل من هذه الاخيرة صالحة لبت المشاكل والصعوبات التي تتعلق بتعيين المحكمين، كما وللنظر في الطلبات الرامية الى رد الم ح كم تحت رقابة قاضي البطلان اللاحقة . وهذا ما كان وسبق ان قررته محكمة التمييز المدنية، الغرفة الخامسة برئاسة الرئيس مهيب معماري بموجب قرارها رقم  2007/174 تاريخ 2007/11/13م .

رابعًا- بالنسبة الى اجراءات التحكيم والاصول الواجب تطبيقها ومضمون القرار التحكيمي:
اكدت محكمة الاستئناف في قرارها ايضًا بعض المبادئ والأحكام الأساسية المكرسة في
الاجتهاد التحكيمي، الداخلي والدولي، بالنسبة الى إجراءات التحكيم والاصول الواجب تطبيقها،
وحقوق الدفاع ومضمون القرار التحكيمي، وبالاخص، القواعد التالية:
1- اذا ادلى أحد الفرقاء بعدم قانونية التحكيم لسبب انقضاء المهلة فحسب، فلا يعود جائزاً له التمسك بعدم قانونية تشكيل الهيئة التحكيمية كسبب لبطلان القرار التحكيمي اذا لم يثر هذا السبب اثناء معاملات التحكيم. 

2-ان التذرع بخرق حق الدفاع يجب ان توفر له دلائل جازمة تحمل على التأكيد أن الهيئة التحكيمية قد منعت فعلاً طالب الابطال من ممارسة حقوقه الاساسية، وبالتالي يقتضي على هذا الاخير بيان المستندات التي أخذ بها القرار التحكيمي ولم يتم تبليغها، حتى يعاب على الهيئة انها خالفت القواعد المتعلقة بحق الدفاع او خرقت مبدأ الوجاهية. 

3- ان الاعفاء من تطبيق اصول المحاكمة العادية يعطي المحكم سلطة اعتماد الاصول التي يراها مناسبة، وعلى ذلك فان دعوة الخصوم الى حضور جلسات المحاكمة لا تكون واجبة ولا تعتبر من القواعد المستثناة من الاعفاء، اذ انها تأتلف مع قواعد واصول التحكيم، ويكفي ان يدعى الخصوم الى تقديم لوائحهم ودفاعهم. 

وبهذا الخصوص، لا بد من توضيح ما تقدم والقول بأنه اذا كانت دعوة الخصوم الى جلسات محاكمة ليست واجبة في حال الاعفاء من تطبيق اصول المحاكمة العادية سواء كان التحكيم عاديًا او مطلقًا، فان عدم الوجوب هذا يطبق فقط عند امتناع اي من الخصوم عن طلب عقد جلسات محاكمة بحيث تصبح الدعوة الى جلسات محاكمة واجبة اذا طلب احد الفرقاء مثل هذه الدعوة وذلك عم ً لا بحقه المشروع في الدفاع وفي اسماع وجهة نظره بصورة علنية. 

ان البند الخامس من المادة 800 أ.م.م. حدد البيانات الالزامية التي يترتب عليها بطلان القرار التحكيمي، ولا ي دخل من ضمنها ذكر صفات او حتى اسم الخصوم، اذ ان اي اغفال في هذا الصدد يمكن تصحيحه ببيانات اخرى مأخوذة من القرار نفسه او من اوراق المحاكمة. 

5-ان قاعدة التمثيل بواسطة محام وكيل في المحاكمة التحكيمية ليست من ضمن المبادئ الأساسية المستثناة من الاعفاء من تطبيق اصول المحاكمات العادية وبالتالي لا تطبق لدى وجود مثل هذا الاعفاء.
ونضيف بهذا الخصوص ان تمثيل الفرقاء بواسطة محام وكيل في المحاكمات التحكيمية ليس الزاميًا ولا يوجد اي نص قانوني يوجب على الخصوم ان يتمثلوا او يستعينوا بمحام كوكيل في المحاكمات التحكيمية، اكان في قانون اصول المحاكمات المدنية او في قانون تنظيم مهنة المحاماة 

6- لا يعود لقاضي البطلان مراقبة صحة الأسباب المبني عليها القرار التحكيمي وصحة التعليل. 

خامسًا- بالنسبة الى الطعن بالقرار التحكيمي بطريق الاستئناف: 

تقدمت غرفة التجارة بطعنها بالقرار التحكيمي بطريق الاستئناف بصورة استطرادية دون ان تذكر اي سبب استئنافي من شأنه تبرير فسخ القرار، وادلت، ردًا على طلب الخصم رد الاستئناف شكلاً لعدم ذكر الأسباب الاستئنافية بأن المادة 799 أ.م.م. لم توجب ذكر أسباب الاستئناف في القضايا التحكيمية. 

ردت محكمة الاستئناف، في قرارها موضوع هذا التعليق، هذا الادعاء وقضت برد الاستئناف لخلوه من اسباب الاستئناف وبالتالي لعدم استيفائه لجميع شروطه الشكلية المبينة في المادة 655 أ.م.م. 

وقد استندت محكمة الاستئناف الى المادة 804 أ.م.م. التي تنص على انه:
"يقدم كل من الاستئناف والطعن بطريق الابطال ويجري التحقيق والفصل فيه وفق القواعد والاصول المقررة للخصومة امام محكمة الاستئناف". 

وخلصت انه يتضح من النص المذكور ان القواعد والاصول المتبعة في استئناف القرارات التحكيمية هي ذات القواعد والاصول المقررة في استئناف الاحكام القضائية، وان المادة 655 أ.م.م. تفرض لقبول الاستئناف ايراد الاسباب الاستئنافية بصورة واضحة وصريحة.
ولا يسعنا الا ان نؤيد ما ذهب اليه قرار محكمة الاستئناف لهذه الجهة لما يؤكده من تطبيق سليم وبديهي لأحد أهم مبادئ اجراءات المحاكمات القضائية، مع التذكير بان الاستئناف، من حيث انه طريق مراجعة قضائية ومقدمة امام القضاء، يبقى – ويجب ان يبقى- خاضعًا لنفس الاصول الموحدة، سواء كان الاستئناف يتناول قرارًا قضائيًا او قرارًا تحكيميًا.

وبالنتيجة، يتبين من جميع ما تقدم، ان محكمة الاستئناف، في قرارها موضوع هذا التعليق، قد قدمت مساهمة قيمة تتسم في خطوطها العريضة بالتنوع وبتأكيد العديد من المبادئ والقواعد المكرسة فقهًا واجتهادًا في جوانب التحكيم التي تناولها القرار، وتشكل على هذا الوجه خطوة اضافية، تضاف الى سابقاتها، في مجال اغناء ثقافة التحكيم وتطوير الاجتهاد اللبناني وترسيخ المزيد من الوضوح والاستقرار في مجال تفسير وتطبيق قواعد التحكيم القانونية واكمالها بما يؤدي الى سد الثغرات التي يظهرها تضارب المواقف وتعدد الأحكام والأنظمة، ولا سيما على الصعيد الدولي.