الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / حكم التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 8 / قرارا التحكيم صدوره مطابقاً لمقتضيات اتفاقية التحكيم - عدم وصف القرار التحكيمي بأنه دولي او داخلي - تونس

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 8
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    174

التفاصيل طباعة نسخ

 

إن مطابقة إجراءات التّحكـيم لمقتـضيات إتّفاقيـة تحكـيم بـصفة عامـة يجعـل مـن
غير ألضروري مطابقتها لقواعد أحكام ألباب الثّالث من مجلّة التّحكيم المتعلّق بتـشكيل هيئـة
التّحكيم.
إن إعتبار القرار التّحكيمي باطلاً لعدم وصفه التّحكيم بداخلي أو دولي فيه سـوء تطبيـق
لمقتضيات ألفصل 58 من مجلّة التّحكيم الذي حدد موجبات ألبطلان وخرق لمقتـضيات الفـصل
75 من ذات المجلّة التي لم تورد مِن بين التّنصيصات الوجوبية واجبة الإحتـرام فـي قـرار
التّحكيم وصفه بداخلي أو دولي.
(محكمة التّعقيب، رقم القضية 37803/2016، تاريخ 15/2/2017)


.......
ألمحـكمة
عن جملة المطاعن لتداخلها ووحدة القول فيها:
حيث أن محكمة القرار المطعون فيه وإن سايرت التمشّي الذي إرتأته محكمة التّعقيب فـي
ضرورة وصف القرار التّحكيمي (بـأنّه تحكيم داخلي أم دولي) فإن حكمها إتّسم بضعف تعليـل فادح موازٍ لإ نعدامه إضافةً إلى تحريف الوقائع لما لم يبين أوجه الخلل التي أسس عليها بطـلان قرار هيئة التّحكيم (والذي وصفته عن صواب بأنّه تحكيم دولي) خاصة وأن إعتبارهـا أنهـذا
القرار يتّسم بخلل موجب للإبطال بحكم مخالفته للفقرة الفرعية د" " من العدد 2 من الفصل 78 من مجلّة التّحكيم قد تمدون تحديد لمكمن الخلل.
وحيث وأن النّقطة د" " من العدد 2 الفصل 78 المذكور تجعل من قرار هيئة التّحكيم صحيحاً إذا صدر مطابقاً ومقتضيات إتّفاقية تحكيم بصفة عامة إذ أن صياغتها بإستعمال المشرع لعبـارة "أو" عند تعداده لصور الإخلالات في إجراءات التّحكيم يدلّ على الخيار والتّفاضل بينهما بحيـث أن مطابقة إجراءات التّحكيم لمقتضيات إتّفاقية تحكيم بصفة عامة يجعل مـن غيـر الـضروري
مطابقتها لقواعد أحكام الباب الثّالث من مجلّة التّحكيم المتعلّقة بتشكيل هيئة التّحكيم.
وحيث أنّه وفيما يتعلّق بتحريف الوقائع فقد تبين بـتمحص مـستندات القـرار المنتقـد، أن
المحكمة مصدرته قد إعتبرت أن التّحكيم تسلّط على إلتزام يستوجب تطبيق قواعد قانونية آمـرة تتمثّل في التّنصيص على الحصول على الرخصة الإدارية المستوجبة في بيع العقارات للأجانب مما يجعل الشّرط التّحكيمي في شأنها باطلاً هو تسبيب منافٍ للواقع من جهة لأن الإتّفاق تـضمن بصريح عباراته التّقيد عند البيع بالحصول على الرخصة الإدارية المستوجبة ومن جهة أخـرى
لأن التّحكيم لم يتسلّط في موضوعه على هذه النّقطة.
وحيث أن إعتبار القرار التّحكيمي باطلاً لعد م وصفه بداخلي أو دولي فيـه سـوء تطبيـق لمقتضيات الفصل 78 من مجلّة التّحكيم الذي حدد موجبات البطلان وخرق لمقتضيات الفصل 75 من ذات المجلّة التي لم تورد مِن بين التّنصيصات الوجوبية واجبة الإحترام في قـرار التّحكـيم وصفه بداخلي أو دولي وحيث تبين من القرار المنتقد كذلك أن المحكمة قد إعتبرت دفع المعقّبة أمامها القائـل بـأن
خصمها قد تنازل عن حقّه فيما كان له من الدفوع التي يجوز له التّمسك بها بقوة الفصل 50 م ت
لا يمكن الأخذ به في صورة بطلان حكم التّحكيم إذا كان مخالفاً للنّ ظام العام في مفهوم القـانون
الدولي الخاص وذلك دون بيان أوجه إختلال قرار ألهيئة ومخالفته للنّظام العام المـشار إليـه أو
حتى بيان مفهوم النّظام العام المذكور حتى يتسنّى لهذه المحكمة إجراء رقابتهـا لـسند حكمهـا والتّثبت من صحته من عدمها.
وحيث أنّه وإعتباراً لكلّ ما تقدم من أسباب، فإنّه يتّجه نقض القرار المطعون فيه مع الإحالة.
لهذه الأسبــــاب قررت المحكمة قبول مطلب التّعقيب شكلاً وأصلاً ونقض القرار المطعـون فيـه وإحالـة القضية على محكمة الإستئناف بتونس للنّظر فيها مجدداً بهيئة أخرى وإعفاء الطّاعنة من الخطية
وإرجاع معلومها المؤمن إليها.
صدر هذا القرار بحجرة الشّورى يوم الأربعاء 15 فيفري 2017 عن الدائرة السابعة برئاسة السيدة ماجدة بن جعفر وعضوية المستشارتين السيدتين عفاف ألشّيخ وهالة البجـار وبمحـضر المدعي العام السيد محرز الزواوي وبمساعدة كاتبة الجلسة السيدة سنية عبداوي.
وحرر في تاريخ


تعليق المحامي أحمد الورفلّي (تونس)

 

1. أبطلت محكمة الإستئناف بتونس حكم ألتّحكيم محلّ النّ زاع على أساس أنّه أ( ) أخطـأ فـي
تكييف التّحكيم بأنّه دولي مع أنّه تحكيم داخلي وب( ) أن هيئة التّحكيم خالفت أحكـام البـاب الثّالث من مجلّة التّحكيم رغم أن التّ حكيم أُجري بالبلاد التّونسية وج( ) أن حكم التّحكيم باطل لمخالفته النّظام العام وبالتّالي لا يصح أن يتمسك المحكوم لفائدته تحكيميـاً بـسقوط حـقّ
الإعتراض بعدم إثارة الإعتراضات في الإبان طبق الفصل 50 من مجلّة التّحكيم. غيـر أن محكمة ألتّعقيب نقضت هذا الحكم وأحالت القضية إلى محكمة الإستئناف بتونس للنّظر فيهـا
من جديد بهيئة أخرى، فقضت محكمة الإستئناف هذه المجرد برفض طلب الإبطال، فطعـن
الطّرف السويسري في الحكم الإستئنافي بالتّعقيب للمرة الثّانية، فـصدر القـرار موضـوع التّعليق الذي إنتهى إلى النّقض للمرة الثّانية مع الإحالة إلى محكمة الإستئناف بتونس.
2. وقد قضت محكمة التّعقيب بنقض حكم محكمة الإستئناف بتونس القاضـي بـرفض طلـب
الإبطال بناءاً على عدم وجاهة هذه الحجج ألثّلاث، وأصابت فيها جميعاً.
3. ففي ما يتعلّق بتكييف التّحكيم من كونه داخلياً أو دولياً فإنّ ه من الثّابت أن أسباب الإبطـال
وردت في نص القانون على وجه الحصر ولا مجال للتّوسع فيها، فإن أخطأت هيئة ألتّحكيم
في وصف ألتّحكيم بأنّه دولي مع أنّه داخلي أو العكس فلا يترتّب عن ذلـك بطـلان حكـم
ألتّحكيم، سواء كان تكييفها صحيحاً أم غير صحيح.
4. وزادت محكمة التّعقيب على ذلك بقولها إن هيئة التّ حكيم أصابت في الواقع بوصف التّحكيم
بأنّه دولي، لكنّها لم تبين المعيار الذي يجعل التّحكيم دولياً طبق الفصل 48 من مجلّة التّحكيم
وجاء حكمها مقتضباً ومبتوراً في هذه المسألة.
5. وبمراجعة الحكم، يتبين أن الأمر يتعلّق بنزاع بين طرف تونسي وطرف سويـسري يوجـد
خلاف حول مكان إقامته زمن إبرام إتّفاقية التّحكيم وبأن حكم التّحكيم لم يتضمن أي تكييف
للتّحكيم، سواء بكونه داخلياً أو دولياً. وقد تمسكت الواعدة بالبيع بأن التّ حكـيم داخلـي لأن
خصمها تسلّم العقار وسكن به فأصبح مقره بالبلاد التّونسية. وللتّذكير فـإن معيـار وجـود
مقرات الأطراف في بلدان مختلفة كافٍ بنفسه لمنح التّحكيم صبغة الدولية، بخلاف معيـار 
لجنسية الذي لا أهمية له في التّكييف إلاّ في صورة إستثنائية جداً وهي صورة عدم تـوافر
معطيات حول مقرات الأطراف، حيث وضعت محكمة الإستئناف بتونس مجرد قرينة بسيطة
قابلة للدحض على أن الأجنبي مقره خارج البلاد التّونسية والتّونسي مقره بالبلاد التّونـسية،حتى يثبت خلافه

2 . وفي قضية الحال يكفي معيار وجود مقرات الطّرفين في بلدين مختلفين
في زمن إبرام الشّرط التّحكيمي للإقرار للتّحكيم بالصبغة الدولية كما جاء في حكم محكمـة
ألتّعقيب.
6. وللإشارة فإن قرار محكمة التّعقيب الصادر في هذه القـضية تحـت عـدد 2014/13928
بتاريخ 09/10/2014 أ لقاضي بالنّقض والإحالة لمخالفة القرار المطعون فيه لأحكام الفصل
48 من مجلّة التّحكيم في خصوص تكييف صبغة التّحكيم الداخلية من خلال مسائل إجرائية
إو متناع المحكمة من التّدخل لتكييف التّحكيم وتطبيق نظامه على النّزاع رغم تعلّـق الأمـر
بمسألة إجرائية تهم النّ ظام العام هو ثاني قرار تعتبر فيه محكمة التّعقيب أنّه إذا أخطأت هيئة
التّحكيم في تكييف حكمها بأنّه دولي أو داخلي فإن الصواب هو أن يبطل حكمها، بعد قرارها
الأول الصادر تحت عدد 3549 بتاريخ 19 جوان 2001،3 وهو موقف إنتقدناه ونعيد نقـده لأن خطأ المحكمة في وصف حكمها لا يترتّب عنه نقضه، بل يترتّب عنه فقـط تـصحيح
الوصف4 . فمجلّة المرافعات المدنية والتّجارية تنص صراحة على أن محاكم الإستئناف تنظرفي الطّعن بالإستئناف ضد الأحكام الإبتدائية ولو تم وصفها غلطاً بأنّها نهائية، فلـم تـنصعلى نقض الحكم بسبب هذا الخطأ في الوصف أ( لتّكييف)، بل كلّ ما إقتضته هو أن المحكمةتصحح التّكييف حتى تمارس صلاحياتها كمحكمة درجة ثانية وتفتح باب الطّعن الذي كـان مفروضاً أن يكون موصداً لو كان تكييف الحكم من قِبل المحكمة التي أصدرته صحيحاً.
7. والواضح أن تكييف الحكم يهم النّظام العام لأنّه تترتّب عنه آثار مباشرة تتعلّق بتحديد نظـام الطّعن وطرقه والمحكمة المختصة حكمياً (نوعياً)، لكن ذلك لا يبرر إبطـال الحكـم، لأن التّكييف ليس بإجراء بل هو مجرد وصف تسبغه هيئة التّحكيم على حكمها عنـد صـياغته، دون أن يؤثّر ذلك على سير الإجراءات أو على مضمون حكم التّحكيم. كمـا أن الإشـارة بالفصلين 42 و78 من مجلّة التّحكيم إلى مخالفة النّظام العام كسبب لإبطال حكم التّحكـيم لا تهم سوى النّظام العام الموضوعي، لأن ما يتعلّق بالإجراءات وردت به فقرة خاصـة بـه
وليس من المنطقي أن يكرر المشرع نفسه. كما أن النّ ظام العام الإجرائـي الـذي تـؤدي
مخالفته إلى البطلان يتمثّل في المبادئ الأساسية للإجراءات المدنية والتّجارية.
8. أما في ما يتعلّق بسير إجراءات التّحكيم فإن الواضح هو أن مجلّة التّحكيم وضـعت عـدة
فرضيات ومنها أن تكون إتّفاقية التّحكيم تتضمن قواعد إجرائية، فيكـون إتّباعهـا واجبـاً،
وفرضية أن تكون الإتّفاقية قد سكتت عن ضبط إجراءات التّحكيم وعـن إختيـار قواعـد إجرائية معينة، فعندها تنطبق أحكام الباب الثّالث من مجلّة التّحكيم على التّحكـيم المجـرى بالبلاد التّونسية. ولا شيء يمنع من التّطبيق الجمعي، إذ أنّه من الغريب أن تتضمن إتّفاقيـة التّحكيم ضبطاً مدقّقاً لكلّ المسائل الإجرائية، وإنّما توجد إتّفاقيات تتضمن عدداً من القواعـد الإجرائية فيكون تطبيقها واجباً، لكن المسائل التي لا تغطّيها إتّفاقية التّحكيم يتم فيها الرجوع إلى القانون التّونسي. وفي النّزاع الحالي، تم الإ تّفاق على التّحكيم الحر، فلم يتّفق الطّرفـان على الرجوع إلى قواعد مؤسسة تحكيم، ومن ثمة يكون من واجب هيئـة التّحكـيم إتّبـاع
القواعد الإجرائية الواردة في الشّرط التّحكيمي وتطبيق أحكام الباب الثّالث من مجلّة التّحكيم
في الباقي. فإن إدعى المحكوم ضده أنّه تمت مخالفة القواعد الإجرائية المنطبقة فإن محكمة
الإبطال مطالبة بتحديد القاعدة التّعاقدية أو القانونية التي تم خرقها بحسب الحالة.
9. غير أنّه من الجدير التّنبيه إلى أن الفصل 78 من مجلّة التّحكيم على الرغم من أنّه مـستمد
من القانون النّموذجي لليونسترال جاء أقلّ إحكاماً من الفصل 42 من مجلّة التّحكيم المتعلّـق بإبطال حكم التّحكيم الداخلي. فالفصل 42 لا يجيز إبطال حكم التّحكيم إلاّ إذا تمت مخالفـة
أحد المبادئ الأساسية للإجراءات المدنية والتّجارية. وهو يختلف في ذلك عن الفـصل 78 من ناحيتين: الأولى هي أنّه يسلّط جزاءاً على مخالفة المبادئ الإجرائية، لا علـى مخالفـة قواعد الإجراءات، والثّانية هي أن الإبطال يقتصر على صورة مخالفة المبـادئ الأساسـية للإجراءات، بحيث إنّه من الواضح أن مخالفة المبادئ غير الأساسية لا يترتّب عنه البطلان، في حين أن صيغة الفصل 78 تدلّ على أنّه يمكن إبطال حكم التّحكيم حتى إذا خالف القواعد المنطبقة على الإجراءات حتى في مسألة إجرائية جزئية ولو لم يكن في تلك المخالفة مساس  المبادئ الأساسية للإجراءات، والتي تشكّل النّظام العام الإجرائي، والتي حصرتها محكمـة الإستئناف بتونس في أربعة مبادئ لا غير هي عماد المحاكمة العادلة، وهي: مبدأ المـساواة
بين الخصوم ومبدأ المواجهة بين الخصوم (وأيضاً بين هيئة التّحكيم والخصوم) ومبدأ إحترام حقّ الدفاع ومبدأ النّزاهة والأمانة.
10. ومع أن الفصل 78 يضمن هكذا إحترام المحكّمين لإرادة الطّرفين وذلك بإبطال حكم التّحكيم كلّما خالف أي قاعدة إجرائية متّفق عليها، أو حتى أحكام الباب الثّالث من مجلّـة التّحكـيم المتعلّقة بإجراءات التّحكيم الدولي، فإن التّوسع في الإبطال فيه خطورة كبيرة، خاصـة أن طرق إدارة الإجراءات من قِبل المحكّمين متباينة، ويمكن لمحكمة الإبطال أن ترى في إدارة الإجراءات بطريقة مغايرة لما هو مألوفٌ في قانون التّحكيم مخالفة لقواعـد الإجـراءات أو لقواعد/نظام التّحكيم أو لأحكام الباب الثّالث من المجلّة، فـي حـين أن الميـزة الأساسـية لإجراءات التّحكيم هي المرونة والتّأقلم مع الظّروف وعدم التّقيد المطلق بالقواعد الإجرائية
العامة والجامدة.
11. والرأي لدينا أن صياغة الفصل 42 من مجلّة التّحكيم في خصوص إدارة الإجراءات أفضل وأكثر حماية للتّحكيم ولأحكام التّحكيم وأكثر تحكّماً في السلطة التي يتمتّع بها قاضي الإبطال في هذا المجال.
12. وفي خصوص مخالفة النّظام العام فإن محكمة الإستئناف وضعت المبدأ الصحيح وهـو أن عدم إثارة الدفوع في الإبان يترتّب عنه سقوط الحقّ في إثارتها لاحقاً، في ما عدا صـورة مخالفة النّظام العام. لكن تطبيق إستثناء الفصل 50 من مجلّة التّحكيم يتطلّب أولاً التثبت من وجود مخالفة للنّظام العام. وفي هذا الصدد يلاحظ أن الأمر يتعلّق حسب الفـصل 78 مـن مجلّة التّحكيم بالنّظام العام الدولي، لا بالنّظام العام الداخلي. ويتطلّب التّحقق مـن مخالفـة النّظام العام من عدم ذلك الإطّلاع على دقائق القضية التّحكيمية وموضوع النّـزاع وحجـج
الخصمين وأدلّتهما، وذلك للتّوصل إلى وجود ما يخالف النّظام العام من عدمه.
13. وفي قضية الحال يتعلّق النّزاع بوعد ببيع عقار من المالكة التّونسية إلى معاقدها الأجنبـي،حيث أبرمت معه وعدا ببيعه عقاراً موجوداً بالبلاد التّونسية. ومعلوم أن بيـع العقـار مـن تونسي لأجنبي يتطلّب الحصول على رخصة من والي الجهة إلاّ بالنّسبة لصنف محدد مـن العقارات وهي عموماً العقارات الكائنة في المناطق السياحية. والعقار موضـوع القـضية  الحالية فيما يبدو موجود خارج المناطق السياحية فبيعه مرتهن بالحـصول علـى رخـصة الوالي وقد جد خلاف بين الطّرفين وطالب الموعود له إتمام البيع فأجابته الواعدة بأنّه ينبغي عليه الإستظهار لها برخصة الوالي.
14. ومن ميزات القضية أن الواعدة سلّمت العقار إلى الموعود له بالبيع بمجرالتّوقيع على عقد الوعد بالبيع، وهو ما أدى أيضاً إلى إثارة هذه المسألة في خصومة التّحكيم. ففي حين طلب المدعي الحكم بإلزام الواعدة بأن توقّع لفائدته على عقد بيع نهائي مع إعتبار الحكم التّحكيمي قائماً مقام العقد النّهائي في صورة عدم إمتثالها، طلبت الواعدة (المدعى عليها في التّحكـيم) الحكم بفسخ الوعد بالبيع بسبب عجز الموعود له عن تقديم رخصة الوالي في الأجل المتّفق عليه، مع الحكم بإخراجه من العقار بالقوة. وقد إنتهت هيئة التّحكيم إلـى الحكـم بـرفض الدعوى الأصلية وقبول طلب الحكم بالفسخ الصادر عن المدعى عليها مع رفـض إخـراج المدعي من العقار بالقوة من المدعي لعدم الإختصاص على أساس أن الأمر يتعلّق بالتّنفيـذ والذي يخرج عن ولاية هيئة التّحكيم. كما قضت للمدعي بتعويض مالي عن إمتناع المدعى عليها عن تنفيذ إلتزامها، مع إلزامها بإرجاع مبلغ التّسبقة من الثّمن التي قبضتها منه عنـد إبرام الوعد بالبيع. وقد تمسك المدعي في الأصل (الطّرف الأجنبي الموعـود لـه بـالبيع)
بمخالفة حكم التّحكيم للنّظام العام، فإعتبرت محكمة الإستئناف بتونس أنّه تمت مخالفة النّظام العام ومن ثمة فإن أحكام الفصل 50 من مجلّة التّحكيم (المتعلّق بسقوط حقّ الإ عتراض في
صورة القيام به فوراً) وقضت بالتّالي بإبطال حكم التّحكيم لهذا السبب فضلاً عن الأسـباب السابق التّعرض إليها. وبالمقابل إعتبرت محكمة التّعقيب أن مخالفة النّظام العام لا وجود لها وبالتّالي فإن الفصل 50 من مجلّة التّحكيم ينطبق على قضية الحال.